أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


نداء إلى مركز صنع القرار في الدولة الأردنية

بقلم : م. محمد يوسف الشديفات
07-12-2015 11:56 AM
ظهر الخلاف بين الشارع الأردني ومجلس النواب من جهة، والحكومة وأدواتها المختلفة من جهة أخرى على انه خلاف مالي بسبب 'نصف دينار' اضافية على سعر اسطوانة الغاز، او اختلاف على شرائح رسوم ترخيص المركبات تبعاً لحجم محركاتها، والحقيقة أن الجميع يدرك تماماً أن المشكلة أعمق وأبعد من ذلك بكثير، وها هو مركز صنع القرار في الدولة الاردنية يعيد انتاج المشكلة ذاتها بأشكال مختلفة ويعتمد رد الفعل وامتصاص غضب الشارع وتحويل الأنظار عن جوهر المشكلة كأسلوب يتم استخدامه إذا بلغت القلوب الحناجر، فيتم استبدال الأشخاص وترحيل الأزمات لكسب الوقت الذي لم يعد متاحاً كما كان في السنوات السابقة.

يعلم المواطن الأردني علم اليقين أن دولة الدكتور عبدالله النسور وفي أحسن الأحوال يمثّل جزءاً يسيراً من عملية اتخاذ القرارات، ونحن هنا لا نبحث عن شخص لنلقي عليه اللوم أو نحمّله المسؤولية، فالأخطاء السياسية والاقتصادية في الأردن يرتكبها العفاريت والاشباح ولا يتحمل وزرها أحد غيرهم، بل نريد ان نبحث عن حلول حقيقية يلمسها المواطن لهذه الأزمات المتراكمة حتى لو بلغ سعر اسطوانة الغاز مائة دينار، وهنا يبرز سؤال عما إذا كان مركز اتخاذ القرار في الدولة الأردنية قد أصبح عاجزاً عن إيجاد الحلول الناجعة.

الحكومة وعلى لسان رئيسها تقول بأن الدول التي تساعدنا تطالبنا بإعادة ترتيب بيتنا الداخلي، وحتى لو افترضنا جدلاً ان هذا الكلام حقيقي بغض النظر عن تناقضه مع حجم المساعدات الفعلي للأردن، فترتيب البيت الداخلي لا يكون فقط بتحرير الأسعار وزيادة الرسوم والضرائب، وإن كان كذلك فالحلقة الخاضعة لتطبيق هذا الحل سوف تنتهي، ولو أهملنا تآكل دخل المواطن وتغاضينا عن فرضيات التضخم، ماذا سوف تفعل الحكومة -أياً كان رئيسها- بعد عدة سنوات وقد حررت كل ما يمكن تحريره ورفعت كل ما يمكن رفعه وبقيت المشكلة ذاتها تراوح مكانها؟!، عملياً هذا يعني ان الدول التي تساعدنا سوف تتوقف عن مساعدتنا، وصندوق النقد لن يأتي إلينا حتى لشرب 'كاسة شاي'، وسوف نقف أمام نظرية الدولة الفاشلة محاولين اختيار مصطلح آخر أخف وقعاً على مسامع الاردنيين.

لقد قلنا مراراً وتكراراً أن العلاقات الدولية أصبحت مبنية على المصالح والمنافع المتبادلة، وقد استطاعت تركيا انتزاع ثلاثة مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم اللاجئين الذين يعيشون في تركيا، في حين ان سياستنا الخارجية ما زالت تتعامل مع المجتمع الدولي بأخلاق الفرسان وإطلاق التصريحات الدبلوماسية ذاتها والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، فلا تجد الحكومة مخرجاً إلا استرضاء جهة هنا أو هناك ثم تهرول مسرعةً إلى تطبيق سياسات اقتصادية عقيمة تهلك الحرث والنسل دون فائدة تذكر، وإلا فما هو التفسير المنطقي لهذه الأرقام الخيالية للمديونية وعجز الموازنة؟!

من المؤسف أن تنظر إلى قائمة المشاريع الرأسمالية في موازنة عام 2016 لتجد أن مشاريع وزارة الزراعة السابقة واللاحقة جميعها قد خُصص لها حوالي 13 مليون دينار أردني بما في ذلك مبلغ 215 الف دينار لاستصلاح الأراضي، في حين أن محطة الإعلام العام المستقلة قد خُصص لها عشرة ملايين دينار!!.

يقول المثل البدوي 'الإبل مرعية ولو أهلها بعاد'، وقد أصبحنا 'بعاد' بالفعل ولكن 'وسمنا' لا يزال أردنياً هاشمياً، فلا نعرف وطناً غير هذا الوطن ولم نمنح ولاءنا لغير قيادته، والاختلاف في تأويل أسباب المشكلة لن يجدي نفعاً، من هنا نوجه النداء إلى مركز صنع القرار في الدولة الأردنية ونقول؛ كُفّوا عن تدوير الأزمات وخلق التبريرات البغيضة واتهام كل من يخفق قلبه خوفاً على هذا الوطن بأنه يحمل أجندات سياسية، وتعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم، ولنعمل من خلال سياسات وكفاءات وطنية حقيقية على إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012