أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


حامد العبادي يكتب:ذكريات من سنوات المدرسة " 6 ".. أخي : "الشاويش ضربني بالقايش على ظهري فخرجت اللقمة من فمي"

بقلم : حامد العبادي
01-04-2019 02:53 PM

في العادة يؤجل الأهل رحيلهم من يرقا الى الغور الى مطلع تشرين أول مع أن المدارس تفتح أبوابها للعام الدراسي مطلع أيلول والسبب هو حرارة الجو التي تبدأ تخف مع اواخر أيلول ' ايلول طرفه مبلول ' ومطلع ' شهر 10 ' .
كان علينا أنا وشقيقي الأكبر محمد ان نذهب مع زملائنا صباحا من يرقا الى مدرستنا ' الشونة الجنوبية الثانوية ' ونعود عصرا الى يرقا عن طريق المواصلات التي نجدها بعد مسير نحو 4 كلم على الاقدام الى الطريق العام السلط – الشونة الجنوبية .
الأجرة كانت 20 فلسا للطالب الواحد والعودة مثلها ووجبة الغداء ساندويشة ب 10 فلسات من مطعم أبو ابراهيم وهذا يعني ان الكلفة اليومية المترتبة على والدي يرحمه الله هي 100 فلس ' 10 قروش ' .
ومن هنا وتلافيا لهذا المبلغ استأجر أخي غرفة في السكنة لمالكها حسن جراد يرحمه الله ،والغرفة مبنية من الطين لها باب بدون باب ، لها شباك بدون
شباك ،احضرنا ملفين من بيت اهلي في يرقا' الملف مجموعة قطع من القماش الناعم مخاطة لتنتهي بشكل حرام ' كان الملف فراشا وغطاء مع مخدة لكل منا ، مع وجود ضو ' فنيار' لنتمكن من حل وظائفنا المدرسية .
احضرنا 3 من الاحجار وضعناها في الغرفة على شكل مثلث ونأتي بالحطب فنشعل النار داخل الغرفة اما لاعداد وجبة الطعام 'قلاية بندورة او مقالي بطاطا ' وايضا لاعداد الشاي المشروب الذي دخل في جيناتنا لانه مع الخبز كان يشكل وجبة افطارنا الصباحية .
أما لماذا احضرنا الحجارة فهو لعدم وجود ' مركب ' والمركب هو مثلث من الحديد الرفيع بثلاث ارجل تضعه فوق النار لتضع عليه ابريق الشاي او القلاية عند الطبخ .أما اجرة الغرفة فكانت 300 فلس' 30 قرشا ' في الشهر.
واستفدنا من الغرفة عدا التوفير المادي هو استثمار الوقت في الدراسة بدلا من انتظار المواصلات من الشونة الى تقاطع وادي شعيب – يرقا ومن ثم كما قلت السير على الاقدام لمسافة 4 كلم للوصول الى يرقا ،الطريق كانت ترابية وتم تعبيدها للمرة الاولى عام 1966 بعد رصفها بالحجارة .
مع نهاية دوام ' الخميس ' نترك غرفتنا بما فيها مشرعة الابواب والشبابيك نمتطي المواصلات الى منطقة ' الجناب ' على الطريق العام قرب جسر وادي شعيب ومنها على نمرة '11 ' الى يرقا لنقضي عطلة نهاية الاسبوع عند الاهل وحتى صباح السبت الباكر لنعود مجددا الى المدرسة وهكذا .
لا ننسى في بداية العام الدراسي تطلب منا ادارة المدرسة الرسوم السنوية ونبقى نتحجج حتى تمل الادارة فتسامحنا واحيانا ندفع ' خاوة ' لكن ليس كالخاوة التي يتم دفعها في الزمن الرديء الى البلطجي ترامب 'مغتصب القدس ' لعنه الله .
من أبناء صفي الذين اذكرهم من سكان 'السكنة' في ذلك الزمن ' علي مصطفى نصرالله ' ،حسين خليل الشيش ' رحمه الله ' ، عوض محمود ،علي مرشود .
كان ذلك مطلع العام الدراسي 1960 – 1961 حيث كنت في الصف الرابع الابتدائي وشقيقي في الصف الثاني الاعدادي. .في مطلع شهر 10 رحل اهلي من يرقا وسكنوا في نهاية السكنة ' الشونة الجديدة 'على مقربة من الشارع العام .
وفي شهر 10 على ما اذكر امطرت السماء مطرا غزيرا حتى ان والدي ووالدتي واثنان من اعمامي أمسكوا بالواسط وأعمدة البيت والكل يستغيث ' عزك يا عزيز ' رحمة برضا يا الله .كان بيتنا محميا من تدفق المياه اليه لاننا حفرنا 'نؤي - الناي ' وهي قناة صغيرة امام البيت بحيث تذهب المياه القادمة باتجاهه الى اليمين واليسار بعيدا عن البيت .
بعد توقف المطر اراد الجميع ان يشرب الشاي والزمن منتصف الليل فكان السكر موجودا لكن الشاي الاسمر غير موجود فطلب والدي من عمي علي وشقيقي محمد ان يذهبا الى دكان ' ابو العيلة ' في السكنة وحسب ذاكرتي ايقظاه من النوم واحضرا الشاي فشربنا وغطينا في النوم .
في اليوم التالي لم يحضر عمي مناور ' رحمه الله ' من بستانه عصرا كما العادة لنتفاجأ بعد الغروب بانه قادم من يرقا ومعه شقيقي الاصغر عبدالحليم الذي كان يدرس في الاول الابتدائي في مدرسة يرقا ويسكن عند دار جدي 'ابو مفضي ' رحمه الله .
فاجأنا عمي بالخير المحزن وهو ان الامطار في الليلة الماضية قد جرفت بيوتا ومواطنين من اقاربنا انتقلوا الى رحمة الله فساد جو من الحزن في البيت .
مع نهاية العام الدراسي قرر شقيقي محمد الذي ترفع الى الصف الثالث اعدادي أن يترك المدرسة لأنه كان يشعر بان الوالد تعب كثيرا وأنه لا بد من مساعدته في تحمل عبء الانفاق على أسرتنا .
وبالفعل عمل شقيقي بداية كعامل في الزراعة وسنتها اشترى لنا راديو من اريحا بمبلغ 16 دينارا بالتقسيط بواقع دينارين شهريا بكفالة خالي المرحوم أحمد الحمد السعايدة 'أبو جميل' المختار .
قابل والدي يرحمه الله الشهيد وصفي التل في مبنى الرئاسة 'حيث كان يستقبل المواطنين يوما في الاسبوع ' من اجل تعيين محمد ، فأمر بتعيينه بوظيفة جنايني في امانة عمان الا ان شقيقي رفض تلك الوظيفة .
ولا حقا وقفت والدتي ومعها محمد صباحا على الشارع العام المقابل لمنزل الشهيد وصفي التل في الكمالية ،وعندما شاهدها توقف وعرف منها ان المطلوب تعيين ابنها .
وبعد فترة ليست طويلة حضر شرطي فرسان على فرسه الى يرقا وابلغنا بقرار تجنيد محمد في الجيش .
رحلنا الى الغور ' الشونة الجديدة ' وذهب محمد الى العبدلي للتجنيد ،كنا ننتظر ان يعود الينا جنديا لكن فجأة بعد الغروب عاد محمد الى البيت وسأله والدي عن عودته قال : كنا مجموعة من الشباب ' 16 سنة كان عمر محمد ' وتم اخذ صور لنا ،ولكونه لا يوجد مطاعم في المعسكر انتظرنا بعد ان تناول الجنود طعامهم ،فجئنا جميعا لنأكل ما تبقى خلفهم ،وفجأة حضر شاويش ' رقيب' وبدأ الشباب بالهرب الا أنني بقيت اكل لانني لم ارتكب خطأ واذا به اي الشاويش يضربني بالقايش على ظهري فخرجت اللقمة من فمي الى الارض .
قال الشاويش من اهله قريبون يذهب لينام عندهم وغدا صباحا تحضرون ، فقلت له انا اهلي في ماركا ' طبعا نحن لسنا في ماركا ' وعدت اليكم لانني لا يمكن بعد الذي فعله الشاويش ان اتجند .
كان رد والدي ووالدتي يرحمهما الله : الرزق على الله ، والله لا يوفق الشاويش ..شقيقي حتى اليوم حاقد على ذلك الشاويش سواء كان حيا او ميتا ولم ولن يسامحه على شنيع فعلته .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
02-04-2019 01:59 AM

كالعادة ارشيفك الاصيل يعيدنا الى ايام الرجوله والاصاله مع القايش والقايش كان بمثابة عنوان كبير للرجولة والاخلاق والانضباط فا انت ونحن والجميع جعل منا القايش رجال لو اكلنا منه سويعات الا انه كان عنوان كبير ومش حيله كان كل واحد يرتديه الا صاحب الهيبه يا اخي الاستاذا ابا علاء فتحية لك ولارشيفك

2) تعليق بواسطة :
02-04-2019 02:05 AM

نعم وكان الشاويش وقايشه يشكلون فرقة جيش وقيمه عاليه وسقا الله على زمن الشاويش والعريف والانباشي كانو ا اصحاب هيبه واخلاص رغم جلدات الكبار الذين كانوا يرتدونه الله يا زمن القايش وكل الاحترام لصاحب قصة القايش الاستاذ حامد العبادي الاصالة

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012