يستذكر سفير روسيا في الأردن بوريس بولوتين وهو يستعرض في مقالة له حملت عنوان 'اللغز الروسي وخرافات الغرب' وقع تطورات شبه جزيرة القرم ووتستون تشيرتشيل الذي شبّه روسيا باللغز، بما ذكرني في جلسة تقاسم العالم بعد الحرب العالمية الثانية عندما سأل احد الحضور عن العدو القادم بعد هتلر أجاب المندوب الامريكي دون تردد روسيا.
ما بين اللغز والعدو هناك مسافة زمنية شهدت احداث لم تخلو من كوارث ليست طبيعية فقط بل من صنع البشر المتمسك بمبدأ المصالح دون المبادىء، لأقف الآن متابعاً بأهتمام ما يحدث فوق البلاد الواطئة، وما يعيشه الغرب من وتخبط واضطراب وارتباك، فيما ينهض الدب الروسي من سباته في منطقة هي الابرد في بقاع الأرض يتجول باحثاً عما أصابه بعد موجة الصقيع الأقسى والأطول، أنه بوتين اللغز والعدو.
يترك الرجل جميع المحللين والسياسيين وحتى كتّاب التقارير من سفراء ودبلوماسيين في حيرة من امرهم، وهم يشاهدون دون حراك ما يدور على خشبة المسرح، وفي الوقت الذي تيقن معه الغرب وواشنطن بان اقصى ما يفعله الكرملين دعم انفصال شبه جزيرة القرم، جاء القرار ضمها بكل سهولة ويسر وسلاسة.
روسيا تعرف يقيناً ما لا يستطيع الغرب فعله وليس ما يفعله، بوتين في حساباته المتأنية يراقب، يشخص ولا يتردد في اتخاذ القرار، مشفوعاً بعنصر المفاجأة. ولعل في خطوة من طراز موافقة الاتحاد الاوروبي على انضمام مولدوفا، فان خطوة متزامنة او سابقة ستشكل الصدمة بضم اقليم ترانسيشتريا الانفصالي للحضن الروسي الدافىء.
'روسيا اليوم' لم تزعج الغرب كفضاء اعلامي، اسوة بـ 'الجزيرة' المزعجة لبعض العرب، انها تتقدم بقوة لأسناد روسيا الغد، وعلى الغرب ان يستمع للاخبار السيئة الآتية من كييف على وقع احداث متسارعة، ولعل مستقبل النظام الغربي – الامريكي سيتحدد في اوكرانيا.
المستقبل سيكون اكثر وضوحاً في ايار/مايو المقبل وسط تساؤل مفترض عما اذا ستنعقد الانتخابات الاوكرانية المدعومة غربياً بحثاً عن الشرعية، ام سيكون لبوتين رأي آخر.. علينا الانتظار.