أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


مهما كانت البتراء شمس الأردن في خطر الكسوف

بقلم : د .احمد عويدي العبادي
03-01-2016 11:15 AM

ما يحدث في إقليم البتراء في وادي موسى من احتجاجات بسبب عمليات الابتزاز والنصب والاحتيال لنهب ثرواتهم واموالهم امر يستحق الوقوف والتبصر، فالعملية ليست بيع الأجل فحسب، بل ان هذا البيع كان وسيلة ممنهجة مدروسة مسبقا ضمن خطة صهيونية ومتصهينة لإفقار أهالي لواء البتراء ومحافظة معان والطفيلة بالتتابع جميعهم على حد سواء. ولكي تؤل البتراء ولواءها وما حولها الى الصهاينة الذين يدعون ان لهم حق فيها تاريخي وان تابوتهم المقدس مدفون فيها لا بد من القول ان أهالي لواء البتراء وهم بنو ليث / اللياثنة المشهورون بأنفتهم وشجاعتهم وشهامتهم ورفضهم للدنية والاذلال , فهم والحويطات وبني عطية من الانباط بدون منازع وهم أقارب بكل تأكيد , وهم انباط ثموديون اردنيون ويرجعون الى العماليق حسبما وصفهم المؤرخون العرب , وجميعهم متجذرون بالأردن وان اجدادهم هم من نحت البتراء منذ زمن الحوريين ثم الأدوميين ثم الانباط حيث بلغت المملكة الأردنية النبطية اوج مجدها زمن الملك الحارث الرابع وزوجتيه الملكتين شقيلة وخالدة وابنته العنود , وكانت دمشق زمنهم تتبع للبتراء .

كما بلغت المملكة الأردنية الأدومية (قبل الانباط) اوج عظمتها وامتدت على مساحة تقارب المليون كيلو متر وهي اول من اكتشف الأميركتين والقطب الجنوبي ورسم خريطة دقيقة للسواحل الأميركية والقطبية، قبل ان يأتي إبراهيم عليه السلام الى بلاد كنعان، وبالتالي فان ادعاء الصهاينة ان بني إسرائيل هم من بنى البتراء انما هو هراء يغاير منطق التاريخ، فالبتراء اردنية عربية ثمودية وهي من ضمن ما أشار اليها القران الكريم (وثمود الذين جابوا الصخر بالواد).

اما وان الشيء بالشيء يذكر فإننا نقدم الدليل على المطامع الصهيونية في البتراء، فهي مقدسة لدى اليهود وذكرتها كتبهم بما فيه العهد القديم حيث يذكر عالم اللاهوت البروتستانتي (جوش مكدويل وهو من مواليد 17 أغسطس 1939)، في كتابه الذي يحمل اسم (ثقتي في التوراة والإنجيل) ترجمة منيس عبد النور، والصادر في العام 1987 م ان للبتراء مكانه وقدسية عند اليهود تفوق الوصف الى درجة انهم يذهب بهم الشطط بالقول إنهم هم من بنى البتراء؛ حيث أشارت التوراة الى أن من أنشأ هذه المدينة هم سلالة النبي نابوت الابن الأكبر لسيدنا إسماعيل عليه السلام ابو العرب، ويضيف اللاهوتي بقوله: (وفيها يقع جبل هارون) حيث يعتقد باطلا أن هارون عليه السلام مدفون هناك، بل ويعتقدون ان الله تبارك وتعالى تكلم مع موسى في البتراء.

وأكثر من ذلك يعتقد اليهود أن البتراء تحتوي على أهم وأثمن سر في التاريخ اليهودي وهو (تابوت العهد أو تابوت الرب المذكور في القران الكريم في سورة البقرة: (وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (248) التابوت الذي يحتوي على الوصايا العشر التي أعطاها الله لموسى، وعلى عصا هارون، وأن آخر ما عرف عن تابوت العهد كان سنة 606 ق.م عندما كان نبوخذ نصر يقترب من القدس بقصد الاستيلاء عليها، في ذلك الحين أخذ النبي أرميا التابوت بما فيه من هيكل سليمان، وخبأه في كهف لا يزال مجهولا إلى اليوم، وهو أعظم المقدسات اليهودية على مر الزمن.

ونحن نقول انه إذا كانت البتراء المقصودة هي المملكة الأردنية النبطية فان الامر مختلف تماما , عما هي البتراء كمكان وموقع، لان المملكة الأردنية النبطية كانت الوريث الجغرافي والسياسي والوطني لدولة الأدوميين الذين كانوا الوريث للحوريين وجميعهم ثموديون اردنيون ، وبالتالي فان الروايات اليهودية لا تفرق بين ادوم والبتراء لان البتراء كانت عاصمة المملكة الأردنية النبطية وعاصمة إقليم من أقاليم الدولة الأدومية , قبل ان تتلاشى الدولة الأدومية وتقوم مقامها الدولة النبطية التي خرجت من رحم الأدومية، جميعهم اردنيون ومن ثمود من الروفائيين العماليق وكلهم عرب اردنيون ,وهم ممن جاب الصخر بالواد ( وثمود الذين جابوا الصخر بالواد.) سورة الفجر وتشير التوراة إلى أن البتراء هي عاصمة دولة أدوم (التي تصفها التوراة بالشريرة) الواقعة جنوب شرق البحر الميت، والتي تحدث ضدها ستة من أنبياء اليهود وهم: إشعياء وإرمياء وحزقيال ويوئيل وعاموس وعوبديا، وهذه النبوات المخيفة عن أدوم وعاصمتها البتراء سببها في نظرهم أنها ابتعدت عن الله وآذت شعبه المختار والشعب المختار هنا هم اليهود ولا شعب غيرهم.

عندما طلب بنو إسرائيل، قبل عهد داود عليه السلام (1011 ق.م. - 971 ق.م.)، أن يجعل الله لهم مَلكاً يجمعهم، ويوحّد كلمتهم، ويقودهم في حربهم لأعدائهم، استجاب الله لهم، وجعل طالوت ملكاً عليهم، وجعل علامة اختياره أن تأتي الملائكةُ بالتابوت، الذي استولى عليه أعداؤهم. وهو صندوق فيه بقية من آثار آل موسى وهارون، عليهما السلام، توارثه الصالحون من بني إسرائيل. وعند عودة التابوت إليهم جعل الله فيه الطمأنينة لنفوسهم، التي بقيت مضطربة لفقده واستيلاء الأعداء عليه.
واضح في النص القرآني الكريم أنّ التابوت له قدسيّة، وعلى وجه الخصوص ما فيه من الآثار المتوارثة من عهد موسى وهارون، عليهما السلام. ونحن نعلم أنّ الله تعالى قد أنزل على موسى، عليه السلام، الألواح، والتي خطّت فيها الوصايا، وقد جاء في سفر الخروج، في التوراة الحالية: ' واجعل في التابوت الشهادة التي أعطيكها '. والمقصود بالشهادة، ما ورد في سفر الخروج أيضاً:' ولما فرغ من مخاطبة موسى على طور سيناء دفع إليه لَوْحَي الشهادة، لوحين من حجر …'. وقد ورد في سفر صموئيل أنّ أعداء بني إسرائيل قد سيطروا على التابوت هذا لمدة سبعة أشهر.

فالصهاينة يدعون ان الهيكل مدفون تحت المسجد الأقصى، وان التابوت مدفون في البتراء، وان موسى مدفون في صياغة/ غربي مأدبا، وان هارون مدفون في البتراء، وهذه اكاذيب لا اساس لها من الصحة. فموسى عليه السلام مدفون عند الكثيب الأحمر في سيناء وليس في صياغة، والتابوت مجهول المكان لأنهم سرقوه وخبأوه في فلسطين وليس في الأردن، وهارون مدفون في سيناء وليس في الأردن، وان الضريح الذي يقال له النبي هارون لا علاقة لها بالنبي هارون اطلاقا وانما خطأ شعبي شائع ليس له دليل من التاريخ.

بعد هذا العرض نفهم لماذا هذه المؤامرة على جنوب الأردن بعامة والبتراء ووادي موسى بخاصة، فالمطامع الصهيونية هي احتلال البتراء وما حولها ولكن المعيب ان الدولة في الأردن تغض الطرف عن هذا المخطط الصهيوني، والاغرب ان يتم سن قانون بذلك ليشرعن المطامع الصهيونية.
ولو كان الراي رايي لأسميته وادي الحارث الرابع بدلا من وادي موسى او وادي الخالدة نسبة الى الملكة العظيمة خالدة زوجة الحارث الرابع , لكي لا يبقى أي ارتبط حتى ولو بالاسم مع الصهاينة , ان حجر موسى كان حجرا صغيرا يحمله أينما حل وارتحل وليس الذي تنبع منه عيون وادي موسى فهي قديمة منذ عشرات الاف السنين قبل ان يأتي موسى وإبراهيم عليهما السلام الى البلاد وقبل ان يبعثهم الله للنبوة , فعيون الخالدة ( عيون موسى ) كانت منذ عشرات الاف السنين قبل مجيء موسى عليه السلام , ولكن اليهود هم اكثر الشعوب تزويرا للتاريخ وان دائرة الإفتاء وقاضي القضاة مطلوب منهم ان يصدروا فتوى بتحريم بيع الأرض الأردنية للصهاينة، كما ان جميع القوى المدنية والاطياف الحزبية والسياسية والنقابية والكتاب وشيوخ العشائر وزعامات البلاد (ان يقيت زعامات في البلاد) ان يقفوا موقفا واحدا موحدا لمنع هذه المؤامرة على شمس الأردن وهي البتراء واقليمها بما فيه وادي موسى .

والسؤال الأخير: أين مكونات المجتمع المدني في عمان وأين السحيجة الذين لا نسمع لهم صوتا في الدفاع عن الأردن، لماذا لا نسمع لهؤلاء صوتا يدافع عن البتراء شمس الأردن المعروضة برسم البيع للصهاينة.


التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012