أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
الجمارك تنفي استيفاء أي رسوم جديدة على المغادرين عبر الحدود المصريون ينتظرون أكبر زيادة للرواتب بالتاريخ خطة دمج وزارتي التربية والتعليم العالي أمام مجلس الوزراء قريبًا اتحاد كرة القدم يحدد مواعيد مباريات مؤجلة من بطولة كأس الأردن إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة أمير الكويت يغادر بلاده متوجهًا إلى الأردن - صور القوات المسلحة الأردنية تنفذ 7 إنزالات جوية شمالي قطاع غزة- صور عطلة للمسيحيين بمناسبة أحد الشَّعانين وعيد الفصح المجيد انخفاض الدخل السياحي للأردن 5.6% خلال الربع الأول الأمن: مطلوب ثالث من ضمن مطلوبي الرويشد يسلّم نفسه المبيضين: لم يعاقب أي أردني للتضامن مع غزة وزير الأشغال يتفقد مشروع تحسين وإعادة تأهيل طريق الحزام الدائري 170 مركبة تطبيقات ذكية جديدة في الربع الأول من العام محافظة يكشف تفاصيل التوجيهي الالكتروني .. واختبار الجامعة بـ4 مواد فقط أورنج الأردن ووزارة الصحة تحتفيان بدور الإبداع والابتكار في القطاع الصحي في ملتقى الابتكار
بحث
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024


مفارقات في فهمنا للدين !

بقلم : د. علي المستريحي
29-12-2016 03:14 PM

كثيرا ما تستوقفني بعص المفارقات التي تعبر عن قصور فهمنا للدين ومعنى وجوده في حياتنا وطريقة نقله لمن حولنا ومنهم وأهمهم أطفالنا .. الأم التي تسرد لطفلها قصة حاتم، ذلك الشاب الذي اقترف المعاصي ثم تاب ولم يعد يقطع فرضا حتى مات وهو ساجد يصلي، فدخل الجنة .. تلك هي نهاية سعيدة بتقدير الأم، لكنها رسالة للطفل تتضمن بأعماقها أن النهايات السعيدة لا تكون الا بالموت، فيفهم الطفل أن جائزة الالتزام بالدين هي الموت .. هو ربط غريب بين المتغيرين يحمله الطفل حيثما يكبر، يعمل كمتسلل خفي يظهر على شكل سلوك ثم نمط حياة ! وهنا أتساءل: لماذا لا تتدخل الأم بوعي لتنهي قصة حاتم بما فعله بعد تركه للمعاصي وانعكس ايجابا على سلوكه من عمل للخير ومساعدة للناس وقول للحق واسهام بخدمة مجتمعه وبناء وطنه؟ أليست هذه أيضا نهاية سعيدة تدخل حاتما، البطل صاحب القصة، الجنة ؟!

في أحد الجمع التموزية الحارقة، وقف خطيب المسجد مجلجلا مرعدا متوعدا ومذكرا المصلين بأن يعقدوا مقارنة يتلمسون فيها الفارق الكبير بين جو المسجد الحار بسبب توقف أجهزة التكييف عن العمل ونار جهنم الحارقة، بينما يجلس المصلون مشدوهين يسألون أنفسهم: هل من ذنب اقترفناه؟! بعدها، لم يجد أحد المصلين بعد انتهاء الخطبة العصماء بدا من سؤال الخطيب: 'ماذا لو سعيت بأصلاح أجهزة التكييف لينعم المصلون بما يذكرهم بنسيم الجنة؟!'

تلك هي يا سادة مفارقات نتجت عن الفهم الخاطئ لما يعني الدين لنا وكيف نحمله في عقولنا وكيف ينعكس بما نقول ونفعل. وبهذا السياق ثمة أسئلة أخرى تدور برأسي: لماذا يكثر الأئمة وخطباء المساجد الدعاء على 'الكفار' بأن 'يحصهم عددا ويقتلهم بددا ولا يغادر منهم أحدا ويجعلهم عبرة للمعتبرين وحصيداً خامدين وشماتة للشامتين ويجمّد الدم في عروقهم وييبّس أوصالهم وييتم أطفالهم ويرمل نسائهم وينزل بهم عاجل نقمته' بدل أن يكثروا من الدعاء لهم بالصلاح والهداية ولأمة الاسلام بصلاح الحال لتكون أفضل وأقوى ؟ ما يخطر ببالي أحيانا أننا معنيون بخراب ديارهم أكثر مما نحن معنيون باصلاح حالنا ! هي ترسيخ لثقافة التسليم والخنوع وفقد الرغبة بالاصلاح والتطوير، وبذات الوقت نطلب أكلنا ليأتي الينا معلبا دون أقل مجهود وبطريقة أهل عيسى عليه السلام من غامض علم رب السماء !! ثم، أليس من المنطق أن نسأل أنفسنا بعد أجيال من الدعاء على الكفار، هل حقا تحسّن حالنا ؟ وهل حقا دمرت بلاد الكافرين ؟ ذلك –كما نراه- هو المقياس الحقيقي، والجواب هو برهان دامغ يدلل على أننا نحتاج لأن نعمل ونبني وننهض بأنفسنا أكثر من مجرد الدعوة على الظالمين وجعلهم عبرة للمعتبرين بخطب الجمعة ..!

الدين يا سادة لم يأت ليميت الناس بل ليحييهم ويحررهم ويعتقهم .. ومفهوم الجهاد بالدين هو وسيلة لا غاية، والأصل فيه الحياة لا الموت. فمن الأخطاء الادراكية التي نلمسها اليوم هو تمني البعض أن يموت مجاهدا أشعثا أو مصليا ساجدا أو حاجا طائفا ! مقابل أن يجاهد ويصلي ويحج و .. يعيش أيضا. ما المانع للناس أن تكون لهم الفرصة للعيش بعد الجهاد والصلاة والحج كي يستمروا بالعطاء والتضحية وتأدية الزكاة واشاعة المعروف وعمل الخير واغاثة الملهوف والنهي عن المنكر والمساهمة ببناء المجتمع؟ وهل لسعيهم للموت بقصد الموت 'وحده' فائدة لغيرهم من الناس أو للدين حتى؟ شتان بين هذا الفهم وذاك.

حقا نحن اليوم بأمس الحاجة للعودة للأصول ومراجعة ادراكنا وفهمنا للدين بكثير من جوانبه. فأصل الدين الترغيب لا الترهيب. دليلنا هو عقد مقارنة بين نسبة 'الترغيب' في افتاءات الرسول (عليه السلام) ونسبة 'الترهيب' في افتاءات بعض مشايخنا، سنجدها حتما كبيرة بالحالتين !! بل وأكثر من ذلك، فنحن بحاجة الى مراجعة موروثنا الديني برمته لتنقيته مما علق به من الشوائب بمرور الزمن وازالة الكثير مما أضيف لهذا الموروث من التشويه وهو بريء منه. هي أيضا دعوة لدعاة التنوير الفكري وأئمة المساجد وأساتذة الشريعة بالمدارس والجامعات أن يضطلعوا بمسؤولياتهم بتوعية النشء وترسيخ القيم السمحة للدين والعقيدة لديهم. فالدين جميل والحياة جميلة أيضا ! والدين والحياة مكملان لبعضهما البعض، يدعّم أحدهما الآخر، وليسوا بديلبن متنافربن متضادبن لا يمكنهما العيش معا تحت سقف واحد ! هي فقط دعوة صادقة لأصحاب الدعوة بعالمنا العربي والاسلامي للتأمل بما نراه هنا .. علنا ننهض مجددا رافعين رأسنا بين الأمم !

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012