أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024


تشويه أعمدة جرش: غياب الرقابة والمتابعة والعقاب

بقلم : د . زيد النوايسة
10-05-2022 11:03 PM

مستفز وصادم منظر تشويه أعمدة مدينة جرش الرومانية قبل أيام من قبل مجهولين جهلة وحاقدين بنفس الوقت؛ التلويث والتشويه الذي طال الاعمدة الاثرية في مدينة الالف عمود كما تسمى، بطلاء اسود استفز مشاعر الجميع والمهتمين بحماية الاثار خاصة وأن المدينة الرومانية الاثرية في جرش من اهم المعالم السياحية بعد البتراء، وهي من أكثر المواقع الرومانية التي تمت المحافظة عليها بعد مدينة روما كمدينة متكاملة، ناهيك عن ارتباطها بمهرجان فني يكاد يكون من أشهر المهرجانات الفنية في العالم العربي عبر أربع عقود منذ انطلاقه في ثمانينيات القرن الماضي.

بعيداً عن استنكار هذا السلوك المشين المدان؛ ليس مفاجئاً أن يكون بيننا من لا يقيم وزنا لمثل هذه الكنوز الاثرية التي تؤكد عراقة هذه البلاد وتعاقب الحضارات عليها؛ ولكن الأكثر مدعاة للتساؤل هو غياب الرقابة والمتابعة من قبل الجهات المسؤولة وأعني هنا دائرة الاثار العامة وإدارة الموقع السياحي والشرطة السياحية التي يفترض فيها توفير حراسة دائمة للمدينة الاثرية، ومراقبة تلفزيونية مسجلة بواسطة الكاميرات وحتى خدمة التجوال السياحي عبر الفيديو من خلال الموقع الالكتروني التابع لدائرة الاثار أو هيئة تنشيط السياحة وهي خدمة توفرها كل الدول التي ترغب بالترويج للمواقع الاثرية والسياحية عن بعد خاصة للسائح الاجنبي.

المفاجئ أكثر؛ ان هناك مئات الأشخاص وربما أكثر معينين بوظيفة «حارس اثار» على امتداد الأردن وبما فيها اثار جرش، ولكن ربما لم يزوروا حتى المواقع المفترض انهم مكلفون بحراستها باعتبار أن الوظيفة كما غيرها من الوظائف التي تدخل في باب خلق فرص عمل لمساعدة الناس وهذه قصة أخرى يطول شرحها؛ فلا أحد يعترض على توفير فرص عمل ولكن المهم أن يكون هناك عمل ولو بالحد الأدنى مقابلها.

مشهد أعمدة جرش ذكرني بزيارة قمت بها بدعوة من الصديق المهندس حمزة الحجايا قبل أشهر لقلعة القطرانة المهجورة وشاهدت حجم الإهمال وغياب الحراسة والعناية بها، وهنا أتمنى على مدير دائرة الاثار العامة المحترم أن يتكرم بزيارتها ويطلع على وضعها المأساوي وكذلك العديد من القصور الاموية والقلاع المنتشرة في الصحراء الأردنية مثل الحرانه والحلابات والمشتى وبرقع وبشير وغيرها والتي لا أعتقد أن حالها أفضل كثيراً من قلعة القطرانة بل أن بعضها وفي المناطق البعيدة تستخدم لأغراض خاصة لمن يقطن بالقرب منها.

قبل ست سنوات صرح وزير السياحة وهو بالمناسبة الوزير الحالي؛ أن لدينا في الأردن ما يقارب المائة ألف موقع تراثي وسياحي وان خطة المملكة رفع حصة السياحة من الناتج المحلي الإجمالي الى حدود 18 % بحلول عام 2025 باعتبار ان قطاع السياحة هو من أعمدة الاقتصاد الوطني؛ ربما أن جائحة كورونا اعاقت الوصول لهذه النتيجة ضمن خطة الأردن 2025 ولكن اليوم دخلنا في مرحلة التعافي من الجائحة واثارها وامامنا فرصة مهمة ولكن لا بد من تهيئة الأماكن التراثية والسياحية بشكل أفضل من ناحية النظافة وتوفير الخدمات السياحية وعدم ترك تلك المواقع عرضة للإهمال والاستهتار.

الملاحظة الأخيرة التي يجب التوقف عندها وهي طريقة إزالة التشوه وبشكل بائس كما لاحظنا من الصور المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، الم يكن من المناسب الاستعانة بمتخصصين في ترميم الاثار ومن خبراء من كليات السياحة والأثار في الجامعات الأردنية دون اللجوء لأساليب بدائية زادت التشوه ومست الشكل التاريخي للأعمدة.

نتمنى أن يتم البحث عن المتسبب ومعاقبته وأن يكون هناك خطة شاملة لحماية المواقع الاثرية والسياحية واستثمارها بالشكل الأمثل.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012