أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 04 كانون الأول/ديسمبر 2024


القمم العربية: الناس تغيروا والبريق تراجع

بقلم : د . زيد النوايسة
01-11-2022 06:22 AM

بعد انقطاع دام لسنوات بفعل جائحة كورونا، تلتئم اليوم في العاصمة الجزائرية اعمال القمة العربية بدورتها الحادية والثلاثين بحضور جميع الدول العربية باستثناء سورية التي لم تدع رسمياً بالتوافق مع الدولة المستضيفة، يغيب عن الحضور العديد من القادة العرب ولم يعرف إذا كان الملك المغربي سيحضر، بينما يتمثل الأردن في سمو ولي العهد الحسين بن عبد الله.

على عكس ما كان سائداً في ذاكرتنا بالنسبة للقمم العربية التي كانت تعقد سابقاً من تفاؤل ولو بشكل نسبي بأن حال العالم العربي سيغدو أفضل، يبدو الفتور وعدم الاهتمام هو الغالب على الجميع مواطنين واعلاميين ونخباً سياسية؛ كانت متابعة اعمال القمة العربية على محطات التلفزيون التي كانت تتفرغ لنقلها على الهواء مباشرة تشد اهتمام الجميع خاصة إذا كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي حاضرا فيها ومتابعة مداخلاته التي تتميز بسخرية لاذعة وبالخروج عن البرتوكولات الرسمية فجعلت منه نجماً لأي قمة وربما كان ينافسه نسبياً الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح في جراءته في تشخيص الواقع العربي بعيداً عن التجميل الدبلوماسي.

أنا من تلك الأجيال التي عاشت اجواء انعقاد القمم في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي وفي بداية الالفية الحالية؛ كنا مأخوذين بأن العرب اذا اجتمعوا يمتلكون القدرة على إحداث تغيير ولكن مع الزمن وتوالي الخيبات والانكسارات التي تبدو وكأنها بلا نهاية ودون أي بارقة أمل؛ بدا حماسنا يتراجع وينخفض سقف توقعاتنا لدرجة اللامبالاة بالرهان على أي نتائج قد تؤسس لعودة التلاحم العربي بالمعنى السياسي على الاقل حول ما كان يجمع العرب عليه دائماً وهو القضية الفلسطينية، ولو كان هذا الاجماع شكلياً في التأكيد على الثوابت التي كانت تتكرر في كل بيان ختامي وتذهب ادراج الرياح بعد مغادرة الوفود العربية.

عندما أصبحت القمم العربية دورية حسب ترتيب الاحرف الهجائية؛ أصبحت عملياً مجرد عمل روتيني كبقية مؤسسات جامعة الدول العربية التي بالكاد تتمكن من توفير المبالغ المالية الكافية لاستمرار عملها ولولا أن بعض دول الخليج تتكفل بدفع مبالغ إضافية تضمن استمرارها كإطار مؤسسي للعمل العربي المشترك لربما أغلقت معظم مكاتبها، هذه حقيقة نسمعها من عاملين في الجامعة العربية التي تندر عليها الساخر المصري الراحل جلال عامر حينما وصف الجامعة العربية بأن لديه موقف كبير يتسع لمائة سيارة.

الجزائر الدولة العربية التي تملك رصيداً كبيراً من الموقف المتشددة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأهمية التوحد العربي خلفها باعتبارها القضية المركزية تدرك أن الزمن تغير كثيراً وأن العرب بعد عشرية الربيع العربي وتفشي الموجات الإرهابية وزوال أنظمة حكم ورحيل قادة تاريخيين واتجاه بعض الدول لمرحلة الفشل والانهيار أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان لذلك ركزت على جوانب قد تكون أكثر اقناعاً وربما أكثر توافقية بين الدول العربية كملف الامن الغذائي وأزمة الطاقة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وملف الإرهاب ومكافحته.

الشق السياسي سيكون حاضراً بشكل خجول وربما يتطرق له ما سيسمى اعلان الجزائر لاحقاً الذي سيصدر في نهاية اعمال القمة ولكن الجوانب الخلافية في الازمات السورية والليبية وقضية الصحراء سيبقى البيان في الإطار العام بعيداً عن الخوض في الجوهر، بينما سيتم تكرار المكرر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية مع مجاملة الرئيس الفلسطيني وتأكيد دعم الصمود الفلسطيني والتركيز على الوحدة الفصائلية دون التطرق لمستقبل التطبيع لأنه سيفجر القمة.

(الغد)


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012