أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024


الأزمة وامتحان القيادة

بقلم : د. رحيّل غرايبة
08-07-2015 01:50 AM
الأزمات هي الامتحان الحقيقي للقدرات الإدارية للقيادة-أي قيادة- بكل أنواعها وأشكالها ومستوياتها، وفي كل مجالاتها قديما وحديثا، والازمات هي التي تكشف عن قدرته على الاستكشاف وقدرته على النظر والتحليل، وقدرته على تحويل المقترحات والاستشارات إلى قرارات وإجراءات ومتابعات، ولا مجال لاختبار قدرات القائد ووضعها على المحك إلا من خلال مواجهة الواقع لحظة بلحظة، وقدرته في التغلب على المحن والإشكالات، والخروج من المآزق بأقل الكلف وأقل الأوقات، من خلال مهارته في توظيف ما لديه من خبرات وطاقات وعقول ، وما يملك من أوراق قوة.
ما ينطبق على قيادة الشعوب والدول والممالك، ينطبق على قيادة الجماعات والقوى والأحزاب والمؤسسات، حيث أن لكل مستوى من مستويات القيادة مشاكلها وأزماتها التي تتناسب مع حجمها وقوتها وتأثيرهاوفاعليتها، وكلما زاد مقدار الفاعلية والتأثير، كلما قابله ما يكافئه من المعيقات والتحديات، وعلى قدر التحديات يكون حجم الفرص المتاحة والمتوقعة.
القيادة في مواجهة الأزمات والمشاكل والتحديات والاستحقاقات على ثلاثة أصناف:
صنف يملك خبرة واسعة وبصيرة ثاقبة وخبرة كافية تؤهله للنظر والاستشراف، وتجعله قادرا على التنبؤ ورؤية التوقعات المستقبلية، ومن ثم وضع الاحتمالات والمسارات المفترضة، وكيفية التعامل مع كل احتمال، وبعد ذلك الشروع في اتخاذ الاستعدادات المطلوبة، والقيام بالخطوات الضرورية التي تحول دون وقوع المفاجآت القاتلة، ودون التعرض للهزيمة والفشل، وعندما يأت المستقبل يكون قد أخذ بالأسباب.
صنف ثان يفوته الاستعداد المسبق، ويفتقد لبعد النظر، ولا يملك القدرة على التحليل، أو تخدعه الحاشية بالتضليل والقراءات غير الصحيحة والحسابات غير الدقيقة، فتداهمه الأزمات والمشاكل، ولكنه يعترف بالخطأ والتقصير، ويتحمل مسؤولية المواجهة بالحكمة وإعمال الذهن، من خلال استنفار ما لديه من طاقة من أجل امتصاص وقع المفاجأة، والخروج من المأزق بأقل الخسائر وأخف الأضرار.
صنف ثالث يفتقد للنظر البعيد، ويفتقر للتحليل والتنبؤ بالأزمات ، وغير قادر على قراءة المشهد ويعيش على الوهم والمبالغات، وعندما تداهمه الأزمات والمشاكل يصاب بالذهول والعجز ، ويصاب بحالة من الإنكار وعدم الاعتراف بالخطأ ؛التي تجعله يلجأ إلى خطاب التبرير وإلقاء التهم على الآخرين، والوقوع تحت وهم الأضطهاد، والتعلق بحبل المؤامرة من أجل التغطية على العجز والضحك على ذقون الأتباع، حتى يفوته القطار، فيضطر للبحث عن الفهم المتأخر والحكمة المتأخرة بعد فوات الأوان.
الاستعداد المسبق والقراءة المسبقة والنظر في المستقبل ليس ضربا بالغيب، وليس نوعا من الطلاسم والسحر، بل هو من صميم عمل القيادة، ومن مواصفة القيادة الناجحة التي تتحمل مسؤولية دفع الضرر المتوقع من خلال امتلاك المجسات الضرورية، وقرون الاستشعار التي تتلمس مواقع الخطر، وترصد مقدمة الأزمة قبل وقوعها، والفقهاء يجعلون الضرر المتوقع بمكانة الضرر الواقع؛ من حيث الأحكام الشرعية والأهمية في ترتيب الاولولية في الفعل، بالاضافة الى علم الموازنة الشرعي بين الأضرار، فيندفع الضرر الأشد بارتكاب الضرر الأخف، بناءا على توقع حدوثة قبل أن يحدث، لأنه لا فائدة من الموازنة بعد حدوثة ووقوع الفأس بالراس.
القرآن يعلمنا أن ما يحدث لنا هو بسبب أخطائنا وعدم قدرتنا على تحمل المسؤولية، قال تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) . صدق الله العظيم.

(الدستور)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
08-07-2015 11:38 AM

ثرثره لا تفيد احد

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012