أدهم غرايبه

عدد غير قليل من المرشحين للانتخابات النيابية القادمة رفع شعارات من طراز "نعم للوحدة الوطنية" و "مرشح الوحدة الوطنية" و "صيانة الوحدة الوطنية" !!! كل هؤلاء تسلقوا زيتونة "الوحدة الوطنية" و كسروا اغصانها لنيل الثمر، لكن احدا منهم لا يسقي هذه الزيتونة و لا يرعاها و لا يهتم بها الا في الاوقات التالية: اما بمناسبات انتخابية و اما لمواجهة نهوض الحركة الوطنية الاردنية!

لا للشعارات العامة ! ليس فقط نكاية بهولاء، لكن كون تلك الشعارات بائسة و يستخدم لاغراض ديماغوجية " تضليل سياسي " !

الوحدة الوطنية ينادى بها حينما يكون مجلس النواب الممثل لشعب واحد منتخبا على اسس حزبية و يراد تشكيل حكومة نيابية لا تخضع تماما لعدد المقاعد لكل حزب بهدف مواجهة خطر خارجي او كارثة طبيعية .. الوحدة الوطنية قد تصلح لشعب ما مكون من طوائف متعددة كما في لبنان و العراق، لكن ليس كما في الاردن حتما الذي لا يقسم نسيجه الاجتماعي لا طوليا و لا عرضيا من حيث لا اختلافات – الا هامشية – في لهجاته المحلية و لا اختلافات في عاداته الاجتماعية على الاطلاق، لا بل انه طبقيا يكاد يكون متماثلاً.

اصلا استخدام هذا المصطلح بالنسبه لي يذكر الجميع ان لا وحدة وطنية في بلدنا حسب المفهوم التقليدي السائد، و ان استخدامه الغرض منه مواجهة دعوات دسترة فك الارتباط و سحب الجنسية ممن لا تنطبق عليهم الشروط القانونية، و بالتالي اظهار كل متبن لهذه المطالب كعدو للوحدة الوطنية اياها ! و هكذا تنجح مسيرة التوطين التي لا تهدف فقط لتفتيت الاردن و الغاء وجوده لا بل للتآمر على فلسطين و تقديم خدمة مدفوعة الاجر للعدو الصهيوني .

مصيبتنا مع مدمني التنبلة السياسية و متعاطي التحشيش النضالي الروتيني و متقاعدي العمل النضالي الذين لا يدركون ان اشكال الصراع و ادواته تتغير، و ان الحلول ليست قوالب و انما ابتكارات ... هؤلاء الذين لا يريدون لاحد ممن لديه وجهات نظر مختلفة عما ألفوه هم ان يمشي خطوة للامام و لا حتى للخلف و لا ان يجلسوا و لا ان يقفوا , ولا اي شيئ على الاطلاق ... هؤلاء اعلنوا انفسهم عدوا حقيقيا لحركة للنهوض الوطني الاردني التي تملك رؤى مبتكرة و جريئة في الجانب السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي، لا بل ان العديد ممن يصنفون بالمثقفين و المناضلين لا يخجلون ابدا من دورهم الاجرامي اللئيم بتضليل المواطنين بالقول ان اي نهوض بالشعور الوطني و الانتماء للاردن هدفه استعداء الفلسطينيين على الاطلاق !!!

يا للمفارقة , اليست القضية الفلسطينية و مواجهة العدو الصهيوني اساس و عماد حركة التحرر الوطني الاردني عن دون اي حركات التحرر الوطني الاخرى في الوطن العربي ؟ اليست هذه الحركة الوطنية عروبية في جوهرها حين تؤكد ان للاشقاء الفلسطينيين وطنا لا اروع منه يجب الا ينسى ؟؟ ما يروج له هؤلاء التوطنيون يحدث بشعارات اسلاموية و قوموية و يتم تصوير اي اعتزاز بالهوية الاردنية على انه دعوة لمذابح ضد اخوتنا و عزوتنا و انسباءانا من اصول فلسطينية !

هذا – اذا – ابتزاز سياسي قميئ و اعتداء على الاخوة الاردنية – الفلسطينية ... و حتما اننا في الجناح العروبي التقدمي في الحركه الوطنية الاردنية لن نخضع لهذا الابتزاز و لن يخيفنا اعتداء الاخرين و لن نسمح لأحد ان يشوه رؤيتنا تجاه العلاقة الابدية الملحمية الاردنية - الفلسطينية ... و لا تراجع عن واجب العودة و دسترة فك الارتباط , بغض النظر عن رضى " الوحدة الوطنية " اياها !