أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


على هامش إنجاز الأسرى الفلسطينيين: الإشاعات ودورها في تمزيق النسيج الاجتماعي الفلسطيني

بقلم : المهندس علي ابوصعيليك
17-09-2021 12:01 AM

تابعنا بمشاعر جياشة اختلط فيها الفخر مع الدعاء تفاصيل عملية تحرر ستة من أبطال فلسطين من خلال نفق الحرية الذي كسر أسطورة سجن جلبوع الصهيوني والخروج منه بإستخدام أدوات الطبخ البسيطة كالملعقة، وأستنشق جميع الأحرار في العالم أنفاس الحرية وكأننا جميعاً كنا أسرى وهو نفس الإحساس الذي رافق عملية إعادة الاعتقال، ورغم أن الحكاية لم تنته بعد إلا أن الدروس المستفادة منها كثيرة وأبرزها أهمية مواجهة سلاح الإشاعات الذي يستخدمه الكيان الصهيوني بطرق قذرة.

لقد أعادت هذه البطولة تسليط الضوء على قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني وظروف اعتقالهم والانتهاكات التي يقوم بها المحتل على حقوقهم من خلال الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى وإهمال توصيات الإفراج عنهم لتجنب تفشي وباء الكورونا والاعتقالات الإدارية بدون لائحة اتهام وتجاهل اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة والقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بحقوق الأسرى، وكذلك منع المحامين من اللقاء مع موكليهم في الكثير من الأحيان.

لكن أكثر ما لفت الأنظار خلال المتابعة الشعبية لعملية نفق الحرية التي نفذها الأسرى الفلسطينيون هي حجم ونوعية الإشاعات التي رافقت الحدث الكبير والتي تركزت على تشويه صورة فلسطينيي الداخل خصوصا جزء من أهالي مدينة الناصرة الكرام وذلك من خلال نشر صور أحد الشباب تحت عنوان هذا من أبلغ الاحتلال عن موقع الأسرى وصورة لشاب أخر وكأنه عميل قد اتصل بشرطة الاحتلال للتبليغ عن الأسرى وأن هنالك أسرة قد وشت بهم وهكذا مع سيل من الإشاعات التي تقتل الروح المعنوية العالية للشعب الفلسطيني ولكافة الأحرار في العالم.

والحقيقة أنها كانت إشاعات لشق الصف الفلسطيني من ناحية ومن ناحية أخرى للتقليل من حجم الإنجاز الذي سطرته إرادة الأسرى المحررين، والإشاعات بحد ذاتها هي أحدى أدوات الاحتلال ويتم بثها من خلال شبكات عنكبوتيه لها مسؤولون عنها في مكاتب جهاز الموساد والمؤسف أن من يساعدهم هم عامة الناس من خلال سهولة وسرعة تناقلهم وترويجهم لتلك الإشاعات.

معركة 'سيف القدس' الأخيرة والتي جاءت نصرة لصمود أهالي حي الشيخ جراح ونصرة للمرابطين في المسجد الأقصى جسدت ترابط الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وتجلى ذلك بهبة أهل الداخل الفلسطيني نصرة لأهل القدس في مشهد أكد فشل الاحتلال الصهيوني في نزع قوميتهم الفلسطينية وطمس هويتهم القومية رغم احتلال أراضيهم ما يزيد عن سبعين عاماً.

ولم تكن تلك الأحداث المرافقة لمعركة 'سيف القدس' لتمر مرور الكرام على جهاز الموساد والذي يعمل بكل الطرق الخبيثة لتمزيق الصف الفلسطيني ولذلك فإن محاولته تشويه صورة أهالي الناصرة الكرام أمام الشعب الفلسطيني من خلال ترويج إشاعات عن عمالة البعض ودروهم في تسليم الأسرى المحررين هي جزء من محاولات عديدة ستكون القادمة منها أشد قسوة وذلك بعد الدور الكبير الذي لعبة أهل الناصرة وغيرهم من فلسطينيي الداخل في معركة 'سيف القدس' وكذلك نصرة أهل حي الشيخ جراح.

ولذلك يجب أن يتم العمل المنظم لرفع درجة الوعي الشعبي في التعامل مع الإشاعات التي يبثها الاحتلال باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ولا يساهم في تنفيذ خطط الموساد من حيث لا يعلم، لأن في ذلك خدمات مجانية للمحتل حيث تساهم تلك الإشاعات في قتل الروح المعنوية وتقليل الثقة بين أبناء الشعب الواحد وبالتالي تمزيق النسيج الوطني من خلال تقسيم الشعب الواحد.
أجهزة الإحتلال تعمل وفق خطط ولذلك فإن مواجهتها يجب أن تكون من خلال خطط وليس فقط بشكل إرتجالي، فإن مؤسسات المجتمع المدني عليها واجبات كبيرة وخصوصا الشباب والشابات المختصين في المواقع الإلكترونية والتي يفترض أن تعمل على زيادة الوعي الاجتماعي وسرعة تفنيد الإشاعة من خلال بث منشورات لمواجهة زيف إشاعات الاحتلال.

بالأمس نقل المحامون المدافعون عن الأسرى الأبطال ممن أستطاع الاحتلال إعادة اعتقالهم تصريحات تؤكد أن الاحتلال اعتقلهم بالصدفة وليس من خلال عميل أو وشاية كما كذبت الماكينة الإعلامية للمحتل الصهيوني، وقد أثنى الأسرى على أهل الناصرة الكرام ودورهم البطولي في الصراع مع الكيان الصهيوني وهذه التصريحات بحد ذاتها يجب أن تكون مرجعية للمستقبل في مواجهة إشاعات جديدة في أحداث جديدة لابد أن تحصل.

إن معركة 'سيف القدس' والتضامن الكبير مع حقوق أهالي حي الشيخ جراح قد أعادت البريق إلى القضية الفلسطينية ووحدة الصف الفلسطيني بمختلف أيديولوجياته ولذلك يجب أن تكون هنالك استراتيجيات إعلامية تعزز هذه الترابط الذي يشكل النسيج الوطني الفلسطيني، وهذه الاستراتيجيات يجب أن تكون منظمة بشكل يتناسب مع أسلوب الموساد في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الوسائل قد كانت إحدى الأسلحة الايجابية التي استخدمها الشباب والشابات الفلسطينيون وأحرار العالم في الدفاع عن مدينة غزة وحي الشيخ جراح في صمودهم البطولي أمام عجرفة الاحتلال.

في الختام فإن أنفاس الحرية التي استنشقها أولئك الأسرى لعدة أيام رغماً عن أنف المحتل مسحت سنوات من الظلم داخل السجن وأكدت الحقيقة التي ستكون ولو بعد حين بزوال الاحتلال الصهيوني وذلك لأن الفلسطيني مؤمن بعدالة قضيته وحقه في استعادة وطنه بالكامل، وأن أكثر من سبعين عاماً من الاحتلال لم يمح هوية فلسطيني الداخل.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012