أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024


الإنتحار...لماذا؟

بقلم : جمال الدويري
05-03-2017 05:06 PM

نجرّمه ولا نبحث بأسبابه, يستوقفنا لحيظات ولا يسترعي انتباه عمقنا ووعينا الأبعد, يستفزنا ولا يستنهض هممنا البحثية المنقّبة عما وراءه, يعالجه الأمن بمحاولة استدراك التنفيذ وردع الناوي عليه عنه, ولكنه لا يحرك مؤسساتنا الوطنية وحكوماتنا لاستنباط الدروس والوقوف على الأسباب والدوافع والبيئة الموصلة اليه, وإدراك خطورة هذا الفعل بإيذاء النفس على المجتمع بأسره, ووضع حلول جذريه لمسببات الانتحار والدوافع اليه.

الأرقام بارتفاع مخيف, وتكرر حالات الإنتحار, بمنظومة متواترة, أصبحت نذير شؤم وناقوس خطر, لما الت اليه الأحوال العامة وتراكم الدوافع للقنوط والإحباط وانسداد الأفق, وخلو النفق المعتم من بصيص أمل او رفيف ذبالة شمعة تدفع للطموح والاعتقاد بغد أفضل ومستقبل أكثر وعدا.

الحياة هبة الله, وهي مقدسة لا يجوز التعدي عليها ولا تبرير ازهاق الروح التي حرم الله الا بالحق, ولا فرق هنا بين الحياة الذاتية او حياة الآخرين, والإنتحار, اي إزهاق الروح الذاتية, هو اعتداء على حد من حدود الله, الا وهو واجب الحفاظ على الحياة,
ولكن وصول الإنسان المؤمن العاقل, ولأي سبب من الأسباب, الى الطريق المسدود وفقدان المبرر للتمسك بالحياة, حتى يقدم على الموت الطوعي, لا بد ان يكون جرس انذار مبكر وعالي, للبحث والتنقيب والوقوف على الدوافع والأسباب, وتكليف المختصين من نفسيين وبحثيين وقانونيين وشرعيين وسياسيين, لوضع قاعدة بيانات علمية وموضوعية تتكئ على دراسات مجتمعية عملية واستطلاعات للرأي والشرائح المهددة, توضع أمام خبراء من كافة أجهزة الدولة, تمكنهم من القيام بوضع آليات عملية محددة وقابلة للتطبيق, لحماية الحياة, ورفع سوية الصحة النفسية العامة, وبث الأمل بالنفوس, وتطمين العامة على المستقبل والغد.

وسوف أتجنب هنا شرح الأسباب الممكنة للأوضاع العامة التي تسوق الى القنوط والانتحار, لعدم الاختصاص والتمكن, ولن أتطرق لمشاريع حلول او معالجة, ايضا لأن هناك من هم أكثر مني تمكنا وخبرة ومهنية, ولكنني وكثيرون, نعتقد بكثير من الجزم, أن ضعف الوازع الديني, وتفكك اللحمة الإجتماعية ووهن الوشائج الأسرية, والإنزياح الديموغرافي القسري والاختلاط غير الطوعي ايضا بمخلفات الحروب والصراعات والجريمة خلف الحدودية, اضافة للوضع الإقتصادي الصعب وغير المسبوق والمستديم, ثم الخوف الدائم من الغد وعليه, هي ربما من أكثر الأسباب الدافعة الى الإنتحار والخروج من الحياة, بل وعصيان الله بعدم المحافظة على الروح والأمانة الربانية.

ولا أدري ان كان هناك احصائيات موثقة تبين بعد او قرب حالات الانتحار او التهديد به, من شكل الظاهرة العامة, أم أنها ما زالت بنطاقات حسابية تتناسب والأرقام الطبيعية نسبيا مع مجتمعنا المحافظ أصلا والرافض لفكرة الانتحار والإقدام عليه, لأسباب عقدية ايمانية وأخرى موروثة مستنكرة لهذا الفعل الشنيع.

وأيا كان الحال, فلا بد لأجهزة الدولة المختصة وجامعاتنا ومعاهدنا البحثية الاستراتيجية, من القيام فورا, بواجبها الوطني الملحّ, بالبحث والتقصي ووصف الحال ومن ثم وضع الحلول والعلاج واستدراك التدهور ومنعه.

جمال الدويري

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012