أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


الجيش العربي وزهرةالمدائن

بقلم : عيسى محارب العجارمة
13-02-2016 08:00 AM
دمرت اسرائيل القوة الجوية المصرية عشية حرب حزيران 1967ودحر الجيش المصري وأصبحت قادرة على التعامل مع الجبهة الشرقية (سوريا والعراق والاردن) بسهولة .
وتحرك الجيش العراقي لساحة القتال من قواعده البعيدة في العراق فبدأ حركته متأخرا وما كادت طلائعه تصل وادي الاردن حتى انتهت المعركة .
وبما ان الحرب بدأت بالضربة الجوية الاسرائيلية القاصمة ضد القوات الجوية المصرية فسنورد مفهوم العمليات الاردني بتلك المعركة .
فالملك حسين بن طلال ملك الاردن السابق – رحمه الله – كان طموحا في تطلعاته نحو بناء جيش قوي قادر على الدفاع عن الارض ، والمساهمة في تحرير الجزء المحتل من فلسطين ، ولكنه كان ( كجده الاكبر الحسين بن علي ) متأثرا بالاعتبارات السياسية والنفسية في تحديد مهمة الجيش ووضع مفهوم استراتيجي يرتكز اساسا على عوامل عسكرية منطقية .
لذلك فقد استبعدت أي خطة مبنية على عوامل عسكرية محضة لا سيما وقد مر الجيش العربي الاردني بتجربة قاسية عندما استولى الاسرائيليون على شريط الحدود ( المثلث العربي ) بعد انسحاب الجيش العراقي عام 1949 وردود الفعل السياسية التي نجمت عن ذلك .
لهذا السبب ادرك الحسين أنه لا يستطيع – لأسباب سياسية ونفسية – التخلي طوعا عن أية قرية أو تلة في الضفة الغربية للقوات الاسرائيلية عام 1967 .
وتفرض المبادئ العسكرية على الجيش الصغير في الحجم الذي يدافع عن جبهة واسعة ، ان يختار مناطق حيوية ( مرتفعات وعقد مواصلات ) ، يدافع عنها ويحتفظ باحتياط مناسب للقيام بهجوم معاكس على اي موقع مهم يحتله العدو ، ولتطبيق هذا المبدأ كان المفروض في الجيش العربي ان يترك القرى والمواقع غير التعبوية الواقعة على الحدود ويدافع في سلسلة مرتفعات نابلس والقدس – الخليل (كما ورد بتحليل العميد الركن المتقاعد سيد علي العدروس / الجيش الباكستاني - مستشار سابق للقيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية بمنتصف عقد السبعينات ) .
الذي يتابع : - ولكن من يعفي الجيش العربي من المسؤلية لو قام باخلاء قرية قلقيلية او طولكرم وتراجع الى الخلف تطبيقا لقاعدة عسكرية .
فلقد بقي الجيش العربي في تلك المواقع ودافع عنها حسب قدراته المتواضعة ، ومع ذلك لم يسلم من الاتهام بالتخلي عن مواقعه رغم ان هزيمة الطيران والجيش المصري كانت هي السبب .
كانت قوة الجيش العربي المؤلفة من تسعة الوية مشاة ولوائي دروع تدافع في الضفة الغربية وتمسك المناطق الامامية الممتدة من شمال جنين – في مرج بني عامر – الى جنوب الخليل قوات الحرس الوطني ( سابقا ) وعناصر من الجيش ، وتنتشر خلفها كتائب المشاة التي تدافع على طول المرتفعات في قطاع – نابلس – القدس – الخليل التي يتراوح ارتفاعها ما بين 2500 – 3500 قدما وأهمها جبال عيبال وجرزيم في نابلس وبدو والنبي صمؤئيل في القدس ومرتفعات الخليل المنحدرة جنوبا حتى بئر السبع وتطل شرقا على البحر الميت .
ركز الجنرال مردخاي هود قائد سلاح الجو الاسرائيلي على التدريب القاسي في الليل والنهار وأساليب القصف القريب والبعيد (في العمق) وتجنب وسائل الانذار .
وقال هود بعد حرب حزيران : انه كان يتوقع ان تقل كفاءة الطيارين الاسرائيلين في الحرب عن التدريب بنسبة 25% ولكن ما حدث كان العكس ، وبرهنت القوة الجوية الاسرائلية وقوامها 350 طائرة على انها كانت مستعدة لحرب حزيران وأنها الذراع الفولاذية الطويلة للجيش الاسرائيلي .
وبالنسبة للحرب البرية على الجبهة المصرية فقد بالغ ليدل هارت – المؤرخ المفضل لدى الجنرالات الاسرائيلين – بوصف حملة سيناء بأنها كانت افضل تطبيق ناجح للهجوم غير المباشر في الحرب الحديثة .
فقد كان الجنرال جافيش شجاعا واسع الافق في وضعه مفهوم الخطة وتنفيذها معتمدا على مبدأ التعرض كأساس للعمليات الاسرائيلية .
بالنسبة للجبهة الاردنية ونظرا لضعف القوة الجوية الاردنية (21 طائرة هوكر هنتر) وأنتشار القوات الاردنية بشكل رقيق على طول الجبهة فقد قدرت اسرائيل ان الاردن لن يخوض الحرب ضدها بشكل فعلي .
كان من المتوقع ان يقوم الاردن بدفاع نشيط لشل جزء من القوات الاسرائلية ومنعها من المشاركة بالجهد الرئيسي ضد مصر والجهد الثانوي ضد سوريا .
حددت القيادة الاسرائيلية للقوات التي ستقاتل في القطاع الاوسط – اذا هاجمت القوات الاردنية – هدفين يجب احتلالهما : القدس القديمة والمناطق المحيطة بها .
ومواقع المدفعية الاردنية الثقيلة التي تستطيع قصف المدن والمستعمرات والمطارات الاسرائيلية ، علما بأن احتلال تلك الاهداف بتعرض محدود قد يستبعد اي تعرض عام لاحتلال الضفة الغربية .
قدرت الاستخبارات الاسرائيلية القوات الاردنية وتوزيعها في الضفة الغربية بستة الوية مشاة ولوائي دروع وكما يلي :
اربعة الوية مشاة ولواء دروع في قطاع نابلس ، ولوائي مشاة للدفاع عن قاطع مدينة القدس القديمة والخليل ولواء دروع في منطقة اريحا .
اما القوة الجوية الاردنية كما قدرها الاسرائيليون 21 طائرة مقاتلة ( سرعتها اقل من سرعة الصوت في مطاري عمان والمفرق ) ولا تشكل اي خطر او تهديد جدي لهم .
تم توقيع اتفاقية الدفاع المشترك في 30ايار1967 مما ادى الى اشتراك الاردن الفعلي بتلك الحرب وهو ما حدا بتعديل مهمة الجيش الاسرائيلي لتصبح احتلال الضفة الغربية كاملة .
وتشترك في العملية القيادات الثلاث : القيادة الشمالية وتتولى المسؤلية من قرية سنجل شمال رام الله والى الشمال .
القيادة الوسطى من جنوب سنجل وحتى بيت لحم والقيادة الجنوبية منطقة الخليل والى الجنوب . وقد كانت القيادة الاسرائيلية غير موفقة في تقسيم مسؤولية احتلال الضفة الغربية بين القيادات الثلاث .
فقد خلقت مشاكل عديدة اقلها التنسيق والارتباط والاتصالات ، كما حدث عند احتلال القدس القديمة ، الا ان النصر السريع والسيطرة الجوية المطلقة التي حققها سلاح الجو الاسرائيلي جمدت المشاكل وافقدتها اهميتها .
نجح الاسرائيليون في تحديد الاهداف حسب اهميتها في مسرح عمليات الضفة الغربية ، وحقق الخرق للجبهة الاردنية في جنين ، والاندفاع عبر محور طوباس ثم الالتفاف على نابلس من الشرق والغرب ، واستثمار الفوز حتى جسر الامير محمد في غور الاردن وبالتالي سقوط قطاع نابلس في ايديهم .
وفي القطاع الاوسط تقدم الاسرائيليون على طريق بدو – رام الله – القدس ثم احتلوا مرتفعات النبي صموئيل – بيت حنينا – شعفاط – التل الفرنسي من الشمال ، وفصل قطاع القدس عن قطاع نابلس ومنع اي تعاون بينهما .
كما ادى الهجوم على منطقة القدس من الشمال والجنوب واحتلال المرتفعات المحيطة بها ، الى حصار القوات الاردنية المدافعة عن القدس القديمة ، وعزلها تماما وقطع الاتصال بينها وبين اللواء المدافع عن الخليل .
بالاضافة لذلك فان احتلالها لقيادة الجبهة الغربية ( في بتين قرب رام الله) شل القوات الاردنية وجعلها تتخبط كالجسد بلا رأس .
وبالعودة لمفهوم العمليات للجيش الاردني فقد كانت مدن نابلس وجنين وطولكرم ورام الله والقدس والخليل مناطق حيوية في الضفة الغربية ويعتبر احتلال اي منها مفتاحا للعمليات العسكرية في المنطقة ، كما ويؤدي احتلال القدس ورام الله الى فصل المنطقة الشمالية ( نابلس) عن المنطقة الجنوبية (الخليل) .
بالاضافة لوجود ما يزيد على 180 نقطة حيوية في الضفة الغربية يؤثر احتلال اي منها تأثيرا كبيرا على دفاع الجيش العربي وهناك المنطقة الشمالية من الضفة الشرقية التي تؤدي اليها محاور بيسان ( جنوب طبريا) ، وميناء العقبة المكشوف ومنطقة وادي عربة والبحر الميت – غور الصافي – الكرك ، وكلها تؤدي الى العاصمة (عمان) التي لم يكن يوجد قوات كافية للدفاع عنها .
بعد تحليل الارض وجه القائد الاعلى الحسين رحمه الله انه لا بد من الدفاع عن المناطق التعبوية المهمة : جنين – نابلس – رام الله – القدس – الخليل وكذلك الدفاع عن محور بيسان - اربد وميناء العقبة في الضفة الشرقية .
وقد اخذ الملك حسين في الاعتبار العامل السياسي والنفسي في تخطيط الدفاع عن الضفة الغربية ورفض التخلي عن اي جزء من الارض العربية بصرف النظر عن اهميته العسكرية (التعبوية) بدون قتال .

يتبع .......

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-02-2016 11:09 AM

كانت الجيوش العربيه في عام 67 احدث تسليح وأكثر عددا وأفضل خبره صاحبة حق ومع هذا هزمت شر هزيمه

هزيمه لم يعرف التاريخ لها مثلا حيث سقطت الضفه الغربيه كلها والجولان ومرتفعات القنيطرة الاستراتيجيه والنقب وصحراء سيناء كلها حتى قناة السويس في 6 سأعات من قبل عصابات محدوده العدد والسلاح ليس لديها خبره في الحروب عصابات من القتله المأجورين

لم تحدث حرب حدثت خيانه .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012