أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


استعادة الشرق العربي

بقلم : إبراهيم غرايبة
30-03-2015 01:05 AM
ليس ثمة خيار أمام الشرق العربي (الجزيرة العربية والهلال الخصيب)، سوى أن ينشئ كتلة استراتيجية متراصة، أو يتحول إلى مسرح للتنافس الإقليمي والدولي.
تاريخيا، غلب على سورية (بلاد الشام) أن تظل مسرحا للنفوذ أو صراع الجبابرة (بابل ومصر الفراعنة، واليونان والرومان والبيزنطيون والحروب الصليبية). وعلى نحو ما، فإن الصراعات الإسلامية الداخلية كانت ذات طابع جغرافي سياسي واستراتيجي؛ فما سمي في التاريخ بـ'الفتنة' أو الخلاف بين الأمويين والهاشميين، كان صراعا بين الشام والعراق؛ الشام التي وجدت في الأمويين فرصة للمركزية في مواجهة الروم والفرس. وقد يصلح لتفسير الفتوحات العربية أنها تحالف بين الدولة العميقة (الآراميين) والجزيرة لعربية. ثم سقطت الشام بعد تسعين عاما، لتتحول إلى ملحق مهمش، لم يكتف العباسيون (العراق وفارس) بتهميشه، بل أحرقوا مدنه وحواضره (ثورة الفدين على سبيل المثال). ثم استعاد الشرق وجوده ومركزيته بالتحالف مع مصر (الأيوبيون والمماليك)، وتالياً أُلحق باسطنبول، وتركته تركيا بعد أربعمائة عام لا لحما ولا وضما، ومن غير سيناء وقبرص، وقلبه وتاج رأسه أورفا وأنطاكيا.
اكتشفت إيران وتركيا، عبر ثلاثمائة عام من الصراع، أهمية الدين في الصراع وبناء الهوية. وحولتاها إلى حرب سُنّية شيعية مديدة. ولئن منحت الجغرافيا (الصحراء والجبال) فرصة للجزيرة العربية أن تستقل بنفسها ولو على فقر وعزلة، فإن الممرات البحرية، ثم النفط، لم يدعا مجالا لها سوى أن تكون جزءا من الشرق العربي.
لم يعد مجال للبقاء في العالم اليوم سوى للكتل السكانية والاقتصادية الكبرى. وبالكاد يستطيع الشرق العربي (150 مليون نسمة) أن يكون إقليما قادرا على حماية نفسه، وبناء أسواق حقيقية وعلاقات متكافئة مع القوى الدولية والإقليمية. وليس الحديث هنا عن دولة واحدة؛ فقد علمت أوروبا العالم كيف يمكن للدول في إقليم واحد أن تعمل معا وتدير مصالحها، بل وأن تنشئ مصالح واهتمامات مشتركة، وأن تجد كل الدول مجالا لاستقلالها وخصوصيتها؛ ابتداء من دولة بالغة الصغر مثل ليشتنشتاين (35 ألف نسمة) إلى ألمانيا العظمى!
ما يجري اليوم في الشرق العربي من صراعات مذهبية، لا يؤكد فقط قدرة القوى الإقليمية على تحريك الدوافع الطائفية؛ ولكن أيضا أنه لا يمكن استيعاب هذه التعددية والاختلافات إلا بإقليم كبير، تتضاءل فيه الهويات الفرعية، وتتشكل أسواق ومصالح كبرى تفوق دوافع العداء والصراع!
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012