أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
شريط الاخبار
125 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك مسيرات تضامنية بمحافظات عدة عقب صلاة الجمعة إسنادا لغزة الصفدي: يجب وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل 72 مليون دولار قيمة المساعدات النقدية لـ 330 ألف لاجئ في الأردن العام الماضي الاقتصاد الرقمي تحجب 24 تطبيق نقل ذكي غير مرخص في الأردن الاحتلال يمنع مئات المسنين من الدخول للمسجد الأقصى ارتفاع حصيلة عدد شهداء قطاع غزة إلى 32623 شهيدا برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم بسبب دعمه إسرائيل وبحضوره واوباما وكلينتون .. محتجون يقاطعون حفل تبرعات لحملة اعادة انتخاب بايدن للأردنيين .. انتبهوا الى ساعاتكم ! وفيات الجمعة 29 -3 - 2024 “أتلانتيك”: لماذا بنيامين نتنياهو أسوأ رئيس وزراء لإسرائيل على الإطلاق؟ خطأ شائع في الاستحمام قد يضر بصحتك لافروف عن سيناريو "بوليتيكو" لعزل روسيا.. "ليحلموا.. ليس في الحلم ضرر" روسيا تستخدم "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أمريكي بشأن كوريا الشمالية
بحث
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


بدران: العلاقات الأردنية المصرية تعافت عشية حرب 67

02-02-2015 12:00 AM
كل الاردن -
يواصل رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران سرد مذكراته السياسية.
واليوم، يكشف مدير المخابرات الأسبق، ومستشار الأمن القومي للراحل الحسين، جانبا من علاقاته مع زعماء عرب.
ويقدم أبو عماد رأيه في الراحل ياسر عرفات ويؤكد بأنه وعلى الرغم من أنه 'رجل تكتيكي، كما أنه استراتيجي'، إلا أنه 'سحر ببريق السلطة، فمنذ تسلمه رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، غره السجاد الأحمر، وبدأ يريد أن يستعرض بمكانته السياسية، وظلت حركته بين غزة ورام الله مليئة بالاستعراضات والظهور'.
وعن العلاقات الأردنية المصرية بين بدران بأنها كانت سيئة على مدى فترة طويلة، لكنها تعافت قبل حرب العام 1967.
ويؤكد بأنه وقبل انفصال الوحدة السورية المصرية، كانت علاقات الأردن مع المصريين ليست على ما يرام، لا بل إننا كنا مستهدفين من دولة الوحدة، ويشير إلى أن عقد الوحدة السورية المصرية تم فرطه بسبب الانقلاب العسكري الذي نفذه رئيس الحكومة السورية بعد الانفصال مأمون الكزبري، و'طبعا كان انقلابا مضحكا'، بحسب وصف بدران.
ويقدم بدران اليوم رأيه بالرئيس المصري جمال
عبد الناصر، الذي اعتبره صادقا مع الملك الحسين بعد أن تعافت العلاقات الأردنية المصرية.
ويرى بدران بأن المؤشر على تعافي العلاقات السياسية بين الأردن وأي خصم عربي آخر، كان مدى تعاون اجهزة المخابرات بينهما.
أما عن محمد أنور السادات، فأكد مدير المخابرات الاسبق مضر بدران بأن للمخابرات الأردنية الدور الأهم في كشف مخططات السادات، منذ أول أيام حكمه، فقد كان لها مصدر مهم في القصر الجمهوري، وكان يرسل باجتماعات السادات أولا بأول.
وفيما يلي نص الحلقة الثامنة:
* بدأت الحديث في الحلقة الماضية، عن وجود الفدائيين المسلحين في عمان، هل نستطيع البدء بالحديث عن إرهاصات أيلول؟
-قلتها سابقا، وأعيد التذكير بها هنا أيضا؛ بأننا حاولنا دفع الفدائيين والفصائل المسلحة نحو الضفة الغربية، وليس عمان، وقلنا لهم العدو هناك، ونحن وظيفتنا تسهيل التسلل وتأمين السلاح بحدود قدرتنا، وكنت أقصد هنا فتح تحديدا، وفي مرة تجادل ابو عمار مع غازي عربيات، الذي كان مديرا للاستخبارات العسكرية وقتها، واتهم عربيات ابو عمار بأن فتح لا تدخل الضفة، وإنما تضرب من داخل حدودنا أهدافا اسرائيلية، وكان لهذا الأمر خطورة عسكرية بالغة علينا.
استفزت كلمات عربيات أبو عمار، وأرسل بعدها بـ18 فدائيا، جميعهم قتلوا هناك، طبعا لم يكن عربيات يريد أن يتهم أحدا أو ينتقد أحدا، لكنه تحدث بانفعال، لأنه يريد لإسرائيل أن تتألم، وأن حركة الفدائيين كانت غطاء عربيا جيدا، فنحن مهزومون بالحرب، وليس لنا قدرة سوى بدعم الفدائيين وتسهيل مهمتهم.

*وماذا تقول عن شخصية ابو عمار، وقد عرفته أنت جيدا على مدى فترة طويلة؟
-هو بلا شك رجل تكتيكي، كما أنه استراتيجي، لكن بظني بأن عرفات سحره بريق السلطة، فمنذ تسلمه رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، غره السجاد الأحمر، وبدأ يريد أن يستعرض بمكانته السياسية، وظلت حركته بين غزة ورام الله مليئة بالاستعراضات والظهور.
كان ابو عمار يزورنا دوما، وكنت دائما أخرج لاستقباله، لما كنت رئيسا للحكومة، وفي احدى المرات، طلب مني عدم الاهتمام بخروجي لاستقباله، لأنه دائم التردد لعمان، فقلت لا 'أريد أن أظل أقوم بذلك حتى لا تضلك رايح جاي على عمان'، قلتها على سبيل الممازحة طبعا.
بالمناسبة، تربطني علاقة جيدة بجميع زعماء الفصائل الفلسطينية المسلحة، وباستثناء جورج حبش، الذي لم نكن نعرف بعضنا بالشكل، لكن حتى هو بادر لحمايتي، عندما علمت الجبهة الشعبية، بأني مصاب واتعالج في أحد مستشفيات بيروت خلال أحداث أيلول، وهناك قال عني للدكتور أسامة الخالدي، بأني بحمايته، لأني رجل صادق، وهذا على ذمة الخالدي.

*يُقال عن أبو عمار، بأنه ظل مراوغا في تعامله مع الأردن؟
-قد يكون تقييمي له بأنه مراوغ، خصوصا إنني لا أؤمن سوى بالصراحة والمكاشفة، في العمل، لكن كانت علاقة ابو عمار جيدة بمشهور حديثة الجازي، وحتى صديقه، لم يسلم من مغامرات ابو عمار في عمان، فمرة كنا نجتمع في مقر القيادة العامة، فدخل علينا مشهور، ومنظره كمن خرج من انفجار منذ لحظات.
وإذ به، فعلا، قد تعرضت مركبته لصاروخ (آر بي جي)، وخرج من الموت بأعجوبة، فقلت لابي عمار ماذا تفعل بصديقك؟ فقال عرفات ممازحا: لم يكن مشهور باشا المقصود، لكنه أثنى على من وجه الصاروخ، لأنه اقترب من إصابة الهدف.
كنت مع ابو عمار دائم الجدال، وظل هو يهرب من مصارحتي، فيما كنت احتاط له دائما بالمعلومات، دون أن اتركه يمارس مراوغته معي، وحتى لا أكون صيدا سهلا له.
ذات مرة، بدأ إطلاق النار في منطقة جبل التاج، وطلبت من القيادة العامة، أن لا تبعث مشاة نحو المنطقة، والاكتفاء بإرسال مجنزرة للمكان، وبدأ الفدائيون يتصلون ببعضهم، يحذرون من في جبل التاج من المواجهة، لأن هناك مجنزرات قادمة نحوهم، طبعا كانت هي مجنزرة واحدة، كنا نراقب جميع اتصالاتهم ونسجلها، وفعلا وصلت المجنزرة وإذ بمصادر إطلاق النار تبخرت، وإذ بأبو عمار يأتي إلينا، ويقول إن الجيش يستفز الفدائيين، وإن الفدائيين ردوا على اعتداء الجيش عليهم، وبالغ في وصف الحدث، وكأنه كان موجودا وسطه، فقلت له بمنتهى الهدوء: لقد سجلنا المكالمات بين الفدائيين، وكيف تم ابلاغ مصدر إطلاق النار في جبل التاج، بضرورة الهرب قبل وصول مجنزرات الجيش العربي، وإذا واصل مبالغاته فإنني سأكون مضطرا لإحضار شرائط التسجيل وإسماع كل من في القاعة.
لقد كان هامش الخطأ في تلك الأيام مكلفا؛ حتى أني أذكر في اجتماع آخر جمعني والراحل الملك الحسين وقائد الجيش الشريف ناصر بن جميل، وكنت أعرف ومطّلع على جميع التقارير الأمنية، واقترح الشريف ناصر أن يبعث بعناصر مشاة لأحد مواقع إطلاق النار، فاستأذنت من الراحل الحسين بأن أتحدث، وقلت بأني لا أمتلك الخبرة العسكرية الواسعة، لكن ومن منطلق اطلاعي على التقارير الأمنية، ومعرفتي بطبيعة المنطقة المستهدفة، فإن إرسال عناصر من المشاة فيه تهديد وخطر على حياتهم، لأن اسطح البنايات كانت مواقع لاستحكامات الفدائيين، وأن ذلك يعني سهولة استهداف أي من المشاة المارين من بين تلك البنايات.
لذلك علينا ارسال مجنزرات وليس مشاة، اعترض الشريف، وقال بأن الدبابات من الصعب أن تدخل إلى شوارع ضيقة، قلت إذاً ألغِ العملية، وهدد بالقوة، لكن لا تستخدمها، كنت مقتنعا بأن الترهيب، قد يأتي بنتيجة ويلغي فرص الاشتباك، والفدائيون كانوا يقرون بتفوق الجيش العربي عليهم، عددا وعدة وخططا وتدريبا.
والنتيجة كانت بأن الراحل الحسين انحاز لموقفي، ضد الشريف ناصر بن جميل.

*هل حاول ابو عمار التأثير على علاقة الراحل الملك الحسين بجمال عبد الناصر؟
-لقد كانت العلاقة الأردنية المصرية سيئة، على مدى فترة طويلة، لكنها تعافت قبل حرب العام 1967.
وقبل انفصال الوحدة السورية المصرية، كانت علاقاتنا مع المصريين ليست على ما يرام، لا بل إننا كنا مستهدفين من دولة الوحدة، وما إن فرط عقد الوحدة السورية المصرية بسبب الانقلاب الذي نفذه رئيس الحكومة السورية بعد الانفصال مأمون الكزبري، وطبعا كان انقلابا مضحكا، فالكزبري كنت قد رأيته في عمان أكثر من مرة، ولم أكن أجد أي مبرر لوجوده عندنا، لكن بعد الانقلاب، الذي نفذه عدد قليل من قوات البادية السورية، وكان عبر احتلال الإذاعة السورية، وإعلان البيان رقم واحد، وبعدها صار الانقلاب أمرا واقعا.
لقد كان وقتها عبد الحكيم عامر موجودا في سورية، ولم يحرك ساكنا، وحافظ الأسد استغرب الانقلاب هذا، وقالها لي ذات مرة، ونحن نتحدث عن فترة الانقلابات العسكرية في سورية.
طبعا، كانت فترات صعبة مرت على الأردن، السعودية ضد مصر، والعلاقات الأردنية والمصرية ليست جيدة، وحادثة نسف الرئاسة واستشهاد هزاع المجالي بعملية أعلن عنها المكتب الثاني في سورية، والمحاولات الانقلابية المتتابعة.
لكن قبل حرب العام 1967 بدأت العلاقات الأردنية المصرية تستعيد عافيتها، واستمرت علاقاتنا مع عبد الناصر تتطور حتى العام 1970.
وأذكر أننا ذهبنا في زيارة مع الراحل الحسين للقاهرة، ونزلنا في أحد القصور هناك، فجاءنا عبد الناصر، وأخذنا إلى الاسكندرية بالقطار، بسبب أن طقس الاسكندرية أجمل من طقس القاهرة، ونزلنا في شقة بالقرب من فندق فلسطين، وهناك اجتمعنا، وقال الحسين لعبد الناصر إن الجيش العراقي يريد أن يساعد الفدائيين على إنهاء نظامه، لكن عبد الناصر أكد للحسين بأن الجيش العراقي مهمته فقط مواجهة إسرائيل، إن تطورت أحداث الحرب، وتساءل الحسين وإن تدخل الجيش العراقي لصالح الفدائيين، فرد عبد الناصر بانفعال، بأنه سيقصف الجيش العراقي وقتها، فتفاجأ الراحل الحسين.
بعدها سألني الحسين عن مصداقية عبد الناصر فيما قال، فقلت: بأنه صادق، لأنه لم يكن ملزما بقول ما قاله.
بالنسبة لي دائما، كنت أقولها بأن المؤشر على تعافي العلاقات السياسية بين الأردن وأي خصم عربي آخر، كان مدى تعاون اجهزة المخابرات بينهما.
كنا على علاقة طيبة بضابط من المخابرات المصرية، وكان برتبة عميد، وكان قريبا جدا من عبد الناصر، وهو المكلف بالتحقيق بأسباب سهولة القصف الإسرائيلي للمطارات المصرية في حرب الـ67.
وسألته ذات مرة عن نتائج التحقيق، فقال: هناك لم نصل لشيء، لكنه كان متأكدا من وجود خيانة، وأضاف بأن المستقبل كفيل بكشف كل شيء، فقلت: وما نفع ذلك لأن المواجهة مع اسرائيل مستمرة.
كما سألته عن الرجل، الذي سيأتي بعد عبد الناصر، فنفى معرفته بالأمر، لأن عبد الناصر كان يحيرهم دائما، فلما كان يسافر، يأتي بنائبه علي صبري، على يمينه وانور السادات نائبه الثاني على يساره، فنعرف بأنه راض عن صبري، ومرات أخرى يفعل العكس، فلم تعد المخابرات المصرية تفهم على الرئيس عبد الناصر، لكن إن سألتني لقلت لك، بأني كنت أفضل علي صبري على انور السادات، وكان هذا رأيي قبل أن أعرف من صديقنا في المخابرات المصرية بأن انور السادات كان يكره الراحل الحسين كثيرا.
أبلغت الراحل الحسين بذلك، واستغرب الحسين من الأمر، وذات زيارة لم يكن السادات موجودا في الاجتماع، فاستفسر عنه الحسين، كنوع من ترطيب المواقف بينهما، وقيل إنه في مهمة خاصة وقتها.

*وهل بقيت علاقة السادات بعد استلامه رئاسة مصر، بالراحل الحسين متوترة؟
-أنا لم أكن مهتما بالعلاقة الشخصية بين السادات والحسين، بل ظل في خاطري سؤال ماذا سيفعل السادات بعد عبد الناصر، وبماذا يفكر، وفعلا كان للمخابرات الأردنية الدور الأهم في كشف مخططات السادات، منذ أول أيام حكمه، فقد كان لنا مصدر مهم في القصر الجمهوري، وكان يرسل لنا باجتماعات السادات أولا بأول.
وكنت أقرأ محاضر تلك الاجتماعات باهتمام، وكنت أقرأ مثلا، كلامه عن قوة إسرائيل غير الذاتية، التي تستمدها من الولايات المتحدة الأميركية، وأنه سيستبدل اسرائيل بمصر ويجلس في حضن أميركا، وعندما تكون مصر بقوتها، سيكون الأمر مغريا للولايات المتحدة، ويقول إن هذا الأمر يحتاج إلى وقت ولن يكون خلال يوم وليلة.
ويقول السادات: ما لمصر والاتحاد السوفياتي، فأميركا هي القوة العظمى القادمة اقتصاديا وسياسيا، وكنت أطلع الراحل على كل محاضر الاجتماعات تلك، ويقرأ ويتفاجأ، ويقول: مش معقول هذا الكلام، لكنه لما عرف مصدر معلوماتنا اقتنع، وقد كان مصدرنا هو كاتب تلك المحاضر نفسه.
في حرب العام 1973، زرت مواقع في سيناء، واطلعت على خطط الجيش المصري للمواجهة، وحضرت جنازة عبد المنعم رياض بعد استشهاده، وقد اطلعت فعلا على جانب من التحضيرات، والتي كان قد دبرها رئيس هيئة الاركان المصري حينها سعد الدين الشاذلي، وهو من درب على تنفيذ كل تلك العمليات والتحضيرات.
كانت لدينا معلومات، عن حركة الجيش الإسرائيلي، واستطعنا تقدير نقاط الضعف والقوة في المعركة المفترضة، وكان الفضل لعمق معلوماتنا، التحليل العسكري لقائد الجيش وقتها عامر خماش، وكانت له علاقات طيبة مع الجيش المصري، وفعلا أمره الراحل الحسين بزيارة القاهرة، وتقديم التحليل العسكري للمعركة وعرضه على السادات.
وفعلا، وقعت المعركة، وكان خطأ الجيش المصري بأنه طمر القناة، ولم ينشئ جسورا، وكان وصول الجيش الإسرائيلي سهلا، وكانت تقديراتنا تشير إلى أن الإسرائيليين باستطاعتهم وصول القاهرة، لكنهم لا يريدون الدخول على المدنيين، فالخروج سيكون صعبا، وفعلا هذا ما حللته الصحافة الإسرائيلية بعد المعركة.
تفاجأنا بردة فعل السادات، الذي قال بأنه مدرك لتلك المخاطر، وأهمية سد نقاط وثغرات الفراغ بين الجيشين، فرد خماش بانفعال: أنت لا تعلم نحن الذين نعلم، الدبابات تسير باتجاهك، وأنا قادم بالطائرة، لاستعجل النصيحة، وعليك معالجة نقاط الضعف، في جيشك قبل أي مواجهة، وبعدها فعلا، خرج رئيس هيئة الأركان الشاذلي، وقال بأنه نصح السادات ذات النصيحة، لكنه لم يستمع له، وفعلا فقد جادل السادات خماش وحده، ولم يستعن بخبرات القادة العسكريين من الجيش المصري، علما بأن السادات لا يملك الخبرة العسكرية الكافية.

*وماذا عن الموقف السوري في أحداث أيلول، ولماذا حاول السوريون مساندة الفدائيين من الشمال؟
-الهجوم السوري على اربد أنكره السوريون، وبعد تلك الحادثة، اكتشفت تفاصيل اتصالات بين الراحلين الحسين والأسد، عندما كان الأسد وزيرا للدفاع، وأن الحسين أبلغ الأسد بأن دخول الجيش السوري هو اعتداء، ومن حقنا الرد بالطريقة التي تحمي سيادتنا على أرضنا، رد الأسد بالقول، بأن هؤلاء فدائيون، وأجابه الحسين: وهل يملكون الدبابات؟ فأجاب الأسد بالإيجاب، ثم عاد الحسين وأبلغه بأنه سيضرب دبابات الفدائيين بطائرات سلاح الجو، وسأله مازحا، إن كانوا يملكون طائرات أيضا، وساند سلاح الجو، قوات المدفعية، التي أبلت بلاء حسنا في تلك الحادثة.
حتى أن مدير مخابرات إربد، ومحافظ إربد، اعتقلهما الجيش السوري، وأفرج عنهما السادات بعد مقابلته لمدير مخابرات إربد، الذي ما زلت أذكره حتى اليوم، وهو المقدم جميل ازمقنا.
لم أكن مؤمنا بيوم من الأيام بالخصومة بين دول الحدود مع اسرائيل، لكنهم فعلا استفزونا، في أكثر من حادثة، حتى تلك الأنباء التي وصلتنا عن حشد سوري على حدود الأردن، بسبب قطع الامدادات عن الجيش العراقي، خلال حربه مع ايران، فقد كان خط التزويد الرئيس هو ميناء العقبة.
لما سمعت عن الأمر، طلبت من الشريف زيد بن شاكر وقتها، أن يحشد على الحدود السورية، فقال لي بأنه بذلك سيسحب من الفرق على الحدود مع إسرائيل، طلبت منه أن ينقل بالسرعة الممكنة حشودا على الحدود السورية، لمدة زمنية لن تكون طويلة، وعندها اعترف ابو شاكر، بأن غطاء القوة لديه ليس كافيا، وأنه بحاجة لنحو 17 الف جندي اضافي.
وقلت للحسين وقتها، بأن هذه الخطوة نقوم بها لتفادي المواجهة مع السوريين، وليس لاستعجال المواجهة، وأقر الحسين رحمه الله بأهمية الفكرة وإمكانية تحقيق أهدافها.
ولما أصر ابو شاكر على أن غطاء القوة ليس كافيا، قلت نعلن التعبئة العامة، وعندها قال بأن ذلك سيكون صعبا، وبدأت في تحدي الحالة الحرجة التي نمر بها.
طلبت شيوخ ووجهاء ومخاتير المناطق، وطلبت منهم إعلان التعبئة العامة بهدوء، وذلك بالوصول للمنازل، التي يتواجد فيها شباب تجاوزوا الـ18 عاما، والطلب من ذويهم للالتحاق بالجيش.
وفعلا بدأت الأعداد تتزايد، وكنت تحديت ابو شاكر بأني قد استطيع تأمين 1000 مجند، وإذ بهم تجاوزوا الـ17 ألفا، الذين احتاجهم هو، حتى اتصل معي وقال توقف فلم يعد عنده بطانيات وأسرة وملابس للمجندين.
وكانت أكبر الأعداد التي التحقت بالجيش العربي، هي من مخيم الوحدات، لم يكن الأمر بسيطا في تقديرنا، فأن يأتي إليك الناس، ملبين نداء نجدة الوطن، فهو تأكيد على الثقة التي يملكها النظام الرسمي ومؤسساته.
وبدأوا يخرجون في مسيرات بالوحدات، وبعثوا ببيان لياسر عرفات، بأنهم لن يسمحوا له العبث بالأمن الأردني مجددا، خشية منهم أن ينحاز للسوريين على حساب الأردن، وأنه ان حاول دخول الأردن بنية الخراب، فإنهم سيجعلونه يسير على الجمر.
بعد انتهاء حالة الطوارئ تلك، جمع ابو شاكر المجندين، قبل أن ينصرفوا لمنازلهم، ويعودوا لأعمالهم، والتقاهم الراحل الحسين في ساحة عامة، والقى عليهم خطابا، اثنى به على وطنيتهم، تفاجأت بالمشهد، كنت أقف خلف الراحل الحسين، وكم كان المشهد عفويا وصادقا ومفرحا، وفعلا هذه الصورة لهم، ما زلت احتفظ بها، وكلما تحدث أحد بإقليمية عن أردني أو فلسطيني، دائما ما أذهب لتلك الصورة، التي جمعت كل أبناء الوطن، من مناطقه كافة، درعا وحماية له، وفعلا ما زلت احتفظ بهذه الصورة التي اعتز وافتخر بها.
وفعلا، في احدى المرات دخل أحدهم للراحل الحسين في القصر، وبدأ يتحدث عن الفلسطينيين بوصفهم شعبا آخر، فصرخ الحسين بوجهه، وقال: 'شو رأيكم أنادي الفلسطينيين وأقول لهم شوفولكم ملك غيري، أو أنادي ابو عمار، يصير ملك عليهم في الأردن، شو انتو مجانين'، وكان رحمه الله، نادرا ما يسيء في كلماته، أو يجرح أحدا بها.
وتابع: 'بدكم أفصلهم.. ليش؟ أنا رجعت القدس والضفة الغربية عشان أرجعهم لبلادهم؟! شو مجانين انتو!!'.

(الغد)
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012