أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024


مرحلة الانتظار في عمر حكومة الرزاز

بقلم : د .عبدالحميد المجالي
25-06-2018 01:24 AM


لم يبق سوى اسابيع قليلة قبل ان تحصل الحكومة الجديدة برئاسة الرزاز على الرخصة الدستورية، وهي ثقة مجلس النواب، للبدء في مشوارها المرهق والحساس الذي تقف فيه على مسرح في الهواء الطلق امام الرأي العام، لتنفيذ تعهداتها للشعب، ومواجهة مطالب اخرى ستطرأ بالضرورة وفقا لمقتضيات العمل والظروف. فمسألة ثقة مجلس النواب للحكومة تبدو غير صعبة رغم بعض حالات الاشتباك معها من قبل بعض النواب لاسباب مختلفة. فمعظم النواب يرون ان منح الثقة للحكومة اي حكومة يعتبر واجبا وطنيا يحول دون دخول الوطن في ازمة سياسية هو في غنى عنها في ظروف اقليمية وداخلية حساسة وصعبة. غير ان الرأي العام الذي يرى في نفسه قوة سياسية واجتماعية وطنية يجب ان يحسب حسابها في المعادلة الوطنية، لا يرى ما يراه النواب. فهو يتكئ على حسابات مختلفة تحدد رؤيته ومواقفه من الحكومات عموما. ومن اهم قواعد هذه الحسابات انه يريد حلولا عملية لمشكلات مزمنة تؤثر على حياته اليومية منذ عقود دون ان يأخذ بالحسبان قدرات اي حكومة ومدى استطاعتها تنفيذ مطالبه التي يحتاج حلها الى ظروف وامكانات افضل واكبر مما هو متوفر بين يدي الحكومات الاردنية عموما.
وفي الحقيقة فإن الرأي العام الاردني بات في السنوات الاخيرة اكثر حساسية تجاه الحكومات. فتجربته معها ليست مريحة وسهلة بحيث تعطيه الفرصة للتعايش المرن مع اي حكومة. وبالتالي اعطاؤها رخصة التأييد والموافقة سواء حول كيفية تشكيلها او في مراحل عملها اللاحقة.
ولهذا ينقسم الرأي العام الاردني حاليا على نفسه تجاه حكومة الرزاز. فمنهم من يريد او يتفق مع الرأي القائل بضرورة منح الحكومة فرصة للحكم على افعالها. ومنهم من يرفض الحكومة بمجملها مبررا ذلك ببعض الملاحظات على تشكيلها وشخوصها، مؤكدا انها بهذا التشكيل ليست قادرة عل التصدي للمشكلات والتحديات الكبيرة التي تواجه الوطن والشعب.
وللانصاف فإن رئيس الحكومة قد ابدى عموما حتى الان نوايا حسنة تجاه حل بعض المشكلات التي تواجه المواطن، ومنها المنظومة الضريبية ونظام الخدمة المدنية ومرضى السرطان وغيرها من المشكلات التي تعطي الحكومة وجها اكثر قبولا من الحكومة السابقة، وان كانت هذه المشكلات مجرد مشكلات يومية وليست استراتيجية من النوع الذي عمق الازمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد طوال العقود الماضية.
ويرد رئيس الوزراء على هذا القول، بأن الحكومة تسعى لصياغة عقد اجتماعي طويل الامد مع الشعب يقوم على الاخذ والعطاء المتبادلين. كما تسعى لصياغة مشروع نهضة وطني يكون مقدمة او خطوطا رئيسية لدخول الوطن مرحلة اخرى في حياته اليومية والمستقبلية. وعلى الرغم من هذا الطرح الطموح الا انه ليس واضحا حتى الان، فكلاهما ـ العقد الاجتماعي والمشروع النهضوي ـ يحتاج الى وقت طويل لصياغته والبدء بتنفيذه ـ هذا اذا لم تكن الظروف والوقائع تقف حاجزا منيعا امامهما ــ كما تحتاجان الى امكانات مادية وارادة وطنية شاملة لتنفيذهما او على الاقل الوقوف وراءهما دعما ومساندة.
وبغض النظر عن الوعود والطموحات، فالحكومة ستسير خلال الايام والاسابيع القادمة وربما طوال ايام بقائها على خيط رفيع أوهن من بيت العنكبوت. فظروف الاردن بكل مساربها ومساراتها لا تسمح بترف اللامبالاة او اتخاذ القرارات غير المحسوبة بعناية ودقة. فقد مارست الحكومة السابقة هذا السلوك، وكانت موضع رفض وعدم قبول من الجميع. ولا نظن ان الحكومة الحالية لن تتعلم من هذا الدرس الصعب وعواقبه. فالوطن اقترب من ان يستنفد كل خياراته في مواجهة ظروف تحكمت في حياته اليومية وحددت بعض خطوط مستقبله. ولعل حكومة الرزاز تعي بجدية بالغة سواء في مرحلة الانتظار التي تعيشها حاليا او في مراحلها القادمة مدى حساسية هذه الظروف وخطورتها على الوضع الداخلي وحضور الاردن الضروري على مستوى الاقليم والعالم. الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012