أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 25 حزيران/يونيو 2025
شريط الاخبار
بدء نفاذ سريان تطبيق احكام المادة 22 / 1 من قانون التنفيذ المعدل رقم 9 لسنة 2022 محافظ الزرقاء يوعز بالقبض على معذّب قطط ويأمر بتوقيفه شهرًا إعادة فتح أبواب المسجد الأقصى بعد إغلاقٍ استمر 12 يومًا وزير الخارجية: مصلحة الأردن وأمنه أولويتنا للمرة الثانية الثلاثاء .. انخفاض أسعار الذهب في الاسواق المحلية إدارة الأزمات: لا مخاطر على أمن الأردن والمواطنين استئناف تقديم خدمات الأحوال المدنية والجوازات في مراكز الخدمات الحكومية بلدية اربد تنذر 613 منشأة وتخالف 120 في أيار الملك يلتقي متقاعدين عسكريين ويرحب بجهود خفض التصعيد في الإقليم بقيادة الولايات المتحدة مستو: أجواء الأردن آمنة وحركة الطيران المدني طبيعية "الضمان" تدعو المؤمن عليهم والمتقاعدين للاستفادة من بطاقة الخصم "حيّاك" الملكية الأردنية: استئناف الرحلات إلى حلب اليوم.. وبغداد ودمشق قريبا إيران تنفي رسميا إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل بعد اتفاق وقف إطلاق النار مطار الملكة علياء الدولي يستقبل 736709 مسافرين خلال أيار الماضي الأردن يرحب بإعلان الرئيس الأميركي التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل
بحث
الأربعاء , 25 حزيران/يونيو 2025


التحول الرقمي ليس خيارًا.. ولي العهد يرسم ملامح الأردن الجديد

بقلم : ديما الفاعوري
02-06-2025 02:46 PM

لم يعد المستقبل يُنتظر، بل يُصنع، وفي عالم تتحكم فيه التكنولوجيا بالواقع والمصير، لم تعد الدول القوية هي الأكثر تسليحًا، بل الأكثر وعيًا واستثمارًا في عقول أبنائها، من هنا تكتسب كلمة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني في منتدى «تواصل» أهميتها، كونها ليست مجرد خطاب احتفالي، بل رؤية وطنية عميقة تستشرف المستقبل وتضع ملامح الطريق نحو أردن رقمي حديث، يقوده شبابه بعقولهم لا بعضلاتهم.
ما يميز خطاب ولي العهد أنه لم ينطلق من نبرة الوعظ أو التوجيه، بل من إيمان واضح بأن الشباب الأردني هم المحرك الحقيقي للتغيير، وهم رأس المال الأهم الذي لا ينضب. في لحظة عالمية تتسم بالتشويش والمبالغة، حيث باتت الانطباعات تسبق الحقائق، دعا سموه إلى العودة إلى التواصل الحقيقي، إلى الإنصات لا مجرد الاستماع، إلى الحوار لا الاصطفاف، معتبرًا أن بناء الثقة هو الأساس لأي مشروع وطني ناجح، وأن فقدان الثقة أخطر من أي عجز اقتصادي.
الأردن، بموارده المحدودة، لا يملك ترف إضاعة الوقت أو الفرص، ولهذا فإن التركيز على رأس المال البشري ليس خيارًا، بل ضرورة سيادية. لم يعد امتلاك التكنولوجيا كافيًا، بل المطلوب الآن هو إنتاجها، وتوطينها، وتطوير حلول محلية تنطلق من احتياجاتنا لا من نماذج مستوردة لا تلائمنا. من هنا جاء طرح سمو ولي العهد بأن التكنولوجيا ليست ترفًا ولا ترويجًا، بل ضرورة وطنية شاملة، يمكن من خلالها معالجة أزمات النقل، وشح المياه، ونقص الكوادر الطبية، وتطوير قطاع الزراعة والطاقة والتعليم، وتحويل التحديات إلى فرص.
التحول الرقمي في منظور ولي العهد لا ينحصر في إنشاء بوابات إلكترونية أو تحديث بعض التطبيقات الحكومية، بل يتعدى ذلك نحو إنشاء منظومة متكاملة تتخذ القرار بناء على تحليل البيانات، وتستثمر الذكاء الاصطناعي في صياغة السياسات، وتبني خدمات قائمة على السرعة، والكفاءة، والعدالة، والشفافية. رؤية تستهدف الانتقال من دولة تُستهلك فيها التكنولوجيا إلى دولة تصدّر الحلول الذكية، وتصنع أدواتها الرقمية، وتبني اقتصادًا رقميًا مستقلًا ومتينًا، يُغني الدولة عن الاعتماد على الخارج في صناعة مستقبلها.
وفي خضم هذه الرؤية، لا يتردد سمو ولي العهد في توجيه النقد الصريح إلى مظاهر التباطؤ والتردد، مؤكدًا أن التأخير في التغيير يكلّفنا فرصًا ثمينة، وأن السنوات التي مررنا بها دون حسم أو حزم جعلتنا نتأخر عن الركب، بينما العالم يتغير. ويضع سموه يده على حقيقة بسيطة لكنها جوهرية: أن الفكرة الجيدة لا تكفي، ما لم تتحول إلى مشروع، وأن النوايا الطيبة لا تصنع التغيير وحدها ما لم تُترجم إلى مؤسسات وسياسات قابلة للقياس والمحاسبة.
إن تأسيس «مجلس تكنولوجيا المستقبل» كما أشار سموه ليس مجرد خطوة بيروقراطية جديدة، بل هو استدعاء مباشر لكفاءات أردنية شابة تمتلك الشغف والخبرة، لتشارك في وضع الأجندة الوطنية للتحول الرقمي، ولتكون حلقة وصل بين مؤسسات الدولة ومتطلبات العصر. مجلس منفتح على المبادرات، قادر على ربط الفكرة بالتمويل، والرؤية بالتطبيق، والطموح بالنتائج. وهذا هو التحول المطلوب: من ثقافة تكديس الخطط، إلى ثقافة التنفيذ السريع والممنهج، المرتبط بمؤشرات أداء حقيقية.
ما تقدمه كلمة ولي العهد هو دعوة إلى ثقافة جديدة في التفكير والعمل، تقوم على الشجاعة في الاعتراف بالتقصير، وعلى الجرأة في اتخاذ القرار، وعلى الثقة بأن الأردنيين قادرون على النهوض من داخل واقعهم، لا من خارجه. إنها ثقافة تمكينية بامتياز، لا تكتفي بتحفيز الأفراد، بل تسعى إلى بناء بيئة تشريعية واقتصادية وإدارية تمكّنهم من تحويل أفكارهم إلى منتجات، ومعرفتهم إلى قوة ناعمة، وطموحاتهم إلى مشاريع وطنية قابلة للتوسع والنمو.
وفي ظل الأزمات الإقليمية والتحولات الدولية، يصبح من الحيوي أن يمتلك الأردن نموذجًا تنمويًا خاصًا به، قائمًا على الابتكار، وعلى التكامل بين القطاعين العام والخاص، وعلى الشراكة الحقيقية بين الدولة والمجتمع. وهنا يأتي رهان ولي العهد على التكنولوجيا كمجال نقي، بلا إرث سياسي أو عقد بيروقراطية، يسمح بولادة مرحلة جديدة، يكون فيها الشاب الأردني ليس فقط مستخدمًا للتقنيات الحديثة، بل مساهمًا في إنتاجها، وفي توجيهها نحو خدمة وطنه.
إن إشراك الشباب في هذه العملية لا يتم عبر شعارات أو لجان شكلية، بل من خلال إدماجهم الحقيقي في القرار، وتمكينهم من قيادة المشاريع، ومحاسبتهم على النتائج، وتدريبهم على اتخاذ المبادرة، وتحمل المخاطر المحسوبة، والانتقال بهم من دائرة التلقي إلى موقع الفعل. وهنا تبرز أهمية الرسائل غير المباشرة في خطاب سموه، الذي حرص على التواضع في الطرح، والوضوح في التوقع، والصراحة في التقييم.
إن خطاب سمو ولي العهد لم يكن تقليديًا ولا ظرفيًا، بل هو مشروع نهضة بحجم طموح وطن، يؤمن بأن الوقت قد حان لإحداث التحول الشامل، وأن الشباب الأردني يستحق أكثر من مجرد وعود موسمية. إنه خطاب يستدعي اللحظة التاريخية، ويطالب بتحول ثقافي عميق في نظرتنا للدولة، وللوظيفة العامة، وللمعرفة، وللمخاطرة، وللإنتاج. وهذا هو الجوهر الحقيقي لبناء دولة حديثة، مستقرة، وعادلة.
الأردن أمام فرصة ذهبية ليثبت أن الدولة الصغيرة في مواردها، يمكن أن تكون كبيرة في طموحها، وفي تأثيرها، وفي حضورها، إذا آمنت بذاتها، واستثمرت في إنسانها، ووضعت التكنولوجيا في خدمة شعبها، وليس العكس. هذا هو المعيار الجديد للقوة، وهذه هي الرسالة التي أوصلها ولي العهد: أن المستقبل لا يُنتظر، بل يُصنع.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012