أضف إلى المفضلة
الخميس , 28 آذار/مارس 2024
شريط الاخبار
مصطفى يشكل الحكومة الفلسطينية الجديدة ويحتفظ بحقيبة الخارجية - اسماء الانتهاء من أعمال توسعة وإعادة تأهيل طريق "وادي تُقبل" في إربد الحنيفات: ضرورة إستيراد الانسال المحسنة من مواشي جنوب إفريقيا الاتحاد الأوروبي يتصدر قائمة الشركاء التجاريين للأردن تحويلات مرورية لتركيب جسر مشاة على طريق المطار قرض بـ 19 مليون دولار لبناء محطة معالجة صرف صحي في غرب إربد غرف الصناعة تطالب باشتراط اسقاط الحق الشخصي للعفو عن مصدري الشيكات 5 إنزالات أردنية على غزة بمشاركة مصر والإمارات وألمانيا - صور ارتفاع الإيرادات المحلية 310 ملايين دينار العام الماضي والنفقات 537 مليونا مجلس الأعيان يقر العفو العام كما ورد من النواب المحكمة الدستورية ترفع للملك تقريرها السنوي للعام 2023 وفاة سبعينية دهسا في إربد "الكهرباء الوطنية": الربط الكهربائي الأردني- العراقي سيدخل الخدمة السبت المقبل السلطات الاسرائيلية تعلن إغلاق جسر الملك حسين بعد إطلاق نار في أريحا 7.726 مليون اشتراك خلوي حتى نهاية ربع 2023 الرابع
بحث
الخميس , 28 آذار/مارس 2024


مواقف خطرة وعدالة مفقودة . . !

بقلم : موسى العدوان
12-11-2022 07:00 PM

بعد أن عدنا من غزوة حزيران الخاسرة عام 1967، والتي زجتّنا فيها القيادات السياسية دون استعداد مسبق، تجمّعنا في معسكر الزرقاء لإعادة التنظيم. كنت حينها برتبة نقيب قائدا لسرية آلية في كتيبة الأمير عبد الله بن الحسين الأولى الآلية. وبعد تلك الحرب أي في أواخر ذلك العام، نشطت العمليات الفدائية في غور الأردن بدعم من القوات المسلحة الأردنية، خاصة بعد أن أعلن جلالة المغفور له الملك حسين قائلا ( أنا الفدائي الأول ).

كانت القوات الإسرائيلية تقوم بعمليات انتقامية، على قواعد الفدائيين والقرى الأردنية في غور الأردن، مستخدمة القصف المدفعي وطائرات الميراج الفرنسية. وفي إحدى الليالي قامت القوات الإسرائيلية بالهجوم على قرية الشيخ محمد في الغور الشمالي، وأوقعت بعض الخسائر البشرية وهدمت العديد من المنازل، كما دمرت أجزاء من قناة الغور الشرقية لتدمير الزراعة في الجانب الشرقي من غور الأردن.

على أثر ذلك ألحقتْ السرية الثانية التي كنت أقودها ( 130 جندي محمولين في 11 مجنزرات M 113 ومدفعي هاون 3,5 بوصة ومدفعي 106 ملم )، مع لواء الإمام علي بن أبي طالب، من فرقة المشاة الثانية في المنطقة الشمالية، حيث أسند لي نجدة القرى الأمامية في غور الأردن، إذا جرى الاعتداء عليها من قبل القوات الإسرائيلية. تمتد هذه المسؤولية من نهر اليرموك شمالا وحتى نهر الزرقاء جنوبا، بطول يقارب 50 كيلومترا.

كانت سريتي تعسكر مؤقتا في المرتفعات قريبا من قرية دير أبو سعيد. وكان عليّ أن أتحرك بسريتي بعد الغروب من كل ليلة دون استعمال الأنوار، في طريق منحدر ومتعرج من دير أبو سعيد إلى مثلث قرية الزمالية على تقاع طريق الغور الشمالي، ولمسافة تقرب من عشرة كيلومترات، استعدادا لمواجهة أي هجوم أو تسلل إسرائيلي ليلي على القرى الأمامية.

ناقشت قائد اللواء بصعوبة تنفيذ هذا الواجب، من حيث الحركة ليلا من المرتفعات إلى الغور على ذلك الطريق المتعرج والنزول الخطر، وصعوبة نجدة المواقع التي يحتمل أن يقع الهجوم عليها ليلا، لأن المسافة بين نهر الأردن وبعض القرى في الغور الشمالي لا تتجاوز بضع كيلومترات.

ومن المعروف عسكريا أن يركّز العدو في هذه الحالة، كمائن ونقاط غلق في طريق أية قوة قد تقترب لنجدة الموقع الذي تجري مهاجمته. ولكن الأوامر بقيت كما هي دون تغيير، سوى أن قائد اللواء سُمح لي بأن أتمركز بشكل ثلبت في منطقة مثلث الزمالية. ورغم اعتراضي بأن هذا الموقع قد يكون مسجلا ( منطقة تقتيل ) لدى مدفعية العدو وأن تمركزنا به غير مناسب، إلا أن قائد اللواء أصرّ على رأيه.

إزاء هذا الموقف الخطير، وتوقعي بأننا لن نتمكن من الوصول إلى المكان المقصود ونجدته في حالة الاعتداء عليه، اعتبرت أننا بحكم الشهداء في وقت لاحق، ولكننا نتحرك على الأرض إلى أجل موعود. ولذلك فكرت أن آخذ ضباط الصف آمري الناقلات المجنزرة وسائقيها ( حوالي 25 فردا ) لاستطلاع الطرق والتعرف على طبيعة الأرض، التي سنعمل عليها إن دعت الحاجة.

وفي صبيحة اليوم التالي وبصورة مستعجلة حماتهم بشاحنة فورد 3 طن، وتحركت أمامهم بسيارة اللاندروفر، بعد أن اخترت عدة نقاط للاستطلاع والتوقف بها وشرح طبيعتها، والتعرف على طرق التقرب إليها والجسور المقامة على قناة الغور الشرقية.

كانت إحدى تلك النقاط تقع على طريق جسر الشيخ حسين، وتبعد حوالي 400 متر عن نقطة مراقبة العدو على الجانب الآخر من النهر. وعند وصولنا هناك اكتشفت خطأي بأنني اقتربت كثيرا من موقع العدو، ومعي عدد كبير من الجنود محمولين في سيارة شحن 3 طن.

تصورت في تلك اللحظة أن الشاحنة بحمولتها تشكل هدفا دسما للعدو، فلو أطلق النار عليها من رشاشاته المتوسطة أو من مدافعه، فستقع الضحايا بالجملة من جنودي. وبكلمات سريعة شرحت لهم عن أهم المعالم في المنطقة، وطلبت من سائق السيارة أن يتحرك بسرعة خارج المنطقة.

كان الوقت في أواخر الخريف وكان الفلاحون قد ( ربصوا بالماء ) المنطقة الزراعية وعلى جوانب الطريق المعبد الذي يقل عرضه عن 3 أمتار، وكان من الصعوبة أن تخرج الشاحنة عن الطريق المعبد لأنها ( ستغرّس ) في الطين.

أخذ السائق يناور بالشاحنة التي لا يعمل بها جهاز التوجيه على نظام ( الباور)، فكانت الثانية الواحدة بتقديري تعادل يوما كاملا، من خلال تصوري إمكانية إطلاق النار على ركاب الشاحنة بين لحظة وأخرى.

عندها قررت أن أقف بين الشاحنة ونقطة المراقبة المعادية، إذ فضلت أن أكون الهدف الأول قبل ركاب الشاحنة إذا ما أطلقت النار علينا، ففضلت أن تصيبني القذائف قبل أن تصيب جنودي، متحملا كامل المسؤولية عن الخطأ الذي أقدمت عليه، وأتجنب عبارة ( سُئل فأجاب ) في التحقيق اللاحق إن حدثت إصابات.

استمرت عملية مناورة الشاحنة حوالي 5 دقائق خلتها خمسين ساعة، وبقيت منتظرا في مكاني حتى ابتعدت الشاحنة بركابها لمسافة تزيد عن 3 كيلومترات من الموقع، ثم تبعتها لمواصلة عملية الاستطلاع، بعد أن تأكدت من سلامة ركابها في ذلك الموقع.

بعد حوالي شهرين تسلّم قيادة اللواء العميد الركن محمد موسى اليطاوي، والذي كان آمرا لمدرسة المشاة، وكان من الضباط المميزين في القوات المسلحة. فزارني في موقع مثلث الزمالية وقال : لماذا أنت تتمركز بسريتك في هذا الموقع . . هذا بالتأكيد هو هدف مسجل من قبل مدفعية العدو ؟ قلت له أنني بينت لقائد اللواء السابق هذا الأمر، ولكنه لم يستجب لي ورضخت أخيرا لأوامره. فأمر بتغيير موقعي إلى موقع آخر بعيد عن السابق.

وبعد بضعة أشهر أعيدت سريتي إلى وحدتها الأم في معسكر الزرقاء،

ونُقلت بعد ذلك من الكتيبة إلى مدرسة المشاة لأعمل مدربا في جناح التكتيك. وخلال تلك الفترة، قام الإسرائيليون بقصف مناطق متعددة في الغور باستخدام المدفعية والطائرات.

التقيت صدفة مع العميد اليطاوي فسألني : هل تذكر الموقع الذي كنت تشغله بسريتك في الزمالية ؟ قلت نعم. قال لم يبق منه شبر واحد لم تسقط به قنبلة، فقد كان مسجلا كهدف دفاعي لمدفعية العدو كما توقعنا. ولو كنتم هناك لما وجدنا منكم من نتحدث معه اليوم. فقلت له الحمد لله على ما قدّر وفعل. رحم الله العميد الركن محمد موسى اليطاوي ومن سبقه في قيادة اللواء وجميع شهداء وموتى قواتنا المسلحة.

وأوجه سؤالي اليوم إلى صاحب القرار : هل أصحاب الحظوة . . الذي يتناوبون على المناصب العليا، ويُمنحون رواتبا فلكية في هذه الدولة، واجه أي منهم موقفا يضعه بين الحياة والموت، دفاعا عن الوطن ونظامه؟ وها نحن نراهم يتبؤاون المراكز العليا وينقلون من من موقع إلى آخر، لا يعزلهم عنها سوى النهاية المحتومة.

وكيف يمكن أن تتم المقارنة بين عسكري تأهل في القيادة والإدارة، وأمضى في الخدمة العسكرية ما يقارب 40 عاما، بما يكتنفها من حرمان وخطورة، فيحصل على راتب تقاعدي سنوي، تعادل راتب شهر أو أقل من رواتب أولئك المحظيين، الذين لا انتاج مشهود لهم، سوى التنظير الفارغ من محتواه ولا قيمة له ؟

قد يتبادر إلى ذهن البعض أنني أبحث عن وظيفة أو مغنم معين، فأحب أن أطمئنهم بأن لا شئ من ذلك يخطر ببالي، فقد تجاوزت هذا الهدف عمرا وقناعة، واكتفيت بما قسم الله لي بعد أن حَمَلتْ السيارات الرسمية التي استخدمتها في مختلف المواقع، النجوم والأعلام التي يطمح بها الآخرون.

وقد طالبت في مقالاتي في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، من الحكومة، أن تحقق العدالة بين الموظفين كل حسب تخصصه، وأن تخفّض الرواتب الفلكية للكثيرن إلى حد معقول، بما يحقق العدالة المفترى عليها، في دولة القانون والمؤسسات . . !

التاريخ : 12 / 11 / 2022

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012