أضف إلى المفضلة
الخميس , 10 تشرين الأول/أكتوبر 2024
شريط الاخبار
الداخلية الكويتية: ضبط هارب من أبناء الأسرة الحاكمة بتهمة المخدرات الامن يوضح حول الفيديو المتداول لمشاجرة فتاة وسائق تكسي الجيش اللبناني يوقف شخصين جندتهما إسرائيل لتصوير آثار غاراتها إجراء أكثر من 10 آلاف محاكمة عن بعد خلال أيلول المنتخب الوطني ينهي تحضيراته لمواجهة كوريا الجنوبية الصفدي يحذر المجتمع الدولي من استمرار السماح لإسرائيل انتهاك القوانين الدولية الملك لوزير الخارجية البريطاني: ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الأرصاد الأردنية تتحدث عن إعصار ميلتون المدمر حضور ولي العهد تدريبات المنتخب الوطني حافز لتحقيق نتائج مميزة الصفدي ينقل رسالة من الملك إلى السيسي حسان يزور دائرة الأراضي والمساحة ويوجِّه لاتخاذ إجراءات عمليَّة لتسريع التحوُّل الرَّقمي وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمراجعين فتح القبول المباشر في جامعات وكليات رسمية للبكالوريوس والدبلوم التربية: صرف رواتب معلمي الاضافي الخميس ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 42,010 شهيدا و97,720 مصابا "الضمان": حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي موثقة رسمياً
بحث
الخميس , 10 تشرين الأول/أكتوبر 2024


اللامركزية والتنمية الاقتصادية

بقلم : د . محمد أبو حمور
18-02-2020 04:12 AM

تتواصل الجولات واللقاءات الملكية مع المواطنين سواءً كانت في الميدان أو في مجلس بسمان لتعبر عن الاهتمام بمطالبهم واحتياجاتهم والرغبة في سماع صوتهم والحرص على تحسين مستوى حياتهم، وكما هو ملاحظ تتمحور الهواجس الاساسية للمواطنين حول الشأن الاقتصادي، وانسجاماً مع هذه الوقائع وفي الوقت الذي تتردد فيه اصداء التعديلات التشريعية الهادفة الى تعزيز أركان الحكم المحلي من المفيد ان نعيد التفكير بالفرص والامكانيات التي تتيحها اللامركزية في مجال التنمية الاقتصادية للمحافظات لنتمكن من تحقيق الرؤى والطموحات والارتقاء بالمجتمعات المحلية نحو افاق جديدة من التمكين الاقتصادي والسياسي.

لا تزال تجربة اللامركزية في المملكة في بداياتها والحاجة لا زالت قائمة لتطوير وتعميق التجربة خاصة في الجانب الاقتصادي والخدمي الذي يؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين فالصلاحيات والامكانيات والمسؤوليات الخدمية والتنموية موزعة بين المجالس البلدية والمجالس التنفيذية ومجالس المحافظات، ومصادر التمويل محدودة ومقيدة من الحكومة المركزية والمشاريع المقترحة في خطط المجالس التنفيذية والمصادق عليها من مجالس المحافظات لا يبدأ تنفيذها الا في وقت متاخر وقد يتم الغاؤها لاسباب متنوعة ومتعددة، كما ان الكفاءات البشرية القادرة على تحديد جدوى المشاريع والاولويات التنموية لا تزال قاصرة عن مواكبة التغيرات المتسارعة في مختلف المجالات، وبدأ الشك يساور الكثيرين حول امكانية نجاح هذه التجربة وتحقيقها الاهداف المتوخاة منها، الا انه وبالرغم من كل ذلك لا بد ان ندرك بان الطموحات والانجازات لا تتحقق بالامنيات فلا بد من العمل المستمر والتقييم الدوري الذي يساهم في معالجة نقاط الضعف في هذه التجربة وتعزيز الجوانب الايجابية والبناء عليها.

يمكن ان توفر اللامركزية،ان أحسنا تطبيقها، فرصة لتعزيز التواصل بين المواطن والسلطات التنفيذية مما يساهم في تعزيز الثقة بين الطرفين ويرسي الدعائم اللازمة لتفهم احتياجات المواطنين والاستجابة لها وبالتالي تحسن نوعية الخدمة المقدمة للمواطن وتقليص كلفتها، وتتيح اللامركزية ايضاً القدرة على تنفيذ سياسات مرنة وفعالة تستطيع مواجهة المستجدات والتاقلم مع التطورات كما تساهم ايضاً في الحد من الفساد وتعزز الشفافية وتساعد في تحقيق الاستخدام الافضل للموارد عبر التمكين الاقتصادي لمختلف فئات المجتمع بما في ذلك المراة والشباب هذا اضافة الى ما توفره من تعزيز المشاركة الشعبية في الحياة السياسية، والارتقاء باداء الاجهزة الادارية عبر توزيع وتفويض المسؤوليات والصلاحيات وتبسيط الاجراءات واستخدام انماط ادارية مبتكرة ومتنوعة تستجيب للظروف والاحتياجات المحلية، كما ان المشاركة المجتمعية تخلق وعياً وطنياً وحافزاً للتعاون وشعوراً بالعدالة، خاصة حين يرى المواطن ان ما يدفعه من ضرائب ورسوم يستخدم في تقديم الخدمات لمنطقته عبر طرق متنوعة، كما ان اللامركزية تتيح امكانية اقامة مشاريع تنموية تتلائم مع الاحتياجات المحلية، مما يوفر فرصة لنمو اقتصاد محلي يعزز افاق التطور والازدهار، أضف لذلك فان فكرة اقامة مشاريع الشراكة في اطار اللامركزية تبدو معقولة وقابلة للتنفيذ بشكل يعمق التعاون بين القطاعين العام والخاص في اطر تنظيمية واضحة وقابلة للاستدامة،وكل ذلك بالنتيجة سيساهم في تطوير وتعزيز مصادر التمويل المتاحة على المستوى المحلي مما يرفع من كفاءة اجهزة اللامركزية والادارة المحلية ويحسن من قدرتها على اداء مهامها.

ومن الواضح ان امكانيات تعزيز التنمية الاقتصادية عبر اللامركزية واعدة ومبشرة ولكن تحقيقها يحتاج لتوفر الاطار التشريعي المناسب والكوادر البشرية المؤهلة والتعاون الفعال من جانب الحكومة المركزية، مع اشراك شريحة واسعة من المواطنين في هذا الجهد وبما يعزز الشفافية والمساءلة الفاعلة على المستوى المحلي، كما لا يمكن ايضاً ان نغفل أهمية توفر المصادر المالية اللازمة، مع الحرص على كفاءة وجدوى الاستخدام الذي يقترن بتحقيق أقصى منفعة ممكنة، ولا بد من الادراك والوعي الكامل بان اللامركزية ليست غاية بحد ذاتها وانما هي اداة لتحقيق مجموعة من الاهداف على راسها تحقيق رفاه المواطنين وتحسين مستوى حياتهم، وعادة ما يمكن ان نعزو قدرة اللامركزية على تحقيق اهدافها الى قوة التشريع الذي تستند اليه والذي يحدد نوعية الصلاحيات الادارية والمالية التي تتمتع بها وحجم المصادر التمويلية المتاحة، اضافة الى كفاءة ومؤهلات الكوادر البشرية القائمة على التفيذ، مما يتيح العمل المنهجي المنظم القادر على تحقيق نتائج مميزة تتمثل في استثمارات ومشاريع تنموية ذات جدوى عالية تساهم في خلق فرص عمل وتنعكس ايجاباً على الاوضاع الاقتصادية للمجتمعات المحلية وتمتد ترابطاتها الامامية والخلفية لتساهم في التأثير الايجابي على مجمل اداء الاقتصاد الوطني، ولا شك بان تعاون الحكومة المركزية يعتبر حاسماً في توفير الظروف الملائمة لانجاح اللامركزية ويتجلى ذلك خصوصاً في نقل وتفويض الصلاحيات والمسؤوليات الملائمة، والعمل على توفير الموارد المالية والبشرية الملائمة اضافة الى تدريب وتحفيز العاملين في نطاق اللامركزية، وكذلك ازالة التعارض او الازدواجية في الصلاحيات بين الجهات العاملة في المحافظات، وبحيث يتم بناء علاقة تشاركية وتكاملية بين مختلف الاطراف دون تغول طرف على اخر، وبما يضمن التعاون للتغلب على أي معيقات قد تطرا اثناء عمليات التنفيذ، مع الادراك بان التعامل بمسؤولية مع الخطط والمشاريع التنموية سواء في المراحل الاولية او مرحلة التنفيذ والتقييم يحتاج لخطوات ادارية واجرائية محكمة تستجيب للمتطلبات التنموية المحلية، وكثير من حالات الفشل قد تنجم عن اسباب يمكن تجاوزها عبر الادارة السليمة، والتنسيق المحكم بين مختلف الاطراف ذات العلاقة، والتوزيع الملائم لسلطات واجراءات اتخاذ ومتابعة القرارات المتعلقة بالقضايا التنموية.

تتميز اللامركزية بانها تتيح الفرصة لمشاركة العديد من الاطراف في تنمية المجتمعات بما يؤدي الى الاستغلال الامثل للموارد والاستجابة للمتطلبات المحلية عبر تسهيل اتخاذ الاجراءات والقرارات وايجاد التواصل المباشر مع اصحاب العلاقة والمستفيدين الامر الذي يساهم في توفير بيانات ومعلومات لها أثر على سير العملية التنموية مما يساعد ايضاً في توزيع ثمار التنمية على مختلف المناطق ويقلص من الشعور بالاقصاء والتهميش الذي يقترن عادة بالقرارات المركزية، الا انه لاينبغي ان نقلل من دور الحكومة المركزية في دعم اللامركزية وتوفير السبل اللازمة لنجاحها عبر السياسات الاستثمارية العامة والتوزيع العادل للموارد وتسهيل الاجراءات، وتوفير الظروف الملائمة لجذب الاستثمارات وتحفيزها في مختلف المناطق، وفي مثل هذه الظروف يستطيع القطاع الخاص ان يقوم بدور ريادي في تنمية المجتمعات المحلية من خلال المشاريع والاستثمارات والتي تعتبر المكون الاساس في التنمية الاقتصادية، اضافة الى الاستفادة من الفرص التي توفرها مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما لا بد من التأكيد على دور المجتمعات المحلية لتشكل حاضنة للاستثمار من خلال التعاون مع مختلف الاجهزة الأخرى اضافة الى ممارسطة النشاطات المجتمعية في اطار منظمات المجتمع المدني والقيام بالاعمال التطوعية لتعزيز وتمكين المجتمع ليؤدي دوره الرقابي والارشادي بما يعزز العملية التنموية.

لا تزال تجربة اللامركزية تعاني العديد من المصاعب والمعوقات بما في ذلك عدم النضج وعدم توفر الخبرات الكافية في هذا المجال، كما ان صلاحيات مجالس اللامركزية المتقصرة عمليا على اعداد المقترحات التنموية، والمصادقة على الموازنة المعدة من المجلس التنفيذي، لا تبدو كافية لتعميق فكرة اللامركزية كأداة تنموية، خاصة وانه لا يتوفر لمجالس اللامركزية مصادر مالية او استقلال مالي يؤهلها لاتخاذ قرارات ذات اثر على التنمية، بل تعتمد على ما يخصص ضمن الموازنة العامة التي تعاني اصلاً من واقع لا تحسد عليه، وقدرتها على توفير مصادر تمويل اضافية تخضع لمحددات قاسية، وفي نفس الوقت الذي نتفهم فيه الامكانات والفرص التي تتيحها اللامركزية لا بد من الالتفات الى ان تطبيقها بشكل غير مناسب قد يؤدي الى مصاعب ومشاكل جمة بما في ذلك القدرة على الاداء والانجاز ونشر الاحباط بين افراد المجتمعات المحلية وسوء استغلال الموارد وتفشي الفساد وبالتالي قد تقود الى التأثير على الاستقرار والسلم المجتمعي، بدلا من ان تساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي، ولعل العامل الحاسم هنا هو القدرة على التخطيط السليم والادارة الجيدة وتحقيق مشاركة المجتمع والوعي بالمصاعب التي قد تبرز وضمان التغلب عليها وتذليلها، لذلك لا بد من العمل على ضمان المشاركة الواسعة في جهود التنمية وتعزيز المبادرات الذاتية التي تساهم في تحسين مستوى الحياة، مع الحرص على توفير الخدمات العامة والبنية التحتية الملائمة، مع تعزيز شعور المواطنين بالانتماء لبيئتهم وحرصهم على حفظ وصيانة مشاريعهم الخدمية والاستثمارية.

ان الحرص على فكرة المشاركة المجتمعية ليس عبثاً بل ضرورة للنجاح والتطور فمشاركة الفئات المستفيدة والقطاعات الاجتماعية المختلفة تعزز قيم المجتمع وتسهم في ترابط مكوناته وتخلق الحوافز للافراد والجماعات للابداع والابتكار.

'الرأي'

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012