أضف إلى المفضلة
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 20 نيسان/أبريل 2024


فجوة الثقة بين الحكومة والمواطن إلى أين؟ ( 2 – 2)

بقلم : الأستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي
13-04-2023 12:55 AM

إننا على ثقة تامة بأن المؤسسات الوطنية تحقق الكثير من قصص النجاح، إلا أنها لا تبرز إلى العلن بالشكل المناسب، لا بل أحياناً يتم مهاجمتها والعمل على تقزيمها عن قصد أو غير قصد، وعندها يقع المتابعون من المواطنين في حيرة من أمرهم. ان الأمثلة على ذلك كثيرة، آذكر منها، سبق وأن كانت هناك تصريحات إعلامية لمنجزات تمت في إحدى المؤسسات، وكان ذلك بسبب كفاءة فريق القيادة فيها، وتقيده بتنفيذ الخطط المرسومة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة الإدارية منها والمالية (التي نقلت المؤسسة من وضع العجز والدين والمقدر بعشرات الملايين إلى فائض مالي ببضعة ملايين) وتطوير البنية التحتية والتكنولوجية (عشرات الملايين من الدنانير) والولوج إلى الساحة العالمية وبالرغم من أن كافة المعطيات قابلة للقياس وممكن مشاهدتها على أرض الواقع، الا أنه لمن المستغرب عندما تم تغيير مسؤول المؤسسة، مباشرة أدلى خلفه بتصريحات مناقضة تماما للسابقة (تحدث فيها عن مديونية بعشرات الملايين وافتقار المؤسسة للبنية التحتية والتكنولوجية وغياب لسيادة القانون، الأمر الذي أوقع أبناء المؤسسة والمرتبطين بها بشكل مباشر أو غير مباشر والذي قد يتجاوز عددهم وأسرهم الربع مليون مواطن في حيرة من أمرهم، ناهيك عن بقية أفراد المجتمع المتابعين للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
إن مثل هذه الحالة تفرض على الإعلام المهني النزيه والمحايد أن يستضيف الاثنين معاً (المسؤول السابق للمؤسسة ومن خلفه في الموقع) وعلى الهواء مباشرة لمناقشة وإظهار الحقائق والمصداقية أمام أبناء المجتمع، يكون فيه الاشتباك إيجابي وعلى قدر من المسؤولية، دون الخوف من إحراج أي طرف من الأطراف، وكما يشاع احياناً.
إن المرحلة التي وصلنا اليها بحاجة للوقوف عندها وبأسرع وقت، ووضع خطة قابلة للقياس والتنفيذ على مراحل حتى نتمكن من إعادة جسور الثقة تدريجياً، مع قناعتنا بأن هذا لن يتم خلال أشهر معدودة، بل قد يحتاج إلى عدة سنوات.
إن الوصول إلى المستوى المقبول من الثقة ممكن تحقيقها، إذا أخذ بعين الاعتبار الخبرة العملية ونتائج التجارب العالمية، التي تبين أن الإجراءات المطلوب اتخاذها ليست بالصعبة وان تنفيذها ممكن إذا توفرت الإرادة لذلك، نذكر منها على سبيل المثال:
من المفروض أن تعترف الحكومة وبكل ثقة بأن هناك فجوة أخذت بالاتساع بينها وبين المواطنين، وان نسبة السلبية بين المواطنين أصبحت هي الشائعة ومرشحة للارتفاع، في ظل وجود بعض الأشخاص الجاهزين لتشوية الحقائق مهما كانت كبيرة.
أن تكون درجات التنسيق بين المؤسسات الحكومية في أعلى مستوياتها، وأن تكون المؤسسات مكملة لبعضها البعض، والتعامل مع الحدث من كافة القطاعات بشكل واضح وشفاف ومتناغم، لا أن يكون التعامل بالتجزئة وكردة فعل لتحقيق بعض الشعبويات المرحلية أحيانا يزول تأثيرها سريعاً.
إن تتوفر قيادات للمؤسسات تمتلك الجراءة والقدرة على اتخاذ القرار وتنفيذ الخطط المرسومة على أرض الواقع، مع الأخذ بعين الاعتبار أن يكون لهذه القيادات القدرة على المحاججة والمناقشة والاقناع والاشتباك مع الرأي العام ودون خوف من ردود فعل الآخرين، وبخلاف ذلك ستكون النتائج سلبية وتزداد سوءا.
إن من المفروض أن يتم اطلاع القيادات التنفيذية والمعنيين على أدق تفاصيل القرار وخطوات اتخاذه والهدف منه وآلية تنفيذه، حتى يكون لدى كافة المعنيين وعلى مختلف المستويات القدرة على المناقشة والاقناع، لا الاختفاء وراء مصطلح هكذا جاء القرار ونحن علينا التنفيذ، دون المعرفة بأبسط الحيثيات.
ان يقوم المرجع المختص بالحكومة بحل الخلافات التي قد تحدث خلال مرحلة اتخاذ القرارات بين المؤسسات الرسمية لأي سبب من الأسباب وبأسرع وقت، وهنا أذكر انه في عام 2019 كانت جامعة البلقاء تنتظر من مجلس التعليم العالي اصدار قراره بالموافقة على السير بتطبيق برنامج المسارات المهنية والتطور الوظيفي، الا ان المفاجأة كانت برفض البرنامج في شهر آب من ذلك العام، ولأسباب غير معروفة، الأمر الذي دفع دولة رئيس الوزراء في ذلك الوقت، الدكتور عمر الرزاز للتدخل، مباشرة، واستدعاء وزير التعليم العالي ووزير العمل ورئيس جامعة البلقاء إلى مكتبة في شهر أيلول من عام 2019 للوقوف على التفاصيل، الأمر الذي أدى إلى إقرار البرنامج من قبل مجلس التعليم العالي في شهر آب من العام 2020.
إن على الحكومة أن تكون على درجة عالية من الشفافية والانفتاح في طرح كافة المواضيع ومناقشتها وبأدق التفاصيل، كي لا تتيح المجال للبعض في البدء بنشر الإشاعات والتحليلات وبناء القصص والباسها ثوب الواقعية وخاصة المستفيدين منهم من الوضع القائم للبيئة المجتمعية المتهيئة لتقبل مثل هذه الأمور.
كما أنني اعتقد أنه بات من الضروري أن تخرج الحكومة بمبادرة سريعة بهدف تقليص فجوة الثقة، عن طريق تخصيص فريق إداري متكامل لهذه الغاية، تكون مهمته التحدث للمواطنين بمنتهى الشفافية والوضوح، وعرض قصص النجاح المدعمة بالأدلة والاعتراف بالإخفاقات مهما كان نوعها، على أن يتم تنفيذ الخطة خلال 100 يوم على سبيل المثال. الأمر الذي قد يتطلب تخصيص حلقات تلفزيونية للمؤسسات، يتم فيها استضافة الإدارات على مختلف مستوياتها السابقة منها واللاحقة.
إننا على ثقة تامة بأن الأردنيين والذين هم على درجة عالية من الوعي وحب الوطن وقائدة سيتقبلون الحقيقة مهما كانت قاسية (لكن يجب أن يكون الحديث مسؤولاً وليس كما قال أحد الوزراء السابقين بأن مشكلة أحد القيادات كانت تكمن في تطبيق القانون الذي أدى إلى ظلم الناس، الا انه لم يشر إلى أن الأسوأ من ذلك الالتفاف على التشريعات لتمرير قرارات التعيينات والترقيات ومنح الرتب لغير مستحقيها، هو الظلم الحقيقي للعاملين في المؤسسة) حفاظا على الوطن ومقدراته، الا انهم لا يتقبلون التهميش والتضليل.
مؤكدين ان الرضاء وارتفاع الثقة بالحكومات ستؤدي لا محالة إلى توحيد الصف الوطني وتعزيز قدرته للوقوف في وجه أي مخططات مهما كانت تسعى لاستهدافه، وبذلك تتشكل قوة إضافية لقوة القيادة الهاشمية التي عبرت بنا المئوية الأولى للدولة الأردنية بأمان، وستستمر بأذن الله.

الغد


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012