أضف إلى المفضلة
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
الخميس , 25 نيسان/أبريل 2024


خلدون مدالله المجالي يكتب : اوكرانيا وكيل الناتو الحصري.. بوتين اذ يقرر حرب المصير ويرسم هرم ماسلو لشعوب اوروبا

05-10-2022 06:48 AM
كل الاردن -

ثمة عوامل عدة تتعلق بالحروب على اختلاف ازمانها تعطي تفسيراً منطقياً وتصوراً شمولياً حول طبيعة الاحداث وموازين القوى ربما نستطيع التمييز من خلالها بين العمليات التكتيكية او المناورة الحية والحرب الحقيقية، يقف عامل التسليح والعقيدة العسكرية ومكان حلبة الصراع وقوة الحلفاء والتوقيت الزمني ضمن ابرز تلك العوامل للاجابة على الاسئلة التي تراود المتابعين للشأن الاوكراني-الروسي.
مع دخول الازمة الاوكرانية شهرها السابع والمراهنات قصيرة النظر حول تكافؤ موازين القوى وتحليلات إعلام الناتو يبقى فهم طبيعة ودوافع الصراع الدائر هناك ما يفيد الباحثين عن الفهم الشمولي لما يجري.
جمهورية روسيا الاتحادية وريثة التاريخ السوفييتي والقطب العالمي الثاني تقف هذه المرة في منازلة حقيقية امام حلف الناتو ( الحريص على اضعافها وتبعيتها)، الناتو المحشو بعقدة التفوق اينما حلّ دماره وارتحل ببوارجه في مواجهة مباشرة مع روسيا ولكن باوكرانيا- وكيله الرسمي- هذه المرة، الناتو يسعى جاهداً للتمدد شرقاً والهدف موسكو ليس إلا وهذا ما دفع الروس لضم الجمهوريات الاربعة باستفتاء داخلي لتشكل طوق حماية تحت اسوأ الظروف بينها وبين اوكرانيا.
يدرك قادة الناتو تماماً ما معنى اغضاب دولة نووية ذات تفوق كروسيا والوقوف امامها وجهاً لوجه عبر جيوشه التي ربما لن تكفي اعدادها المتبقية والمؤهلة لخوض غمار حرب مع دولة متمرسة عبر الزمن كروسيا، عوامل الضعف التي تعتري حلف الناتو والتي من ابرزها العدد المؤهل والعتاد المنافس تقف دليل اثبات على منطق الفكرة التي اتحدث عنها.
تصوروا ان قرار الحرب في العراق مضت به الولايات المتحدة قدماً دون اذن من مجلس الامن، واستغرق موافقة مجلس النواب الريطاني (15) دقيقة في خطاب مليء بالاكاذيب والتهويل من توني بلير لتفويضه لشن الحرب، كلتا الدولتان تشكلان رأس الحرب وقبضتها في حلف الناتو لكن في الحالة الاوكرانية اختلفت الحسابات لاختلاف العدو المقابل، لماذا لم يتخذ الناتو المتسرع بقرارات الحرب دوماً اجراءً بضم اوكرانيا للناتو حتى تشملها اتفاقية الدفاع المشترك، ولماذا لا يزال الدعم العسكري هناك يجري بخوف وترقب وعلى استحياء، لماذا اختفت زهوة العلو والفوقية امام دولة كروسيا تحديداً ولم تعد لهجة البوارج والصواريخ قابلة للفهم والتهديد حتى.
أكاد اجزم ان دخول روسيا في تلك المواجهة كان هدية السماء التي انتظرت دوافعها طويلاً امام من يعتقد بان اقحام روسيا في المسألة الاوكرانية جاء كتخطيط ودهاء ناتوي كان الروس يجهلوه، هذا الفهم الخاطيء لطبيعة التفوق الروسي الاستخباراتي يضاف الى جهل طبيعة الدولة الروسية التي اكتملت لديها اركان التفوق العسكري والتكنولوجي والقطبية من جديد، روسيا الصاعدة تجد نفسها مؤهلة أكثر من اي وقت مضى لتصبح قطب العالم الأقوى ولكن ليس على الطريقة الهمجية الامريكية بالاضافة لامتلاكها لجميع ثروات التكنولوجيا الحديثة ومعادن الحضارة القادمة النادرة ايضاً، هم ايضاً بحاجة لنزال حقيقي يعيد ترتيب القوى العالمية وهيمنة البترودولار وحكومة العالم الرأسمالي في لندن وواشنطن.
ان فهم طبيعة ردة الفعل الروسية على العقوبات الاوروبية -التي بدأت اوروبا نفسها تدفع ثمنها- يؤكد بشكل جلي على التخطيط والعلم الروسي المسبق للنوايا المبيتة تجاهها اضف الى ذلك ان برودة اعصاب القيادة الروسية فيما يستجد من احداث وتهديدات يجري التعامل معها كسيناريو قديم جرى الاطلاع عليه ومناقشة حيثياته وتبعاته في اروقة الاستخبارات لديهم وليس بجديد.
الناتو يجد نفسه مكبل الايدي في الدعم الحقيقي لاوكرانيا باستثناء الآلة الاعلامية التي تتخذ وضع الميليشيا كقاتل مأجور، فكمية الاخبار التي جرى تداولها عن الانسحاب الروسي الاخير من اراضي كانت تحت سيطرته وتصويرها بمظهر الانتصار الاوكراني لا يتم تصديقها حتى في اوكرانيا التي تدرك جيداً بان الشك يشوب تلك الحركة من جهاتها الاربعة، يتم تهويل تلك الاخبار لحث الاوكران على الصمود واسكاتاً للرأي العام لشعوب اوروربا المنتفضة اقتصادياً ضد قادتها بان الحرب باتت تأخذ منحنى آخر، بالمناسبة فقد وجدت اوروبا نفسها امام مواجهة حقيقية مع الشعوب التي تئن من وطأة العقوبات الموجهة ضد روسيا وتطالب الجماهير ببريطايا وايطاليا والمانيا بانهاء تبعية القرار السياسي لاميركا تخوفاً من تطور المواجهات النووية ورعباً من الشتاء( حليف روسيا التلقليدي ) لاعتمادهم على الغاز الروسي.
العقيدة العسكرية للجيوش ليس على نمط واحد، على سبيل المثال فان الأمريكان والانجليز لديهم عقيدة عسكرية ذات طابع همجي وتدميري تعشق الوصول لسحق المقابل في اقصر مدة وباعتى انواع الاسلحة، اليابان والعراق تقف كشاهد اثبات رغم طول الفاصل الزمني بين هيروشيما وتدمير العراق الا ان العقيدة العسكرية ذاتها المبنية على عامل الحسم والتفوق باختلاف نوعية السلاح التدميري، من هنا يمكننا القول بان طبيعة العملية العسكرية الدائرة في اوكرانيا اشبه ما تكون بمناورة تكتيكية لم ترقى الى الحرب الفعلية بالنسبة للقيادة الروسية التي تعلم بان سيناريو افغانستان اصبح من هفوات القيادة السوفييتية السابقة لا مجال لتكراره، ما يميز العقيدة العسكرية الروسية سياسة الاحتواء وردات الفعل الهادئة المدروسة وعدم الاستعجال في قطف النتائج.
نحن على اعتاب انهيار اقتصادي عظيم لاحت بوادره كمطلب مقصود يصب في مصلحة روسيا، الدولار الغير مدعوم بالذهب لا يزال اقوى اسلحة اميركا كما ان معادلة البترودولار جعلتها المتحكم باقتصاد العالم لعقود مضت، من هنا يدرك الروس بان نظرية الدول التي تقوم عسكرياً تموت اقتصادياً وفي سبيل ذلك يسعون لاضعاف الدولار وازاحته من صدارة سلة العملات والدخول في تكتلات اقتصادية قوية تتداول بالعملات المحلية، اجبار دول اوروبا على الدفع بالروبل مقابل الغاز وتعظيم دور منظمة (بريكس) ما جاء الا لتحييد اوروبا واميركا عن صدارة الاقتصاد العالمي تمهيداً لانتزاع القطبية من باب الضرورة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر ارتفعت فاتورة موارد الطاقة لدول اوروبا وضرب التضخم اقتصادها وتبع ذلك البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة وجُلّ ذلك دفع شعوبها للانتفاض والمطالبة بانهاء العقوبات المفروضة على روسيا كون الشعوب الاوروبية ابرز المتضررين منها واجبار القادة الاوروبيين ( الذين لا يملكون الا دعوة شعوبهم للاستحمام المشترك واطفاء الانارة ) على تدارك تبعات حرب لا تبقي ولا تذر.
يدرك الروس جيداً وعن سابق تخطيط ان حسابات الدول وميول الشعوب تختلف ايضاً باختلاف الفصول الجغرافية، وتحت وطأة المقايضة والإذلال مقابل الابقاء على الحياة استطاع الروس اعادة تعريف ( هرم ماسلو) لاوروبا واميركا يجعل من التدفئة والاضاءة وتشغيل المصانع أشد الأولويات الانسانية لديهم قبل الحاجة للتكاثر .
كاتب اردني مهتم بالشأن الروسي

Khldounalmajali123@gmail.com

رأي اليوم
التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012