أضف إلى المفضلة
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 19 نيسان/أبريل 2024


مصر العروبة... ألخروج من المأزق

بقلم : د. أحمد ذوقان الهنداوي
11-07-2013 10:19 AM
هل كان 30 يونيو تاريخ إطلاق ثورة مصرية جديدة، مدعومة من قبل مؤسسة عسكرية متفهمة لآمال الشعب وطموحاته ؟ ثورة إصلاحية على حكم فاشل... أم كانت 'انقلابا عسكريا'، بلباس مدني ناعم، لإعادة حكم دكتاتوري بائت؟

هل ارتكب 'الإخوان المسلمون' أخطاء جسيمة خلال فترة توليهم زمام الحكم... إقصاء واستحواذ حكم وتهديد ووعيد وتفصيل دستور على مقاسهم؟... أم أن الأخطاء التي ارتكبتها المؤسسة العسكرية خلال وبعد تلك الثورة كانت أشد خطورة وجسامة من تلك بكثير؟

هل كان عنف الإخوان، اللفظي والبدني، على من يخالفهم الرأي شديدا خلال فترة حكمهم وبعده؟... أم أن عنف المؤسسة العسكرية الأخير بحقهم كان أشد منه بكثير؟

هل افتقد الإخوان الحكمة والنضج السياسي في إدارة البلاد خلال فترة حكمهم بعد ثورة الشعب المجيدة في 25 يناير؟... أم أن المؤسسة العسكرية فقدتها أيضا في محاولة اصلاح مسار تلك الثورة؟

هل أعداد المشاركين في الملايين الثائرة المناهضة للحكم السابق منذ 30 يونيو تفوق تلك الملايين الثائرة المؤيدة له أم تدنوها؟... لعبة الأرقام!!

هل كان الجنرال خائنا وعميلا وأداة ألعوبة بيد قوى استعمارية لتنفيذ مؤامرة دولية للقضاء على 'الإسلام السياسي'؟... أم أن الرجل قامة وطنية شامخة قاوم كل الضغوط والتهديدات من تلك القوى لعدم إزاحة النظام السابق وتحت طائلة العقوبة وحظرالمال والسلاح، إلا أنه رفضها جميعها مستندا بذلك على وطنيته الصادقة وقناعته الراسخة بما يمليه عليه ضميره ولما يراه مصالح وطنه العليا وعلى تأييد منقطع النظيرله من الأغلبية من شعبه؟

هل كان يمكن للجيش المصري أن يتصرف بالطريقة التي تصرف به دون وجود دعم شعبي هائل له ورغبة عارمة من قبل الأغلبية لإحداث التغيير؟... أم أنه كان سينفذ 'انقلابه' على أي حال؟

هل تسرعت المؤسسة العسكرية بإمهال الرئيس السابق سويعات معدودة للتحاوروالتفاهم مع معارضيه حال إطلاق ثورتهم ضده، واضعة إياه في موقف حرج لم يعرف كيف يتصرف معه تمهيدا 'لإنقضاضها' عليه وعلى السلطة فور انتهاء تلك المدة؟... أم أنها كانت قد أعطته النصح الصادق الصدوق لكيفية التعامل مع المعارضة واحتوائها مرة تلو الأخرى وعلى مدى أسابيع وشهور، إلا أن تشدده وقصر نظره وعدم حكمته و ضعف خبرته السياسية وعدم تقبله للنصيحة وتماديه في الباطل هي جميعها من وضعه في هذا الموقف؟

هل 'ديموقراطية الحكم' تعنى بالضرورة 'رشادة' ذلك الحكم وفاعليته ونجاحه؟... أم ليس بالضرورة؟
هل امتلك الإخوان أصلا خطة واضحة ونهجا محددا لتحقيق التنمية والتطوير لم يتم امهالهم الوقت الكافي لتنفيذها؟... أم أنهم افتقروا لتلك الخطة أصلا واتسم نهجهم بالتخبط والعشوائية منذ اليوم الأول لإستلامهم الحكم وحتى يوم ثورة الشعب عليهم؟

هل أُخذ الرئيس السابق على حين غرة؟... أم أنه قصد بعناده وتصلبه وتشدده واستفزازه بأن تؤول الأمور لما آلت اليه وبشكل ممنهج كي يظهر بمظهر الضحية المدافعة عن الشرعية ضد 'آلة البطش والقمع' العسكرية... بما يغطي على فشله في الحكم وثورة الشعب عليه والتي أدرك بأنها قادمة لا محالة؟

وهل تعلو 'شرعية الصندوق' على 'شرعية الثورة' التي أتت بذلك الصندوق بغض النظر عن أعداد المشاركين في أي منها؟... أم أن عكس ذلك هو الصحيح؟

قائمة الأسئلة تطول وتطول... وقد تحوي بين ثناياها الكثير من إجاباتها... وإني لأجزم بأن أي مؤيد أومعارض للنظام السابق... أو محلل أو حتى قاريء أو متابع ليمكنه الإجابة على أي منها وباسترسال، مع الإستدلال على الإجابة بالأدلة والبراهين والأمثلة وتصريحات المسؤولين والتحليلات الإخبارية أوحتى بالأرقام والصور و اللقطات المصورة، وبما يدعم ويؤيد ويعكس توجهات وقناعات وميول وهوى الطرف المجيب، ويفند ويدحض في نفس الوقت 'ادعاءات' الطرف الآخر ويكيل باللوم عليه والإتهام له لما وصلت البلاد اليه ... وسيكون أغلب تلك الإجابات صحيحا على تناقضها وتناقض مواقف أصحابها ...

على الرغم من ذلك، فإني أعتقد بأن أي من هذه الأسئلة ليس ذي أهمية وجدوى الآن في ظل ما آلت الأمور اليه... وأن على الجميع، بدلا من أن يصبَوا جلَ جهدهم وتفكيرهم وتحليلهم في الإجابة عليها في محاولة منهم لتلافي مسؤولية ما حدث وإلقاء اللوم على الطرف الآخر، بأن يتوجهوا بالتفكير لإيجاد الحلول والمقترحات الناجعة للخروج من هذه الأزمة بما يفادي مصر وشعبها ويلات الوقوع في آتون الفتنة والعنف والإقتتال الداخلي لا قدر الله.

فعلى الرغم من أن 'خارطة الطريق' التي وضعتها المؤسسة العسكرية احتوت على العناصر الرئيسة والضرورية 'لإصلاح' المسيرة الثورية في مصر من إعداد دستور جديد للبلاد يحفظ مصالح كافة الفئات، وليس فقط تلك التي فازت بالإنتخابات، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، إلا أنها تفتقر للعنصر الرئيس الضامن لنجاحها، ألا وهو 'الإحتواء و التشاركية'... فأي 'خارطة طريق' لن يكتب لها النجاح دون مشاركة كافة أطراف الطيف السياسي المصري، من أقصاه إلى أقصاه... دون استثناء... وعلى رأسها الحركة الإسلامية... في تلك العملية... فأي إقصاء لأي طرف، وعلى الأخص الحركة الإسلامية، سيكون بمثابة تكرار للخطأ الفادح الذي ارتكبوه هم أنفسهم عند توليهم الحكم مما سيصيب تلك الخارطة في مقتل ولو بعد حين...

ولكن كيف يمكن للحركة الإسلامية حتى التفكير في موضوع المشاركة في تنفيذ تلك الخارطة بما يضمن نجاحها دون الإجابة على السؤال المتعلق 'بشرعية' الرئيس السابق، بعيدا عن لعبة الأرقام المتعلقة بأعداد المشاركين في مظاهرات المعارضة والتأييد منذ 30 يونيووحتى الآن... بالإضافة إلى عدم توفر أبسط المقومات الكفيلة بالمحافظة على الحد الأدنى من ماء الوجه أمام الجماهير الثائرة المساندة لها... وعلية فإنه لزاما على الرئيس المؤقت الجديد اتخاذ الإجراءات والقرارات التالية كخطوات رئيسة ذي أولوية للخروج من المأزق:

1. ألإفراج الفوري عن كافة قيادات الحركة الإسلامية، وعلى رأسها الرئيس السابق، والذين لم يثبت تورطهم في أعمال العنف أو التحريض عليه.

2. إعادة الترخيص لكافة محطات البث الخاصة والتابعة للحركة الإسلامية والتي لم يثبت تورطها بالتحريض على أعمال العنف أو الفتنة الطائفية.

3. إقرار إجراء استفتاء شعبي على شرعية الرئيس السابق، وفي أسرع وقت (خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر) حقنا للدماء. فإذا جاءت النتيجة لغير صالح الرئيس السابق، يستمر الرئيس المؤقت الحالي بتنفيذ خارطة الطريق وفق إطار زمني محدد وسريع وبمشاركة كافة الأطراف المعنية، وعلى رأسها الحركة الإسلامية، والتي لن يكون عندها أي مبرر آنذاك، شرعي أو شعبي، للعزوف عن المشاركة... وإذا جاءت النتيجة لصالح الرئيس السابق، يعود فورا للحكم مع استقالة الرئيس المؤقت والقائد العام للقوات المسلحة، ليستمر في تنفيذ 'خارطة الطريق' بمشاركة كافة أطراف الطيف السياسي، وعلى رأسها الأطراف التي ثارت عليه والتي لن يكون لديها أي مبرر أيضا لعدم المشاركة آنذاك.

خطوات لها الأولية لإعادة الحد الدنى من الثقة المتبادلة بين الأطراف بما يمكن من إطلاق العملية التصحيحية للثورة وتنفيذ 'خارطة الطريق' بنجاح، وما دون ذلك فإني أخشى ما أخشاه بألا يكتب لأي جهد النجاح، وذلك لسبب رئيس ألا وهو إقصاء (أو استنكاف) لاعب رئيس في الحياة السياسية المصرية عن المشاركة في تنفيذها... بما سيعود على الوطن والشعب بنتائج لا تحمد عقباها...

فمفتاح النجاح هو زرع ثقافة تقبل الآخر واستيعاب فكره واحتوائه والمشاركة الفاعلة له واحترامه والمرونة والحكمة في التعامل معه، ونبذ الإقصاء والإستحواذ على السلطة والعنف وتكميم الأفواه والإستفزاز والتهديد والوعيد وازدراء الطرف الآخر والتقليل من شأنه وتكفيره أو تخوينه...

كم من ثورة وثورة مضادة يجب أن تنفجر و كم من قتيل يجب أن يقتل و كم من الدماء يجب أن يسال و كم من الدموع يجب أن تنهمر و كم من وطن يجب أن يدمر وكم من شعب يجب أن يشرد.... قبل أن نتعلم الدرس...

حفظ الله مصر العروبة وشعبها الأبي العظيم من كل مكروه...

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-07-2013 09:53 PM

الله يرحم ذوقان الهنداوي الانسان والوزير المتواضع والخلوق جدا ,الناس قد يمدحون الاحياء لطلب الدنيا لكنني اترحم على فقيد التربية والتعليم ذوقان الهنداوي هذا الرجل من رعيل رحلوا وتبقى ذكراهم الطيبة ,اوافقك الرأي يا دكتور ويبدو ان مهمتهم انتهت على ابواب مشروع جديد !!

2) تعليق بواسطة :
13-07-2013 02:25 AM

نعتذر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012