أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024


كيف تحولنا إلى دكتور جيكل ومستر هايد!

بقلم : علي سعادة
18-10-2018 04:59 AM

نحن شعب غريب عجيب، يقيم الدنيا ولا يقعدها على حفل شبابي، نتفق أنه نزق ولا يتناسب مع مبادئنا وقيمنا، لكننا حين نخوض في موضوع الفساد نتحدث عنه بطرافة وبنكت سمجة، وننتقد ونوجه سهامنا الحادة لمن نشعر أنه لن يؤذينا أو يضرنا ولا يغضب أبناء عمومته منا، ولا يعرض مصالحنا للخطر.
نتخندق، ونرتدي الخوذات والدروع الواقية، وننفث بكل الكلام القذر الذي يمس كل القيم والتقاليد والمقدسات في مواجهة جمهور الفريق الآخر لكرة القدم، لكننا حين نخوض في التعيينات العبثية والتنفيعات في المناصب القيادية والتشكيلة الوزارية، نتقمص شخصية مزدوجة، ضاربة في عمق الشيزوفرينيا، نستنسخ شخصية دكتور جيكل ومستر هايد. ولا ننسى أن نهنئ، في البوست التالي، ابن العم، الصديق، ابن العائلة، ابن العشيرة، ابن الحارة، بالمنصب الجديد، فبه تزهو المناصب، وأخيرا الرجل المناسب في المكان المناسب، وهو من أعطى للكرسي بريقه ونكهته وقيمته.
نلوذ بالصمت الرهيب، وتطل من رؤوسنا الظنون، حين تصيغ الحكومة قوانين غير عادلة وغير ديمقراطية أبدا، وتقدمها للسلطة التشريعية لإقرارها، وتطبيقها فيما بعد بانتقائية عجيبة، وفق المزاج العام للحكومة ونظرتها للشخص أو الجهة المعنية، قوانين توضع على الرف وتستخدم عند الحاجة الماسة لها وليس لترسيخ دولة القانون.
في المقابل نستحضر كل وسائلنا في التشنيع والطعن والإساءة، ولا نتسامح مع بوست كتبه أحدهم أو كتبته إحداهن بحسن نية، أو حتى بسوء نية، نجر صاحب الاجتهاد، أو الرأي، أو الخطيئة، سمها ما شئت، إلى مهاوي الردى، ونحمل روحه عـلى راحتنا ونلقي بها في الدرك الأسفل من النار، ونسحله على طرقات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
نتسامح مع الصحف التي تشتمنا، ونواصل قراءتها والاشتراك بها ونشر إعلاناتنا عبر صفحاتها، ونغفر لمجلس النواب هوانه وضعفه وقلة إرداته والذي يؤلب الحكومة علينا ويحرضها على جلدنا بالسوط والصوت واللعنات، وبالهمس وباللمس وبالضرائب.
لكننا حين، يقع حادث مررو مروع أو طفل يبيع على الإشارة ، أو مسؤول مع عائلته، أو شاب منفرد يقول كلمة مستفزة، أو يحمل شعارا يمس قطاع من الشعب، نتحول إلى حملان وديعة وإلى حراس للقيم وللوطن، فسللتم سيوفكم وخناجركم وتنافختم بنشر الصور والفيديوهات، فلا نترك أمرا أو شأنا يخصه إلا وخضنا فيه، حتى عرضه وأمانته وشرفه وعائلته، وكأننا نحن الغارقون بالخطيئة وبالإثم وبالروث أفضل منه.
وهناك على هامش كل ما ذكر، أناس لا يفقهون قولا، إمعات، لا يعرفون سوى التعليق والمشاركة ووضع اللايكات على مواقع التواصل الاجتماعي، دون أن يفكروا ولا حتى للحظة واحدة بصدق ما كتب أو نشر أو بمدى صحته، فهم «كالأنعام بل هم أضل سبيلا»، لا يعرفون انهم «سَيُسألون» عما كتبوا، وما قالوا، وما شاركوا به.
في رواية ثقة:
عندما حاصرت قريش بيت النبي الكريم ليلة الهجرة لتقتله!
اقترح أحد الأعراب على عمرو بن هشام أن يدخلوا البيت عبر القفز من فوق الأسوار، فرد عليه الرجل صائحا:
- وتقول العرب تسورت قريش بيت محمد وانتهكت ستر بناته!! قبح الله من لا ذمة له.
حتى قريش التي قاتلت المسلمين كانت تقدس حرمة البيوت. السبيل

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012