أضف إلى المفضلة
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
البنتاغون للجزيرة : رد إسرائيل على إيران "سيادي" ونتفهم حاجتها لاجتياح رفح ركلات الترجيح تأخذ ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب مانشستر سيتي تقرير: وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية تسعى الى تغيير الوضع الراهن بالحرم القدسي الملك والعاهل البحريني يؤكدان ضرورة إدامة التنسيق العربي فيصل الشبول : الأردن ليس ساحة لتصفية الحسابات 520 شهيدًا باقتحام الاحتلال لمخيم النصيرات في غزة زراعة الكورة تحذر مزارعي الزيتون من الأجواء الخماسينية وفاة شخص جراء سيول في حضرموت اليمنية وقرار بتعليق الدراسة 7200 جريح إسرائيلي احتاجوا لتأهيل منذ بداية الحرب الإمارات تدرس واقع بنيتها التحتية وتدعم متضرري الأمطار بعد انتهاء العاصفة الصفدي: لا يمكن الاستغناء عن "أونروا" أو استبدالها مجلس الوزراء يمدد قرار منح شركات النقل السياحي مزايا جمركية وضريبية 3 أشهر حملة لإنارة المقابر في المناطق التابعة لبلدية المزار الشمالي نقل 25 رئيس قسم في أمانة عمان - أسماء راصد: علاقة النواب بالحكومة امتازت بالرضا والود رغم "بخلها" بإرضائهم
بحث
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024


في العشق الوطني

بقلم : طه عبدالوالي الشوابكه
29-10-2015 10:53 AM
تب والعيون ما بارحها القذى قُبيل الغسل وقُبيل الأكل وقبل كل طقوس العبث والرياء والسعي في دنيا الأنا, يا وطني, لا ادري لِمَ الخوف يقتلني الساعة وكل لحظة ينتابني القلق عليك منذ أشحتَ بوجهك عني تتجهمني كأني الفحمة وأنا البارُّ بك وغيري هو الفرقد.
أيها الوطن العزيز: هل هي نبوءة الصديقين انعم الله بها علي مرة في العمر كرامة لاني ابن وطن طيب مسكين؟ هل هي بصيرة الانقياء استعرتها إلى حين من كهل ما عاد له من منفعة ولا مصلحة فيك إلا أن يُسْلِمَ الروح بسلام ليواريه الورثة في مقبرة لن يطالها العبث؟
يا وطني, صباحك سعيد وعمرك مديد وقائدك بعون الله شديد عديد أما الأهل فليسامحهم الله ومعهم كل المتواجدين على أرضك بما هم فيه كل يوم من إثم اقل ما يقال عنه انه تبديد في تبديد, صباح الخير على مبسمك العذب الطاهر وقد تقفع من فرط الإهمال, صباح الخير على وجناتك التي ما عادت تشعُّ ببراءة الطفولة حيث شاخت وتهدلت من ترويع الأيام على يديّ من لا يراعون إلا أنفسهم ومصالحهم مهما يكن من ثمن تدفعه عنهم.
أيها الوطن الممتد من الحبل السري مرورا بالأبهري ليبلغ منتهاه على حدود عتبة اللاوعي هناك في أعلى الرأس المتخم, كن على حذر وأنت الحذِر الفطن, كن على بصيرة كبصيرة شيخ ناسك أضناه السُهد على أعتاب محرابك حارسا من حراس عتباتك, يُسلِف العمر بالتقسيط الممل وقريبا سَيُسْلِم مفاتيح الخزنة, سلام عليك وأنت الحزين المحزون تقهرك بنوّة أبناء يثوّرون الخوف كأنه ضجيج ماغما البراكين, يعمقون القلق في نفوس من كانوا بك مؤمنين.
سلام عليك يا وطن منذ ولدت لتخرج من رحم المعاناة وحولك الدسائس والمؤامرات تستهدف مصيرك, سلام عليك منذ كنت تتهادى بخطاك مولودا بريئا تتهيب السير إلى أن اشتد عودك فطفت ساعيا مبشرا بفجر جديد للأمة بكل ما أوتيت من سعة, سلام عليك وقد أبيت أن تكون مسرحا ضاريا لكل الخصوم العابثة الكاذبة إلا من خصومة حرب الكراسي الباردة تثور بين أخوة أعداء انتهازيين وآخرين ( لا في العير ولا في النفير)عشاق ابيقوريون لا علاقة لهم بأمرك في شيء سوى ما يندُّ عن بطونهم من تصريف .
سلام عليك وأنت اليوم تلعن اللحظة حين يصر بعض العابثين ليحولوك إلى مسرح للعبة السياسة تحت بند النجاسة يصرون على تقسيمك بين مدعٍّ أبوّة الولاء والانتماء وآخر متهَم خبير ضالع في الاعتداء على كل مدخراتك, اليوم قلقي يتضاعف وخوفي ينهبني مني وثقتي المطلقة أبهة عظيمة لكنها منخورة أرجلها (كمنسأة سليمان مع النمل) أضعفتها جرذان انسربت من جحور أرضية جانبية تسللت من بطون المكر والخداع فلا ندري كيف تحدروا وفي أي دِمنة منتنة تربوا, ها هم اليوم يا وطني يضيقون علينا ساحاتك الفضفاضة بعد أن رحبت وكانت قبل رؤية وجوههم الغاربة سوحَ لعب وخطم طفولي بريء من أقصى حدودك إلى أدناها دون خوف من مماليك جدد طرأت على كل مفاصلك كما تطرأ ارتال الجراد, وإذ الجراد يأتيك من علٍ فتراه غير انك لا ترى أسراب القمل والصيبان تخرج عليك من أسفل عبر ثقوب الأنانية, تنشط بحرارة أنفاس الشهوة الوضيعة وضاعة الغريزة المنحطة, لا الجراد منك اليوم ولا القمل ولا البق ولا كل الحشرات التي تصيبك تظل عالقة بإهابك لتمس جلودنا حين نتدثر بك فتحرمنا حتى من التلذذ اللحظي بتنملها ودغدغتها.
أيها الوطن العزيز: من يطالع أخبارك وعناوين الأحداث التي تعج بها ردهاتك يدرك حال الردة والانكفاء الذي قلب دالتك الرياضية ق(س) او f(x) المثبتة بالقطع دلالة على أصالة سحنتك فغدوت غير مفهوم لنا غريبا عنا, الوجه اليوم ليس وجهك ولا اللسان لسانك ولا حتى الغِلظة غِلظتك ولا القسوة قسوتك علينا, (الله الله!!) يوم كنت تُخجِلُنا وتعنفنا لتصحح مسيرتنا على أرضك فنفر منك خجلا نلم شقاوتنا لنلوذ في صخور وديانك الفياضة نهوي إلى مغرك العامرة برطوبة تطفئ ظمأنا من هجير وقيظ, نغفو فنصحو (كمن تعمد في الماء المقدس) تائبين مستغفرين من سورة غضبك ثانية.
وطني الحبيب, أبثك شكواي, أفضفض وأفضي لك بهمي لأرسله من بلاد الغربة, من بواديك الشائخة وقراك التي تعاني مخاض التحول وسوء التخطيط بين تطور وتراجع, من صحاريك التي طويت منسية إلا من دواجي السموم والعقاقير, ابعث لك منها جميعا كلما طفتُ في كل شبر منها بعيدا عن عمان, (أوّاه يا عمان!! كيف كنتِ!! ومتى صرتِ على هذا الحال!!).
ابعث إليك مناجاتي غريبا يكابد اشرّ اغتراب, الغربة في الغربة يا وطني الم وحسرة وقليل من الأمل, الغريب المهاجر في ارض بعيدة يقتات على نزر يسير من أمل العودة يوما ما, لكن من أين لي بمثل هذا النزر من الأمل في العودة إلى أحضانك؟ من أين آتيك والى أين سأعود؟ أي حضن دافئ يتضوّع ببخور كفسوخ مدارق الأمهات الطاهرات سيلمني وأنا الغريب فيك ما تركت أرضك لحظة؟ ربما هي – سحقا لها ولأصحابها - الليبرالية الجديدة وشعائرها الشيطانية هي من صنعت منك منفى لغربتي فجعلتني فيك غريبا من نوع يائس في العودة.
وطني: غدوتُ منك فيك كحال ابن بارٍّ يتجرع أمومة فاشلة من أم لعوب تتلهى بمراياها ومرودها وقد قسا قلبها (أنا في بِرّك أنادي فيشلع المردة الجدد من جوف رحمك أوتادي), أضحيتَ غريبا عني مثلما أنا الغريب عنك, الشوارع الخالية الحارات والأزقة والبيوت المتهالكة من شح المونة والتسليح بلا قراميد صارت غريبة وكئيبة وقاسية, الناس غرباء في كل شيء في المبدأ والعهد والوعد, أين من كانوا ملاذي حين أشكو من وجع يدهمني؟ أين صحبة الهم والهوى ممن كنت أبثهم نزقي ومكابدتي حين يعتلج فيختلج قلبي مع أول (وآخر) عشق عذري؟ هل كانوا هنا موجودين؟ الكل منهم لاذ في زوايا الزهد الوطني وفضل التنحي والابتعاد ليفسح للمتزاحمين على مزادك فرجة تكفي رعونتهم رغم ضيق المكان, الكل من أهلي ومن صحبي علق كفنه على مشجب اليأس في مكان واضح على مدخل البيت ليكون في مكنته وغيره التقاطه وهو يلفظ الأنفاس مُحتَضَراً, تركوا تاريخهم نهبا لكل المتهافتين وها هم ينتظرون لقاء ربهم بينما الطارئين في فسحة يتغنون بتاريخهم المصطنع وأمجادهم الرخيصة وتبرعمهم الطفولي تحت سقوف الخبث والعهر المتوارث في مطويات روتشيلد, يعددون - على مسامعنا - منجزاتهم النفعية هنا على أرضك (في معان تارة وفي السلط تارة أخرى وفي كل مكان فيك يرون فيه خصوبة من الطهر والبراءة وبقية من فزعة), ثرثرات يصطنعونها مستغلين كياستنا وأدبنا وخلقنا الرفيع, يصطنعون عناوين لهم ومضامين نشومية زائفة زيف السراب فلا ندري من هو شاهد الصدق فيها سوى شاهد الزور الذي يقتات على خرخشة النقد في جيوب الهمل الجدد؟ تبا لهذه الوقاحة وتبا لهذا التبجح الذي صار ديدن المجاميع السائبة كالأنعام, يملؤون سِفرك كذبا وإفكا وضلالة بأحاديث أعيت جهابذة الجرح والتعديل والتحقيق, وضعية مندسة على حِرز الأمة المكين, بينما أنت تتجمل في حلمك المعهود تصطبر على الاستماع والإقرار لهم حتى لا يقال عنك انك تكفر أو تقترف الردة, تخاف من زمجرة وحمأة سيمفونية التكفير, أولم يصدعوك بقولهم ليس بعد الكفر ذنب؟ فصدقت حتى تقهقرت فأذعنت.
أيها الوطن: ادري انك موجوع ومحبط من وتيرة استنساخ المستنسخ, اعلم انك قد سئمت من منهج إعادة التدوير (الرسكلة recycling) واللت والعجن والنفخ وأطنان المساحيق للعتاة المردة العابرين على بساط الريح, لكن لا ادري لمّ دوام الصمت عليهم وممارساتهم دوالٌ يقينية تنبئ بموت سريري مرهون بإدامة اتصال الأجهزة في مقبس التيار, أخشى عليك يا وطني من ليلة ينقطع فيها هذا التيار, أخشى عليك من حِمل يفوق احتمالك فيذيب منك أسلاك الحياة لتتعرى وتتسايح على بعضها, حينها يحلُّ الفناء, أوصيك لتحتاط على مصادر شحن أصيلة تطيل عمرك ما أمكن فالعبء القادم أعظم والسهرة تبدو طويلة وأعوان الليبرالية الجدد يتربصون ويسنون أسنانهم التي يقطر منها الدم القاني, والحذر الحذر من لحظة لا ينفع فيها الندم.

(2)
الغزل والصد والرد والتروي والصبر والتجاذبات والقبول كلها مثيرات شرطية كفيلة بتحقيق استجابة روحية تأتي طبيعية بين عاشقين يجمعهما الوصل حتى الممات, ها أنا اليوم لا أرى في العشق الوطني مثل هذه المثيرات ولا الاستجابات, فالرعونة والاستعجال مثيرات سايكوباثية أو كما يُفهَم من ليبيدو (سيجموند فرويد) شبقية في كل أمر بين حالتين, مخيفة وباعثة على القلق من استحالة التعاقد الصادق بين عاشقين مزيفين, يتنكرون لبعضهم بُعيّد إشباع الغريزة الطارئة, العابث بأمر الوطن شخص كلما اجتاحته الشهوة لبى نداء الغريزة فتزلف أكثر واستعجل أكثر فأكثر لتصبح العلاقة بينهما علاقة محض نفعية تنتهي بانتهاء الحاجة وإطفاء الغريزة, تعود الغريزة مرة أخرى لتراود العاشق المخادع في وقت متقطع, نداء الغريزة المتقطع هذا يفضح كذب ادعائه في الوصال في كل الظروف كما يفضح انتهازيته وشهوته الآنية.
أي عشق هذا الذي نراه يجري كل يوم في الخلوات (الرسمية وغير الرسمية) من عاليها إلى أسفلها؟ تَرى المعشوقة في دلٍّ وغنج وتمنع وصدود, والعاشق الخائب في مهزلة ورثاثة حال, تَرى العاشق المزيف في حالة من الهيام حتى حدود البهدلة وانعدام القيمة, تُرى كيف يكون حال الوصال إذا ما تم بين طرفين لا جامع بينهما غير جامع الشهوة لاستجلاب لذة زائلة تتمظهر في حالة من تلطي العاشق بين كل المواقع وهو أصلا نافلة وعبء على المعشوقة المسكينة الخائبة؟ أما الفضوليون السِحّيجة (العامة) فحصادهم من كل ذلك التأوه والحسرة وبلع الريق يجترون اللذة من بعيد على مشارف كل خلوة عبر الوصاوص (الثقوب) في البِرزة (خيمة العروسين), أمسى حال العامة اليوم كما يقول ( خوالي البلقاويين الكرام) في وصف دقيق لحالة (أبو ريالة السقيم المعشوم) (مثل اللي شاف شي وما ذاقه).

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012