أضف إلى المفضلة
الخميس , 28 آذار/مارس 2024
شريط الاخبار
مصطفى يشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة ويحتفظ بحقيبة الخارجية - اسماء الانتهاء من أعمال توسعة وإعادة تأهيل طريق "وادي تُقبل" في إربد الحنيفات: ضرورة إستيراد الانسال المحسنة من مواشي جنوب إفريقيا الاتحاد الأوروبي يتصدر قائمة الشركاء التجاريين للأردن تحويلات مرورية لتركيب جسر مشاة على طريق المطار قرض بـ 19 مليون دولار لبناء محطة معالجة صرف صحي في غرب إربد غرف الصناعة تطالب باشتراط اسقاط الحق الشخصي للعفو عن مصدري الشيكات 5 إنزالات أردنية على غزة بمشاركة مصر والإمارات وألمانيا - صور ارتفاع الإيرادات المحلية 310 ملايين دينار العام الماضي والنفقات 537 مليونا مجلس الأعيان يقر العفو العام كما ورد من النواب المحكمة الدستورية ترفع للملك تقريرها السنوي للعام 2023 وفاة سبعينية دهسا في إربد "الكهرباء الوطنية": الربط الكهربائي الأردني- العراقي سيدخل الخدمة السبت المقبل السلطات الاسرائيلية تعلن إغلاق جسر الملك حسين بعد إطلاق نار في أريحا 7.726 مليون اشتراك خلوي حتى نهاية ربع 2023 الرابع
بحث
الخميس , 28 آذار/مارس 2024


جمانة ابو حليمة تكتب : في عامها الرابع والسبعين «النكبة الفلسطينية» ما زالت مستمرة والفلسطينيون صامدون

15-05-2022 11:03 PM
كل الاردن -

حكومة الاحتلال تواصل الاقتلاع والتهويد والقتل بدم بارد

مقدمة
74عاماً ومازال الشعب الفلسطيني يقاوم احتلال الصهيوني بشتى الطرق والوسائل، واقفا في وجه أسوأ احتلال عرفه التاريخ، فمنذ العام 1948 والاحتلال الصهيوني ينغص حياة الشعب الفلسطيني؛ يسلب ارضه وينغص حياته ويسحق كرامته ويدمر قراه ويسرق حقوقه الإنسانية والمدنية والوطنية، ويطلق النار دون تردد على أبنائه، وكل ذلك تقريبا بهدف معلن هو اجباره على الهجرة من وطنه بلا عودة، وبقاء أرض فلسطين خالية من الفلسطينيين، نكبات توالت على الشعب الفلسطيني منذ ذلك العام، عام النكبة ، من تهجير قسري وانتهاكات طالت الارض والبشر، ومايزال هذا الشعب صامدا في أرضه يُقاوم وفي الشتات يقاوم بطرق مختلفة ويناضل من أجل العودة.
و»النكبة « مصطلح أطلقه الفلسطينيون على أحداث العام 1948 ليعبر عن تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية في ذلك العام، وهي السنة التي طرد فيها الفلسطينيون خارج ديارهم. وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يزيد على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما تشمل الأحداث عشرات المجازر الوحشية والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحي الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي. وعلى الرغم من أن السياسيين اختاروا 1948/5/15 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية، إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات صهيونية إرهابية قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقاً.
واليوم ،بعد مضي 74 عاما على النكبة لم تنفك حكومة الاحتلال الصهيونية تواصل ارهابها واغتصابها للأراضي الفلسطينية ، مازال التوسع الاستيطاني مستمرا وما زال الاعتقال والتعذيب ومحاولات الطرد والتهجير للمواطنين الفلسطينيين من أراضيهم، وما زالت الانتهاكات بحق الارض والانسان الفلسطيني وبحق المقدسات الاسلامية، مازال الحصار مفروضا على قطاع غزة، ومازال الأسرى يواصلون اضراباتهم، والاعدامات الميدانية بحق المواطنين مستمرة وآخرها قبل أربعة أيام حيث اغتال رصاص الاحتلال بقصد المراسلة الصحفية شيرين أبوعاقلة . النكبة لا زالت مستمرة بل ويعيشها الفلسطيني في جميع أنحاء فلسطين كل يوم .
من أيار1948 حتى آذار 1949
حرب 1948 للرد على قرار تقسيم فلسطين
حرب 1948 هي حرب نشبت في فلسطين بين كل من المملكة المصرية ومملكة الأردن ومملكة العراق وسورية ولبنان والمملكة العربية السعودية ضد الميليشيات الصهيونية المسلحة في فلسطين والتي تشكلت من البلماخ والإرجون والهاجاناه والشتيرن والمتطوعين اليهود من خارج حدود الانتداب البريطاني على فلسطين.
وكانت المملكة المتحدة أعلنت انهاء انتدابها على فلسطين وغادرت تبعا لذلك القوات البريطانية من منطقة الانتداب، وكانت الأمم المتحدة أصدرت قرارا بتقسيم فلسطين لدولتين يهودية وعربية الأمر الذي عارضته الدول العربية وشنت هجوما عسكريا لطرد المليشيات اليهودية من فلسطين في مايو 1948 استمر حتى مارس 1949.
كانت فلسطين حتى العام 1914 ضمن حدود الدولة العثمانية لتشكل الحدود الإدارية لمتصرفية القدس، وبعد أن دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى بجانب الألمان خسرت كافة أراضيها في البلاد العربية لصالح بريطانيا وفرنسا بحسب معاهدة سيفر الموقعة عام 1920 ومعاهدة «لوزان» الموقعة عام 1923.
وكانت كل من بريطانيا وفرنسا قد وقعتا اتفاقا لتقاسم الأراضي العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى فكانت فلسطين من ضمن الأراضي التابعة لبريطانيا بحسب الاتفاق البريطاني-الفرنسي.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى خضعت فلسطين للانتداب البريطاني حتى العام 1948.
تقسيم فلسطين
في 29 نوفمبر 1947 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية ودولة عربية فلسطينية وتدويل منطقة القدس (أي جعلها منطقة دولية لا تنتمى لدولة معينة ووضعها تحت حكم دولي) وكان التقسيم كالتالي :
56% لليهود
43%للعرب
1% منطقة القدس (وهي منطقة دولية ووضعت تحت الأنتداب بأدارة الأمم المتحدة)، وقد شمل القرار على الحدود بين الدولتين الموعودتين وحدد مراحل في تطبيقه وتوصيات لتسويات اقتصادية بين الدولتين.
وبشكل عام، رحب الصهاينة بمشروع التقسيم، بينما شعر العرب والفلسطينيون بالاجحاف. فكانت عصبة التحرر الوطني، وهي مجموعة إميل حبيبي، إميل توما وآخرين من العرب الذين تركوا الحزب الشيوعي الفلسطيني.
تصاعدت حدّة القتال بعد قرار التقسيم ،في بداية عام 1948، تشكل جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، وبحلول يناير 1948 كانت منظمتا الأرجون وشتيرن قد لجأتا إلى استخدام السيارات المفخخة (4 يناير، تفجير مركز الحكومة في يافا مما أسفر عن مقتل 26 مدني فلسطيني) وفي مارس 1948 قام المقاتلون الفلسطينيون الغير نظاميين بنسف مقر الوكالة اليهودية في القدس مما أدى إلى مقتل 11 يهوديا وجرح 86. وفي 12 أبريل 1948 تقر الجامعة العربية بإرسال الجيوش العربية إلى فلسطين وأكدت اللجنة السياسية أن الجيوش لن تدخل قبل أنسحاب بريطانيا المزمع في 15 مايو.
انتهاء الانتداب
قررت الحكومة البريطانية إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في منتصف الليل بين ال14 و15 من مايو 1948 بضغط من الأمم المتحدة التي طالبت بريطانيا بانهاء أنتدابها على فلسطين.
في الساعة الرابعة بعد الظهر من 14 مايو أعلن المجلس اليهودي الصهيوني في تل أبيب أن قيام دولة إسرائيل سيصبح ساري المفعول في منتصف الليل، وقد سبقت هذا الإعلان تشاورات بين ممثل الحركة الصهيونية موشيه شاريت والإدارة الأمريكية دون أن تعد حكومة الولايات المتحدة الاعتراف بالدولة، أما بالفعل فنشر الرئيس الأمريكي هاري ترومان رسالة الاعتراف بإسرائيل بعد إعلانها ببضع دقائق. أما الاتحاد السوفياتي فاعترف بإسرائيل بعد إعلانها بثلاثة أيام. امتنعت القيادة الصهيونية عن تحديد حدود الدولة في الإعلان عن تأسيسها واكتفت بتعريفها ك»دولة يهودية في ايريتس يسرائيل»، أي في فلسطين. أسفر الإعلان مباشرة عن بدء الحرب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة. في 26 مايو 1948 تم تشكيل جيش الدفاع الإسرائيلي بأمر من ديفيد بن غوريون رئيس الحكومة الإسرائيلية المؤقتة.
الدور الأردني في الدفاع عن فلسطين
كانت أقوى الجبهات وأهمها هي الجبهة الأردنية الأسرائيلية فقد عبرت ثلاثة ألوية تابعة للجيش الأردني نهر الأردن إلى فلسطين في 16 مايو 1948 ثم ازدادوا إلى اربعة مع مضي الحرب، بالإضافة إلى عدة كتائب مشاة.
كان هناك نحو خمسين ضابطا بريطانيا يخدم في الجيش العربي الأردني، كان الجيش العربي الأردني ربما أفضل الجيوش المتحاربة من الناحية التكتيكية.حيث عانت باقي الجيوش من ضعف شديد في إتخاذ القرارات الحاسمة على المستوى الإستراتيجي والقيام بمناورات تكتيكية، وقد رافق الجيش العربي فريق من الصحفيين الأجانب من ضمنهم مراسل مجلة التايم.
استطاع الجيش الاردني الحفاظ على القدس والضفة الغربية كاملة مع انتهاء الحرب وكانت خسائر الأسرائليين في هذه المعارك ضخمة، فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ومؤسس إسرائيل ديفيد بن غوريون في حزيران عام 1948 امام الكنيست: «لقد خسرنا في معركة باب الواد وحدها أمام الجيش الأردني ضعفي قتلانا في الحرب كاملة».
وعلى الجبهه الشمالية استولت القوات النظامية اللبنانية على قريتي المالكية وقَدَس في الجليل الأعلى جنوب الحدود اللبنانية. واستمرت المعارك على هذا النحو حتى تدخل مجلس الأمن التابع للأمم الدولية وفرض عليها وقفا لإطلاق النار في 10 يونيو 1948 وتضمن حظر تزويد أي من أطراف الصراع بالأسلحة ومحاولة التوصل إلى تسوية سلمية.
وعقب هذا القرار الدولي توقف القتال بين الجيش الإسرائيلي والجيوش العربية النظامية أما جيش الإنقاذ فواصل عملياته العسكرية في منطقة الجليل. تم تحديد الهدنة لمدة 4 أسابيع وفي 8 يوليو 1948 استأنف الجيش الإسرائيلي القتال في جميع الجبهات رغم محاولات الأمم المتحدة لتمديد مدة الهدنة. وانتهت المعارك في 21 يوليو بعد أن هدد مجلس الأمن بفرض عقوبات قاسية على الجوانب المتقاتلة. قبل العرب الهدنة الثانية التي كانت اعترافا بالهزيمة ودخلت حرب فلسطين التاريخ العربي تحت اسم (النكبة).
انتهى القتال في 7 يناير 1949 بعد استيلاء الجيش الإسرائيلي على معظم منطقة النقب وتطويق القوات المصرية التي كانت مرابطة حول الفالوجة في النقب الشمالي. وبعد نهاية القتال بدأت مفاوضات في جزيرة رودس اليونانية بتوسيط الأمم المتحدة بين إسرائيل من جانب وكل من مصر والأردن وسوريا ولبنان من جانب آخر. تم التوقيع على اتفاقيات الهدنة الأربع بين 24 فبراير و20 يوليو 1949، وفيها تم تحديد الخط الأخضر. في 7 مارس 1949 أوصى مجلس الأمن بقبول إسرائيل عضوا كاملا في الأمم المتحدة وفي 11 مايو 1949 أقرت الجمعية العامة هذه التوصية.
معارك الجيش الأردني
1- باب الواد
2- اللطرون
3- جنين
معارك الجيش العراقي
جنين : تم تحرير المدينة وطرد المنظمات الصهيونية منها وعلى رأسها «الهاجانا» عام 1948. وكان الجيش العراقي ومعه قوات عربية الفلسطينية على حافة تحرير حيفا حيث تمت محاصرتها، ولكن تقدم الجيش توقف فجأة بسبب رفض القيادة السياسية في بغداد إعطاءه الاوامر للزحف وتحرير المزيد من الأرض.ما سبب ارباكا شديدا بين صفوف القوات .
يخلد الفلسطينيون ذكرى القتلى العراقيين دائما، حيث تقع مقبرة شهداء الجيش العراقي في قرية قباطية في جنين.
معارك الجيش المصري
كان الجيش المصري أكبر الجيوش العربية وأقواها، إلا أنه عانى من مشاكل في العتاد والتنظيم. وأهم المعارك التي خاضها هي الفالوجة، حيث ابلى فيها الجيش المصري بلاء حسنا ولكن في نهاية المطاف حوصرت من قبل العصابات الصهيونية في الفالوجة وسط صحراء النقب.
وكان جمال عبدالناصر ومعه عبد الحكيم عامر من الضباط المحاصرين مع كتيبته جنوب فلسطين والذين شكلوا مع زملائهم فيما بعد تنظيم الضباط الاحرار الذين ثاروا على الوضع الذي تسبب في محاصرتهم ومن ثم انهزامهم في حرب 1948.
دور كتائب الإخوان المسلمين
بعد معارك شرسه عام 1948م استولى المقاتلون الإخوان على مدرعه صهيونية وكتب عليها شعار الإخوان الله أكبر ولله الحمد
شارك الإخوان المسلمين بقيادة أحمد عبد العزيز، من مصر والأردن وسوريا وفلسطين والعراق، من أبرز مجاهديهم الوزير الأردني كامل الشريف والشيخ محمد فرغلي وأبو الفتوح شوشة من مصر، والسوري مصطفى السباعي، والعراقي محمد محمود الصواف.
........
دأبوا على زيارة أطلالها كل عام
قرية ميعار.. تم تهجير أهلها منها قسراً ثلاث مرّات
ميعار قرية عربية مهجرة في الجليل الأسفل، على بعد 3 كم للجنوب من قرية شعب، وعلى بعد 17.5 كم إلى الشرق من عكا، وعلى بعد نحو 7 كم إلى الغرب من سخنين. تقع القرية على تل صخري يبلغ ارتفاعه 280 مترًا عن سطح البحر.
بلغت مساحة أراضيها عام 1945، 10788 دونمًا، منها 113 دونمًا مزروعة بالبساتين المروية، و360 دونمًا مزروعة بأشجار الزيتون. تحيط بأراضي هذه القرية أراضي شعب وكابول وكوكب وسخنين وتمرة.
بلغ عدد سكان ميعار عام 1596، 50 نسمة، وفي سنة 1859، وصل إلى 1500 شخصًا، وفي سنة 1908، 374 نفرًا، وفي عام 1922، 429 نفرًا، وفي عام 1931، 543 نسمة، ولهم 109 بيوت، وفي سنة 1945 ارتفع العدد إلى 770 مسلمًا، وفي سنة 1948، وصل إلى 893 نسمة.
- أنشأ العثمانيون في عام 1306ه/ 1888م مدرسة في قرية ميعار، لكنها أُغلقت في فترة الحرب العالمية الثانية. في سنة 1944 بنت سلطات الانتداب مدرسة ابتدائية في القرية.
- يعتقد مصطفى مراد الدباغ أن اسم القرية باللغة الكنعانية يعني المكان العاري والمكشوف، وقد تابعه في ذلك مؤلفو ذاكرات نكبة ميعار.
- في العهد الصليبي دعيت القرية باسم Myary. كانت القرية تقوم على موقع أثري يحتوي على نحت في الصخور، وآثار مبان قديمة، وقطع أعمدة، ومعاصر زيتون وصهاريج. في شمال القرية تقع خربة رأس الزيتون التي فيها نحت في الصخور وبرج وبقايا جدران، وبينها وبين سخنين تقع خربة الجميجمة التي ترتفع 275 مترًا عن سطح البحر. في الحفريات التي أجريت مؤخرًا في ميعار عُثر على موجودات من العهد الفارسي واليوناني والروماني والبيزنطي والمملوكي. هذه دلائل تدلّ على أن ميعار بلدة قديمة جدًا وبقيت مسكونة على مرّ العصور.
- نحن نعتقد أن اسم القرية مشتق من الوعر بمعنى المكان الصلب والصخري، وأصل الاسم «مِوْعَار «على وزن «مِفْعَال»، ثم قلبت الواو ياءً لوقوعها بعد كسرة فصارت «مِيْعار»، أي المكان الصلب كثير الصخور. وما يدعم رأينا وقوع قرية ميعار على تل صخري ناري (بركاني).
ميعار في دفتر ضريبة عثماني
وردت في دفتر ضريبة عثماني اسمه «دفتر مفصل لواء صفد لسنة 1005ه/ 1596م» مقادير الضريبة المجبية من قرية ميعار التابعة لناحية عكا من لواء صفد، بالعملة المسماة بالآقجه موزّعة كما يلي:
- عدد الخانات (عدد دافعي الضريبة من المتزوجين): 10
- نسبة الضريبة: 25%.
- مقادير الضريبة المجبية:
حنطة: 390 آقجه.
شعير: 140 آقجه.
أشجار فواكه: 635 آقجه.
بادهوا ورسوم عروس: 50 آقجه.
رسم ماعز ونحل: 20 آقجه.
يكون (مجموع الضريبة): 1235 آقجه
استنادًا إلى ما ورد أعلاه، يمكننا أن نقرر أن ميعار كانت في سنة 1596م قرية صغيرة، إذ بلغ عدد سكانها 50 نسمة. اعتمد هؤلاء في معيشتهم على زراعة الحنطة (القمح) والشعير، وعلى أشجار الفواكه الكثيرة، وعلى تربية قليل من الماعز والنحل.
ميعار في سجل نفوس عثماني
من حين لآخر قامت السلطات العثمانية بإجراء تسجيل شامل للنفوس في فلسطين، وذلك من أجل إحكام سيطرتها على البلاد، وسوق الشباب إلى سلك الجندية، ومنع فرارهم من الجيش. في اليوم المحدد لتسجيل النفوس كان يحضر للقرية مأمور النفوس في الناحية وكاتبه وموظفون، ويجري التسجيل بحضور مختار القرية وإمامها، وبعض أعضاء مجلس الاختيارية. في هذا السجل (الدفتر) تسجل المعطيات التالية: اسم القرية، اسم الشخص واسم عائلته، وصنعته ورتبته العسكرية واسم والده، واسم والدته، وأسماء أولاده وأشقائه وشقيقاته وبناته وأحفاده وزوجاته، ومن يعيلهم من أقاربه، وتواريخ ميلادهم وملتهم.
يُذكر أن الكاتب التركي كتب باللغة العثمانية بخط رديء تصعب قراءته، وقد بذلنا جهودًا جبارة في التثبت من الأسماء.
بعد انتهاء تسجيل جميع سكان القرية يقوم المختار والإمام وأعضاء مجلس الاختيارية بالتوقيع على النص التالي: «بتاريخه حضرت لقريتنا قرية ميعار التابعة لناحية شفاعمرو هيئة تحرير النفوس وقد أجري تحرير نفوس القرية المذكورة كما موضح في هذا الدفتر بحضورنا فقد بلغ عدد النفوس الذكور مائة وتسعة وثمانون، ومائة وخمسة وثمانون إناث جميعًا ثلاثمائة وأربعة وسبعون نفر بدون أن يبقى نفر الفرد خارج القيد وإذا لا سمح الله تعالى ظهر خلاف ما قررنا نكون تحت أشد المسئولية ولأجله حررنا هذه المضبطة على ذيل الدفتر تحريرًا في 18 كانون الثاني 1324 رومية/31 كانون الثاني 1908 ميلادية. ثم تظهر التواقيع يليها ملاحظة مأمور النفوس وتوقيعه مع موظفيه..».
في 31 كانون الثاني/ يناير 1908 ميلادية بلغ عدد سكان ميعار 374 نفرًا، منهم 189 من الذكور، و185 من الإناث، يعيشون في 66 بيتًا. اعتمد السكان على زراعة أراضيهم.
وفي ما يلي أسماء أرباب العائلات في سجّل ميعار:
1. حسن عبد الهادي محمد سعيد
2. محمد إبراهيم خالد- مختار القرية
3. محمد محمود حاج أحمد العلي
4. أحمد مصطفى مصري
5. سعيد حاج تركي حمزة
6. عبد الحميد محمد طه الأحمد
7. عبد القادر حماد علي حاج خالد
8. صادق محمد إسماعيل شولي
9. محمد عبد الله الحاج علي
10. سليم حاج تركي حمزة
11. عبد القادر علي طه الأحمد
12. محمد مصطفى أحمد طه
13. خالد علي حاج علي
14. عبد الرحمن محمد إسماعيل شولي
15. شحادة عبد الله مصطفى سعيد
16. سليمان قاسم محمد لهيبي (هيبي)
17. عبد الرازق محمد طه الأحمد
18. عبد الحليم صالح محمد لهيبي
19. صالح خليل عبد الخالق
20. مصطفى حسين طه الأحمد
21. أحمد حسين طه الأحمد
22. مجاهد نمر حاج خالد
23. صالح درويش مصطفى سعيد
24. عبد الله خليل عبد الله
25. سعيد محمد المرعي الحسن
26. سعد أحمد طه
27. محمود قاسم محمد لهيبي – أولاده: سليم، نمر، رشيد، موعد
28. شحادة قاسم شحادة
29. مراد مصطفى عيسى محمد
30. عبد اللطيف إسماعيل عرفات
31. إبراهيم محمد إسماعيل شولي
32. عبد اللطيف حسين عزام
33. خليل إبراهيم زايد صالح
34. علي بركات صالح
35. أسعد حسين زايد
36. مصطفى محمد مصطفى لهيبي
37. أحمد شحادة أحمد زغير
38. مفضي حسن محمد عيسى
39. عائشة عبد الله مصطفى
40. أحمد سليمان حاج داود حويشات أو مويشات
41. حسين مصطفى حسين حاج علي
42. حسن طه الأحمد
43. عبد الحليم محمد طه الأحمد
44. داود سليمان واكد
45. علي طه أحمد سعيد
46. عبد الرحيم شاهين عبد الله
47. طه إسماعيل عرفات
48. مصطفى أسعد مصطفى
49. علي حسن علي خليل
50. محمود إسماعيل عرفات
51. سعد مصطفى لهيبي
52. خالد مصطفى لهيبي
53. إبراهيم أحمد العلي
54. محمد مصطفى حسن سعدة
55. سليمان مصطفى حسن سعدة
56. يوسف درويش مصطفى حسن سعدة
57. صالح محمد حاج خالد
58. مفلح قاسم محمد حاج خالد
59. علي حسن سعدة
60. صبحة علي زامل
61. عبد اللطيف حسن قاسم
62. محمد طه يوسف
63. عودة حسين عزام
64. بكر صالح محمد لهيبي
65. عبد اللطيف زايد صالح
66. حسن واكد حاج داود
العائلات في القرية:
لهيبي (هيبي)، وعلي، وشولي، والأحمد، والحاج علي، وتركي حمزة، وطه، وحماد، وخالد، والحاج خالد، وسعيد، وزايد الصالح، وحاج داود، ومرعي الحسن، وشحادة، وعرفات، وعزام، وعيسى، وزغير، وزامل، وواكد، وحويشات، وعكري، ونمارنة.
ميعار في عهد الثورة:
في يوم الثلاثاء 25 تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1938 قصف الجيش البريطاني قرية ميعار بالمدافع، بعد أن أطلقت النار مرتين من القرية باتجاه الجند، وقد دمر 40 بيتًا، وتم القبض على المئات، وسخر السكان في تعبيد الطرق، وقد نزح الكثيرون عن البلدة، ثم عادوا إليها في وقت لاحق.
النكبة والتهجير:
في 18 تموز/ يوليو سنة 1948 هاجمت وحدة عسكرية إسرائيلية قرية ميعار ضمن المرحلة الثانية من عملية «ديكل». دخلت الدبابات إلى القرية وأعلنت عنها منطقة عسكرية مغلقة. نزح عدد من أهالي ميعار إلى لبنان، ولجأ الآخرون إلى كابول وسخنين وشفاعمرو وطمرة وغيرها.
بعد ثلاثة أشهر عاد قسم من أهل ميعار إلى قريتهم، ظنًّا منهم أن الحرب قد انتهت، وأن بإمكانهم العودة إلى قريتهم بهدوء، ولكن في تشرين الأول/ أكتوبر من العام نفسه دخل الجيش الإسرائيلي القرية ثانية، وحمّل السكان في شاحنات أرسلتهم إلى سورية ولبنان.
مع بداية عام 1949، عادت عائلات أخرى كانت في القرى المجاورة إلى ميعار، ولكن تم طردها للمرة الثالثة إلى القرى المحيطة. في عام 1963 قامت السلطات بتدمير بيوت القرية تدميرًا كاملا. دأب مهجرو ميعار في الداخل على زيارة أطلال قريتهم في كل عام.
على أراضي ميعار أُقيمت ثلاث مستوطنات يهودية وهي: سيغف (1953) التي تحولت عام 1983 إلى عتسمون، ياعد (1974) ومنوف (1980). كما أن جزءًا من مستعمرة مسغاف يقوم على أرض ميعار.
- عن موقع «عرب48»
..........
أهالي الشجرة والدامون يحيون ذكرى النكبة في قريتيهما المهجّرتين
ذكر موقع «عرب48» أن عدداً من أهالي الشجرة والدامون زاروا مطلع هذا الشهر قريتيهما المهجّرتين ضمن فعاليات إحياء الذكرى الـ74 للنكبة، وتزامنا مع احتفال إسرائيل بما يسمى «يوم الاستقلال».
وفي الشجرة الواقعة بين الناصرة وطبرية، وقف الأهالي على أطلالها واستمعوا إلى شرح عن البلدة من عدد من كبار السن، بينهم إبراهيم بكارنة الشجراوي (أبو ناصر) وبشير ذيابات (أبو موسى).
وقال الشيخ سعيد بكارنة للصحفي زكريا حسن، في ختام الزيارة إن «هذه الزيارة أصبحت تقليدا سنويا اعتدنا عليه منذ عشرات السنين، يلتقي أبناء البلدة المقيمون بالناصرة وعدة بلدات فيه، بهدف زيادة الترابط، وكذلك من أجل تعريف الجيل الجديد على تاريخ البلدة ومعالمها».
وجاءت الزيارة في القريتين المهجرتين، قبيل انطلاق مسيرة العودة هذا العام إلى أراضي قرية ميعار بجانب بلدة شعب، والتي دعت إيها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين.
وشارك عدد من العرب الفلسطينيين في البلاد بمسيرات ولقاءات وفعاليات، في قرى مهجرة بينها الدامون والشجرة، تُوجت بزيارات ونشاطات عدة، اليوم، ورفعوا العلم الفلسطيني وسط إسماع النشيد الوطني الفلسطيني، مؤكدين أن «يوم استقلالهم يوم نكبتنا».
..........
المعمر المقدسي محمد محمود جاد الله (102) عام
يضيء المظلم من ذاكرة النكبة
بقلم: عزيز العصا*
ولد المعمّر المقدسي محمد محمود جاد الله «أبو نهاد جاد الله» في صور باهر، من ضواحي القدس في 9 رمضان 1339هـ وفق 17 أيار 1921م؛ أي أنه في هذه الأثناء يدخل عامه الـ (105 هجري) أو الـ (102 ميلادي). هكذا، يدخل هذا المعمّر مئويته الثانية بقوة واقتدار عاليين. وكما أعرفه عن قرب، فإنه يتمتع بصحة عقلية وصحة بنيوية تجعلك لا تكاد تصدق شهادة الميلاد، فهو يقظ ومتيقظ وفطين لكل كلمة ينطقها ولكل همس يسمعه.
يمتلك المعمر جاد الله ذاكرة صافية، ليس للسنين الغابرة أي أثر عليها؛ فهو يستحضر الأحداث بتتابع مدهش، وبدقة سردية تكاد تشبه جهاز التسجيل. فعلى مدى خمس سنوات -منذ أوائل تموز من العام 2017- حظيت بعدد كبير من اللقاءات معه، سجلتها جميعها؛ صوتًا وكتابة. ونشرتُ أجزاء منها في صحيفة القدس.
لقد كبرت فكرة التوثيق واتسعت فانتهت بكتاب يحمل عنوانًا غير «مائة عام من حياتي». وقد اختمرت فكرة الكتاب بعد أن تيقنتُ من صدق المعلومات ودقتها، ومن الطريف أنه عندما يصادف تكرار حادثة ما، تجده يعيد سردها كما هي؛ دون زيادة أو نقصان – لا سيما وأنني أحتفظ بلقاءاتنا موثقة صوتيًا، مما يعني أن كل ما يقوله «أبو نهاد» صحيح ونابع من ذاته؛ دون الاعتماد على مصادر أخرى.
عندما لمستُ حجم الضغط الكبير الذي يقع تحته «أبو نهاد جاد الله» من اللقاءات والمقابلات والمتابعات من قبل وسائل الإعلام والمختلفة، ومن قبل الباحثين عن شهود عيان على النكبة والنكسة وما قبلهما وما بعدهما... لذلك كله، أشرتُ عليه بضرورة أن نجمع ذكرياته ومذكراته بين دفتيّ كتاب، يوثق ما تجود به الذاكرة من حياته. وها نحن مع الطبعة الثانية (ملونة) من كتاب «مائة عام من حياتي» هذا العام (2022)، الصادر عن الرقمية للنشر والتوزيع، بتمويل من مؤسسة منيب وأنجلا المصري.
لقد حظيت النكبة، التي نعيش صدى ذكرياتها المريرة دائمًا، بالمساحة الأوسع في هذا الكتاب. فقد أحاط الكتاب بمقدمات النكبة في ثلاثينيات القرن العشرين، مرورًا بأحداث ثورة 1936، والتدريبات والاستعدادات الفلسطينية للقتال، بما يمتلكون من إمكانات متواضعة، وصولًا إلى العمليات القتالية بين اليهود المحاطون برعاية بريطانيا العظمى، الذين ورثوا أسلحتها ومعسكراتها وذخيرتها... الخ، وبين العرب الذين دخلوا المعركة بشئ من التدريب والاستعداد، ولكن بقدرات متواضعة، غير متكافئة مع ما يمتلكه الطرف الآخر من المعادلة.
يتحدث المعمر جاد الله عن الصدمة التي عمت فلسطين عند استشهاد القائد عبد القادر الحسيني، وما تبعه من أحداث تسارعت وصولًا إلى إعلان إقامة الدولة اليهودية في منتصف أيار/1948... واستمر القتال بعد ذلك حتى الهدنة النهائية التي استقرت فيها الحدود بين العرب واليهود.
ولم يتوقف المعمر جاد الله عند ذلك، بل انثالت ذاكرته وتدفقت ذكرياته في القدس مع قادة وزعماء تعامل معهم بحكم عمله في الفنادق، وصولًا إلى النكسة؛ ذلك الزلزال الارتدادي الناجم عن النكبة، وما بعد ذلك أيضًا من شئون وشجون، وصراع مع الاحتلال، ومهن وأعمال مختلفة حتى تقاعده من العمل في كلية العلوم (جامعة القدس حاليًّا) سنة 1983م.
ويختم المعمر جاد الله بالقول:
أحبتي.. أحفادي الأعزاء.. أترك مذكراتي هذه بين أيديكم، وآخرها عام 2021؛ لعلها تضيء المظلم من الذاكرة.. لعلها تفيدكم في البحث عن أسباب الهزيمة، والتغلب عليها لتحقيق النصر على الأعداء يوما ما، وإعادة الحقوق إلى نصابها! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
* معهد القدس للدراسات والأبحاث/ جامعة القدس
http://alassaaziz.blogspot.com/
aziz.alassa@yahoo.com
.......
احصائية بعدد سكان فلسطين حتى نهاية العام الماضي
حسب تقرير نشره موقع «عرب48» فقد أظهرت معطيات نشرها مكتبا الإحصاء الفلسطيني والإسرائيلي أن عدد السكان في فلسطين التاريخية، بحلول نهاية العام 2021، يقارب 14.5 مليون نسمة، بينهم 7 ملايين فلسطيني و7 ملايين إسرائيلي يهودي والباقون من مواطني إسرائيل غير المعرّفين دينيا.
أفادت تقديرات الإحصاء الفلسطيني بأن عـدد الفلسطينيين المقدر حوالي 14 مليون فلسطيني. وبينهم 5.3 مليون فـي دولة فلسطين، بواقع 3.2 مليون نسمة في الضفة الغربية و2.1 مليون نسمة في قطاع غزة، وحوالي 1.7 مليون فلسطيني في أراضي 1948، وهناك ما يقارب 7 ملايين في الشتات، بينهم 6.3 مليون في الدول العربية ونحو750 ألف في الدول الأجنبية.
وبحسب دائرة الإحصاء الإسرائيلية، فإن عدد السكان 9.449 مليون، بينهم 6.982 مليون يهودي ويشكلون 73.9% من السكان، و1.995 عربي (21.1%) يشمل الفلسطينيين في القدس وهضبة الجولان المحتلتين، و472 ألف «آخرين» (5%) وغالبيتهم الساحقة من المهاجرين من دول الاتحاد السوفييتي السابق وهاجروا إلى إسرائيل بموجب «قانون العودة» الذي يسمح للسهود وأفراد عائلاتهم بالهجرة إلى البلاد.
وفي فلسطين، تقدر نسبة الأفراد في الفئة العمريـة 0-14 سنة بحوالي 38%، بـواقع 36% في الضفة الغربية و41% في قطاع غزة. وأشار الإحصاء الفلسطيني إلى انخفاض نسبة الأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، حيث قدرت نسبتهم في نهاية عام 2021 بحوالي 3% في فلسطين، بواقع 4% في الضفة الغربية و3% في قطاع غزة.
وازداد عدد سكان إسرائيل هذا العام بنسبة 1.7%، وينبع ذلك من نمو طبيعي بنسبة 83%، و17% بمفعول ميزان الهجرة. ووُلد هذا العام 184 ألف طفل، 73% منهم يهود و23.4% عرب و2.8% آخرين. وهاجر نحو 25 الفا إلى إسرائيل إلى جانب 9 آلاف كمهاجرين لا يوصفون بأنهم «مهاجرون جدد».
وانخفض معدل الخصوبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال السنوات 2017-2019 إلى 4 مواليد، مقارنة مع 5 مواليد عام 1999؛ وانخفض متوسط حجم الأسرة إلى 5 أفراد عام 2020 مقارنة بـ 6 افراد عام 2000، بواقع 5 أفراد في الضفة الغربية و6 أفراد في قطاع غزة.
وتوفي بسبب فيروس كورونا في الاراضي المحتلة أكثر من 4900 شخص حتى 28/12/2021، وأصيب أكثر من 470 ألف شخص 51% منهم من الإناث، وما زال الكثير يعاني من هذا الوباء وتداعياته.
وفي إسرائيل، توفي العام الحالي 51 ألف شخص تقريبا، وهذا أعلى عدد قياسا بسنوات ماضية، وحتى أعلى من العام الماضي الذي بدأت فيه جائحة كورونا وتوفي خلاله 47,788 شخصا. وتشير معطيات وزارة الصحة الاسرائيلية إلى أن قرابة 4800 شخصا توفوا من جراء فيروس كورونا حتى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
.......
عبدالله حمودة: في العام 1948 تم ترحيل أهل القرى قسراً في شاحنات
كان الفلاحون هم قادة الثورة الفلسطينية ضد الإنجليز واليهود.
الفلسطينيين حملوا السلاح منذ العام 1936 وقاتلوا
الفلسطينيون همُّهم العودة .. رفضوا ويرفضون مشاريع التوطين واعتبروها لعنة عليهم
تكثر في بلدتنا البيارات والبيوت الفخمة والقصور المشيدة قبل العام 1948
الدستور- أجرت اللقاء جمانة أبو حليمة
وطني وعروبي حتى النخاع، يناضل بشتى الوسائل، وموثّق بارع متميز يجمع ما أوتي من معلومات وأخبار تتعلق بقضيته الفلسطينية لتبقى شاهدة على الاحتلال والظلم الذي ما زال يتعرض له الفلسطينيون، مكتبه(وكالة حمودة للاعلان) مخزن مخطوطات وكتب ولوحات تعتبر جواهر نفيسة والمعرض الدائم للشهيد الأيقونة ناجي العلي رسام الكاريكاتور السياسي في هذا المكان يُضفي عليه لمسة وطنية قومية وعبقاً لمرحلة تاريخية نضالية مهمة.. عبد الله محمود حمودة، كان لنا معه هذا اللقاء المقتضب بمناسبة ذكرى النكبة الفلسطينية: أنا من مواليد العام 1942 في قرية بيت دجن والتي تبعد عن يافا 8كم وتقع وسط قرى يازور وسلمة والعباسية وصرفند.
نحن اجتماعيا نعد من الطبقة الفقيرة، حيث كان والدي ووالدتي يملكان 7 دونمات فقط وبيتين نحن 9 اشقاء 4 منهم اتموا تعليمهم الجامعي.
والدي كان في قريتنا صاحب دكان وليس من الطبقة الثرية ولا من ملاك البيارات، كان معظم الناس قبل 1948 يعملون في الزراعة وبعض العائلات الثرية كانت تبعث ابناءها للدراسة في الخارج، والغالبية الى لبنان.
أسماء بعض العائلات في قريتنا عائلة حموده، حبش، زولاي، الناطور، جبرين، عباس، ماضي، فوده، الخطيب، الجايح، شاويش، العسود، عوده، الدجاني، حمدان، السنتريسي وغيرها.
تبلغ مساحة اراضي القرية 17 الف دونما، اخذ اليهود قبل النكبة 1975 الف دونم، وكان في بلدتنا مدرسة ابتدائىة ومدارس صغيرة اسمها كتاتيب، وانا درست في مدرسة (كتّاب) الشيخ مصطفى.
اخي الكبير علي عمل في المعسكرات الانجليزية التي كانت موجودة في القرية انذاك، وبنى بيتا مستقلاً له والذي لم يسكنه بسبب ما حدث في العام 1948.
وكانت بيت دجن ثاني اكبر قرية في منطقة يافا، الاكبر منها سلمة، كان عدد سكانها في النكبة حوالي 5 الاف.
مذكورة في كثير من الكتب وأيام الحروب الصليبية، اقيمت فيها قلعة في فترة «ريتشارد قلب الأسد»، سكنها الصليبيون، وهي موجودة من العهود القديمة وقد شهدت حقبة الرومان والاغريق.
بلغ عدد سكان بيت دجن سنة 1569حوالي 633 نسمة، وهذا فترة الحقبة العثمانية وظل يتضاعف حتى وصل 5 الاف سنة 1948.
أُسست فيها مدرسة بيت دجن الابتدائىة للبنين عام 1920 وكانت للصف السابع الابتدائي، وبلغت مساحتها 15 دونما وكانت فيها مكتبة تضم 600 كتاب.
معروفة بيت دجن انها اغنى قرى يافا وارقاها وثوبها المطرز اجملها واخذ جائزة اجمل ثوب في باريس. وكان فيها مدرسة ابتدائىة للشيخ مصطفى عباس، مثل «الكُتّاب» - وذكرت سابقاً أنني درست فيها، وهي تمهيد للمدرسة، لتعلم القراءة والكتابة والقرآن فقط. وكان فيها مصنع النسيج والغزل الذهبي وكان يملكه مجموعة فلسطينيين وليس يهودا ولا انجليزا. ملاكه فلسطينيون.
وأتذكر هنا قصة تعرفي على مدينة حيفا وسكة الحديد، كنت صغيرا واذكر كيف ركبت القطار مع والدي حيث كانت جدتي ام امي تريد الذهاب للحج ونذهبنا لوداعها في مرفأ حيفا حيث ركبت الباخرة من هناك الى السعودية وهناك في الطريق علق في ذهني اسماء قرى وشوارع ومناطق كثيرة.
وأذكر انه في بيت دجن دوار اسمه «المطامير» وكانوا يضعون فيه القمح، كل عائلة من البلد لها مطمورة يخزنون فيها قمح وفيها أيضاً «ساحة البير» و«دوار بيت دجن» و«ساحة الجامع» واستنادا لما ورد في كتاب د. أيمن حموده وعنوانه «كي لا ننسى» بيت دجن - يافا، فقد مول الصندوق القومي اليهودي جرائم حرب بحق 372 بلدة فلسطينية من قرى أرياف يافا واللد والرملة.
والقوات الاسرائىلية التي دخلت بيت دجن في العام 1948 اسمها «لواء الاسكندروني» في اطار عملية عسكرية اسمها (حيميتس) - اي الخميرة في 25/4/1948في عيد الفصح اليهودي.
وفي يوميات بن غوريون في 16/6/1948 يقول ان عمليات التدمير جارية في بيت دجن على قدم وساق.
وفي اواخر القرن العشرين اقام اليهود 17 كنيسا يهوديا فيها 14 لليهود اليمنيين.
وفي عام 1973 حوّل اليهود الجامع الشرقي في بيت دجن الى محل لبيع مواد البناء.
وهناك مستعمرات محيطة بقرية بيت دجن اهمها مستعمرة «نيتر» و«ملبّس» (بيتح تكفا) وهي بالاصل بيارة عربية اقيمت في عام 1885. و»عيون قارة» جنوب بيت دجن وسموها «رشيون ليتسيون» واصبحت مدينة كبيرة وتعد رابع المستوطنات اليهودية حول بيت دجن وعدد سكانها 226 الف وخمسمائة نسمة.
وكما ورد في كتاب د. أيمن حمودة فان اهم المعارك التي وقعت في بيت دجن اسمها (الطواحين) بين العباسيين والطولونيين في عام 884م وايضا معركة ثانية في ناحية بيت دجن سنة 1101م ايام الصليبيين بين الفاطميين والصليبيين.
ولما جاء صلاح الدين الايوبي في 1190م بدأت الجيوش الصليبية تغادر يافا وبيت دجن ويازور، وهناك معلومة تفيد بأن الكاتب المعروف ياقوت الحموي زار بيت دجن في 1229م.
في 1941 تم شق طريق بيت دجن مرورا بالشمال باتجاه حيفا ولما حدثت الهجرة كانت طريقا مؤدياً لقرى كانت وجهة العائلات الدجنية في هجرتها وأذكرمنها: الاولى باتجاه مجموعة قرى: دير قديس، خربثا، عقبة جبر، دورا القرع، مخيم الجلزون، نابلس، اريحا، اللد، الرملة.
أما الحارات والطرق الرئىسية في بلدنا فأهمها: حارة بيت دجن، حارة البلوع، ساحة جامع الشيخ مرزوق، حارة المطامير، حارة السلمية، حارة القلعة.
وكان يمر الباص في بيت دجن سنة 1930 وبقرى يافا واللد والرملة.
وتكثر في بلدتنا البيارات والبيوت الفخمة والقصور المشيّدة قبل العام 1948 ، واهم قصر فيها قصر زهدي ابو الجبين وهو من كبار ملاك بيت دجن، وأتذكر أنه كان بيتهم في يافا فيه بركة سباحة، وبيانو، ومايكريفون للحفلات، وملعب تنس وراديو.
أما بالنسبة للأكلات الشعبية في بيت دجن فأهمها:
1- المفتول - اهم اكلة
2- الملتوت - بسكوت من طحين القمح يعجن بالزيت ويخبز بالطابون
3- الملوخية
4- وكانوا يستعملون زيت السيرج بكثرة واهم شيء الكبة.
وبالنسبة لاجتماعيات القرية أذكر أنه كان هناك مواسم، موسم النبي روبين والنبي صالح، وهذه كلها موروثة من أيام صلاح الدين الايوبي، وكان عندهم هذه المواسم ذات اهمية كبيرة ، وكان اهل بيت دجن مهتمون بالتطريز الفلسطيني والثوب الفلسطيني تحديدا، فكن النساء يحكن اروع الاثواب واجملها.
بالنسبة للثوب الدجني فقد كان كل ثوب يسرد قصة المرأة التي تحيكه وكم عمرها ومن ساعدها على انجازه وكيفية اختيار الالوان والعروق، والمناسبة التي صنع من اجلها، يقول جبرا ابرهيم جبرا: يحق للفلسطينيين مفاخرة العالم بأثوابهم.
أذكر الكثير عن فلسطين وما دار فيها من أحداث مما كانت ترويه لنا الوالدة والوالد وهو من مواليد 1906 ويذكر ما حدث في الحرب العالمية الاولى والثانية وكانوا يصفون اوضاع القرية انذاك بالصعبة جدا في ظل الحرب.
كانت والدتي التي عاشت حتى سن الرابعة والتسعين، تقول دائما انهم كانوا يتعايشون مع اليهود القاطنين في قريتنا في الثلاثينات، وكانوا يعيشون في بيوت منفصلة بعيدة عن القرية وليس في مستوطنات.
بدأت الثورة الفلسطينية في العام 1936 وبطلها المشهور فيها كان عبدالرحيم الحاج محمد وكان يستفيد من المتعلمين العرب في بيروت والخارج اذ كانوا يعملون معه ومع الثوار، وكان هناك ما يسمى «عصبة العمل القومي» او ما يسمى «الكتاب الاحمر» تأسست في الثلاثينات وكانت مهمة ولعب افرادها دورا في الثورة، وهنا نذكر الثلاثة الذين اعدمتهم بريطانيا.
في أيار من العام 1948 وقعت مذابح في بعض قرى شمال فلسطين وانتشرت اخبار المذابح وخاصة دير ياسين وقائدها كان مناحيم بيغن والتي كانت الابشع، فبدأ الخوف يدب في القرى المجاورة لها وبدأ الاعلام العربي يروّج للحرب وبدأ تهجير جميع أهلها.
في العام 1947 عندما صدر قرار التقسيم كان قد مضى اكثر من عشر سنوات على ثورة 1936 وكان ابناء فلسطين ضد تقسيم «لجنة بيل البريطانية»، الامير عبدالله كان من الموافقين على تقسيم1936 و1937 والثورة الفلسطينية هي التي افشلت تقسيم 1937 فالنضال المسلح هو الذي افشلها.
في العام 1947 كان معظم القيادات الوطنية الفلسطينية، إما في السجون او المنفى او الخارج ولم يبق داخل فلسطين قيادة للثورة، فأخذ الفلسطينيون العاديون احتراما لقضيتهم ومواجهة العدو، حمل السلاح واستعادة حقهم بأيديهم، فقررت جامعة الدول العربية والتي انشئت في 1945 انشاء معسكر تدريب للفلسطينيين في دمشق، واحضروا حوالي 1000 متطوع فلسطيني من فلسطين لتدريبهم على السلاح، وفي تلك الفترة كانت الدول العربية خاضعة للنفوذ البريطاني، فاحتج الانجليز على ذلك وبعثوا برسالة لجامعة الدول العربية بأنه لا يجوز تدريب الفلسطينيين على حمل السلاح فبريطانيا لا زالت موجودة هناك حتى العام 1948، فاستجابت الدول العربية فأغلقوا المعسكر وجمعوا السلاح ووضعوه في المخازن وبدأوا يعدون لفكرة جيش الانقاذ الذي دخل حرب 1948، وهذه اشارة مهمة لحجم النفود البريطاني آنذاك في المنطقة وبشكل خاص فيما يتعلق بفلسطين.
على ضوء ذلك زادت المجازر الوحشية وتدمير القرى الفلسطينية وهنا نعرج على الخطة - د - خطة بن غوريون لتهجير الفلسطينيين، وكان قائد الهاجاناه آنذاك، وتدمير القرى في ظل وجود الانجليز اي قبل 15 ايار 1948 حيث ساهمت الخطة «د» بتدمير عدد من القرى وتنفيذ المذابح فيها مما اجبر الفلسطينيين على الخروج منها ومنها الطنطورة والدوايمة وعدد هائل من المذابح مما اجبر الفلسطينيين على المغادرة وسهلت بريطانيا خروجهم ونقلهم خارج فلسطين.
كان الفلسطينيون الفدائيون طيلة فترة التواجد البريطاني في فلسطين يسافرون الى جنوب سوريا ، حيث كان مسيطرا هناك فكر قومي يقوم على الصراع بين العرب واليهود.
ونركز هنا على ان الفلسطينيين حملوا السلاح منذ العام 1936 وقاتلوا، ونذكر هنا معركة الشجرة التي استشهد فيها عبدالرحيم محمود وهي بلدة الفنان الشهيد ناجي العلي.
كان الفلسطينيون على استعداد للشهادة من اجل فلسطين وكان الفلاحون هم قادة الثورة الفلسطينية ضد الانجليز واليهود.
في العام 1948 تم ترحيل أهل القرى في شاحنات صغيرة وكبيرة بدون حاجيات بيوتهم، واذكر ان والدي اخذ مسدسه فقط، تركنا الاثاث في البيوت على اساس اننا راجعون اليها، خرجنا انا وعائلتي من بيت دجن الى نابلس ثم الى صويلح ثم عمان وهذا كان في نفس العام 1948، نابلس كانت فقط محطة مرور.
واذكر للآن منظر الهجرة، انت خارج من بيتك الى مجهول، سكنا في صويلح في خيمة في وضع مزر، واذكر كانت امي والنساء الاخريات يوقدن النار بشجرة النتش، ثم غادرنا الى عمان واستأجر اهلي بيتا في جسر الحمام في حي وادي السرور ثم في الجوفة ثم اشترى والدي ارضا هناك واستقررنا فيها.
وهنا يعتريك الحنين للبلاد وللبيت وادركنا مع الزمن ان فلسطين ضاعت لا محالة.
في الفترة الاولى من الهجرة كان الصليب الأحمر هو المسؤول عن الفلسطينيين ورعايتهم ثم انشئت الوكالة (وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين)، اي توطين اللاجئين ولم يكن بندا مهما من بنودها التعليم والذي فرض التعليم هم فئة المعلمين المهاجرين والذين عاشوا في المخيمات فأخذوا يعلمون الاولاد، ففي الاعوام بين 1948 و1950 كان لهم الفضل بالتعليم والذي اصبح يحتل القطاع الأكبر في وكالة الغوث ولم يكن هناك ذكر للعودة في الوكالة.
وهنا اشير وبالاستناد الى وثيقة صادرة عن وكالة الغوث في العام 1986 تعترف فيها الوكالة انها وجدت للتوطين وانها اوجدت مشاريع للذلك لكن الفلسطينيين لتمسكهم بارضهم وحبهم لفلسطين افشلوا كل هذه المشاريع وظلوا يطالبون بالعودة.
الفلسطينيون عكس ما يقال عنهم، كانوا وما زالوا شعبا يحب وطنه ويضحي من اجله ورفضوا وللآن كل مشاريع التوطين وبالمناسبة انه بعد انشاء الوكالة انشئت المفوضية العامة للاجئين في العام 1950 وكانت مهمتها اعادة اللاجئين لاوطانهم في العالم كله، لكن وجد في ميثاق المفوضية «نص» اذا وجدت وكالة للامم المتحدة مسؤولة عن اي لاجئين في العالم المفوضية العامة للاجئين غير مسؤولة عنهم. وبهذا تم استثناء الفلسطينيين من المفوضية العامة للاجئين وهنا الدول العربية وافقت على ذلك الميثاق. اليمن، السعودية، مصر، العراق، سوريا، ولبنان.
كان أمين عام الأمم المتحدة صديقا لايبان في سنة 1950 والذي ساهم في انشاء المفوضية العامة وكان عدد كبير من اليهود في مجلس الادارة للمفوضية وهم من وضعوا هذا البند لمصلحة الصهيونية.
وهناك ملاحظة مهمة بالنسبة للقضية الفلسطينية، اذ بعد وقوع 1948 تم تغييب الفلسطينيين اذ كانت تعتبر فقط قضية عربية، اذا ظلوا مغيبين حتى شهر ايار 1964 عندما اوجد الرئىس جمال عبدالناصر منظمة التحرير الفلسطينية من خلال جامعة الدول العربية. القضية الفلسطينية قضية عربية لأن الكيان الصهيوني خطر على الأمة العربية كلها ولكن الفلسطينيين هم رأس الحربة بالنضال المسلح وكافة أشكال النضال لتحرير وطنهم ومعهم أمتهم العربية وأحرار العالم.
الفلسطينيون كان همهم العودة الى الوطن، رفضوا ويرفضون جميع مشاريع التوطين واعتبروها لعنة عليهم.
.......
شاهد على النكبة
د.سبع أبو لبدة: قتلت العصابات الصهيونية رجال وصبيان القرية وهجّرت النساء والشيوخ
أحلّق يومياً بذكريات صباي وشبابي فيأخذني الشوق لبيتنا وقريتنا علّنا نعود يوماً
الدستور- أجرت اللقاء جمانة ابوحليمة
ما زال يطالع ويتابع ويكتب عن قضيّته – وبالطبع ليس غافلاً عن قضايا أمّته العربية والاسلامية، تشغل فلسطين الحيز الأكبر من نشاطاته الفكرية والأدبية، أكاديميٌ بامتياز، قضى عُقودا من حياته في التعليم الجامعي والكتابة في السياسة والأدب السياسي وتدوين كل ما يتعلق بوطنه الذي غادره مُرغماً كحال كل لاجىء، ينام ويصحو على أمل العودة.
عمره أكبر من عمر الكيان المُغتصب وحكاية لجوئه تعج بالأحداث والقصص المثيرة وذاكرته مازالت فتيّة توثّق ما تزخر به من أحداث ومواقف منذ طفولته مروراً بشبابه وحتى اليوم، شاهدة على النكبة الفلسطينية.
«أنا سبع محمد محمود أبو لبدة، ولدت في العام 1935 في قرية صبارين، قضاء مدينة حيفا الساحلية، وعشت فيها حتى بلغت من العمر 13 عاما، أكبر من عمر الكيان المحتل.
صبارين موجودة قبل الديانات الثلاث وهي تقع على تلة بين ثلاثة جبال، عندما كانت تمطر كانت المياه تنحدر من الجبال وتشكل انهارا في الوديان، وقد كنا نخاف ان نعبر الوادي عندما كنا صغارا، وكانت مشهورة بزراعة الصبر ويقال انها سميت باسمها لذلك، وتُعتبر عاصمة منطقة الروضة التي تضم حوالي 30 قرية، وكان عدد سكانها قبل سنة 1948 حوالي 2000 نسمة، وقربها قرية ام الشوف ويحدها أُم الفحم، وكذلك قرية اسمها الكفرين وقيساريا والمشيرفة ومصمص ومعاوي وعارة وعرعرة وقرية ام الزينات على اطراف الكرمل ودالية الروضة ودالية الدروز (دالية الكرمل) وبعدها مرج ابن عامر وعلى مقربة منها قرية السنديانة وشارع طريق الملح ويقرب منها قرية مجِدُّو (ويسميها اليهود هار مجدون). وتقول بعض كتب التاريخ ان نابليون توقف في سنة 1799 بقريتنا أثناء مروره بالمنطقة وتحمس ايضا لأنها تقع على نهر ماء فقد كان يشرب منه الجنود ويأخذون قسطاً من الراحة.
قبل النكبة «كان فيها مدرسة كل سنة يفتحوا صف من أول حتى السادس، انا درست أيضا في الكتاب والشيخ الذي يدرسنا لا يعرف يكتب ولا يقرأ وعنده لوح كان الولد الذي يعرف الكتابة يكتب لنا فتعلمنا من بعضنا البعض نحن التلاميذ».
كان والدي يأخذني الى الجامع وكان هناك بائع بسطة كتب فيها كتبا بسيطة مثل (جزء عم) وجُحا.. وكان ابي ضعيف القراءة وفلاح لكنه كان يشتري لي ما اريد، وكنت اشتري بمصروفي كتبا منه، أذكر أنني اشتريت ذات مرة كتاب «نوادر جحا».
الشيخ دوما كان يجلس على صندوق الشاي وفي يده خيزرانة طويلة يضربنا اذا لم نقرأ، وانا كنت أيسر والجيل القديم يعتبر الأيسر نجسا، فكان يضربني عليها على الكوع وهذا مؤلم جدا وابكي واحاول الكتابة باليمنى وبذلك تعلمت الكتابة باليمنى واليسرى، وعندما اخذني والدي لمدرسة الحكومة أُعجب المدير بقراءتي وقال لابي انني لست بحاجة للمدرسة، لأنني أقرأ وأكتب فبدأت بالبكاء لأنني كنت قد حضّرت ديماية المدرسة «لباس المدرسة»، وجاء استاذ من بلدنا ورآني ابكي فأخذني للمدرسة وطلبت من المدير ادخالي للصف الثاني مباشرة.
وكان هذا في العام 1941 وفي هذا العمر قرأت كل تاريخ العالم من كتب ابن عمتي وحفظت خطبة طارق بن زياد فقد كنت أحبها كثيراً.
مدير مدرستنا كان درزيا، وفي ذلك الوقت كانت الحرب العالمية الثانية وكان الانجليز يأخذون الفلاحين ويشغّلونهم بشق الطرق، وهذا كان وبالا علينا وخسارة لأن مواسم كثيرة مثل الحصيدة والصيد ضاعت منا.
مدير مدرستنا اشترى براميل الزفتة التي كان يستعملها الانجليز وكان يأخذ التبرعات التي يدفعها الطلاب ويشتري جرار ماء ويرسلنا لعين الماء وهي بعيدة عن المدرسة حوالي كيلو متر، وكنا نعبىء يومياً 10 جرار ماء وكان يستغلنا بالعمل لصالحه.
وعندما دخل الانجليز بلدنا كانوا يخربون ويعيثون فسادا ببيوت القرية وخاصة خوابي القمح والشعير ومعاصر الزيتون وكان لنا معصرة زيتون في بلدة عين غزال وكانت قرية مليئة بالزيتون، اما قريتنا فكان فيها فقط 10 شجرات زيتون، قريتنا كانت تزرع ذرة وشعيرا وقمحا وعندما قريتنا مشهورة بكراديش الذرة.
كنا عندما نعصر الزيتون نضع الزيت في براميل وجرار كبيرة خاصة به.
وأما عن أعراسنا قبل العام 1948 كان اهل العريس يوزعون الحنّة، فكان توزيع الحنة دعوة بالاساس للحضور عند العروس وبمثابة كرت دعوة وبالنسبة للرجال الذي يملك مسدسا يطلق طلقات فيأتي الناس.
وكان موسم الزواج ما يكون عادة بعد جمع الحصيدة وانتهاء موسم العمل بالارض.
كان يصمدون العروس على طاولة فوقها كرسي وتبدأ النساء بالغناء وقبل اخذها للعريس كانوا يعطوها النقوط 5 قروش و10 قرش ودينارا احيانا، فيكون معها مبلغ محترم يساعدها في بداية حياتها.
وعند العريس كانوا يفرشون الارض لعدم وجود الكراسي ويحضرون (حدّاءً) أي مغني عتابا وميجنا وكانوا يضيفون الرجال الدخان والكازوز.
وعندما يزفون العريس كان ينقطوه والفلوس التي معه ومع العروس مساعدة لهم لبداية حياتهم.
وبالعيد قبل النكبة أذكر أن اختي الكبرى كانت متزوجة فكان أبي يأخذ سلة كعك ويأخذني معه لمعايدتها، فكان يعطيني 5 قروش وأعيدها.
كنت احب الحيوانات بشكل جنوني وكان لها فضل كبيرعلي، وأذكر هنا قصة طريفة حدثت لي معها، فقد ربيت خروفاً وكبر، وكان في قريتنا نهر كبير وكنت بعد ان اطعمه أغسله بالنهر، ولأني كنت احب القراءة فآخذ قصصي معها وادخل في الخُص(وهو غرفة من القُصيب) وأنام، وعند المغيب كان يوقذني هو فنعود للبيت. وأذكرعندما جاء العيد همّ والدي بذبحه فبكيت بكاء شديدا، فذهبت لشجرة الجميز وبكيت هناك كثيرا.
في بلدنا أنهار كثيرة، واحد في جنوب البلد واسمه واد الخضير وكان يصب في البحر المتوسط وكان فيها بير روماني وشمال البلد نهرين واحد على ضفافه دفلى وكان اهل البلد يسمونه وادي العرايس، اذ كانوا يأخذون منه ورد الدفلى ويضعونه على رأس العروس، والاخر اسمه وادي الشقاق والاثنان يلتقيان عند قرية اسمها الفريدس ويصبان شمال قرية الطنطورة وهي قرية تاريخية وصلها تختموس الثالث، اذ لم يسمح رعماسيس للقبائل اليونانية واسمها بليستيا بالسكن في ذلك الساحل الممتد على البحر المتوسط والذي صار اسمه فيما بعد فلسطين.
واستولت هذه القبائل على اسدود وعسقلان وحتى الطنطورة وشمال حيفا وعكا كانت ارض الكنعانين والفينيقيين نفس الشيء الكنعانون كانوا يسكنون ساحل بلاد الشام كله لكن الكنعانين في لبنان كانوا يستخرجون صبغ المحار وكان اسمه باليوناني فينيق فلذلك سموهم الفينقيين. فكانت بلاد فلسطين تمتد لحد(دور او الطنطورة) كنت اخاف من البحر في صغري لأن امي كنت تخوفني من البحر وله قصة عندي لكن عندما كبرت اصبحت احبه جدا.
كان عند والدي فرسان وقد قدّش ابي الفرسين، اي اصبح يستخدمهم للحراثة.
اذكر للآن بعض قصصنا الشعبية، مثل نص نصيص بالخم.. بيذبح جاج وبيلم، فقد كنت اذهب لبيت (ستي) في قرية عيد غزال لاستمتع بقصصها واحاديثها ولما حفظت طريق بيتنا كنت اذهب لها وحدي سيرا على قدمي وتعيدني هي الى بيتي اذ كانت تركبني خلفها على حمارة بيضاء، كان في طريق بيتها مستعمرة اسمها ابات شلوفوا وهي بالاصل قرية (ام الجمال) وكنا نفرح جدا عندما تأتي ستّي لزيارة بلدنا والمبيت عندنا لنستمتع بأحاديثها.
وعلى زمن الاتراك في فلسطين، كان هناك يهود يعيشون في حدود قريتنا، في الشمال الشرقي على بُعد 4 كم، على الجبل يفصل بيننا وبينهم جبل ونهران وكانت علاقتهم محدودة مع اهل القرية، كان بعض اهل القرية يتعاونون معهم في تقليع الشوك والحصيدة. تعاملنا معهم كان محدودا جدا، وتقع غرب بلدنا اقدم مستعمرة واسمها (أحرون يعقوب) على أرض بلدة اسمها بالعربي (زمارين) وفيها شلال ماء ومزروعة بالقصيب ويصنعون منه شبابه وزمامير ويرغول.
وكان لكل قرية في فلسطين تقريبا مقام (نبي) أو (ولي) يتبارك به سكان القرية ويعلقون فيه الحجابات والاوراق لعله ييسر حاجاتهم.
واذكر مقاما لولي اسمه سبع في برقين بين جنين وبرقين وللاسف اصبح اليهود يسمونها باسماء عبرية فيما بعد لان يهود فسطين من كل بلد وحضارة مختلفة، عندما جاءوا الى فلسطين سرقوا تراثنا وطعامنا وثقافتنا ليصنعوا لهم تاريخا.
وبالنسبة لقريتنا في العام 1948، لما اصبحت القرى الفلسطينية تسقط واحدة تلو الاخرى، ورحل اهل السنديانة وسقطت قيساريا، بدأ الناس في قريتنا يخرجون ويهربون، كان لي اختان واخ اصغر مني، يوم احتلال قريتنا حلبت امي البقرات وطلبت من اخي ان يرعاهم في الجبل. وأذكر انه قبل بليلة من ذلك قالت امي لابي ان الاولاد خائفون ولا يأكلون، فقال لها انه سيبعث في الصباح اخي ليأخذ لنا بيتا في قرية مجاورة.
وصبيحة ذلك اليوم أخذ اخي وهو يرعى البقرات يصرخ ليحذرني وانا افطر لكن لم افهم عليه كان هو اعلى منا، فقد شاهد اليهود وهم يدخلون البلد، فلم افهم عليه فضرب البقر وهرب معهم ودخل اليهود القرية.
قلت لاختي ان تبعد الوزات من الطريق عندما سمعنا صوت سيارات فخرجت وقالت لنا جاء اليهود، كان عندنا بارودة كان يستخدمها الانجليز اسمها قرطة اشتراها ابي بكل ما يملك من شخص من حيفا (كان ابي آنذاك في الجيش التركي).
طلبت من امي البارودة فدفعتني على الارض وقالت لي ان اهرب، فهربت وراء قريبي وقلت لاختي ان تلحق بنا ولحق بي أيضا ابن جيراني فتح الله واخته، وامي بقيت بالبيت ونحن هاربون، واحد من بلدنا كان قد اشترى بندقية من الذخيرة الروسية ومعه لحسن الحظ 5 طلقات، فاطلق واحدة فاستطعنا الهروب عندما انشغلت الدبابة بصاحب البندقية. زوج اختي كان يرعى بالغنم وكان العمال والرعيان يشترون آنذاك لباس الجنود القديم فكان وقتها يلبسه وهو ضخم الجثة فساعده ذلك بالهرب دون أن يوقفه الجنود لاعتقادهم انه ضابط او ما شابه.
انا واختي وفتح الله واخته هربنا وانا اقول موطني موطني، وكان معنا مجموعة من اهل القرية، لقيت اخي ورعيانا من قريتنا وقرية ام الشوف، والدي في هذه الاثناء كان ذاهب لبيارتنا ليشق على الثمر اذا استوى او لا.
فلما عاد للقرية لم يكن يعلم بما حدث فوجد البغلة ترعى على البيادر وحيدة فجلبها للبيت ليشربها ماء فكان له اليهود بالمرصاد. فسرقوا نقوده وكان معه في ذلك الوقت 85 جنيها فلسطينيا. كانت امي وحيدة في البيت اخذت ما في البيت من مال، فدخل اليهود فجأة على البيت وحاولوا مهاجمة امي فهاجمهم كلبنا في البيت وأصابوه بالرصاص في قدمه.
أخرجوا امي من البيت وطلبوا منها ان تجلس تحت الخروبة، وكان معها تقريبا 800 جنيه فلسطيني في جيبها، ولما احضروا ابي وشاهد امي سألها عنا فقالت له هربوا فقال لها (اصبحنا بلا خلفة) وحزن كثيرا.
جمعوا اهل القرية العصر قتلوا بعضهم، قتلوا ابن جيراننا، كان في صفي بالمدرسة، جمعوا كل رجال القرية الموجودين فيها حتى الاولاد في المدرسة، وجمعوهم قرب الواد وأعدموهم بالرصاص امام عيون اهاليهم والبعض من بقي فقط من كبار السن اخرجوهم منها وقالوا لهم: الى عمان واللي بنشوفه بنقتله.
سرقوا ذهب النساء، امي وهي جالسة قرب الخروبة دسّت النقود بين جذوع الخروبة وغطتها بحجر صغير، تركوا النساء وكبار السن ليذهبوا الى عمان، وطلب الضابط اليهودي من بعض الرجال ومنهم والدي ان يأخذوا معهم الشيوخ والعجزة فوضعوهم على الحمير. خرجوا مشيا الى غابة ام الفحم.
جلس ابي على جبل مقابل لقريتنا واخذ كل الوقت يراقب اليهود، وذات مرّة ظن والدي انهم خرجوا فذهب مشيا في النهر ليصل الى الخروبة ليحضر النقود فمرت سيارة للجنود فنام بين الجثث وعمل نفسه ميت كي لا يراه أحد، سبح على بطنه واخذ النقود وعندما تأكد من خلو القرية من الجنود احضر اغراض قدر ما يستطيع الحمار حمله وعاد، ولما عرف اهل القرية بما عمل، اخذ الناس يعملون مثله فيذهبوا يتسللوا ليحضروا حاجاتهم ويعودون، وما اذكره جيدا ان صديقا لي كان يبكي وكان بالغابة فسألته ما به فقال انهم تركوا جدته المريضة بالفراش، وقد سمعت فيما بعد ان اليهود جمعوا النساء والشيوخ الذين بقوا بالقرية ومنهم العميان والمشلولون وحرقوهم جميعا.
انا تسللت فيما بعد للقرية لآخذ كتبي ركضت ليلة كاملة حتى سال الدم من قدمي الى أن طلع النهار وتفاجأت بانني اسير بالاتجاه المعاكس حتى وجدت نفسي في بستان قرية عربية.
ويبدو ان ضبعا او ذيبا اشتم دمي ولعقه فلحق بي فأخذت حجرين كبيرين فضربته بأول حجر على وجه والثاني على كتفه فعاد، وكنت ارتدي جاكيتا جميلا كالبحارة احضره لي ابي من حيفا فمزقته وربطت فيه قدمي. جلست لم أبرح مكاني ما يعادل ساعتين الى أن عاد لي عقلي وعرفت اين انا؟ واذا بي في الشمال قرب مرج ابن عامر ورأيت الدفلى، اي ان هناك ماء، واخذت اقطع ورق الذرة وأمصّه من كثرة الجوع والعطش، سرت فوجدت تحتي الواد وخرجت نحو الاسفلت، وعندما مرت سيارة رميت نفسي بالنهر، بقيت اشرب ماء حتى لم استطع الحركة، كنت جائعا جدا، كان النهر مليئا بما يسمى (بُلعط) ابن السمك، فصرت اجمع بيدي منه وآكل، قررت العودة، فكلما صعدت للاسفلت واسمع سيارة تمر اخاف واعود، نمت قليلا ففجأة شخص مسك بيدي، فسمعت احدهم يقول بعده هي اقتله، فقلت على الفور انا عربي، انا عربي فاكتشفت انهم فلسطينيون يعملون بتهريب الرجال بين عسفيا والدالية وجبل الكرمل الى جنين ويعبد، سألوني انا من أين؟ فسألوني اسئلة كثيرة عن بلدي واقاربي، سألوني اذا كان هناك يهود بالطريق قلتهم لا. طلبوا مني ان امشي معهم وهم على الحمير حتى وصلنا قرية تسمى معاوية تابعة لام الفحم، فيها ماء شربت واكلت تين وتركتهم وذهبت الى الغابة حيث كنا فوجدت امي هناك ومعها نسوة كثيرات فانذهل الجميع لرؤيتي وامي كانت قد اعتقدت اني مت. أمضت امي ومن معها يومين وهم يخرجون الشوك من قدمي.
استقرينا في الغابة لمدة شهر او شهرين كان ذلك في بداية صيف ذلك العام، 12/ايار/1948.
كنت ذكيا ومجتهدا بالدراسة فكان اهل البلد يقولون لابي: يا ابو السبع ابنك شاطر واقترب موعد بدء المدرسة وسمعنا ان الملك عبدالله في عمان يمنح اولاد اللاجئين الدراسة في مدارس داخلية هناك، وانا كولد صغير صدقت هذا الكلام وهو بالاصل ليس صحيحا. فوافقت على طلب عمتي بأن ارعى غنماتها مقابل ستة قروش ظنا مني انني سأذهب بهذا الى عمان وألتحق بالمدرسة الداخلية. وانا كنت حافظا في كتاب الجغرافيا للمرحوم وصفي عنبتاوي الطريق بين بلدنا وعمان، فمشيت ونزلت ببير ماء وشربت وسرت الى قباطية وكان الجيش العراقي موجودا، وكان الجيش قد سأل عن الهويات، وانا مشيت مع النساء اللواتي يقصدن عين الماء، فاعتقدوا اني معهن، وانا لا معي هوية ولا شي. مشيت للزبابدة، لحقت برجل معه حمار ومشيت معه ووصلنا (تنين) وكان الوقت غروبا فقرر الرجل ان ننام على البيادر، وطلب مني ان اطلب خبزاً من اهل القرية، فقالت لي امرأة ان اذهب الى الديوان فاعطوني ونمنا على البيادر، وكان هناك حصيدا مع طلعة النهار، قمت وسرت حتى وصلت طوباس، شعرت بالجوع ومعي الـ 20 قرشا من عمتي، هناك بياع عنب اشتريت بقرشين عنب، واكلت وانا امشي.
وصلت عين الفارعة، فوجدت هناك ولدين من اصحابي ومعهم غنمتين يرعوهما سعدت لذلك لكن لم يكن لديهم طعام هم وابوهم وامهم يقتاتون على حليب العنزتين، ابوهم ادرك اني هارب وهو يعرف والدي، وادركت انه لن يدعني أكمل فهربت في الفجر حتى وصلت (وادي البيذان) قرب نابلس، وجلست هناك على كرسي في مقهى ثم استمريت بالسير حتى عطشت فقطعت الاسفلت ومر تركي وطلبت منه ان يأخذني (لجسر دامية) فطلب دينارا ونصف فقلت له انه ليس معي شيء فأخذ 17 قرشا ونصف، ونزلني قبل الجسر، ذهب وانا سرت هناك وكان في حرس فقالوا عني انه يهودي، لانه للاسف ملابس المدرسة التي كنت ارتديها كان ينسجها مصنع يهودي في مستوطنة ومكتوب عليها بالعبري، فقادوني معهم وحاول احدهم اغتصابي فدافعت عن نفسي فحاولت ان القي بنفسي في نهر الاردن فصوب علي البندقية فبدأت بقراءة الفاتحة على روحي، لكن البندقية كانت فارغة ولحسن الحظ هربت.
جاء متطوعون فلسطينيون كانوا يساعدون الناس ولحسن حظي ايضا ان هناك جنديا كان اسمه دواس وامه جارتنا في صبارين فساعدني، بقيت يومين او ثلاثة على الجسر في الضفة الغربية حتى يتوسطوا لي عند الجنود الاردنيين ليسمحوا لي بالدخول الى الضفة الشرقية حيث اني لا املك هوية ولا اوراقا.
بعد عدة ايام مرت سيارة شحن وطلبوا من سائقها ان يأخذني معه. ولما وصل الجهة الثانية من الجسر كان الضابط معه خبر بقصتي حيث اخبره الضابط ابو دواس بقصتي فسمح لي بالمرور. وصلنا دير علا فنزل ليحمل خضارا وخيارا لعمان، ولما وصلنا جبلا في السلط كان في عين اسمها عين جنيزيرة، هناك سيارتنا تعرضت لحادث ومالت ولم تعد تسير، سرنا مشيا على الاقدام انا والشخص الذي معي. في الطرق كانت الوديان كثيرة فشعرنا بالخوف، كتبنا بقلم مع رفيقي اسماءنا على حجر علشان اذا متنا يعرفنا اهلنا، سمعنا في الحرش صوت مناد (هي يا زيد) فذهبنا للصوت وشرحنا القصة، فوجدنا ديوانا فيه اشخاص بدأت اشعر بنعاس شديد فقالوا خذوا الولد الى شق الحريم وهناك غطيت رأسي بالحطة. ثم تابعنا بالصباح مسيرنا حتى وصلنا مدينة السلط وركبنا الباص ونزلنا الى عمان ووصلنا الى الجامع الحسيني وحسب تخطيطي انني سأنام بالجامع واشتري كل يوم رغيف خبز وابحث عن الملك عبدالله ليدرسني ونحن امام الجامع، جاء شخص وعرض علي العمل في مطعم، فسألني هل اشتغلت في مطعم، فقلت له، لا لكني اتعلم، كان مطعم يعمل اكلا للعمال، يقلي بيضا وحواضر، وقريبا من شركة الدخان.
عملت معه واذا بين العمال اثنان من منطقتنا واحد من إجزم والثاني من (عرب البرّا) ففرحت وخصوصا للذي من اجزم.
بقيت اعمل في المطعم وكنت كل يوميا انزل لاشتري خبز المطعم 500 رغيف من مخبز تحت فندق الجامعة العربية، وفي يوم من الايام وعند باب المخبز وجدت اولاد خالتي الاثنين، وكان هذا بعد شهر ونصف، شرحت لهم القصة، فأخذوني معهما، كانا يسكنان بخيمة على طرف جبل الاشرفية، زوجة واحدة منهم قريبة امي وام لشابين، مرت خالي، أصبح مبيتي عندهم وقلت لهم ان حلمي بالدراسة تبدد وان موضوع المدرسة الداخلية غير صحيح وارغب بالعودة لاهلي، فاعطوا شوفير شاحنة دينارا لأخذي لنابلس، حدث معي تماما كما حدث معي اول مرة، لما قعطنا اريحا نزلت هناك بالليل وبقيت جالسا على الكرسي، وفي الصباح ركبت مع سائق شاحنة لجسر دامية وشرحت للضابط القصة فوقف سيارة وطلب منها أن توصلني لنابلس، فنزلت على مفرق جنين والطريق التي تذهب الى عارة وعرعرة، دخلت يعبد فوجدت اقارب لي، فوجدت قريبة لي اسمها (شمسة ابو دلة) وكانت مع اهلها هناك فرحت بي ثم سألتها عن اهلي فقالت انهم في عارة وعرعرة، ذهبت الى هناك ووجدتهم في عارة، فوجيء اهلي بمجيئي، وكانوا قد عرفوا اني ذهبت الى عمان، لألتحق بالمدرسة، لكنني عدت ومن ما حل بي من مشقّة في رحلتي قررت هذه المرة أن أكون راعي غنم واتزوج بنت خالي وانتهى الموضوع.
بعد يومين اخذني ابي الى جنين لألتحق بمدرسة جنين، سألني المدير عن شهاداتي، والمدير مغرم بالتاريخ وانا كذلك، وقلت له ان جميع شهاداتي في بيتنا وانني لاجىء، دخلت الصف الاول ثانوي، والقصة في هذه الفترة طويلة جدا لسردها لكن باختصار اظهرت تفوقي وكنت خطيب المدرسة وكان هناك طبيب لبناني رحمه الله اسمه (خالد مطيع) اذ كان كثير من اهل لبنان يعيشون في جنين، ومن جنين يعيشون في لبنان.
ذات يوم مرضت فأخذ يعتني بي، اذ كان عنده شبه مستشفى صغير فيه خمس غرف، وغرفة فيها اشعة XRay وغرف اخرى للمرضى، وقد طلب مني ان اعمل عنده كحارس، عشت هناك وواصلت دراستي وصارت امي وابي يحضرون لي الطعام ويأتي أصدقائي.
كان هناك ما نسميهم فتّاحين بالرمل، وأذكر ذات يوم أن احدهم قال لي: في شهر تموز(7) ستفتح لك رايات النجاح وستغادر وتكون لك فتاة خارج البلاد، وتكون نصيبك، وفي هذه الفترة كان الاردن بحاجة الى اساتذة ومدرسين وكانت اليونسكو تدعمه في ذلك الوقت وفتح دار المعلمين في عمان في جبل الحسين فأخذونا كبعثة ولنكمل دراستنا هناك ونعمل.

الدستور- قسم الشؤون الفلسطينية- الملف اعداد جمانة ابوحليمة
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012