الدكتور مخلد الفاعوري*

هل يروي هيكل التاريخ؟! كما هو بدون إضافات أم انه يسعى لتخليد شخصه والحقبة الناصرية أو ما سمي بحقبة المد القومي العربي. نعم نحن كنا مع تلك المرحلة بكل تجلياتها وكان الأردن جزء من حركة التاريخ العربي لا بل كان في جوهر الصراع وكان متضررا من حركة التغير العربي السائدة آن ذاك لان العالم العربي كان يموج بالحركات السياسية والانقلابات وكانت دسائس الاستعمار ومؤامراته أيضا موجودة.

نعم كثيرا ما يتحدث هيكل عن وقائع وتفاصيل نحترم الكثير منها ونحترم شخوصها وعلى رأسها الراحل جمال عبد الناصر ولكن هيكل يذهب بعيدا وأحياننا لا تسعفه الذاكرة فهو يعزي الكثير من الأحداث إلى نفسه وانه بطل الحدث بلا منازع وهذه نزعة في النفس البشرية تتوق دائما إلى الإشارة للذات واسترجاع الشعور بالمرارة دائما ولا اعرف لماذا الأردن دائما يشار إليه بالغمز واللمز من هيكل وغيرة والجميع يعرف ظروف الأردن وخصوصيته فهو بلد ببساطة من أفقر خمسة دول على وجه الأرض بالماء مثلا وبلا موارد نفطية أو غيرها وبلا اقتصاد قوي سوى من إيمانه بقيادته العربية الهاشمية وبالإنسان الأردني الذي شق بأظافره وأسنانه طريق التقدم والنجاح وسعى بجهده وكده وعرق جبينه للنهوض بهذا الوطن حتى غدا الأردن منارة يهتدي بها الكثير من الدول الشقيقة والصديقة رغم شح الموارد والإمكانيات.

وسعى الأردن دائما وأبدا ليكون جزا أصيلا من محيطه العربي يتجاذب معه في جميع قضاياه ووقف سندا منيعا في وجه تيارات التغريب منتصرا ومتقدما على ذاته نعم هو الأردن الذي يغمز علية هيكل بين الحين والآخر.

نعم إننا نحترم هيكل كصحفي مخضرم قابل العشرات من قادة ورؤساء العالم واطلع على تفاصيل كثيرة ودقيقة أثناء فترة عملة الطويلة وكون شبكة علاقات دولية وإقليمية كبيرة ولكنه مع الأسف يخلط أحياننا كثيرة ولا يرى سوى نصف الكأس الفارغ وهذه سمة بشرية لا يتفرد بها هيكل عن غيرة من بني البشر.

إنني أناشدة ليس طي صفحة الماضي ففي الماضي عظات وعبرات كثيرة بليغة تحتاجها الشعوب من اجل مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة ولكن علية أن يتوخى الدقة وان يبتعد عن الابتذال ما أمكن وعلية أن يتقي الله كثيرا كثيرا فالأردن عانى وما زال يعاني من ظلم ذوي القربى ولكنه ما زال ... وسيبقى عصيا...

أستاذ جامعي | جامعة فيلادلفيا * malfaouri@hotmail.com