أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


اتهامات باطلة للطاقة المتجددة ..بقلم د. أيوب أبو دية

بقلم : د.أيوب أبو دية
24-07-2018 09:59 AM

من اللافت في مقالة نشرت بعنوان 'نحو إستراتيجية متكاملة لمصادر الطاقة النظيفة في الأردن' منشورة في جريدة الراي يوم الثلاثاء 10/7/2018 بقلم مفوض المفاعلات النووية في هيئة الطاقة الذرية الأردنية أن بعض الباحثين ما زالوا على غير دراية بالدراسات التي تنشر في العالم حول تهجين مصادر الطاقة المختلفة وبخاصة تلك التي نشرتها مجلة Agora الشهيرة في مطلع عام 2013 حول الخيارات المتاحة في ألمانيا للمفاضلة بين نمطين من التهجين: الأول باستخدام الطاقة النووية مع الطاقة المتجددة (الشمس والرياح) والثاني هو اعتماد الغاز كمصدر أساس ويتم تهجينه مع طاقتي الشمس والرياح معاً. وعلى عكس ما يقول صاحب المقال أن هناك اعتقادا مغلوطا حول استقلالية الطاقة المتجددة فليس من أحد اليوم يعتقد أنه في الوقت الحالي لا يمكن أن تتزاوج الطاقة المتجددة مع مصادر أخرى للطاقة والدليل هو الأبحاث التي تمت في هذا المجال والذي يبدو أن المفوض لم يطلع على المستجد منها بعد، ومن هنا تأتي أهمية هذا التوضيح وضرورته.
جاءت التحليلات الألمانية التي نشرت بالألمانية عام 2012 وترجمت إلى الإنجليزية عام 2013 لتثبت أن استخدام هذين النمطين من توليد الكهرباء: الأول الذي يعمل على الطاقة النووية والغاز لتوليد 8760 غيغاواط. ساعة من الكهرباء، وقد كان يكلف في عام 2012 ما يعادل 857 مليون يورو، بينما النظام المماثل الذي يعتمد على الغاز وطاقة الشمس وطاقة الرياح معاً تبلغ تكلفته 679 مليون يورو لتوليد الكمية نفسها من الطاقة الكهربائية؛ أي أن النظام الذي يعمل على الغاز والطاقة المتجددة تكلفته أقل بـ 21% على الأقل من النظام الأول.

وإذا طبقت هذه المقارنة على الأردن كما جاء في بحث نشرته مؤسسة فريدريش ايبرت ستيفنغ الألمانية في عام 2016 فإن النظام الثاني سوف يكون أقل تكلفة بـ 28% قياساً لارتفاع شدة الإشعاع الشمسي في الأردن مقارنة بألمانيا، ومن المتوقع أن يتسع الفارق أكثر بمرور الزمن بحيث لن تغدو المقارنة ممكنة.

كذلك يبدو أن الباحث المفوض في هيئة الطاقة الذرية قد غفل عن أن إستراتيجية الطاقة الوطنية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كميات الغاز الهائلة التي سوف يتم استيرادها من البحر المتوسط والتي تعاقدت عليها الحكومة الأردنية لمدة خمسة عشر عاماً بدءَاً من عام 2020، إذ يبدو أنه قد وقع في تناقض بين رغبته الجامحة في بناء المفاعلات النووية بأي ثمن وبين متطلبات استدامة السلام في المنطقة الذي التزمت به الحكومة، فكيف يمكنك التوفيق بين هذا وذاك؟

وفيما دخل المفوض في تفصيلات لا لزوم لها حول أنظمة تخزين الطاقة المتجددة وتكلفة استنزاف البطاريات وما إلى ذلك من تعقيدات غير ضرورية في هذه الأنظمة الحديثة الذكية لتوليد الكهرباء وإدارتها، فمن الواضح أن هناك خلطا وسوء تقدير ناجم عن عدم تخصصه في هذا المجال، وبخاصة فيما يتعلق بطبيعة عمل هذا النظام المتكامل القائم على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والغاز ومحطات الصخر الزيتي الحرارية معاً حيث إن النظام في شموليته يستوعب كل ما ينتج عن الطاقة المتجددة ولا يستثني منه شيئاً وليس بحاجة إلى تخزين على الإطلاق بل في الحقيقة فإن تغطية حالات انقطاع شدة الإشعاع الشمسي في الليل إنما يتم تعويضه بإنتاج الرياح التي تشتد في العادة بعد غياب الشمس؛ لذلك أغفل المفوض المحترم دمج النظام الهجين للطاقة المتجددة نفسها قبل دمجها بمصادر أخرى للطاقة؛ فعندما ندمج طاقتا الشمس والرياح فغالبا ما تكون الرياح على أشد قدر عندما تغيب الشمس، وحالة ألمانيا في مطلع هذا العام 2018 (وكذلك الدنمارك)، تشهد على ذلك حينما أنتجت ألمانيا عند الساعة السادسة صباحاً في اليوم الأول من هذا العام ومن دون الاستعانة بطاقة الشمس بل بالرياح فقط التي ولدت 85% من حاجة المانيا في تلك اللحظة إلى الطاقة وتم تغطية الباقي من الطاقة الكهرومائية عبر برنامج ذكي بصورة آلية.

لذلك يمكننا القول إن هناك نظاماً هجيناً ذكياً متطوراً أمكن تطويره في السنوات الأخيرة، أما إذا كان هناك تقصير في الإنتاج في لحظات ما، فيتم سده بإنتاج الغاز بطريقتين: الأولى بطريقة الدورة المركبة والثانية بطريقة الدورة المفتوحة التي تستجيب سريعاً جداً للنقص المفاجئ في الطاقة المتجددة بحيث تغطي الحمل المطلوب؛ لذا نرجو فهم طبيعة هذه الأنظمة من غير المتخصصين في هذا المجال حيث لم تعد الأنظمة تحتاج إلى تخزين أو إلى أي من الإشكاليات التي حاول إظهارها صاحب المقالة لبيان قصور الطاقة المتجددة عن العمل إلا بصحبة الطاقة النووية؛ وهذا خطأ علمي ومواربة عن الحقيقة.

إنما يمكن القول إن إيجابية هذه المقال تكمن في السطور الأخيرة حيث يعترف المفوض أن العمليات المتعلقة بالإنتاج الهجين ما زالت قيد التطوير ... نعم هذا الكلام سليم ولذلك فمن المبكر القول بالنتائج الحتمية لهذا الاندماج وهذا التهجين لغاية انتهاء التجريب والتطوير وتحسين أمان المفاعلات الصغيرة التي أشار إليها المفوض في مقالته، وأيضاً عندما يتم إنجاز الدراسات الاقتصادية الضرورية لتقييم التكلفة التي من الواضح أن التقارير العالمية تشير إلى ارتفاع تكلفتها مقارنة بمصادر التوليد الأخرى كما دلت عليه تجربة الصين في شاندونغ وكما دلت عليه تقارير شركة أتكنز حول المفاعلات النووية الصغيرة التي نشرت بين عامين 2014 - 2016.

وأخيراً، نتساءل حول مدى استدامة أنظمة الطاقة النووية في علاقتها الهجينة مع الطاقة المتجددة! بمعنى أنه طالما تؤخذ احتمالات انقطاع الكهرباء المولدة من الشمس أو الرياح لماذا لا تؤخذ أيضاً احتمالات توقف الطاقة النووية عن العمل إما لأسباب فنية أو لأسباب تبديل الوقود النووي أو هجوم سايبر الكتروني أو لانقطاع الوقود المخصب أو لأسباب أمنية أخرى؛ فماذا سوف يحدث عند ذلك؟ ومن أين سيتم تعويض هذا الحمل على الشبكة الكهربائية؟ ألا يعني ذلك أننا سنكون بحاجة أيضاً إلى محطات تقليدية تعمل على الدورات المركبة لتغطية هذا الحمل الذي انقطع بشكل مباشر ويحتاج إلى أيام وربما أسابيع لإعادة تشغيله؟ ولدينا تجارب كثيرة من مفاعلات انقطعت عن العمل لأشهر متتالية ومنها مفاعل كودن كولام في الهند الذي بدأ يعمل عام 2013 ولكنه انقطع بنسبة 50% خلال الفترة الواقعة بين 2013 – 2017، وأيضاً المفاعلات الروسية الذي انقطعت عن العمل في مفاعلات لينغراد وفولغودتسك وغيرهما. إذا، يجب أن نحسب أيضاً التكلفة الاقتصادية الكبيرة المترتبة على توفير محطات حرارية ضخمة بحيث تكون على أهبة الاستعداد للتعويض عن قصور الطاقة النووية في هكذا أحوال؟ ألن تكون عند ذاك تكلفة هذه الأنظمة المهجنة مع الطاقة النووية خيالية فوق التصور؟ هذه كلها احتمالات يجب أخذها بعين الاعتبار إذا كان الإنسان واقعياً مهتما بمصلحة بلده واستقرارها الاقتصادي وامنها المجتمعي.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-07-2018 11:58 AM

للعلم فانني طالبت بحقي في الرد وارسلت المقال للراي منذ اسبوعين ولم تتم الاستجابة بالنشر عملا بسياسة الراي الواحد لدى ادارة الجريدة. أرجو من دولة عمر الرزاز العلم بما يجري في الصحافة وكيف يضيقون على المعارضين للمشروع النووي.. وشكرا لكل الأردن على هذا المتنفس الوطني.

2) تعليق بواسطة :
24-07-2018 02:14 PM

ان اختيار أي نظيم لتوليد الطاقة يتم عبر الاخذ بعين الاعتبار قدرات البلد المعني من حيث توفر القدرات التصنيعية والعلمية والمالية وحجم سوق الطاقة ووجود المواد الأولية في البلد او قربها منه
وفي حالة الأردن فما هو امن ومتاح
1. الطاقة الشمسية
2. طاقة الرياح
3. الصخر الزيتي
4. الغاز الطبيعي

3) تعليق بواسطة :
24-07-2018 09:44 PM

If countries like Sweden, UK, Scotland, Nicaragua, Uruguay and germany are going 80to 100% renewables by 2050, then what stops Jordan from achieving that too? Yes

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012