أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024
الثلاثاء , 23 نيسان/أبريل 2024


إلى زينة

بقلم : محمد عبدالكريم الزيود
04-06-2022 12:34 AM

أعترف يا ابنتي زينة أن صورتك اليوم وأنتِ تتلّمسين بأصابعك النحيلة نعش أبيك الشهيد علي الجوابرة ، عجز الكلام عن وصفها ، يداكِ الصغيرتان تتمسكُ بالعلم الذي لُّف به الجسد الطاهر ، وكأنّكِ تناديه ربما يسمع صوتكِ وهمسكِ، ودمع جدك وجدتك ونحيب أمك الصامت يفيض على الخدين ويهطل من القلب الجريح.

الله يا زينة ، يا زينة البنات ، هكذا الشهداء في جيشنا يصعدون إلى السماء وهم بعيدون عنّا ، كُتب على العسكر الغياب ، وكُتب على أهلهم وأحبتهم أن يودعونهم كل يوم بالشوق والدعاء ،، أعرف أن علي لوح لأبويه ولأخواته السبعة يوم مرّت الطائرة من فوق المخيبة التحتا ، وإلتصق بزجاج النافذة ليرى أضواء الطرقات وشجر البيارات هناك ، وأرسل نبضة من قلبه لرفيقة الدرب عندما حجب الغيّم والعتمة وجه الوطن.

كُتب على الفقراء يا زينة أن يكونوا الشهداء وحرّاس الثغور والحدود ، كُتب على الفقراء يا زينة أبناء القرى المنسيّة أن يقدموا دمهم عندما يختبئ الجميع ، اليوم عرفت الحكومة المخيبا ، وعرفوا طريقها الوعر ، وعوفوا حرّ الغور ، وعرفوا وجوه الناس هناك المتعبة من الفقر والبطالة والعوز ، وعرفوا أيضا كم يقدم الفقراء من شهامة ومروءة ودم وفروسية .

الله يا زينة على بنات الشهداء ، فأنت تشبهين جوان راشد الزيود وكندة سائد المعايطة ، تشبهين كل البنات اللواتي ظلّت جدائلهنّ ندّية كل صباح ، يذهبن للمدرسة وينتظرن عودة الأب الشهيد للبيت ، ينتظرنه عند عتبة الباب ويخطفن القبلات البكر منه بين خشخشة الأساور وحمرة الخدود الصغيرة كدحنون بلادنا.

سيظلّ شهداء الجيش العربي أجمل الفتيان ، من القدس حتى إربد ومن هاييتي حتى مالي ، كلمّا شحّت بلادنا جاء الشهداء والعسكر ونثروا أرواحهم شجرا وكرامة وقمحا وشجاعة ودحنونا وقصائدا وأملا يحيينا.

سلام عليك يا علي ، وسلام على زينة زينة البنات ، سلام على دمع الأمهات ، سلام لقلوب الأخوات، وسلام على حزنهنّ الذي يتجدد كل عام ولا يطفئه إلا الإرتواء من الأحبة.

سلام للجيش أينما حل والسلام ما بعده سلام لأرواح الشهداء.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012