19-11-2010 09:39 PM
كل الاردن -
إلياس جنكات
الآن وقد انفض السامر ، علينا أن ننتقل من دوامة أو دائرة الجدل إلى البحث والتساؤل عما بعده وما إليه من مواقف وحسابات. ليس سراً أن الخارطة الوطنية لمشهد سياسي بات غيره بعد يوم وتاريخ 9/11/2010عما كان عليه قبل اليوم والتاريخ المحددين.
فالانتخابات التي أُنجزت لها أثرها على واقع التجربة والممارسة السياسية بصورة عامة، والكثير من المياه سوف تجري بدءاً من هذه الساعة تحت أقدامنا وأقدام النواب، جديدهم وقديمهم.. فتروي هنا .. وتطمر هناك أو العكس، فلا بد وأن تضيف التجربة الأخيرة رصيداً لحسابات من حالفهم النجاح والفوز، كل بحسب قناعاته وأولوياته الماثلة بين يدي المرحلة المقبلة والجارية، ومن غير المنطق القول هنا بأن ما حدث وأنجز حتى الآن هو غاية الكمال وآخر الشوط،، بل هو أوله لا غير..
وأمامنا شوط مفتوح وطريق طويل علينا سلوكه وصولاً إلى مجلس النواب المنشود بصيغته وصورته النهائيتين ... ومن المجحف القول بأن ما حدث ليس شيئاً مذكوراً لوقائع ماثلة تؤكد أن خطوة جديدة تمت وأن رقماً ورصيداً أضيف - بقيمتها وقدرها - إلى حساب التجربة السياسية والممارسة الديمقراطية في الاردن ومهما اختلفنا في تقدير واحتساب الرصيد وقيمة الخطوة التي تمت فعليا، إلا أن هناك خطوة وهناك استحقاق، وليس من الممكن تجاوز الأحداث والمحطات أو التنكر للواقع وأشيائه وكأن شيئا لم يكن أو كأن جديداً لم يطرأ وسيكون له أثره المباشر وغير المباشر وعلى أكثر من صعيد ،علينا أن نهتم الآن بسؤال أنفسنا عن تبعات المواقف المعلنة والشعارات التي أطلقها بعض من فازوا وكانوا على شفا حفرة وعلى بُعد خطوة من السقوط ،كما حصل مع من تلحفوا بقماش يافطاتهم الإقليمية الداعية للفرقة والتشرذم وذهبوا وذهبت ريحهم.
على نوابنا المحترمين استحقاق ، وعليهم الأن واجب معالجة الفساد والبحث عن مكامن الخطأ وجوانب الصواب في القوانين والقرارات وحيثياتها، على أن لا يكون المعيار في التقييم وتحديد الخطأ من الصواب مبنياً على المكسب الشخصي والأنانية الجهوية .
الوطن أمانة في أعناقكم وسنحاسبكم وسنسقطكم فالنيابة ليست المكاسب والفوائد التي قد يجنيها النواب، عليكم أن لا تكتفوا بنشوة الفوز وتمرير التجربة ، بل عليكم أهم من ذلك أن تفكروا من الآن بالخطوة التالية ومراكمة النجاح والتمهيد للمرحلة المقبلة لقانون إنتخابات أوسع وأشمل. الوضع يتطلب بدءاً من الآن والساعة القيام على نتائج الانتخابات بحرص ومسؤولية والتزام سياسي كبير تجاه المرحلة القائمة وبذل الجهود لضمان استمرار نجاح التجربة وتحقيق نتائج ملموسة على الأرض وفي واقع الحياة اليومية واثبات أن الانتخابات ونتائجها قد أتت بأُكلها .
والمُقاطع، هو الآخر، عليه أن لا يفسر الماء بالماء أو يظل يردد الكلام المعهود والمستهلك إعلامياً من أنه قاطع لأن لا يوافق على الصيغة القائمة، هناك دائما أسباب وحسابات أخرى ومختلفة عما هو معلن ومعروض للجمهور. بالطبع للأحزاب حساباتها ، ولكن عليهم مراعاة أن التبريرات لم تعد مقنعة وبأن الجميع يعلم استحالة الركون إلى التفسيرات المعلبة والجاهزة التي بات من العسير علينا استذواقها وهضمها. على المقاطعين أن يحصوا خسائرهم ومكاسبهم من القرار والمقاطعة وتعويق للطرف الآخر، التجربة مرت .. والأحزاب باقية .. والوطن أبقى من الجميع ..
ولم يكن في مصلحة أحزاب رئيسية في الساحة أن توثق التاريخ بحسب رؤيتها وتستثني حق غيرها السياسي ، من الشجاعة بمكان أن نقول أننا كنا مشغولين جداً بالمقاطعة في البدايات ،ولكن حرصنا على الوطن كان أكبر وأسمى من المقاطعة كموقف سياسي، الانتخابات ذاتها نجحت وللحكومة الشكر والتهنئه ، ولنوابنا أيضاً تهنئه ، وختاماً نُذكر أنفسنا ومن بعد نُذكركم بأن الآردن أغلى وأعز من الجميع.