الحارث علي : تصدرت اخبار تنفيذ المملكة العربية السعودية احكام الاعدام بحق 47 متهما بالارهاب بينهم (نمر النمر) عناوين الصحف العالمية والاستنكار الايراني الذي جاء على لسان كبار مسؤوليها الحكوميين و العسكريين ، الامر الذي اعتبرته المملكة السعودية تدخلا ايرانيا سافرا في شؤونها الداخلية مطالبة ايران الالتفات لهموم الشعب الايراني والكف عن التدخل في شؤون المملكة و دول الجوار.

وفي تطور دراماتيكي للأحداث بين البلدين اقتحم امس الاول محتجون غاضبون مقر السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد مضرمين النيران في اجزاء منها معبرين بذلك عن غضبهم ورفضهم لقرار اعدام النمر.

قابلت هذه الاحداث موجة استنكار عربية واسعة و كرد فعل اولي ادانت العديد من الدول العربية حادثة اقتحام السفارة و القنصلية في ايران مبدين وقوفهم مع المملكة حكومة وشعبا ، ومؤكدين ان قرار تنفيذ احكام الاعدام هو امر سعودي داخلي بحت لا شأن لايران فيه ، وعلى الصعيد الدولي عبرت عدة عواصم عالمية وابرزها واشنطن وموسكو وبرلين عن ازدياد مخاوفها من تصاعد حدة التوتر الطائفي في المنطقة مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ اجراءات عاجلة لتخفيف حدة التوتر الذي وصل لمستويات خطيرة.

وبعد اقل من 24 ساعة جاء الرد السعودي - الذي كان متوقعا - على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير من خلال مؤتمر صحفي معلنا قطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران وامهال السفير الايراني و طاقمه الدبلوماسي 48 ساعة لمغادرة اراضيها ، متابعا 'ان الرياض لن تسمح لايران بتقويض امنها ' ، مستبقا بذلك قرار ايراني متوقع بقطع العلاقات مع السعودية وذلك بعد ان سلمت لجنة الخارجية في مجلس النواب الايراني مذكرة تطالب وزير الخارجية 'باعادة النظر في العلاقات الدبلوماسية مع السعودية' على خلفية اعدام الداعية النمر.

جاء المؤتمر الصحفي للجبير بعد الخارجية السعودية من وصول بعثتها الدبلوماسية في طهران الى دبي ، بعد ان اجلتهم السلطات مع عائلاتهم على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الاماراتية ، في اشارة الى ان السعودية كانت متخوفة من احتمال تكرار ما حدث لطاقم السفارة الامريكية عام 1979 او ما يعرف باسم 'ازمة رهائن ايران'.

وبعد قطع العلاقت السعودية الايرانية توالت ردود الفعل العربية فاعلنت مملكة البحرين قطع علاقاتها مع ايران ايضا على لسان وزير اعلامها عيسى الحمادي ، وفي رد فعل اقل حدية اعلنت دولة الامارات العربية خفض مستوى تمثيلها في ايران لدرجة قائم بالاعمال بدلا من مستوى سفير.

وقالت وكالة الاخبار السعودية في خبر خاص ان السودان اعلن عن طرد السفير الايراني احتجاجا على تدخل بلاده  في الشؤون العربية واتى ذلك في مكالمة هاتفية لمدير عام مكتب الرئيس السوداني مع الامير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي ، لتوضح المملكة في هذا الخبر المستوى العالي للتنسيق السعودي العربي  ليصبح المشهد اكثر تأزما وتعقيدا  في الاقليم .

من جهته صرح نائب وزير الخارجية الايراني امير حسين عبداللهيان حول تدهور العلاقات السعودية مع بلاده قائلا 'اعلان الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية لا يمكن ان يغطي على خطأ اعدام الشيخ النمر' متهما السعودية 'بانها لعبت دورا تخريبيا وغير بناء في المفاوضات النووية' واكد عبد اللهيان ' ان السعوديةعبر مؤامرة خفض اسعار النفط اضرت بشعبها وبالدول الاسلامية في المنطقة'.

ويحمل تصريح عبداللهيان في طياته تحذيرا مبطنا للسعودية يحثها فيه على التوقف عن استخدام سلاح النفط الذي جرب في حرب الخليج الثانية وحملت تبعاته نتائج كارثية ادت الى سقوط النظام العراقي و تحويل المنطقة الى مرتع للمنظمات الارهابية .

وتناقلت بعض وسائل الاعلام بيان غير مسبوق للجيش الايراني يحمل في مضمونه السياسي والامني خطرا كبيرا يقول فيه 'ان الوقت قد حان لتحمل المسؤولية والرد المناسب على جرائم النظام السعودي ' على حد تعبيره.

وقال مراقبون ان من شأن هذا التوتر المتصاعد بين الدولتين الاسلاميتين خلق محاور سياسية وعسكرية جديدة في المنطقة قد يقودها لمزيد من احتدام الصراع الدموي في الاقليم خصوصا في اليمن و سوريا والعراق  ،  واشاروا ايضا الى احتمالية توقف المبادرات السياسية التي تسعى لحل سلمي في المنطقة التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا بمباركة دولية، كما اكد المراقبون ان الامر سيزداد تعقيدا في لبنان وخصوصا في ملفي الفراغ الرئاسي و سلاح حزب الله.

وعلى الصعيد الاقتصادي توقع خبراء ان تشهد اسعار النفط مزيدا من الهبوط في ظل الازمة الحالية لتصل الى 20-25 دولار للبرميل لهذا العام محذرين ان كل من السعودية و ايران سترفع انتاجها اليومي للبترول لغاية العائدات النفطية لكلا البلدين ، علما بان الاسواق العالمية تشهد فائضا نفطيا غير مسبوق ، واكد الخبراء انه في حال حدوث مواجهة عسكرية بين الدولتين - والذي يعد احتمالا ضعيفا حاليا -  فان اسعار النفط سترتفع بشكل كبير لتصل فوق 100 دولار للبرميل في غضون عدة اشهر مشيرين ان المستفيد الاكبر من هذا الارتفاع سيكون كل من الولايات التحدة و روسيا الاتحادية التي يشهد مخزونهما النفطي ارقاما قياسية.

ويرجح خبراء سياسيون و عسكريون ان هذا التصاعد في حدة التوتر الطائفي بين السعودية وايران لن يجلب للمنطقة وشعوبها الا الدمار والنتائج الكارثية خصوصا ان دول غربية  وعلى راسها اسرائيل تتبع سياسة تاجيج الطائفية بين السنة والشيعة مراهنة بذلك على ان مصالحها ستبقى محمية و لن يكون هناك اي خطر يذكرعلى كيانها مما سيسهل لها  تنفيذ سياستها الاستيطانية واهمها مشروع تهويد القدس بكل سلاسة ودون ضجة دولية لانشغال اكبر الدول الاقليمية بحرب خاصة قد يطول امدها كما كان في الحرب العراقية - الايرانية.

فهل نجد في منظمة التعاون الاسلامي حكماء يدعون لعقد مؤتمر طارئ لمحاولة حل الازمة بين الجارتين ودرء نار الفتنة التي ستدمر البشر و الحجر.