أضف إلى المفضلة
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024
الجمعة , 29 آذار/مارس 2024


ردا على سرايا ورايس: لسورية ... لا لبشّار !

01-11-2010 10:36 AM
كل الاردن -

ناهض حتر

هاجم صحافيّ النظام المصري، رئيس تحرير " الأهرام"، أسامة سرايا، الرئيس بشار الأسد، طالبا منه " وقف ترويج الأوهام في المنطقة"( يعد سرايا رفض الركوع أمام إسرائيل أوهاما) واتهمه بتمكين إيران من توسيع نفوذها في فلسطين والعراق ولبنان والخليج ( الإحتلال والنفوذ الأميركيان ـ الإسرائيليان، عند سرايا، إعتياديان). وبهذا المقال، يكون النظام المصري قد بدأ حملة على سورية، تترافق والحملة الأميركية ـ الإسرائيلية التي أطلقتها مندوبة واشنطن في المنظمة الدولية، سوزان رايس.

......................

......................

يعيّر سرايا، الأسد المنتصر لخط المقاومة، بأنه لا يقاوم في الجولان. وهذه سذاجة تمر على السذّج، لكن لا قيمة لها في نقد الإستراتيجية السورية القائمة على إدامة الصراع مع إسرائيل، مع تجنّب الإنزلاق إلى حرب غير متكافئة مع الإسرائيليين تؤدي إلى إضعاف دمشق والعصف بمشروعها.

الجولان محتلة ؟ نعم . ولكن إستردادها ليس هو الجوهري، بل الجوهري هو خوض الصراع على مستوى المنطقة للحفاظ على إستقلال سورية وقدراتها ودورها.

لإسترداد الجولان هنالك ثلاثة أساليب :

الأول، طرقته مصر السادات، حين قايضت سيناء باستقلال مصر. وفي خلاصة مبدعة للشاعر المصري

" يا خوفي من النصر!

ترجع سينا وتضيع مصر!"

ومصر ضاعت بعد كامب ديفيد ، وضاع حضورها العربي والإقليمي، وانحصر دورها في ترتيبات الأمن الإسرائيلية حول غزة. وبالمحصلة، إنهارت الدولة المصرية ووصلت إلى الحد الذي تعجز فيه عن إدامة وتنظيم ماكنة الخبز، الغذاء الأساسي للغلابة.

الأسلوب الثاني، هو شن الحرب. فسورية دولة مركزية لا تنفع تكتيك المقاومة بالنسبة إليها. ومن البدهي أن الإشتباك المقاوم في الجولان، سيؤول إلى حرب نظامية ليس لدى السوريين القدرة على الانتصار فيها. وأظن أن ضربة إسرائيلية مدمرة لسورية هو ما يحلم به أسامة سرايا وأمثاله! وهنا، نتذكّر الإذاعات الرجعية في ال66 ـ 67 التي كانت تشن على مصر عبد الناصر حملة لإثبات عدائه لأميركا وإسرائيل بسحب القوات الدولية من سينا. ووقع ناصر في الفخ !

الأسلوب الثالث هو ما تتبعه سورية منذ الأسد الكبير ، وطوّره ، بدينامية ومرونة، ولكن بالتزام صارم، الرئيس بشار في توليفة إستراتيجية همها الأساس الحفاظ على إستقلال سورية ، ومركزية دورها العربي والإقليمي. وقد استلزم ذلك إقامة شبكة أمان إقليمية ودولية واسعة من التحالف مع إيران وتركيا وإعادة توطيد العلاقات مع روسيا وفنزويلا وتطوير دبلوماسية صداقة واسعة النطاق في آسيا وأميركا اللاتينية الخ . وبالاستناد إلى هذه الشبكة ودعمها حولت الدولة السورية نفسها إلى قاعدة إستراتيجية لقوى المقاومة في المنطقة في لبنان وفلسطين والعراق.

ولأن سورية مستقلة ومتعددة التحالفات، أمكنها القيام بأذكى وأنجع ممارسة تحالفية مع إيران، تقوم على المزج بين الأولويات السورية والثوابت القومية. فإذا كانت سورية تصطف مع إيران في مواجهتها للغرب، فإنها لا تتبعها خصوصا في كونها لا تتبنى الخطاب الإيراني إزاء الغرب، بل تسعى للحوار والتفاهم معه. وترتكز سياستها حيال إسرائيل على رفض عدوانها واحتلالها والتأكيد على الحقوق السورية والعربية وتشجيع المقاومات ضدها في إطار الشرعية الدولية، لا في إطار الديموغوجية الإيرانية!

وسورية التي تتطابق مع إيران في دعم حزب الله ، لم تسلّم أبدا القرار الإستراتيجي في لبنان للإيرانيين ولا لحلفائها اللبنانيين .. فالقرار المقاوم في لبنان سوري بامتياز !

وتحالف سورية مع شيعة لبنان، لم يمنعها عن التحالف مع مسيحيي ميشيل عون وفتح أبواب الزعامة المسيحية أمامه ليس في لبنان فقط وإنما في سورية نفسها !

وسورية التي تتحالف مع إيران وحزب الله وحماس لا تسمح بالتدخل في شؤونها الداخلية ، ولا تتنازل عن علمانيتها ، وترسل إلى مؤتمرات المقاومة المكتظة بالأئمة والمشايخ ، قائدات بعثيات مفرعات بلا حجاب ولا تديّن!

وسورية تحتضن حماس ولا تسمح للإخوان المسلمين بالنشاط ...

وفي العراق، تضع سورية تحالفاتها مع إيران جانبا، وتعمل بكل ما تستطيع من جهد لمقاومة الأطماع الإيرانية في العراق. والمفارقة التي ينبغي تنبيه أولئك الذين يتهمون النظام السوري بالطائفية العلوية أن دمشق تدعم في العراق، العرب السنّة ... لثلاثة اسباب كون المقاومة انطلقت عندهم ، وكون النزعة العروبية اساسية عندهم وكونهم قوة مناوئة لإيران..

......................

......................

سورية اليوم هي البلد العربي الوحيد ... الوحيد الذي حافظ على إستقلاله ودوره العربي والإقليمي . وهي مهمة معقدة ومحفوفة بالمخاطر وتتطلب بالإضافة للشجاعة الصبر الإستراتيجي والحكمة والفعالية.

وسورية هي البلد العربي الوحيد ... الوحيد المتحرر من المديونية ، خارجية وداخلية، فهي حافظت أيضا على استقلالها المالي والاقتصادي

وسورية هي البلد العربي الوحيد ... الوحيد الذي ما تزال رايات العروبة خفاقة في سمائه!

لكل ذلك تكره الإمبريالية سورية ، وتعمل لمحاصرتها وضربها ... وهو ما يتمناه، كذلك، عبيد الإمبريالية !

.........................

.........................

يبقى أن أختم بمخاوفي ... فاستقلال سورية مهدد من الداخل بالكمبرادور الذي بدأ يحتل مساحات أوسع فأوسع من إقتصادها ... ومهدد بالعناصر الليبرالية الجديدة التي تسللت إلى بعض مواقع القرار الاقتصادي معززة بشبكة الفساد... وسورية مهددة بالتراجع عن العلمانية من خلال التراخي مع الأفكار السلفية .... وأخيرا ، لا آخرا، فإن تعطيل الحريات ـ للوطنيين والتقدميين ـ لا لليبراليين والسلفيين ـ يعطّل طاقات كبرى في سورية.

.........................

.........................

لسورية ... لا لبشار ، صفا واحدا في الدفاع عن الحصن العربي الأخير

ولسورية .. لا لبشار، يتعلم الوطنيون العرب فنون الإستراتيجية

ولسورية ... لا لبشار، نواظب على النقد الودي لمظاهر آن لها أن تزول من سياساتها الداخلية.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012