22-02-2011 08:04 AM
كل الاردن -
ادهم غرايبه
العناد الثوري !
هذه هي كلمة السر في نجاح الثوره في محطتيها التونسيه و المصريه , من الواضح تماما ان النتيجه النهائيه للثوره لا يمكن ان تكون تعادلا , اما ان تحقق انتصارا و اما ان تخسر !
القبول بنصف انتصار ليس انتصارا اطلاقا , في المنافسه الثوريه ان تحل ثانيا يعني ان تكون اول الخاسرين !
ان عدم قبول الجماهير الثائره بفتات التنازلات و الاصرار على تحقيق كامل الاهداف و عطب جينات المساومه و التردد كان السبب الاساسي في الخلاص من طغات تونس و مصر.
في الفتره من 18 – 19 شباط هذا العام نظم الحزب الشيوعي اللبناني " اللقاء اليساري العربي الاستثنائي " في بيروت و استضاف عديد اليساريين العرب كان ابرزهم الوفدان التونسي و المصري اللذان قدما تلخيصا للثورتين و اجوائهما العامه . اكثر ما لفت انتباهي هو ليس تشابه البيئه الداخليه بل تطابقها في كل الدول العربيه من حيث نهب الشعب العربي و اقصاء اصحاب الاراء الوطنيه الحره لحساب سطحيين جهله من المخبرين الوصوليين و تتطابق ادوار زوجات الحكام لا بل ومرورا حتى لادوار المعارضات العربيه التقليديه البائسه وصولا الى سياسات التفتييت الداخلي استنادا الى العشائريه كما في تونس مثلا .
اكثر من ذلك لفت انتباهي شيئ من المهم ان تعيه الاجهزه الامنيه الاردنيه التي تقرأ " كل الاردن " بأهتمام , في كل من مصر و تونس لم يكن احد على الاطلاق يحلم مجرد حلم بسقوط النظامين و لم يكن ذلك مطلبا لأي من المحتجين اساسا في ايام الاحتجاج الاولى ! لا بل ان المطلب تخمر على نار هادئه حتى اصبح مطلب العامه من الناس لا النخب ! و بفعل اخطاء ارتكبها النظامين من حيث انه لم يكن جديا في تعامله مع المطالب الجماهيريه منذ البدايه و ظن انه بتجاهله للاحتجاجات و لانهماكه لاحقا بمحاولات خنقها على حساب التعاطي معها سيمتص الموجه و يحاصرها و صولا لملاحقة المنظمين و البطش بهم بعد حين !
في المحطه الاردنيه نقول ان بوادر الحراك بدأت قبل المحطتين التونسيه و المصريه بأشهر عديده و عبرت عدة تنظيمات ذات طابع اجتماعي اكثر منه سياسي عن رفضها لسياسات الخصصه و النيوليبراليه و نفوذ قوى الكمبرادور التي نهبت المقدرات الاقتصاديه للشعب الاردني مثل بيع الفوسفات و البوتاس و الميناء و الاتصالات مرورا باغراق الاقتصاد الاردني بدين عام بمليارات الدولارات لا يعرف احد اين صرفت !! و الحقيقه ان ما حدث منافي للمنطق تماما . فأنت تستدين لتشتري و تبني و لا تستدين كي تبيع !! سيما و ان لا مشاريع كبرى منتجه يتم بناءها بحيث ان منتجاتها تستطيع سد الدين و رفد الميزانيه و تشغيل مئات الاف القدرات الشبابيه المؤهله و المعطله . لكن كل مؤشرات الاحتجاج الداخلي تم تجاهلها و تحديها كما حدث مع عمال المياومه و " العسكر" مثلا .
بصراحه , من الواضح ان الاخطاء التي ارتكبتها الانظمه المنهاره في تونس و مصر و الانظمه التي تنهار حاليا في غير بلد عربي ترتكب هنا في الاردن !
من الناحيه الامنيه الامر مختلف , الاجهزه الامنيه الاردنيه اثبتت انها تعالج الامور بحكمه اكبر و من الواضح انها تدرك ان الطوفان يتوقف على نقطة دم , لكن الاخطاء الادرايه – التي هي ليست من اختصاص الامن – مشابهه لاخطاء الانظمه الاخرى من حيث ان كل محفزات الانفجار الداخلي تتكاثر بدل ان تتقلص !
ما حدث داخليا هو اقالة حكومة " الفتى سمير " فقط ! و هذا غير كاف اطلاقا , فالنهج الاقتصادي و السياسي ما زال قائما و تدخلات قوى منبوذه اجتماعيا و غير مؤهله وطنيا ما زالت مستمره و المطالب الشعبيه بالعوده لدستور 52 يتم تجاهلها و الاسعار لم يطرأ عليها اي انخفاض و اللصوص بلا محاسبه و اموال الشعب تسفك على طاولات القمار و الحكومه الجديده لم يترك لرئيسها ان يختار كامل طاقمها بأرادته لتتم محاسبته لاحقا بحكم انه مسئول عن اختياراته و خياراته ! و للاسف فأن اخر المفاجأت كانت عودة احد ابرز اتباع نهج "عوض الله" الى منصب اعلامي حساس !
نحن لسنا معنيين بالاسأه للحكم في الاردن و لا نضمر له شرا و هذه فارقه مهمه , لكننا لا يمكن ان نقبل بأن تتحول حقوقنا في التعليم و الصحه و الوظائف و السكن و الخدمات العامه الى مكارم , و لا يمكن ان نقبل بأن تكون هويتنا الوطنيه بلا ملامح واضحه , و لا يمكننا ان نقبل بسياسات التوارث , و لا يمكننا ان نقبل بالاصول و المنابت بوصفها مربعات امنيه تحمي اللصوص . و لا يمكننا ان نقبل بوطن هش مجرد من مقدراته و مكبل بنظريات كاذبه نصها " الاردن محدود الموارد " من حيث اولا ان الموارد ليست بالضروره ان تكون طبيعيه فقط و من حيث ان الاردن اصلا غني بموارده الموارد الطبيعيه و الاقتصاديه المسلوبه و التي عبر عنها خير تعبير الورقه الاقتصاديه للجنه الوطنيه العليا للمتقاعدين العسكريين . و لا يمكننا ان نقبل بمجتمع يتم تكبيله بالولاءات الضيقه استنادا لمقولة فرق تسد !
اننا و ان كنا بضع مئات من الشباب متمسكين بعنادنا الثوري الاردني الطابع من حيث اننا لن نتخلى عن مطلب العوده لدستور 52 مع بعض التعديلات التي تتطلبها المرحله و متمسكين باستعادة اموال الشعب المسروقه و محاسبة كل اللصوص و مع انتخاب مجلس نيابي حقيقي بقانون توافقي يمثل كل الاردنييين و بمراجعة النظام الضريبي البائس و عودة وزارة التموين .
النشيد العربي الموحد و الذي كلماته " الشعب يريد اسقاط النظام " لم نهتف به في شوارع الاردن و اتمنى ان لا نصل الى هذا الحد و هذا الامر مرتبط كليا بتحقيق مطالب جماهيريه اردنيه ملت دورها التقليدي , و لا داع للتوضيح اكثر!
ثورة " الشعب يريد اسقاط النظام " هي ثوره مضاده و ناجحه على ثورة " النظام يريد اسقاط الشعب".. اليس نهب خيرات الاوطان و تزوير الاراده الشعبيه و التعالي على المواطنيين و سياسات التوريث و تغييب الدستور اسقاطا للشعب ؟؟!