أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
المعايطة: جداول الناخبين ستصدر الأسبوع القادم الحوثيون: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أميركية 3 وفيات جراء حادث سير مروع بوادي موسى الملك يتلقى اتصالين من رئيس التشيك ورئيس وزراء هولندا 2.27 مليون إجمالي عدد طلبة المدارس في المملكة قانون التنمية لسنة 2024 يدخل حيز التنفيذ وفاة و6 إصابات بحادثي سير في عمان الملك يستقبل وزير الخارجية والدفاع الإيرلندي قرارات مجلس الوزراء - تفاصيل أورنج الأردن وأوريدو فلسطين تجددان شراكتهما الاستراتيجية لتقديم خدمات الاتصال والتجوال الدولي للزبائن إنفاذاً لتوجيهات الملك.. رئيس الوزراء يوعز إلى جميع الوزارات والجهات الحكوميَّة بتقديم كلِّ الدَّعم والممكِّنات للهيئة المستقلَّة للانتخاب لإجراء الانتخابات النيَّابية مستقلة الانتخاب تحدد الثلاثاء 10 ايلول القادم موعدا للانتخابات النيابية ذروة الكتلة الحارة الخماسينية بالأردن يوم الخميس مشاريع مائية في اربد بقيمة 23 مليون يورو 6 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة لليوم 201 للحرب
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


النبذ والتهميش بما هما الانتحار أو الحرب على العالم

بقلم : إبراهيم غرايبة
05-03-2015 11:47 PM
نقرأ في رواية ميلان كونديرا 'الخلود'، صفحات طويلة مليئة بالتفاصيل عن الفتاة ذات السبعة عشرعاما وهي تحاول الانتحار.. جلست في الطريق، ووضعت رأسها بين راحتيها منتظرة أن تدوسها سيارة. لماذا قررت أن تنتحر؟ يجيب كونديرا: الانتحار ليس رغبة ناتجة عن سبب خارجي، بل هي تنمو في تربة كينونة المنتحر؛ نمت ببطء ثم تفتحت كزهرة سوداء، نمت فيها الرغبة في تدمير الذات ببطء. وفي يوم من الأيام لم تعد تقوى على المقاومة. أتخيل أن المظالم التي حلت بها لم تكن قاسية، لكنها كانت تتعرض للمظالم والإهانات الصغيرة باستمرار. لمّا يحل الشرّ بالإنسان، يسارع إلى عكسه على الآخرين، وهذا ما نسميه خصاما أو شجارا أو ثأرا، لكن الضعيف لا يملك القوة اللازمة لعكس الشرّ الذي يصيبه، فيشعره ضعفه بالخزي والقهر، ويظل عاجزا إزاءه، ولا يعود أمامه إلا تدمير ضعفه عبر تدمير ذاته، وهذا ما حصل للفتاة.
إن الموت الذي كانت تتوق إليه ليس اختفاء، بل نبذا للذات. لم تشعر قط بالرضا على يوم من أيام حياتها، ولا على كلمة تفوهت بها؛ كانت تحمل نفسها خلال الحياة كعبء ثقيل تمقته، غير قادرة على التخلص منه. لهذا، كانت تتوق إلى رمي نفسها مثل ورقة مكمّشة، مثلما يُلقى بتفاحة متعفنة. كانت ترغب في الإلقاء بنفسها كما لو أن الملقي والملقى به شخصان متباينان.
كانت تتخيل نفسها ترمي بنفسها من النافذة. لكن الفكرة بدت لها سخيفة، لأنها كانت تقطن بالطابق الأول. وحتى المتجر الذي كانت تعمل فيه كان في الطابق السفلي، وليس له نوافذ. كانت تتوق إلى الموت بلكمة قوية تُصدر صوتا شبيها بالصوت الصادر عن سحق خنفساء كبيرة. إنها رغبة جسدية في الانسحاق، شبيهة بالحاجة التي يشعر بها المرء في الضغط براحته على موضع مؤلم في جسده.
لما كانت تتوجه بالخطاب إلى الآخرين، لم يكن أحد يسمعها. كانت بصدد فقدان صلاتها بالعالم. وأنا أقصد بلفظ 'عالم' ذلك الجزء من الكون الذي يستجيب لنداءاتنا (حتى ولو كان ذلك بصدى لا يكاد يُسمع)، والذي نسمع نحن أيضا نداءاته. كان العالم بالنسبة لها يتحول، شيئا فشيئا، إلى كيان أخرس، ويكف عن أن يكون عالمها.
كانت تبقى منكفئة على ذاتها وغارقة في عذابها. هل كان بوسعها، على الأقل، أن تنتشل نفسها من عزلتها عبر رؤية عذاب الآخرين؟ كلا؛ لأن عذاب الآخرين كان يحدث في عالم انقطعت صلتها به، عالم لم يعد عالمها. فلو كان كوكب المريخ كله عذابات، وحتى لو أن كل صخوره تصرخ ألما، فلن يؤثر ذلك فينا، لأن المريخ لا ينتمي إلى عالمنا. إن الإنسان الذي انفصل عن العالم يفقد الإحساس بآلام العالم، والحدث الوحيد الذي انتشلها للحظة من عذابها هو مرض كلبها الصغير وموته.
وهنا يمكن النظر إلى الانتحار ومحاولات الانتحار وذلك الانتحار المسمى جهادا أو إرهابا؛ هل هو رسالة إلى العالم، أو طَرْق على جدار الخزان؟ وأسائل نفسي الآن، هل كان 'جون الذباح' الذي يذبح الرهائن لدى 'داعش'، والذي تعرض في طفولته للإساءة والنبذ والتنمر، يذبح الناس بدلا من أن ينتحر؟
إذا لم نقرأ الرسالة؛ رسالة هؤلاء المنتحرين، سواء كانوا مقاتلين في الجماعات المسلحة أو يائسين يلقون بأنفسهم إلى الموت، أو أشخاصا نظنهم عاديين لكنا نحس نزعة الانتحار في طريقة قيادتهم للسيارات أو في لامبالاتهم تجاه العالم أو عدم إدراكهم للخطر... فإن كل ما نبذله من جهود لمكافحة التطرف والعنف والفقر والتهميش والتمييز، يظل إجابة خاطئة.. كيف نجيب عن رسالة لم نقرأها؟
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012