أضف إلى المفضلة
الخميس , 28 آذار/مارس 2024
الخميس , 28 آذار/مارس 2024


سورية.. والتدخل الإنساني

بقلم : لميس اندوني
13-01-2013 12:56 AM
لن أكتب مقالاً يدافع عن النظام السوري أو يجد أعذارا له، لا باسم معاداة الاستعمار ولا القضية الفلسطينية الأعز إلى قلبي، لأن النظام الذي لا يحترم شعبه لا يستطيع تحرير لا فلسطين و لا غيرها، وأرفض فكرة قمع الشعب السوري باسم فلسطين، لأن فلسطين قضية عادلة وقضية إنسانية قبل أن تكون قضية سياسية.
هذا الوصف ينطبق على معظم النظم العربية، ولكننا نحاسب النظام السوري أكثر، لأن من يدعم المقاومة فعلاً،أو حتى لفظياً ،حقيقة أم ادعاء، نحمّله مسؤولية أعظم وأكبر في الحفاظ على حقوق شعبه.
لن أخوض في تاريخ النظام السوري، سلبا وإيجاباً، ولا في خطاياه، التي شهدت عليها صحافية وشاهد عيان، في مراحل و مواقع لن أنساها، لكن رغم ذلك أنا لا أستطيع إلا أن أعارض التدخلات الجارية التي من الممكن أن تشهدها الساحة السورية.
أولاً، لا يمكن احترام أية معارضة سورية ارتضت بأن تُستَعمل من قبل أنظمة، خليجية وغربية، باسم الشعب السوري، مما أدى إلى دخول مليشيات مسلحة، تحمل أفكارا ظلامية متطرفة، يحركها من يحركها، ولا يمكن احترام حتى الأطراف العلمانية التي لا يعنيها ولا يضايقها تقزيم الانتفاضة السورية، وتضحياتها، إلى تابع لأجندات غربية معنية تجزئة المنطقة وضرب أفق المشروعات النهضوية فيها.
لا تنخدعوا بما يسمى بالتدخل الإنساني، ونظرياته المزيفة، التي حاولت أخذ شرعية من كون كتابها ومطلقيها، أساتذة في جامعة هارفرد؛ نعم هي جامعة عريقة لكنها منها انطلقت نظريات تنويرية تقدمية ومنها انطلقت نظريات استعمارية، فظاهرة مثقفي السلطة ليست محصورة على العالم العربي.
حتى في البوسنة والهرسك، وبعد ذلك في كوسوفو، لم تكن هناك دوافع إنسانية بل سياسية عسكرية بحتة؛ في حالة البوسنة كان من الضروري تفكيك يوغسلافيا في إطار تقويض القوة الروسية، أما في كوسوفو فكان المطلوب أيضاً، نشر قوات الناتو وإزالة العوائق أمامها، لتقليص نفوذ روسيا ومحاصرتها.
فراجت الدراسات والكتب، في خدمة فكرة الاستعمار ' الإنساني'، بشرط أن لا يشمل الفلسطينيين طبعاً، وحتى رواندا، ولا بد من ذكر الثانية نذكر الحادثة المشينة في مجلس الأمن عندما رفضت وزيرة الخارجة الأمريكية آنذاك مادلين اولبرايت ، أن تقوم الأمم المتحدة بأي دور فعلي لوضع حد للمجازر، مما حدا بزميل أوروبي بالقول لها: ' نهنئ اليوم التماسيح بالوجبة التي تقدمينها لهم'، في إشارة إلى لجوء الروانديين إلى رمي أنفسهم هرباً من الذبح في نهر كاغيرا.
في جميع الحالات، التدخل لم يكن ليكون سهلا ومشرعا في الأمم المتحدة، لولا وجود الاستبداد والظلم، فالغرب لا يهتم كثيراً بالمجازر إلا إذا كان هناك مصلحة استرايتجية له، وواشنطن بالتحديد، تدعم الدكتاتوريات أو تسحب هذا الدعم وفقاً لأهدافها ولأجنداتها، التي ليس لها أية علاقة بحقوق الإنسان أو كرامته.
من المفجع أن تصبح سورية ملعبا لأجندات متصارعة؛ ولكن يبقى الاستبداد هو الثغرة التي ينفذ من خلالها ونفذ من خلالها التدخل وبهذه الصورة، خاصة وأن دولا كانت قريبة ومتحالفة حتى مع النظام السوري نفسه، وبالذات دول خليجية كانت من أهم المنقلبين عليه، ودعونا من أي مبرر إنساني لهذا الانقلاب، لأنه مهين للعقل والمشاعر، بل هو موقف سياسي انتهازي بحت في خدمة أجندات إقليمية ودولية.
الإدارات الأمريكية، نفسها، لم يكن لها أي مانع في التعاون مع النظام السوري سواء في ما سمّي بالحرب على الإرهاب، خاصة بعد قبوله ابتداء من عام 2005، إحداث تغييرات نيو لبرالية على اقتصاده، ولذلك مقال منفصل.
إن وصول الأمور إلى هذه المرحلة التراجيديا في سورية، هو دليل على أن النظام العربي لم يتغير، بل أصبح أكثر تبعية وارتهاناً لأمريكا ومشتقاتها، فواشنطن ليست معنية بوقف حمام الدم، بل معنية بالسيطرة على مستقبل سورية.
فأصبح الشعب السوري مرتهناً لنظام استبدادي لا يعرف الرحمة، ولمعارضة جزء مهم منها ربط نفسه وارتبط بقوى هدفها تدمير سورية وإلهاؤها بصراعات داخلية دموية، كما العراق قبلها، لكن لا بد من الثقة في الشعب السوري، الذي يضحي يوميا وغالياً، وإن كنا نتألم لفداحة الثمن، من جراء تقصيرنا وضعفنا وخضوع مذل للنظام العربي لدول المال والاستعمار.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-01-2013 01:14 AM

عزيزتي لميس وكما عهدتكي فانت دائما مع الجرح الحزين الناسف ..ارجوكي ان تعودي للكتابة بالانجليزية ومواقعهم لانهم يفهمونك اكتر !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
سامحيني لانني قللت من فهمهم فأنت الاقدر لتوصيل الرساله

2) تعليق بواسطة :
13-01-2013 08:26 AM

على الأقل الوقوف مع شعب مظلوم متفق بع بعضه على ذلك أفضل من موقف الأردن المخزي تجاه الأزمة السورية حينا أخرس الأردن بعدما هدده بشار بإمطار عمّان بالصواريخ. و ها هو الأردن يتسول باللاجئين السوريين. مقالك هو كلمة حق أريد بها باطل

3) تعليق بواسطة :
13-01-2013 05:40 PM

من المقالات القليله التي تحترم احي فكر الكاتبة المحترمه واتفق فيما ذهبت اليه للاسف ان الذي يدفع الثمن على جميع الاحوال الشعب السوري الواقع بين سندان النظام ومطرقة النفاق الدولي والعربي ... المخرج الوحيد للشعب السوري هو التوجه الى الله عز وجل لان لا امل في حل عسكري ولا امل في ان يتنازل الطاغية ولا امل في المعارضة في حل تفاوضي ،ولا امل في ان تسكن سوريا بعد سقوط النظام ،الامل الوحيد هو التعلق بالله القادر على كل شيء عزاءنا في الشعب السوري وعزائنا في سوريا الوطن

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012