أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 16 تشرين الأول/أكتوبر 2024
الأربعاء , 16 تشرين الأول/أكتوبر 2024


حملة تلفونات المسؤولين

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
15-05-2024 03:26 AM

المسؤولون؛ هم الشخصيات العامة، الذين يشغلون مناصب في الدولة، في الحكومة وفي المؤسسات الأخرى، ولا أعني مسؤولي القطاع الخاص، فهؤلاء يحكمون ويرسمون بمالهم، ولا نتدخل بشؤونهم الخاصة، لكننا نتحدث عن المسؤول في الدولة، الذي يقوم بواجب وأمانة المسؤولية، والذي يحق للناس «ملاحقته» من أجل قضاياهم التي تتعلق بالمؤسسة التي يديرها هؤلاء المحترمون.
شخصيا أتفهم حجم المعاناة التي يعيشها أي مسؤول في الدولة، لا سيما أولئك الذين يديرون مؤسسات خدمية، متعددة الواجبات والمهام، وكثيرة التقاطعات مع شؤون المواطن اليومية، فبعضهم لو أراد القيام بكل الواجبات الموكولة إليه، فلن تكفيه لا ساعات الدوام الرسمي ولا ساعات الراحة والنوم، ليقوم بكل شيء، سيما وأن المراجعين مغرمون بالتفاصيل الزائدة، حين يلتقون بمسؤول ويتاح لهم الحديث عن مطالبهم، فهم يصبحون مثلي، حين أتحدث عن قضايا خاصة ولا تتعلق بمهنتي، حيث أقوم باختيار أسواء المقدمات (على حد تعبير صديق يعمل وزيرا).. حين بادرته بسؤال (بشرفك بتعطي تلفونك لموظف يرد على المتصلين؟).. فأجابني شو مناسبة السؤال يا زلمه، وشو علاقته بالموضوع اللي بنحكي فيه.. يا زلمه انت دايما بتختار أسوأ المقدمات للحديث.. طبعا نحن في الأردن، وبنحب (نخض الميّه ونخرج منها زبدة).
مناسبة حديثي واستهلالي هذه المقالة بشيالي تلفونات المسؤولين، أمر متعلق بانتحال شخصية المسؤول، باختصار يعني، ولا أتحدث عن صديقي الوزير الصادق، الذي لا يحتاج شهادتي عن التزامه ووفائه وصدقه، بل أتحدث عن مواقف حدثت معي كصحفي ولا أريد ذكرها هنا ولا في أي مكان، حيث يحدث وأن ينشغل مسؤول ولا يمكنه ان يستمر حاملا هاتفه يجيب على المتصلين، فهو لن ينجز عملا عندئذ، لكن يصبح الأمر خطرا، حين يقوم الموظف أو السائق بالرد على الناس وكأنه هو المسؤول نفسه، أو يتجاهل الاتصالات باسم المسؤول، أو يتولى كتابة (المسجات..واتساب وغيره)، وتظهر سطحيته ويقترف أخطاء شنيعة باسم المسؤول ومن خلال هاتفه، ويكون الموضوع أكثر خطورة وحساسية حين يكون المتصل صحفيا يتواصل مع مسؤول كبير، بينما الذي يجيب على «مسجاته» سائق أو مدير مكتب أو سكرتير أو مرافق ما..!.
لا نحتاج لقصص طريفة نرويها عن مثل هذه المواقف، فهي موجودة، لكننا نحتاج لتذكير بعض المسؤولين «الطيبين» الذين يحمّلون مثل هذه الأمانات والمسؤوليات لأشخاص غير مخولين، وأحيانا غير مؤهلين للرد على المواطنين وعلى الصحفيين، بأن هذا التصرف يسيء للموقع وللعلاقة بين المواطنين والدولة والمؤسسات، ويعتبر من أكبر الاعتداءات على الأمانة، التي أقسم بعض المسؤولين أمام جلالة الملك أو رئيس الوزراء للقيام بها «خير قيام»، فإذا به يوكلها بدوره لسائقه أو مرافقه أو سكرتيرته.
الناس بتلتقي وجها لوجه، وبحديث مباشر وأحيانا «بمغاريف الحكي» بالكاد يتفاهمون ويقدمون حلولا للقضايا والمشاكل والمطالب، فكيف يكون الأمر حين يقوم شخص، متواضع القدرات بالتصرف والإجابة، وأحيانا الكذب على الناس باسم المسؤول؟!.
بعض الموظفين من الفئة الرابعة والعمال، يمرضون بداء العظمة، و»ما بتحاكوا ولا بنفتشوا» حين يعملون كمراسلين في بعض مكاتب المسؤولين او ملحقاتها، فكيف سيكون الأمر حين يحمل مثل هؤلاء هاتف وزير او أمين عام وزارة او مدير عام لمؤسسة، ويتولى الرد على مسجات الصحفيين وغيرهم باسم ذلك المسؤول؟ وما نوع وشكل الفكرة التي ستستقر في ذهن الصحفي حين يقرأ مثل هذه الإجابات «المريضة» تصله باسم ذلك المسؤول؟.
هل هذا شكل من أشكال استجابة الحكومات والمؤسسات لتقديم المعلومة للصحافة؟..إن قلتم نعم فأنتم بلا شك تقوضون آخر جسور الثقة والوفاء للدولة والأخلاق أيضا.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012