أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025
شريط الاخبار
تعليق العقوبات المفروضة على سوريا بموجب "قانون قيصر" "بي بي سي" تعتذر عن "خطأ في التقدير" بعد جدل حول تحرير خطاب لترمب وزارة الطاقة: ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا "التعليم العالي" تعلن عن منح ماجستير ودكتوراة في باكستان - رابط "التعليم العالي": رفع عدد المنح الكاملة بواقع 112 منحة جديدة ارتفاع أسعار الذهب محليا إلى 83.5 دينارا للغرام وزير الداخلية يوعز بالإفراج عن 571 موقوفاً إدارياً الملك يلتقي إمبراطور اليابان في طوكيو الملك يلتقي في طوكيو وزير الدفاع الياباني الملك يلتقي رئيس منظمة التجارة الخارجية اليابانية ويدعو لبحث إنشاء نافذة استثمارية مشتركة الملك يبحث في طوكيو فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الأردن واليابان الملك يلتقي رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" الأمن العام: العثور على جزء من قدم في منطقة عين الباشا وفاة حدثين إثر حادث غرق في المفرق الملك يبحث في طوكيو فرص تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الأردن واليابان
بحث
الثلاثاء , 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025


مستشفى المناصب الحكومية!

بقلم : نضال المجالي
18-10-2025 10:48 PM

يبدو أننا في الأردن اكتشفنا علاجا خارقا لا يوجد في أي مختبر في العالم، علاج لا يحتاج إلى طبيب، ولا واسطة للتحويل لمستشفى متقدم، ولا حتى انتظار طويل في طوابير المستشفيات - بالرغم من نشاط وزير الصحة البدور لتجاوزها - . يكفي فقط أن يصدر كتاب تعيين رسمي، ويحمل توقيع «ثقة»، لتبدأ المعجزة الوطنية: تُشفى الأعصاب، يعود البصر 6/6، وتنتعش الدورة الدموية كما لو أن العمر انقلب فجأة ورجع عشرين عاما على الأقل إلى الوراء!


منذ سنوات ونحن نتابع أخبار شخصيات يخرجون من الخدمة بتقارير طبية توحي بأنهم على وشك كتابة الوصية الأخيرة. أحدهم يعاني من آلام في أسفل الظهر، وآخر من ضغط وسكري واكتئاب حاد، وثالث من دوخة مزمنة تمنعه من الحضور إلى العمل. وإذا أتيح أن تقرأ تقاريرهم تظن أنك أمام مأساة إنسانية تستحق جلسة تحت قبة البرلمان. لكن ما إن يُعيّن أحدهم في منصب عام، حتى يحدث التحول المذهل: ينهض من فراشه، يبتسم، يشارك في الاجتماعات، ويظهر على الشاشات بنشاط يُحرج حتى الشباب!
في ذاكرتي أحدهم خرج قبل أعوام بتقرير طبي يمنعه من الجلوس الطويل، لكنه جلس وزيرا على كرسيه من الفجر حتى منتصف الليل، يوقع القرارات، ويتحدث في المؤتمرات بحيوية منقطعة النظير. وآخر كان يعاني من «إرهاقٍ مزمن»، والآن لا يتعب من السفر مع الوفود الرسمية ولا من حضور المناسبات العامة. بل إن بعضهم يُصاب بفرط النشاط فور استلامه المنصب لدرجة يستحق معها دراسة طبية متخصصة.
لو أن الحكومة أنشأت مركزا وطنيا باسم «مستشفى المناصب الحكومية»، لوفّرت على الخزينة مئات الملايين التي تُنفق على العلاج داخل الأردن وخارجه. فتكلفة فتح منصب جديد — بسيارة، وسائق، ومكتب، ومكافأة — تبقى أقل بكثير من كلفة علاج مريض منهم يراجع المستشفيات بلا نهاية خارج المنصب.
الحقيقة أن المنصب عندنا لم يعد مجرد تكليف أو مسؤولية، -كما يصّرح الجميع- بل أصبح علاجا شاملا متعدد الفوائد. إنه أشبه بعقار خارق يعيد التوازن النفسي والجسدي، يرفع المناعة، يفتح الشهية للحياة، ويعيد للوجه نضارته بعد سنوات من الشحوب. ولو أُدرج رسميا ضمن قائمة الأدوية الوطنية، لاحتاجت وزارة الصحة إلى قسم وفريق خاص لتوزيعه بإشراف رسمي!
تأمل في الوجوه التي نراها بعد التعيين: لون البشرة يتحسن، الابتسامة تتسع، الصوت يعلو، والمشي يصبح بخطى واثقة. أما أولئك الذين فقدوا مناصبهم، فتعود إليهم الأعراض فورا! كأن الكرسي هو العلاج والهواء الذي يتنفسونه معا.
وعليه؛ ادعوا إلى دراسة علمية وطنية بإشراف وزارة الصحة ومستشفى الجامعة الأردنية بعنوان:
«الأثر الفسيولوجي والنفسي للمنصب العام على تجدد الخلايا وتحفيز الهرمونات». لأن ما يحدث فعلا لا يمكن تفسيره علميا إلا بأحد احتمالين: إما أن المناصب في الأردن تمتلك طاقة علاجية غير مكتشفة، أو أن المرض كان مجرد وسيلة خروج ناعمة براتب معلوليه وانتظار فرصة العودة إلى الضوء.
في كل الأحوال، الحل الاقتصادي واضح وبسيط:
بدل أن نصرف على علاج آلاف الحالات المزمنة، فلنفتح بضع عشرات من المناصب الجديدة! وهو ما يحدث غالبا، حتى لو كان رئيس مجلس ادارة «رضاوه» لمسؤول خرج من الخدمة واحيانا لا تفهم كلامه عندما يتحدث. فالكلفة أقل، والعائد الصحي مضمون، والابتسامات ستعود إلى وجوه المعلولين السابقين الذين قد يصبحون، بمجرد توقيع واحد، رموزا للنشاط والهمة والوطنية.
نعم، في الأردن وداعا - لإبرة الألم - التي تكلف عند أحد الأطباء في عمان 600 دينار، فالمنصب لا يمنح سلطة فقط، بل يمنح شفاء تاما. دواء بلا وصفة، علاج بلا انتظار، ومفعوله يبدأ فور الجلوس على الكرسي.

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012