أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


"الشقيقة الكبرى".. داعش!

بقلم : د.محمد ابو رمان
28-05-2015 12:39 AM
مع الانتصارات العسكرية التي تحققت مؤخراً على يد تنظيم 'داعش'، في العراق وسورية، فإنّ خريطة نفوذه أصبحت تضم مساحات شاسعة من البلدين، شمالاً من الرقة إلى الموصل، إلى محافظة دير الزور، وصولاً إلى تدمر في الغرب والرمادي في الشرق.
في سورية، تضم 'دولة داعش' قرابة 50 % من مساحة هذا البلد (بينما يكتفي النظام بـ20 %). وفي العراق، يسيطر التنظيم، وفق بعض التقديرات، على ما نسبته 35 % (والأكراد على قرابة 20 %)، أما الحكومة العراقية فأقل من 50 %!
بمقارنة مساحة 'دولة داعش' بالدول العربية المحيطة، نجد أنّها الأكبر، مقارنةً بمناطق سيطرة النظامين السوري والعراقي، وحتى بمساحتي الأردن ولبنان. والطريف في الأمر أنّ هذه 'الدولة' تمتاز بالتواصل بين أجزائها الجغرافية، وعبورها الحدود السورية-العراقية، وسيطرتها على معابر ومساحات واسعة مجاورة للأردن وتركيا، بينما الحكومة السورية، مثلاً، لم تعد تملك إلاّ منفذاً برياً وحيداً على بيروت، والحكومة العراقية تكاد تفقد سيطرتها على أغلب المناطق المجاورة للحدود السعودية والأردنية والسورية!
بالأمس، أعلنت مليشيات 'الحشد الشعبي' عن حملتها لتحرير الرمادي تحت شعار 'لبيك يا حسين'. وهو شعار يستدعي كل دلالات ومعاني الحرب الطائفية الداخلية، ويستعدي المجتمع السُنّي؛ بالتأكيد على الطبيعة الهويّاتية الوجودية في الصراع الدائر.
من الصعوبة، في مثل هذه الأجواء، إقناع المجتمع السُنّي العراقي-السوري بالانخراط في الحملات الحالية للقضاء على تنظيم 'داعش'. بل ما يحدث حالياً، مع تزايد النفوذ الإيراني، يعزز تماماً مشروع 'داعش'، ودعايته الدينية السياسية الناجحة، بتقديم التنظيم نفسه بوصفه 'الدرع السُنّية' في مواجهة 'التمدد الإيراني'!
بالطبع، من السذاجة الاعتقاد بأنّ مثل هذا 'الكائن السياسي' قابل للحياة والاستمرار، على المدى البعيد؛ فهو مضاد للطبيعة البشرية والمجتمعات وحركة التاريخ وشروط العالم اليوم. لكن الدلالة المهمة في استنطاق حجم قوة هذا التنظيم، هي التأكيد على فشل استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما، والجهود الإقليمية، في مواجهة التنظيم والحدّ من خطورته وقوته، بعد مرور قرابة عام على اجتياحه للموصل!
لدينا اليوم مجتمع سُنّي عربي (عراقي وسوري) وبدرجة ثانية لبناني، يشعر بتهديد وجودي هويّاتي. ما يجعل خيار هذه الملايين بين طرفين؛ إما القبول بالنفوذ الإيراني، بما يحمله من مشروع طائفي؛ أو القبول بداعش، وعندئذٍ ليس من الغريب أن تنحاز نسبة كبيرة إلى 'داعش'.
هل هذه النتيجة غريبة وغير منطقية؟ يكفي أن نطالع استطلاعاً خطيراً ومقلقاً جداً أجرته قناة الجزيرة الفضائية مؤخراً، شارك فيه أكثر من 55 ألف مصوّت، وأيدت نسبة 81 % منهم انتصارات التنظيم في العراق وسورية، فيما رفضها 19 % فقط!
هذا الاستطلاع يعكس فشلاً أكبر وأشد خطورة من الفشل العسكري والأمني في العراق وسورية؛ إنه الفشل في ممانعة النموذج الثقافي والفكري والسياسي الذي يقدمه 'داعش' اليوم للشباب العربي المحبط والغاضب والمحتقن!
الأنظمة العربية انشغلت بمكافحة التنظيم وامتداداته الإقليمية، عسكرياً وأمنياً. أما على الصعيد الثقافي والسياسي، فلم يتعدّ الأمر حالة النماذج الفلكلورية؛ إذ لم نجد جهوداً حقيقية من قبل هذه الحكومات لفهم أسباب صعود التنظيم وسرّ جاذبيته لنسبة كبيرة من الشباب العربي اليوم، وقدرته غير المسبوقة على التجنيد والدعاية، كما فشل الإعلام العربي والرسالة السياسية والإعلامية لهذه الدول، بالرغم مما تمتلكه من إمكانات وموارد هائلة!
استمعت بالأمس لخطبة مسجلة للشيخ السديس (وهو من الشيوخ المعروفين)، يتحدث فيها عن الحرب الراهنة، بوصفها حرب حق وباطل، خير وشرّ، بين السُنّة والشيعة؛ ولا أعرف بماذا يختلف هذا الخطاب عما يقدمه 'داعش' عقائديا ودينياً!
باختصار، فشلنا في بناء النموذج العربي الحضاري والأخلاقي والديني والسياسي البديل لداعش.
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-05-2015 02:03 AM

سيدي الكاتب الكريم الانظمة العربية بفسادها وظلمها لشعوبها بنهب الخيرات والتعدي على حقوق الشعوب بالحرمان من العدالة الاجتماعية وعدم المساواة في تكافؤ الفرص وتوزيع الثروات بشكل عادل هذه الاسباب هي التي ادت لخلق تنظيمات ىتمردت على الحكام وهي بالاصل تستهدفهم بالدرجة الاولى وحتى قبل اسرائيل لان ازالتهم من الحكم هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين خاصة وان هذه الانظمة هي صنيعة الاستعمار والدول العظمى وبالتالي وجود هذه الانظمة هو للمحافظة على بقاء اسرائيل لذلك نجد الحشد الرسمي العربي ضدهم للحفاظ على الكراسي

2) تعليق بواسطة :
28-05-2015 05:21 AM

الانظمة العربية مستقلة تماما والا فلماذ تحتفل في كل عام باعياد الاستقلال وهي انظمة من صنع ونتاح شعوبها والا فلماذا جلست على الحكم لعقو طويلة وهي انظمة حققت الانتصارات الكبيرة على اليهود وعلى المستعمر والا فلماذا تحتفل بمثل هذه الانتصارات في كل عام نرى فيكل جولة عربية ذكرى العبور والحلاء وذكرى معركة كذا كذا اما داعش فهي ليست مستقلة فطيران كل العالم يجوب اجواءها ويقصف كل لحظة وهي تقاتل العرب ولكنها لم تقاتل البهود والمستعمرين وهي خيارا اجباريا مفروصا على العالم التي تحت حمايتها اليو

3) تعليق بواسطة :
28-05-2015 08:07 AM

قريبا ستتقدم داعش للانضمام الى مجلس
الخليجي ..لماذا ؟
-لان فكر داعش انطلق من دول الخليج "السعودية".

4) تعليق بواسطة :
28-05-2015 08:38 AM

ايها الكاتب العزيز فقط للعلم ان الموضوع من قسمين القسم الاول هو فشل الانظمه العربيه على مدار 50 عاما في جميع المجالات فشل في كل شيئ تقريبا .
والقسم الثاني ان نظريه داعش بما يدعون هي نظريه سماويه دينيه وعقيده صحيحه لا يمكن لاي نظام في العالم تفنيد هذه النظريه الاسلاميه الالهيه وان كل مسلمين العالم سنه على الاقل هم من يحمل هذا الدين وهذا الفكر ولا يمكن محاربه الاسلام على الارض لا فكريا ولا عقائديا ولا عسكريا . وذا كان تطبيق داعش للاسلام صحيحا سوف يصل عدد سكان ( الدوله الاسلاميه ) مليار مسلم وهذا واقع قد يصعب على البغض فهمه
واذا طبقت داعش الاسلام الصحيح سوف يسيطرون على الارض كلها.

5) تعليق بواسطة :
28-05-2015 09:06 AM

سيدي الكاتب أؤيدك في رؤيتك أن كيان داعش غير قابل للاستمرار كما هو الآن إلا إذا غير من نفسه و بدل و أؤيدك أن مجتمعاتنا تعاني من فقر ثقافي و انعدام الرؤية الحضارية.

لكن يا سيدي دعنا نكون واقعين، ألا ترى معي أن التجهيل الذي يمارسه سدنة المؤسسة الدينية و خصوصا في خطبهم الحماسية و انفصالهم عن الواقع لا بد و أن يخلق أجيالا كهذه

تريد الحق و الصحيح و الصواب: كفوا شيوخ الدجل عن الناس و أعلوا من شأن العلم و الإنتاج و ثقافة الانفتاح الفكري و سيصلح حالنا.

داعش مظهر انعكاسي لثقافتنا البائسة إنها منا و فينا بجريمة التجهيل و التحكم الديني المتسلط.

العلم و الإنتاج و الفكر هم الحلول.

6) تعليق بواسطة :
28-05-2015 10:45 AM

بختصار الانظمه العربيه مثل الديك المذبوح تتخبط في كل شيئ واذا وصلنت داعش لمرحله انها تمثل اهل السنه سوف لن يقف اممامها اين كان من الانظمه او حتى امريكيا واذ طبقو شرع الله في الارض فلا شك انهم منتصرون ووارثون للارض والمسئله مسئله وقت لا غير .

7) تعليق بواسطة :
28-05-2015 12:10 PM

امريكا تتباطئ للقضاء على داعش لأنها لم تصل الى أبرام أتفاق كامل مع ايران يضمن عدم قيام ايران بصنع سلاح نووي فتبقي على داعش بعبع لأيران ومتى وصلت امريكا لأتفاق مع ايران ستكون جادة للقضاء على داعش ؟؟؟

8) تعليق بواسطة :
28-05-2015 12:27 PM

الانظمة الفاسدة هي التي صنعت ما يسمى بداعش و بطرق كثيرة
عندما تحبط الشباب و تضيق عليهم فهي تصنع منهم دواعش
عندما تحمي رموز الفساد وتمنحهم صكوك البراءة و تقلدهم المناصب الرفيعة فهذة دعوة للتتدعش
عندما تقهر المواطن و تحاربه في لقمته ماذا تتوقع منه ان يفعل
هل تتوقع من ان يتصدى لداعش ام سيكون وقودها
داعش سحابة ستزول عندما تتصالحوا مع شعوبكم و تعملوا من اجلهم و تحصنوا جبهتكم الداخلية من رياح الفاسدين و الدجالين الذين يتلاعبون بعواطف البسطاء من شعبنا

9) تعليق بواسطة :
28-05-2015 04:12 PM

إذا كان أهل السنة يرضون أن يمثلهم مجرمون فهذا اعتراف صريح أن الإجرام فيهم و شكرا لصراحتك حيث أدنت نفسك و من أنت منهم دون أن تدري.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012