07-11-2010 08:48 PM
كل الاردن -
علاء الفزاع
إذا كان مجلس النواب الخامس عشر انتهى بالحل فإن مجلس النواب السادس عشر قد ينتهي بإعلان الأحكام العرفية.
لن يكون ذلك بالطبع بسبب حليب السباع الذي يقطر من شفاه النواب المقبلين. ولكن لأن ظله شديد الشحوب سيترك الساحة لاضطرابات كبيرة.
المجلس السادس عشر، والذي بدأ عمال البناء في تحسين مدخل مكاتبه، سيولد ميتاً من ناحية القيمة السياسية، مهما كانت (النزاهة) في الإجراءات، ومهما كانت نسبة التصويت والتي قد تكون مفاجئة!
العملية الانتخابية بمجملها كان يراد لها تحقيق هدفين: الأول وجود برلمان يغطي الاستحقاقات المقبلة على صعيد الحل الدائم وصفقات التوطين، وعلى صعيد بيع مقدرات البلاد وتعظيم مكاسب الشركات والعائلات الكبرى، وعلى صعيد إفراغ أية استحقاقات إصلاحية من مضمونها.
أما الهدف الثاني فهو اختطاف العشائر من دورها المعارض بقوة، ومحاولة ضربها ببعضها وتفتيتها بفعل الدوائر الوهمية وقانون الصوت الواحد، وإشغالها بمكاسبب وهمية في مجلس نواب فارغ المضمون مسبقاً.
العملية بمجملها فشلت كما يعرف أصحاب القرار.
المجلس المقبل لا يحظى بأي رصيد شعبي، بل أصبح محط تندر المواطنين. ورغم اشتداد حملات المرشحين في بعض الدوائر إلا أن المراقبين يعرفون أنها معارك مناكفة آنية لا يطول مداها، خصوصاً وأنها في الغالب عبارة عن تنافس بين عائلات من نفس العشيرة، او تنافس بين أصحاب رؤوس الأموال على شراء الأصوات. وهي بالمحصلة معارك يقاتل فيها أشخاص ليست هي معركتهم فعلاً.
أما في المدن والمخيمات فاللامبالاة إزاء الانتخابات أوضح من ان يتم إخفاؤها. ومن النادر أن ترى من يهتم بما يجري في مجلس النواب بعد انعقاد الجلسة الأولى.
والمجلس العتيد لا يستطيع تغطية الاستحقاقات التي نتحدث عنها، فهو غير مقنع، بدليل أن الشعارات المطروحة لدى الغالبية الساحقة من المرشحين لا تتعلق بأي شيء يتعدى حدود ما يكتبه طالب الثانوية العامة في موضوع الإنشاء أثناء امتحان التوجيهي.
أما من ناحية استغفال العشائر فالنجاح جزئي ومرحلي. سنشهد يوم الاقتراع وفي الأيام التي تليه أحداث عنف قد يكون بعضها خطيراً. ولكنها مجرد "بروفة" لما يمكن أن يحدث في وقت لاحق، فالتوتر لن يطول في حدود بقائه بين عائلتين في عشيرة، بل قد يتجاوزها خلال وقت قصير. والعشائر ستكون قد استهلكت سريعاً مواضيع الخلاف نظراً لقلة المكاسب التي يمكن الاختلاف عليها.
المشاكل الأساسية في الأردن لم يتم نقاشها بعد. وعدم نقاش المشاكل وتجاهلها وتغييبها عن السطح لا يعني انتهاءها، بل إن للطبيعة ميكانزمات تدفع فيها بالمخبوءات من الأعماق إلى السطح في أول فرصة، خصوصاً مع تصاعد الضغوط.
وكما كان العام 2010 عام صحوة الحركة الوطنية الأردنية كما عبرت عن نفسها في أشكال سياسية ومطلبية، فإن العام 2011، وربما نهايات 2010، قد يكون عام الانفجارات الاجتماعية الناجمة عن الإحباط والتهميش الاجتماعي المتوسع، والتي قد تؤدي في النهاية إلى إعلان الأحكام العرفية للسيطرة على الموقف.
مجلس النواب السادس عشر هامشي كثيراً بالمقارنة مع التحديات. وربما يكون من الذكاء أن يسارع المهتمون من النواب بتحصيل ما يمكن من تحصيله قبل العودة إلى سابق عهدهم.