أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


فجوة الثقة بين الحكومة والمواطن إلى أين؟ (1 – 2)

بقلم : الأستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي
13-04-2023 12:51 AM

في عيد ميلاده الستين وجّه جلالة الملك رسالة إلى الأردنيين أقتبسُ منها: “وعلينا أن نعمل على تجسير فجوة الثقة بين الشعب والحكومات، وهذا يبدأ بتبني الحكومات خططاً وبرامج شاملة متكاملة، بأهداف واضحة ومخرجات قابلة للقياس، وعلى الحكومات أن تعمل بشفافية وتوضيح آليات عملها بصراحة ومسؤولية، تبدد الإشاعات الهدامة بالحقائق المقنعة، ليحل الحوار المرتكز إلى المعلومات محل السجالات المحبطة التي يغذيها غياب تلك المعلومات”. انتهى الاقتباس.
الآن وبعد أكثر من عامين من الرسالة الملكية، نتساءل، ماذا قد تغير على أرض الواقع؟ فهل عملت الإدارات الحكومية على جسر الفجوة التي تحدث عنها جلالة الملك؟ إن المراقب والمتابع لنتائج الدراسات الصادرة عن مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية تشير إلى أن الثقة بالحكومة انخفضت من 52 % عام 2021 إلى 33 % في عام 2022. كما أن المعلومات المسربة عن نتائج الدراسة المسحية الأخيرة والتي سيعلن عن نتائجها في القريب العاجل، تشير إلى انخفاض الثقة إلى مستويات أدنى مما كانت عليه، وفي جميع الأحوال فإنها لن تكون بأحسن حال من سابقتها، وبذلك تكون الفجوة بين الإدارة الحكومية والشعب وصلت إلى مستوى غير مسبوق.
إن الوقوف عند هذه النتائج غير السارة للجميع وأسباب اتساع فجوة الثقة وبشكل ملموس خلال أقل من سنة، بحاجة لإظهار بعض النقاط، والتي بعضها يعود لحديث الشارع العام، وسنتناولها هنا على شكل تساؤلات، منها: هل يعود ذلك إلى نظام الحوكمة المتبع (بعد أن وصل إلى مرحلة تعتبر في غاية التعقيد)؟ أم يعود إلى أن المواطنين لم يعودوا يثقون بالحكومات المتعاقبة بسبب التدوير في المواقع وسيطرة بعض الأغنياء أحياناً على الاقتصاد والسياسة معاً وتداخل المصالح أحيانًا أخرى؟ أم يعود إلى أن الخطاب الحكومي بشأن تخفيض زيادة نسب التشغيل وتخفيض البطالة وانخفاض الدين العام والتوسع بالخدمات العامة وتجويدها؟ أم إلى أدوات القياس المستخدمة وغير المقنعة؟ أو أن المخرجات غير قابلة للقياس أصلاً؟ أم بسبب وصول المواطنين إلى قناعة بأن معظم الخطط الإستراتيجية لا تنفذ أو يتم الانقلاب عليها من الإدارات المتعاقبة؟ (والتي قد تختلف بالرؤية عن سابقتها أو للأسباب غير مفهومة أحياناً أخرى)؟ أم تعود إلى عدم قدرة المسؤول على الاعتراف بالأخطاء المرتكبة من قبله وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ولو المعنوية منها؟ أم قد تعود إلى عدم القدرة على إبراز قصص النجاح التي تتحقق في المؤسسات والقدرة على تسويقها؟ أم إلى ما يقوم به بعض المسؤولين من تقزيم لإنجازات وتهميش دور من سبقوهم في الإدارة أمام أبناء المؤسسة والمواطنين؟ أم يعود إلى عدم إظهار الحقائق كاملة عند وقوع الأحداث أو حدوث المشاكل التي تواجه مؤسسات الدولة والاكتفاء بإعطاء موجز لا يفي بالغرض المطلوب او تسريب بعض المعلومات غير المكتملة؟ والحديث يطول عن التناقضات بين المعلن والممارس على أرض الواقع.
إنه ومن خلال عملي بالقطاع الحكومي والأكاديمي والقطاع الخاص عبر السنوات الماضية، نجد أن هناك الكثير من الأحداث والوقائع المنشورة في الإعلام والتي يتوقف عندها أبناء الوطن، وقد لا يتم الانتباه لها بالشكل الجيد والرد عليها فوراً، من منطلق ان الناس سيتجاوزون ذلك بعد فترة وجيزة من الزمن لانشغالهم في أمورهم الحياتية والتي أصبحت بغاية الصعوبة، متناسين أن أبناء المجتمع جاهزون وباستمرار للبحث عن كافة المعلومات مهما كانت صغيرة، وتجميعها لتصبح ملفات قد تكون مزعجة عند نشرها ويصعب تبريرها والرد عليها عند إذن.
إن الكثير من الأمور التي يتم الإساءة فيها إلى المؤسسات وبعض القيادات الوطنية لها، يفرض على الأجهزة صاحبة العلاقة الرد عليها مباشرة والاشتباك المباشر معها، ليس دفاعاً عن الأشخاص بقدر ما هو دفاع عن المؤسسات بحد ذاته. كما أننا نلاحظ حياناً أنه يتم النشر عن قضايا فساد أو تجاوزات ارتكاب مخالفات خطيرة، من وجهة نظر البعض. إلا أن الأمر يكون مختلفاً، عندما تصل الأمور إلى أصحاب الاختصاص مثل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، المختصة بالتدقيق والتحقيق في أي نوع من المخالفات المنشورة أو المبلغ عنها، يتبين بأن الكثير منها مبنية على سوء فهم للنصوص القانونية أو إنها كيدية أو غيرها، وإن المخالفات المفترضة والمعلن عنها وعن مدى كونها كارثية، لا ترقى إلى أن تكون في مستوى شبهات الفساد. إلا أن الضرر يكون قد وقع بحق المؤسسة والأفراد معاً، ومع ذلك لا نجد بأن الإعلام الرسمي يقوم بالتغطية الكافية لمثل هذه الحالات عند الانتهاء من التحقيق فيها، فتبقى النظرة التشاؤمية والاتهامية للكثير من أفراد المجتمع مفتوحة على مصراعيها.
في الجزء الثاني سيتم مناقشة الإجراءات المطلوب اتخاذها التي قد تساعد في تقليص فجوة الثقة.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012