بقلم : د.أيوب أبودية
16-06-2016 02:49 PM
فوجئنا بتصريحات وزير الطاقة بالسماح بإنتاج الكهرباء من محطة تعمل على الفحم الحجري بقدرة 30 ميجاواط، فالأردن حقق انجازات هائلة في مجال الطاقة المتجددة النظيفة في الوقت الذي يتطلع العالم كله إلى التراجع عن استخدام الوقود الأحفوري وبخاصة الفحم الحجري الذي يعتبر من أشد عناصر موارد الطاقة تلويثاً للبيئة.
إذا نظرنا إلى نسبة مساهمة الفحم في توليد الكهرباء في العالم فربما نجد تصريح وزير الطاقة صحيحاً من حيث أن العالم بأجمله يولد نحو 70% من طاقته الكهربائية على الفحم، ولكن من الضروري التنبه إلى أن 50,6% من هذه النسبة هو استخدام الصين وحدها للفحم في العالم. وإذا أضفنا إليه استهلاك الولايات المتحدة الأمريكية بما مقداره 11,7%، فإن كليهما يستهلك أكثر من نحو 62% من الفحم الحجري في العالم. وبناء عليه فإن باقي الدول تستهلك ما تبقى من النسبة البسيطة الباقية تلك.
وإذا نظرنا إلى الدول التي تتراجع سنوياً عن استهلاك الفحم الحجري بنسب متفاوتة فإننا نجد أن الولايات المتحدة تراجع استهلاكها في عام 2014 مقارنة بعام 2013 بنسبة ضئيلة، ولكن هناك دولاً الآن تتراجع بنسب كبيرة جداً وعلى سبيل المثال دولة مثل فرنسا تراجع استهلاكها من الفحم الحجري بنسبة 23,6% عام 2014 مقارنة بعام 2013 ، وهناك دول أيضا حققت انجازا قريباً من هذا الانجاز مثل أوكرانيا وبريطانيا والدنمارك والنمسا؛ وهناك دول أخرى حققت انجازاً أقل مثل تشيلي والبرازيل وغيرها من الدول التي لديها خامات فحم وطنية.
أما الدول التي حققت زيادة في إنتاج استهلاكها من الفحم الحجري فنجد الباكستان على قمة القائمة، وكذلك فيتنام ثم الهند وتايلند وبنغلادش؛ وهذه مؤشرات على أن الدول المتأخرة نسبياً هي التي يتزايد استهلاكها من الفحم سنوياً بينما الدول المتقدمة الراقية هي الدول التي تتراجع عن كميات استهلاكها سنوياً. علماً بأن الدول التي زادت من استهلاكها للفحم الحجري في عام 2014 مقارنة بعام 2013 تمتلك احتياطات كبيرة من الفحم (باستثناء الباكستان وبنغلادش)، فمثلاً إن احتياطات الهند من الفحم الحجري يزيد عن 6% من احتياطي العالم.
ختاماً نقول ليس هذا هو التوجه التي دأبت الحكومة السابقة عليه، بل سعت نحو تطوير وتنويع مصادر الطاقة ولكن من مصادر نظيفة ومستدامة. إن الفحم الحجري من أسوأ أنواع مصادر الطاقة وأخطرها على البيئة وعلى صحة الإنسان ودورة الحياة في الطبيعة وهو مادة غير مستدامة لأنها مستوردة من الخارج وليس تلويثها محصوراً على حرقها إنما يتمد ذلك إلى تلويثها للبيئة في مراحل تخزينها وتجميعها ونقلها وبخاصة في بلاد صحراوية مغبرة كبلادنا.
لذلك كله نتوجه بنداء إلى أصحاب القرار أن الأردن قد خطى خطوات رائعة في مجال الطاقة المتجددة بحيث أصبح طموحنا أن تشارك الطاقة النظيفة في 20% من كهربائنا في عام 2020 وفق الاستراتيجية الوطنية للطاقة الجديدة 2016 – 2025، وبناء عليه فإننا نستهجن هذا القرار ونطالب الجهات المسؤولة بالتدقيق في بواعثه وأسبابه وظروفه على نحو جدي وسريع. كذلك نأمل من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات البيئية ووزارة البيئة بخاصة أن تقف موقفاً واضحاً وصريحاً وشجاعاً من هذا التوجه الخطير الذي سوف يحقق تراجعاً في نظرة العالم إلى الأردن الذي كنا نفتخر أنه من أوائل الدول التي وضعت أنظمة وتشريعات للطاقة المتجددة النظيفة وبدأت في تطبيقها منذ عام 2012؛ وكذلك نفخر بأن الأردن حقق انجازات مهمة في صياغة كوداتها ومواصفاتها عند أرفع المستويات مقارنة بالكثير من دول العالم، فلماذا نعود خطوات للوراء بعد أن قطعنا شوطاً طويلاً إلى الأمام؟