ما بعد كورونا

الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024

ما بعد كورونا

بقلم : اسماعيل الشريف
19-04-2020 12:55 AM

وفي كُل بَلوَى تُصيبُ المرْءَ عَافيةٌ... إلّا البَلاء الذِي يُدني مِن النّارِ

عبد الله بن شبيب

قريبًا بإذنه تعالى سنخرج من عزلتنا. قرأنا وشاهدنا عشرات التحليلات من أفضل عقول العالم تتنبأ بعالم ما بعد كورونا، البعض يتنبأ بحرب عالمية قبل نهاية العام، والبعض الآخر يتحدث عن مجاعات وتغيرات كبيرة في ميزان القوى، ولكننا كأفراد ما هي التغيرات التي ستطالنا بعد أسابيع من العَزل وتجربتنا مع كورونا؟ فهو بلا شك قد ترك فينا أثرًا سيلازمنا فترةً طويلةً وسيغير من مزاجنا وسلوكنا،وهذا بعضٌمن هذه التغيرات:

- سيصبح للعناق والمصافحة قيمة حقيقية،فلن نُعانِق أو نُقبِّل إلا من نحبه حقًّا، وعهد العاطفة المصطنعة قد ولّى.

- ستقل مظاهر البذخ والترف الاجتماعي عندما يتجنّب الناس الحفلات والولائم المكتظة، وستكون فرصة للمقبلين على الزواج ليتزوجوا بدافع الحب وتكوين عائلة، بعيدًا عن مظاهر الترف وتكاليف الزواج المرتفعة.

- ستقل المظاهر الفارغة،فلا قيمة للكماليات التي نعتز بها حين يصعب التعرف على وجهك من وراء قناع بعشرة قروش، وسيتغير نمط الاستهلاك ليزهد في الكماليات؛ فالأوضاع الاقتصادية صعبة والخوف مما هو قادم، ومن يملك فائضًا من المال سيميل إلى ادخاره. وحسب الدراسات فقد زاد الطلب كثيرًا على مواد التعقيم والعزل وأدوية الحرارة والانفولونزا والأطعمة المعلبة والحبوب والمعلبات والطحين وأجهزة الخبيز المنزلية وأجهزة اللياقة البدنية...

- ستزيد الثقة بمؤسسات الدولة وإعلامها ورجالاتها،وسنشهد أفول الحكواتية وقصصهم الفارغة، وستنخفض المطالبات بالإصلاحات السياسية وحريات التعبير.

- قد نشهد تمردًا على التكنولوجيا كبديل عن الاتصال الإنساني الحسي،فنختصر من تعلقنا بهواتفنا، وسنقضي أوقاتا أطول في البرية والمنتزهات ونتحادث وجهًا لوجه.

- سيصبح مفهوم العمل والتعليم عن بُعد من الأمور العادية، فقد حقق نجاحًا للعديد من المؤسسات والأفراد، وسيكون حضور الاجتماعات الافتراضية بالبيجاما من المعتاد، وسيقل التكلّف بين الرئيس ومرؤوسيه، وسينتشر التعليم عن بعد فيقلل من رسوم الجامعات والمدارس الخاصة،بالمقابل سيقل الإقبال على المدارس الخاصة نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

- ستتم أتمتة العديد من الوظائف وبالتالي سترتفع نسبة البطالة العالمية، ولكن نتيجة لانتشار العمل عن بعد سيزيد الطلب على ذوي المهارة في البلدان منخفضة الأجور.

- ستضع الدول حواجز أكثر أمام تنقل البشر والسلع، وسيزيد التعاون بين الدول للتغلب على المشاكل العالمية.

- سنشاهد إعلانات أقل نتيجة للركود، وستزدهر الشركات التي تقدم سلعها وخدماتها عن بعد كما ستزدهر شركات التوصيل، وسنشهد ممارسة للطب عبر الأثير.

- سيزداد الوعي بالقضايا البيئية وأهمية المحافظة عليها،وكذلك المحافظة على النظافة الشخصية وتكرار غسل اليدين.

- سنقلل من تنقلاتنا بسياراتنا وسنفضل المشي على الأقدام أو الدراجات قدر المستطاع.

- ستقل المكافآت المالية غير المبررة لمدراء بعض الشركات نظرًا للأوضاع الاقتصادية الصعبة.

- ستنتعش السياحة المحلية، مقابل العزوف عن السفر وركوب الطائرات.

- ستزداد حالات الكآبة والخوف والقلق المرضي والوسواس القهري.

- ستتغير نظرتنا للحياة، وخاصةً لدى الأشخاص الذين كانوا في عين العاصفة؛ كالكوادر الطبية والأمنية، سيكونون أكثر تعاطفًا وإنسانيةً وتدينًا، وسيزيد تقديرنا واحترامنا لهؤلاء الأبطال.

- ستشجّع الدولة المشاريع الزراعية والصناعية، وستسعى للاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.

- وسنخرج أكثر قوةً ومنعةً واتحادًا وقدرةً على التكيّف مع المتغيرات.

وإذا ما عددنا الخاسرين والرابحين في هذه الأزمة، سيكون الأردن من أكبر الرابحين؛بفضل مؤسسات الدولة الراسخة ووعي شعبه وحكمة قيادته، وبإذن الله سينعكس ذلك على وطننا الأغلى بكل الخير.