أضف إلى المفضلة
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
البنتاغون للجزيرة : رد إسرائيل على إيران "سيادي" ونتفهم حاجتها لاجتياح رفح ركلات الترجيح تأخذ ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب مانشستر سيتي تقرير: وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية تسعى الى تغيير الوضع الراهن بالحرم القدسي الملك والعاهل البحريني يؤكدان ضرورة إدامة التنسيق العربي فيصل الشبول : الأردن ليس ساحة لتصفية الحسابات 520 شهيدًا باقتحام الاحتلال لمخيم النصيرات في غزة زراعة الكورة تحذر مزارعي الزيتون من الأجواء الخماسينية وفاة شخص جراء سيول في حضرموت اليمنية وقرار بتعليق الدراسة 7200 جريح إسرائيلي احتاجوا لتأهيل منذ بداية الحرب الإمارات تدرس واقع بنيتها التحتية وتدعم متضرري الأمطار بعد انتهاء العاصفة الصفدي: لا يمكن الاستغناء عن "أونروا" أو استبدالها مجلس الوزراء يمدد قرار منح شركات النقل السياحي مزايا جمركية وضريبية 3 أشهر حملة لإنارة المقابر في المناطق التابعة لبلدية المزار الشمالي نقل 25 رئيس قسم في أمانة عمان - أسماء راصد: علاقة النواب بالحكومة امتازت بالرضا والود رغم "بخلها" بإرضائهم
بحث
الخميس , 18 نيسان/أبريل 2024


منظومة الفساد في الاردن اهلكت الزرع، والضرع

بقلم : علي السنيد
11-09-2012 09:05 AM

صحيح ان النظام الاردني ليس نتاج حزب شمولي يتمكن عادة من الاستيلاء على منافذ، ومنابع القرار السياسي، ومواقع السيطرة بالدولة، ويحتكرها لصالح قيادات، واعضاء الحزب، ويفرض تصورا محددا على العامة، وبالتالي تسود رؤية شمولية واحدة، وتتحول الناس الى قطيع ورعايا ، وتكون غير قادرة على المشاركة السياسية بحكم الخوف والارهاب. وهو واقع مؤلم لا يترك مجالا للاصلاح السلمي الا بوقوع الثورة، والتي هي فعل منفلت من عقال المنطق، ولا يمكن مقاربة ما يحدث فيها من مجريات بالانسجام مع احكام القانون، والا لما وقعت. الا ان تنسيبات دائرة المخابرات العامة تكفلت اردنيا بهذه المهمة على الارجح، حيث تمكنت في نهاية المطاف من السيطرة على كافة التعيينات في الفئات العليا، وكرستها في اطار نوعية خاصة من الموظفين الذين يحسنون اداء الادوار الامنية الخلفية للنظام، وبذلك ضربت مبدأ الكفاءة، وتساوي الفرص في تولي المناصب العامة، وسدت منافذ العملية السياسية بسيادة نمط من القيادات المصنوعة في ادارات الدولة ممن استمرأوا انفاذ الرؤية الامنية المطلوبة ، واداروا المناصب بعد ذلك في حدود المصالح الشخصية، وهؤلاء غالبا ما يفتقرون الى مواصفات الكفاءة والاقتدار، والى تلك المؤهلات التي ترفع من اقدار اصحابها وظيفيا، او من ناحية تمتعهم بالسمات الشخصية من حيث السلوك الوظيفي المميز، والالتزام بقيم اخلاقية ووطنية، ومثل عليا تكفل وضع المنصب، والصلاحيات المتفرعة عنه في خدمة العدالة، وتوجيهه في صالح الشعب دافع الضرائب، والنهوض بواقع الوطن الاردني، وحمل المسؤوليات الوطنية الملحة.
وبعد ان تمت السيطرة على تعيينات الدرجة الاولى في الدولة، وقدمت على شكل عطايا ، وهدايا، وامتيازات للازلام غالبا ، وكانت الحكومات تتشكل بعد ثبوت الرؤية الامنية، ولم تسلم ادارة او وظيفة عليا من طرحها في دائرة المساومات السياسية بين اجنحة الحكم، والمتنفذين لقاء المصالح المتبادلة، وعلى ضوء التقسيمات التي تديرها الدائرة امتد الطموح الامني بعد ذلك للسيطرة على منتجات الفرز الشعبي في نصف السلطة اليتيم المنتخب في الاردن، والمتمثل بمجلس النواب، وتحركت الاجهزة من خلال التزوير، ودعم مرشحين بعينهم لتوزيع هذا المكتسب الشعبي في اطار دائرة الفساد الرسمية نفسها، وتفصيل شخصيات معينة على مقاس العمل النيابي المطلوب امنيا، وهذا ما قطع الشعرة الاخيرة بين الشعب الاردني، ونظامه، وبدا ان الادارة الاردنية باتت محكومة بنمط شمولي يكرس كافة عوامل الاحباط والعجز في مرافق الدولة، ويعرضها الى الاستنزاف ذلك ان هذه النوعية المفصولة عن سياق الفرز الطبيعي في الحراك السياسي والاجتماعي التهمت الاردن كالجراد، واتت على اخضره ويابسه، وحولت موارده الوطنية، ومؤسساته العامة الى مصادر مشاع للاثراء غير المشروع.
وقد حقنت الدولة الاردنية بطبقة من المسؤولين غير المؤتمنين على حقوق شعب اضحى رهينة قراراتهم، وتواقيعهم، وتلاعبهم بالمصلحة العامة، وهم يوظفون السلطة في خدمة المصالح البينة ، وجرى حرمان شعب بأكلمه من ابسط حقوقه جراء ارتفاع منسوب اطماعهم، وتحولت حقوق الملايين ، وبينهم اهالي العسكريين والشهداء، ومن سهروا لحماية البلد ونظامه من العاديات الى مكاسب وامتيازات وفرتها السلطة لطبقة من المحظوظين والمحظوظات. ووسد الامر الى غير اهله فضاعت حدود المسؤولية، وتوفرت الظروف الموضوعية - في ظل غياب الرقابة الشعبية- لتحول السلطة الى بؤرة فساد غير مسبوقة حيث لم تجد بأسا في سرقة مقدرات البلاد جهارا نهارا، وتحويل مؤسساتها العامة، وثرواتها الوطنية، واراضي الخزينة، ومشاريع الدولة وعطاءاتها الى غنائم يجري اقتسامها بين اصحاب النفوذ واولادهم واحفادهم، وانسبائهم وشللهم، بعيدا عن عين القانون.

وظهر جيل الاثراء غير المشروع بفعل السلطة، وهو يعد بالاف ممن امتلكوا الملايين، ومئات الملايين ، وبنوا القصور، والفلل، وانشئوا الشركات، وكثيرون منهم خرجتهم مدرسة الفقر المدقع. وعاشوا حياة الترف الخرافية على حساب شعب كان يتضور هما ونكدا في الحياة، ، واحال الفساد حياة الاردنيين الى معاناة حقيقية، وحرمت الطبقات الفقيرة من خيرات وطنها، ووجهت بضغط الواقع الاقتصادي المتشكل على اثر الفساد المستشري، والتي طولبت علاوة على ذلك برفد الخزينة الخاوية من خلال فرض مزيد من الضرائب، وكان رفع الاسعار الوصفة السحرية لانقاذ عجز الموازنة من جيب المواطن العادي الذي رأى امواله تتوزع في ذمم الفاسدين، وبطونهم الجرباء دون ان يقدم فاسد الى العدالة على خلفية فساده، وليس في اطار تصفية الحسابات.

وسارت السلطة سافرة في طريقها نحو اسقاط حقوق شعب كامل، ووضعه في دائرة الشقاء والحكم على اجياله بالاحباط، ولم تتنبه للاشارات الشعبية التي مفادها ان طاقة الاحتمال بدأت تنفذ لدى الاردنيين، وان الصيغة العاطفية التي جمعت النظام، والقوى التقليدية في المملكة لم تعد قادرة على الصمود امام توحش قوى الفساد، وتدميرها للاسس الشعبية اللازمة لبقاء النظام، وقد حولت النخب كافة الموارد المالية للدولة الى ابواب للسرقة، والفساد دون محرمات حتى افلست الدولة الاردنية، وصارت هنالك شكوك بمدى قدرتها على دفع رواتب موظفيها، يرافق ذلك ارتفاع نسب المديونية الخارجية ، وقد اقيمت المشاريع الوهمية التي هدرت فيها مئات الملايين بحجة تنمية المحافظات، وكانت بدون جدوى، واديرت الموارد الوطنية على قاعدة الواسطة والمحسوبية، واعطيت الرواتب العالية، والعقود للمحاسيب من اموال الشعب الاردني الرازخ تحت طائلة تدني مستوى الدخول، والمعيشة.

وفي عز غليان الشارع، واضطراب المجتمع الاردني الذي صحا على وقع الكارثة، وقد اخذت تهدد حاضره ومستقبل اجياله، ومردها الى منظومة الفساد التي ادارت البلاد على شاكلة حصص للمتنفذين ، وجعلتها على سبيل التوريث بينهم، في عز تفاقم الحنق، والاحتقان الشعبي لا تتخلى الجهات المتنفذة عن مواصفاتها المطلوبة في شغل المواقع العامة والحساسة، وهي تصم اذانها عن صوت الشارع، وقواه الحية.

فهذه الادارات العليا التي استمرأت اكل المال الحرام ، والطبقة السياسية الوالغة باموال الشعب، والتي نبتت اجسادها، واجساد ابنائها من المال الحرام فقدت بوصلة العدالة، واختلت موازين الحق بداخلها، ولم تعد تعرف الفرق بين الحق والباطل، وافقدت الاردنيين صبرهم على اثر تجاوزها كل الحدود في السرقة والجناية على الشعب الاردني، واستعمال السلطة ضد الفقراء، وحرمانهم من ابسط متطلباتهم البسيطة في الحياة. وعندما سدت منافذ العملية السياسية للابقاء على حالة احتكار القرار السياسي في ذات الجهة كان الحل الوحيد - لمن يملك البصرة- لن يمر سوى بطريق واحد ، وقد اخذ الاردنيون قرارهم اخيرا بالتغيير.







التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012