أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


العدوان يكتب : الخدمات الطبية الملكية حمل زائد وجهود مشكورة

بقلم : موسى العدوان
29-12-2015 04:56 PM

موسى العدوان

الخدمات الطبية الملكية والتي تشكل فرعا رئيسيا من فروع القوات المسلحة الأردنية، تدعو للفخر والاعتزاز لما تقدمه من رعاية صحية لمنتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية عاملين ومتقاعدين، إضافة لخدمة عائلاتهم من خلال مشروع التأمين الصحي العسكري. وقد أضيف لهذين الواجبين مؤخرا، معالجة المدنيين المحولين من الديوان الملكي ورئاسة الوزراء، ومدنيين غيرهم مقابل الثمن، بحيث أصبحت الرعاية الصحية تشمل ما يزيد على 1,5 مليون شخص.
هذا على الصعيد المحلي، أما على الصعيد الإقليمي والدولي، فقد نشرت الخدمات الطبية عددا كبيرا من مستشفياتها الميدانية في بعض الدول العربية والأجنبية، لتقديم الرعاية الصحية لمواطنيها تحت غطاء الأمم المتحدة، مما ضاعف العبء الطبي على الخدمات الطبية.

وبمناسبة أفول عام 2015 وإطلالة العام الجديد ، أجد من المناسب توجيه الشكر لبعض مستحقيه فوق ساحة الوطن العزيز إقتداء بالحديث الشريف : ' من لا يشكر الناس لا يشكر الله '. فبداية أتقد م بالشكر لجلالة الملك المعظم على رعايته لهذه المؤسسة الوطنية، وتوجيهه الدائم لمعالي رئيس هيئة الأركان المشتركة، بتطويرها وتحديثها، كما هو حال القوات المسلحة درع الوطن. والشكر موصول بشكل خاص إلى كافة مدراء وأطباء الخدمات الطبية السابقين والحاليين، على ما قدموه ويقدموه من جهود في رفع المستوى الصحي بين أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وعائلاتهم.

مدير الخدمات الطبية الملكية الذي تولى مسئولية هذه المؤسسة حديثا اللواء الطبيب معين الحباشنه، يواصل مسيرة البناء والتطوير فيها بكل جد ونشاط، ضمن برامج متدرجة تشمل تأهيل الكوادر الطبية، وتوسعة المرافق الطبية ، وجلب الأجهزة الطبية الحديثة، وتوجيه العاملين في المؤسسة لتقديم أفضل خدمة طبية ممكنة، للمتقاعدين العسكريين والمنتفعين من التأمين الصحي العسكري. كما أنه أولى اهتماما خاصا للنواحي الإدارية، سواء في مستشفيات المدينة الطبية أو في عيادات ومستشفيات المحافظات.

لا أقول أن الطبابة في أكمل صورها في الخدمات الطبية، بل أن هناك بعض النواقص وذلك نتيجة لمحدودية الإمكانيات المالية، والتي لا تسمح بتنفيذ الخطط الموضوعة بصورة فورية. ولكنها على أي حال تسير حسب البرنامج المحدد، وقد ظهر بعضها للعيان وسيظهر غيرها في وقت لاحق. وهذا الحال يقودنا للتحدث عن نواحٍ تشكل مصدرا للشكوى، من بعض المتقاعدين العسكريين والمنتفعين، بغرض معالجتها والتغلب عليها.

فقد لوحظ في السنوات الأخيرة أن نسبة كبيرة من المدنيين، الذين يحولون من الديوان الملكي ورئاسة الوزراء ومن بعض المؤسسات المدنية إلى المدينة الطبية، هي حالات بسيطة وأن أصحابها بوضع مالي ميسور لا يستدعي معالجتهم هناك. وإذا ما أضفنا هذا العدد إلى المدنيين الذين يعالجون في المدينة الطبية مقابل الثمن، فسنجد أن المدينة الطبية تغرق بالمرضى والمراجعين على
حساب المنتفعين العسكريين وذويهم .

إن جولة في ممرات وقاعات وعيادات مستشفيات : الملك حسين ، الملكة رانيا ، الأمير حسين ، مركز التأهيل ، مركز القلب ، وعيادات الاختصاص وغيرها من العيادات ، تظهر حجم الضغط الكبير من أعداد المراجعين، الذي على الأطباء التعامل معه يوميا وعلى مدار أيام الأسبوع .

وإذا كان المعدل العالمي الذي يمكن أن يتعامل معهم الطبيب من المرضى يتراوح بين 10 - 15 مريض يوميا ، مقارنة مع ما يزيد على 70 مريض يوميا للطبيب في مؤسستنا الطبية، فكيف يمكن للأخير أن يعطي المريض حقه في التشخيص وتحديد العلاج المناسب له بدقة.

أتمنى على أحد المسئولين في الصفوف الأولى، أن يحاول متخفيا ودون ترتيبات ومراسم مسبقة، أن يحاول مجرد المرور في ممرات المستشفيات والعيادات وقاعات الانتظار المختلفة في ساعات الدوام الرسمي، ليطلع بنفسه على حشود المراجعين التي تغص بها تلك الأماكن.

لا أنتقص من كفاءة الأطباء وإخلاصهم في العمل، لاسيما وأن واجبهم الإنساني يدفعهم لمقابلة كل مريض يؤم عياداتهم، مقدرين معاناتهم وقدومهم من أماكن بعيد، وهذا ما يضاعف العبء على الأطباء ويضطرهم لاختصار الوقت، الذي يجب أن يعطوه لكل مريض ليتمكنوا من إجراء التشخيص الصحيح له. ولو افترضنا أن كل مريض يحتاج إلى 10 دقائق لتشخيص مرضه فهذا يعني أن عليه أن يعمل لما يزيد على 11 ساعة متواصلة دون توقف، وهو أمر غير معقول. ولهذا تكون النتيجة سلبية في كثير من الأحيان، ويضطر المريض لتكرار المراجعات طلبا للشفاء .

الخدمات الطبية ليست هي المؤسسة العلاجية الوحيدة في المملكة، فهناك أيضا وزارة الصحة ولديها أطباء مؤهلون في مختلف التخصصات. كما أن هناك الكثير من المستشفيات والعيادات الخاصة التي يمكن لبعض المرضى التوجه إليها. وعلى الحكومة من خلال وزارة الصحة أن تعمل على ضبط انفلات الأجور في المستشفيات والعيادات الخاصة، حماية للمرضى المحليين والوافدين من الاستغلال البشع الذي تمارسه بعض تلك المؤسسات. ومن الأولى في هذه الحالة أن يحول المدنيون المحتاجون للعلاج إلى وزارة الصحة، لاسيما وأن موازنتها المالية تزيد عن ثلاثة أضعاف موازنة الخدمات الطبية.


ومع الأخذ بعين الاعتبار أن الخدمات الطبية الملكية مؤسسة وطنية، تعمل على رفع المستوى الصحي للمواطنين في المملكة، وتتحمل عبء الرعاية الصحية في بعض المناطقالنائية، إلا أنني أعتقد بأن على الخدمات الطبية الملكية، أن تولي جل اهتمامها في المعالجة إلى العسكريين وعائلاتهم، وهي التي أنشئت أساسا لخدمتهم، ولم تنشأ كمشروع استثماري يسعى لتحقق الأرباح على حساب المهمة الأساسية.

وبناء على ما تقدم فإنني أضع المقترحات التالية أمام أصحاب القرار، من أجل خدمة أبناء المؤسسة العسكرية، وتخفيف الضغط عن كوادر الخدمات الطبية من مختلف المهن والتخصصات :

1. إعطاء أولوية المعالجة وإيواء المرضى للعسكريين العاملين والمتقاعدين وذويهم ، وبما يتفق ومشروع التأمين الصحي العسكري، الذي وجد منذ ستينات القرن الماضي وأصبح حقا مكتسبا لهم .

2. تخصيص نسبة محددة لمعالجة المدنيين المحولين من الديوان الملكي ورئاسة الوزراء بحيث لا تزيد عن 10 % من نسبة المنتفعين، على أن تكون ممن لا يتوفر لهم علاج في وزارة الصحة.

3. إذا كانت الحاجة تستدعي استقبال نسبة أكبر من المرضى المدنين، فيجب على الحكومة اقتطاع ما نسبته 30 % من مخصصات موازنة وزارة الصحة وتحويلها إلى الخدمات الطبية .

4. الإسراع ببرنامج توسعة المنشآت الحالية في المدينة الطبية وبقية المستشفيات، وزيادة عدد العيادات والأطباء والممرضين لمواجهة الأعداد المتزايدة من المرضى، على أن يرافقها عزل عيادات المدنيين، عن عيادات المنتفعين من العسكريين وذويهم.

5. توفير الأدوية الكافية التي يوصي الأطباء بصرفها للمرضى.

6. تقليص عدد المستشفيات الميدانية في الخارج، وإنهاء عمل المستشفيات التي مضى عليها مدة طويلة في منطقة واحدة، وفي الدول غير المحتاجة.
7. بناء مواقف كافية لسيارات المراجعين وتخصيص حافلات لنقل المرضى والزوار إلى المستشفيات المطلوبة وإعادتهم بعد قضاء حاجاتهم، ويستثنى من ذلك الحالات الخاصة.

8. الاستفادة من الأطباء الأخصائيين الذين يحالون على التقاعد وحسب الحاجة، بدوام جزئي وبعقود لفترات محددة.

وفي الختام أتمنى لهذه المؤسسة الوطنية مديرا ومنتسبين كل التقدم والنجاح، وتحقيق ما نصبوا إليه جميعا من إنجازات طبية مميزة خلال السنوات القادمة، في ظل قيادتنا الهاشمية المظفّرة.

التاريخ : 28 / 12 / ى2015

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012