أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
المعايطة: جداول الناخبين ستصدر الأسبوع القادم الحوثيون: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أميركية 3 وفيات جراء حادث سير مروع بوادي موسى الملك يتلقى اتصالين من رئيس التشيك ورئيس وزراء هولندا 2.27 مليون إجمالي عدد طلبة المدارس في المملكة قانون التنمية لسنة 2024 يدخل حيز التنفيذ وفاة و6 إصابات بحادثي سير في عمان الملك يستقبل وزير الخارجية والدفاع الإيرلندي قرارات مجلس الوزراء - تفاصيل أورنج الأردن وأوريدو فلسطين تجددان شراكتهما الاستراتيجية لتقديم خدمات الاتصال والتجوال الدولي للزبائن إنفاذاً لتوجيهات الملك.. رئيس الوزراء يوعز إلى جميع الوزارات والجهات الحكوميَّة بتقديم كلِّ الدَّعم والممكِّنات للهيئة المستقلَّة للانتخاب لإجراء الانتخابات النيَّابية مستقلة الانتخاب تحدد الثلاثاء 10 ايلول القادم موعدا للانتخابات النيابية ذروة الكتلة الحارة الخماسينية بالأردن يوم الخميس مشاريع مائية في اربد بقيمة 23 مليون يورو 6 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة لليوم 201 للحرب
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


من أجل ذلك يا سادة عشق الأردنيون وصفي

بقلم : د . موسى الرحامنة
28-11-2018 11:59 AM

تمرُ الذكرى السابعة والأربعون لإستشهاد وصفي التل، الذي جسَّد حالةً وطنية إستثنائية فريدة، وصفي الذي تغلغلَ في تفاصيل الذاكرة الأردنية، فما غابَ عنها أبداً، رغمَ غيابه قسراً عن مناهج طفولتنا، فاستحق أن يكون سطراً جميلاً من سطور موروثنا الشعبي النقي الصادق.
وبرغمِ أَنّي حينَ غادر هذا السيفُ قرابَه، لمْ أكنْ قد جاوزتُ الرابعةَ من عمري، لكنَّ ذاكرةَ الطفولةِ لم تزلْ تنبضُ بصورةِ الشَّهيد التي أولاها الأردنيون قِسطاً وافراً من الإهتمام، حين تَشبَّثوا بها وأَودَعوها صدورَ بيوتِهم ومجالسهم، ولم أكن أدركُ حينها من هو هذا الذي قد أفرط الأردنيون وأسرفوا في عشقه، إلى الدرجة التي معها عَجَّت بيوتُهم بصورته التي لا تكاد تُشبِهها سِوى صورة القدِّيس أو الثائر .
وتمرُ السنون، لأدرك بعدها سرَّ هذا العشق الطوفانيِّ الأردني لرجلٍ شارك الأردنيين فقرَهم وجوعَهم، حزنَهم وفرحَهم، فعشقه الفلاحون وقد رأوا المنجل يبدع في يده حصَّاداً مُحترفاً، يُغازل السنابلَ، ويشارك الحصَّادين حُداءَ المواسم، ويزور الناسَ في مضاربِهم وقراهم، ويدعوهم إلى الإلتصاق بالأرض وزراعتها وفلاحتها، فهو الذي عشق الخضرةَ ونتاج الأرض الذي يكفينا سؤال الغير، وقد تأجَّجتْ في روحه وراقت له فلسفة ' أحمل محراثك وأتبعني' والتي أيقظ فيها المهاتما غاندي شعباً من رقاده فراح يأكل مما يزرع .
عشقه الأردنيون، فهو الذي لم يتحصَّن في بيت شامخ الأسوار، ولم تخطفه نشوة السلطة من أبناء جلدته، بل ظل القريب من هواجسهم، العارف بشؤونهم وشجونهم، بيته كان مزاراً أردنياً عامراً بالخُطّار والزوّار، لم يفزعْ لبريقِ سلطة، ولم يكن أسيراً للألقاب والمراتب والمناقب، لقد كان منفتحاً على الناس، وفي متناول كل أردني إنتابته مظلمة، أو ألمّتْ به ضائقة، فأفرد يوم الاثنين من كل أسبوع للقاء المواطنين والإستماع الى همومهم وشواغلهم .
عشقه الأردنيون، حين كان جندياً محارباً يتهيأ لحروب التحرير بالبندقية والكلمة، ولم يسمح لمزاودٍ أو مُدَّعٍ أن ينافسه في حب قضيته الاولى، يوم أنخرط في بواكير صباه في معسكرات التدريب جندياً آمن أن أكتافه ما خُلقت إلا لحملِ البندقية.
عشقه الأردنيون، لأنه كان صديقاً صدوقاً صادق الوعد منصفاً، فما خفر عهداً، ولا بدَّل وداً ولا فضّل شمالياً على جنوبي ولا شرقياً على غربي، الأردن بيته، والأردنيون أسرته، فلم يكن سمساراً ولا تاجر تجزئة .
عشقه الأردنيون، إذْ في عهده لا خصخصة ولا لصلصة، ولا حاميها حراميها، ولم يكن طبيباً يداوي الناس وهو عليل، فلا قصور ولا مزارع، ولا شركات ولا إستثمارات، بل عفَّ وتسامى، حتى رفع الله قدره، وجعله كبيراً في عيون الأردنيين .
عشقه الأردنيون، وهو إبن عرار قريحة الأردنيين بلا منازع، الذي كان مشاغباً على الدولة السلطة لا على الدولة الوطن، فكان جزاؤه السجن والمنفى، لا لفسادٍ تلوّثت به يده وذمته، بل لأنه كان يجاهر بحبه لوطنٍ وقف فيه بالمرصاد لكل فاسدٍ وعُتلٍّ زنيم .
عشقه الاردنيون، يوم ذهب غاضباً ومحتجاً على إعتقال أبيه، فيُلقى به الى جانبه خلف القضبان، فينبري عرار بقصيدة تصف تلك الليلة ووصفي الى جانبه حين هبَّ يُغدقُ على أبيه من سَجَائِره بلا كُلفة . وقد تنبأ عرار الشاعر الثائر المشاغب، بأن وصفي هو مشروع نهضة، لكنه مشروعٌ محفوفٌ بالمخاطر والأهوال، وقد عبرّ ذات مرة عن مخاوفه مخاطباً أبنه بأن درب الحر كدرب وصفي غير مأمونة .
عشقه الأردنيون، لأنه العروبي الذي كان يبغض القُطريّة المُنخنقة المشوَّهة، فقد وُلد في شمال العراق، وعاش في الأردن وفلسطين، ومات في القاهرة، ولكنه لم يَمُتْ كما تموت البَعارين، بل مات شهيداً، ولم يزل حياً ينبض فينا، نكفِّنه ونشيِّعه في كل عام، ونفخر بأننا بلدٌ قدّم ملكين هاشميين ورئيسين من رؤساء الوزارة شهداء في سبيل الله والأمة.
عشقه الأرنيون، يوم جاهر بالإستعداد للتضحية فقال بنبرته الأردنية المعهودة : ' بِدكُمْ وطن بدون ما نضحِّي من أجله هزاع ضحّى قُدّامي وأنا كمان راح أضحّي ' .
من أجل ذلك يا سادة، عشق الأردنيون وصفي.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
29-11-2018 05:45 AM

تعبير في غايه الروعه. حمدا لله ان وصفي منا ونحن منه.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012