أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
شريط الاخبار
مسيرات تضامنية بمحافظات عدة عقب صلاة الجمعة إسنادا لغزة الصفدي: يجب وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل 72 مليون دولار قيمة المساعدات النقدية لـ 330 ألف لاجئ في الأردن العام الماضي الاقتصاد الرقمي تحجب 24 تطبيق نقل ذكي غير مرخص في الأردن الاحتلال يمنع مئات المسنين من الدخول للمسجد الأقصى ارتفاع حصيلة عدد شهداء قطاع غزة إلى 32623 شهيدا برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم بسبب دعمه إسرائيل وبحضوره واوباما وكلينتون .. محتجون يقاطعون حفل تبرعات لحملة اعادة انتخاب بايدن للأردنيين .. انتبهوا الى ساعاتكم ! وفيات الجمعة 29 -3 - 2024 “أتلانتيك”: لماذا بنيامين نتنياهو أسوأ رئيس وزراء لإسرائيل على الإطلاق؟ خطأ شائع في الاستحمام قد يضر بصحتك لافروف عن سيناريو "بوليتيكو" لعزل روسيا.. "ليحلموا.. ليس في الحلم ضرر" روسيا تستخدم "الفيتو" في مجلس الأمن ضد مشروع قرار أمريكي بشأن كوريا الشمالية الجمعة .. اجواء ربيعية وعدم استقرار جوي
بحث
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


الوزير ومخالفة الدستور
27-08-2010 12:17 PM
كل الاردن -

سعد الفاعور

 

 

يوجب الدستور الأردني على رئيس الوزراء والوزراء وقبل مباشرة أعمالهم أن يقسموا أمام الملك اليمين التالية: "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إلىّ بأمانة".


هذه المادة الدستورية حضرت ومثلت أمام عينيَّ مرات كثيرة وأنا أتابع الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام عن تجاهل وتعالي وتطاول وزير العمل سمير مراد على وفد يضم ممثلين عن المزارعين الأردنيين، كل ذنبهم أنهم اعتصموا طلباً للقائه والتحدث إليه.


الوزير كما تناقلت التقارير الإخبارية تحدث بحدة وبلغة فوقية، واتهم المزارعين بأنهم غير حضاريين. قائلاً: "أنتم كنتم غير حضاريين في الاعتصام، ولن أتهاون معكم في المرة القادمة. أنا سمير مراد وسأضرب بيد من حديد...كنت أقدر أفرقكم بطريقتي الخاصة لكن نزلت إليكم لحفظ كرامتكم... أنا ما بسمحلكم ترفعوا أصواتكم، أنا بمثل جلالة الملك".


إن هذه اللغة المبهمة وغير المفهومة والغريبة على مجتمعنا الأردني التي خاطب بها الوزير شريحة مهمة جداً من أبناء الوطن، ممن يمسكون بعصب الاقتصاد الزراعي والأمن الغذائي الوطني، تطرح تساؤلاً مهماً، عن مدى فهم الوزير الشخصي لمبادئ الدستور ولصلاحياته، وللقسم الذي أداه بين يدي الملك إبان توليه مسؤولياته.


الوزير على ما يبدو، فاته وهو يدلي بخطبته غير العصماء والفجّة وغير المستساغة، أنه بمجرد أداءه القسم، وقبوله تسلم مهام الشأن العام، لم يعد رجل الأعمال الملتي مليونير، أو رئيس مجلس إدارة شركة خاصة أو مساهمة، يأمر فيطاع، ويتخذ قراراته بالأغلبية بحكم قوة رأس المال، وأن تصريحاته النشاز هذه ما هي في حقيقة الأمر إلا مخالفة صريحة للدستور.


الوزير على ما يبدو، فاته أيضاً أنه إلى جانب كونه ممثلاً للملك، فهو أيضاً خادم للوطن والمواطن، وأن منصب الوزير في العرف الأردني يعني "التكليف وليس التشريف"، وأن كل أبناء الوطن مؤهلين لشغل أي منصب مهما علا وفي أي وقت، وأن معاليه لا يملك من المزايا والمؤهلات ما يجعل منه عملة نادرة لا رديف أو شبيه لها بين صفوف الأردنيين. أما إذا كان الوزير يظن بنفسه ذلك خطأ أو غروراً أو جهلاً، فمن الواجب أن نوقظه من غفلته، وأن نصحح له الأمر، وهو لا يزال في بداياته، حتى لا ينجرف أكثر ويرتكب مخالفة دستورية أكبر.


وعوداً على بدء، نود من الوزير أن يعود مرة أخرى إلى الدستور وأن يمر ببنوده مروراً سريعاً وأن يتصفح مواده على عجالة، لعله يستطيع أن يدرك أن الدستور يكفل للأردنيين حرية الرأي وحق التعبير بكافة الوسائل القانونية، كما أن لكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير، كما أنه وبموجب الدستور فإن للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة.


أود هنا، أن يتعطف الوزير ويتكرم على الشعب والمواطنين، ويبرر لماذا خاطب وفد المزارعين الذين هم في الأصل مواطنين أردنيين بهذه اللهجة وبهذه الطريقة، ولماذا غضب واشتاط معاليه من اعتصام المزارعين، وإصرارهم على اللقاء به لكي يسمع منهم احتياجاتهم ومشاكلهم ومطالبهم، ضمن حدود وصلاحيات وزارته؟!.


نود أن نعرف من الوزير، هل خرج المزارعون عن العرف والتقاليد المرعية التي يكفلها لهم الدستور حتى يغضب منهم؟!. أليس من حقهم أن يخاطبوا معاليه فيما ينوبهم من أمور تختص بمهنتهم التي تمثل عماد الاقتصاد الوطني الأردني؟. أليس من حقهم أن يعربوا بحرية عن رأيهم بالقول والكتابة والتصوير والاعتصام؟!. فلماذا إذاً غضب الوزير؟. ألا يستحق المواطن وكافة أطياف الشعب أن يعرفوا الإجابة من معاليه؟!.


أخشى أن صاحب المعالي، وفي ظنه الشخصي أيضاً، فهم أن تقلده منصباً خدمياً عاماً جعل منه شخصاً مميزاً وفوق القانون، وأن الرعية أصبحت تحت أمره، وليس العكس، وأن أفراد الشعب يمكن أن يساقوا كقطعان الماشية. ولعله أيضاً ومن وجهة نظر شخصية وفهم خاص به، اعتقد أن ممارسة مهام ومسؤوليات الشأن العام، تعني أن يكتفي معاليه بالجلوس في مكتبه المكيف، وأن يوقع فقط على الأوراق والتقارير التي تأتيه من الأمين العام ومدراء العموم ومدراء المناطق في المحافظات، ولعله لم يدرك أن من أولى واجباته أن يلتقي بالمواطنين وأن يسمع منهم، وأن يقوم بالجولات الميدانية والخدمية والإشرافية ضمن حدود صلاحيات وزارته.


إن أكثر ما يخشاه المواطن، في ظل تولي وزراء من شاكلة سمير مراد، أن يتم تجفيف كل بنود الحرية في الدستور. تماماً، كما بقدرة قادر جفت كل ينابيع المياه المعدنية والعذبة في وادي الأردن. وتماماً، كما تم حرق وقص وقطع عشرات آلاف أشجار الحمضيات. وتماماً كما انخفضت مستويات السدود ومصاب تخزين الأمطار الإستراتيجية. وتماماً، كما مجرى نهر الأردن العظيم يكاد يصبح أثراً بعد عين. وتماماً، كما اختفت أسراب الطيور المهاجرة أو تكاد.


أيها الوزير، أرجوك أفق من غفلتك، واستمع لصوت العقل والمنطق، ولا تدع الكبرياء الزائف يعمي بصيرتك. فماذا أيها الوزير لو أعلن مزارعو وادي الأردن على قلب رجل واحد أنهم لن يزرعوا ولن يقلعوا بعد اليوم؟. ماذا لو أن سلة غذاء الأردن، أو هكذا يفترض أن تكون، تحولت من أرض خضراء معطاء، إلى صحراء قاحلة؟. ماذا لا قدّر الله لو أن هذا الوادي الخصيب تعرض للاحتلال الإسرائيلي؟. أو تعرض لكارثة بيئية أو طبيعية كزلزال أو بركان مدمر؟.


أيها الوزير، هذه ليست أمنيات عدو متربص أو حاسد شامت، كما أنها ليست أسئلة استفزازية، بل هي محاور لخطة إستراتيجية، يفرض واجب المواطنة علينا تذكيرك بها، فمن يشغلون مناصب سيادية عليا، ومن يتفردون برسم السياسات الوطنية وصناعة القرار السياسي والاقتصادي والأمن الغذائي، تفرض عليهم طبيعة مهامهم رسم سيناريوهات إستراتيجية، تحسباً لأسوأ الظروف والمواقف، وبالتالي العمل على تجهيز خطط وطنية بديلة قادرة على التصدي للمرحلة بصعوبتها وخطورتها وبكافة منعطفاتها ومتغيراتها.


أيها الوزير، مرة أخرى، ومن باب الواجب والمواطنة والغيرة على المصلحة العليا للوطن والمواطنين، ندعوك إلى مراجعة الذات والتنازل والجلوس مع المزارعين وفهم وجهة نظرهم وإشراكهم في صنع القرار، بدلاً من تهميشهم، فبناء الخطط الإستراتيجية يقوم على الشراكة والتعاون، وليس على إقصاء الآخر أو تقزيمه أو الاستهزاء به وتهديده والاستقواء عليه.

 

 

 

صحفي أردني مقيم في الخارج

 

syhd91@yahoo.com

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012