أضف إلى المفضلة
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
حرمان 1600 طالب من التقدم للتوجيهي بسبب الغياب حالة تستطيع فيها سحب اشتراكاتك من الضمان الاجتماعي من 111 دولة.. 46 طالبا وطالبة يدرسون في الجامعات الأردنية الدوريات الخارجية: انتشار المحطات لضبط المتنزهين المخالفين البنك الدولي: ارتفاع أسعار الأغذية في الأردن بنسبة 1.5% طقس دافئ في معظم المناطق حتى يوم الأحد البنتاغون للجزيرة : رد إسرائيل على إيران "سيادي" ونتفهم حاجتها لاجتياح رفح ركلات الترجيح تأخذ ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب مانشستر سيتي تقرير: وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية تسعى الى تغيير الوضع الراهن بالحرم القدسي الملك والعاهل البحريني يؤكدان ضرورة إدامة التنسيق العربي فيصل الشبول : الأردن ليس ساحة لتصفية الحسابات 520 شهيدًا باقتحام الاحتلال لمخيم النصيرات في غزة زراعة الكورة تحذر مزارعي الزيتون من الأجواء الخماسينية وفاة شخص جراء سيول في حضرموت اليمنية وقرار بتعليق الدراسة 7200 جريح إسرائيلي احتاجوا لتأهيل منذ بداية الحرب
بحث
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024


ألم فقدان الأم مرتين

بقلم : محمود الخطاطبة
27-01-2023 07:50 AM

قد يكون صائبًا ما جادت به قريحة الشاعر نزار قباني عندما أنشد يقول “حُبك ياعميقة العينين.. تطرف تصوف عبادة، حُبك مثل الموت أو الولادة.. صعب بأن يُعاد مرتين”، لكنه حتمًا، لم يعلم كغيره من الكثير من أبناء البشرية، بأن ألم الموت نفسه قد يُعاد أكثر من مرة، ويشعر به المرء بكُل جوارحه، لا بل ويذوقه بمرارة أكبر.

وأرد على ذلك الشاعر الرائع، بالتأكيد أنه لم يذق ألم فُقدان الأُم مرتين، وإلا لما تفوه بتلك الكلمات، وذلك بناء على تجربة مررت بها.. فعندما يفقد الشخص والدته، يشعر بمرارة وألم لا مثيل لهما، حيث إن من أصعب الأمور وأوجعها على الإنسان ذلك الفُقدان، والأكثر منها صعوبة ومرارة هو أن يُكرر مثل هذا الألم مرتين، فيُصاب بأوجاع لا تضاهيها أي أوجاع أُخرى، ويعيش حالات أحلاها مُر، تجعله حاضر غائب، على قيدة الحياة لكن بلا روح.

من الأمور النادرة جدًا في هذا الكون، ونواميسه التي جُبل عليها، أن يشعر المرء ويُحس ويعيش ألما مُتشابها في كُل حالاته، مرتين.. لقد ذُقت ذلك الألم مرتين، الأول قبل أحد عشر عامًا، عندما فارقت أمي الحياة الفانية إلى حياة كُلها عدل، لا ظلم فيها، والثاني قبل نحو أُسبوعين عندما انتقلت شقيقتي (ميسون) إلى رحمة الله تعالى.

وعلى الرُغم من أن شقيقتي تكبُرني بنحو خمسة أعوام ونيف، إلا أنها كانت عندما أدخل البيت تقف في وجهي دائمًا مُبتسمة مُرحبة.. وعلى الرغم أيضًا من إصابتها بذلك المرض الخبيث (السرطان)، لكنها كانت تُصر دومًا على أن تلقاني واقفة على قدميها، مُقبلة جبيني.

أيقنت بعدها بأنها جدًا تُعاني، إذ أصبحت لا تقف في وجهي عندما أدخل البيت، وخصوصًا عندما كانت تأخذ جُرعة العلاج الكيماوي، فهذا العلاج كان يشل حركتها نوعًا ما، خاصة خلال اليوم الأول، فكانت لا تقوى على الحركة كثيرًا، كما كانت من ذي قبل.

كانت – رحمها الله عز وجل- لا يغمض لها جفن إلا عندما أصل إلى البيت حتى لو كان الوقت بعد مُنتصف الليل، لتقول لي والبسمة على محياها “جيت.. أحطلك أكل.. معتاز شي”، لأُجيب: لا تسلمي، ثم تقول لي “تصبح على خير”.

نعم، لقد ذُقت ألم فُقدان الأُم مرتين، حيث كانت حبيبتي وأُنسي وصديقتي، فهي الأُخت الأكبر (العود) والتي ساهمت في تربيتي.. كانت تنتهز كُل فرصة للدعاء لي، إلى درجة أنني أحسست بأن رب العالمين يوفقني بمنه وكرمه ورحمته، ثم ببركة دعائها.

أي أُخيّة، عندما يشعر المرء بأنه مُقصر في حق من يُحب ويُقدر ويحترم، خصوصًا وأن أفضالك كثيرة، وطيبتك أكثر، ونقاء سريرتك واضح لمن يعرفك، فذلك يترك ندوبًا عميقة في تلك المُضغة، التي إن صلُحت صلُح الجسد كُله، والعكس صحيح مائة بالمائة.

أي أُخيّة، دعيني أُصارحك بأني قد غبطتك على تلك الميتة التي منحك إياها رب العالمين، وأغبطك أيضًا لأنك أول اللاحقين بأمي وأبي عليهما وعليك شآبيب رحمة الله ومغفرته ورضوانه.

نامي يا حبيبة قلبي قريرة العين عند مليك مُقتدر، فإذا كُنت يا أُختاه لم تلقي أي نوع من العدالة في هذا الكون الكبير، فإنك حتمًا ستلاقين العدالة المُطلقة عند رب عظيم لا يظلم مثقال ذرة، ويكفيكي ويكفي الجميع قوله جل في علاه: “وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ”.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012