تقف الفنانة رغدة على خشبة مسرح ميامي في القاهرة حاليا بدور بلقيس ابنة الهدهاد حاكم سبأ للمخرج أحمد عبد الحليم وانتاج المسرح القومي وعن هذا العرض تقول رغدة: بلقيس في هذا العرض المسرحي هي رمز للوطن هي الاميرة الحكيمة التي تفدي وطنها بنفسها, فقد استلهم محفوظ عبد الرحمن شخصية الاميرة من التاريخ وقام بتوظيفها, فهذه الاميرة يطلب ودها ملك الملوك والقوي والشخصية الكبيرة الطاغية على العالم, فتقرر التضحية بنفسها حتى لا يدمر شعبها, لذلك تقبل خطبتها لهذا الملك وتذهب بنفسها اليه, في الطريق تمر بالكثير من الاحداث مع مجموعة من رعاياها, منها الخيانة وكشف لشخصيات وطبيعة قوى الطغيان, الى ان تصل في النهاية لمقصدها وتكتشف ان هذا الملك الذي اصاب البلاد بالرعب هو في الحقيقة ميت!..
واضافت اشعر بأن بلقيس متوائمة مع فكري, والتزامي الانساني بمبادئي وهمي بالمواطن والقاعدة الشعبية اينما كانت في مصر او خارجها, شخصية بلقيس بها الكثير من التفاصيل الرائعة, ولا أزايد لو قلت اننا كفريق عمل كنا نتمنى ان نفتتح هذا العرض قبل قيام ثورة 25 يناير, لانها تنبأت بها, فهناك جملة صريحة في النص تدل على هذا عندما تتساءل بلقيس امام حاشيتها اثناء رحلة العودة إلى مملكة سبأ عن سبب انتصار ارادتهم في النهاية, فيأتيها الرد انهم انتزعوا الخوف المزروع بداخلهم فشعروا بطعم الحرية, وتقول بلقيس ايضا وهي في رحلتها الاجبارية قبلنا العبودية وسرنا اليها ولم نصل بعد, حتى الوصول الى العبودية بات امرا صعبا, ماذا بنا? أكان الرضا? ولم نسأل انفسنا عما آل حالنا اليه او عما نحن فيه!.
وقالت من الطبيعي ان تتنبأ الاعمال الابداعية بالثورة لكني لا ارى اننا لم ندرك هذا, بدليل وجودها وتكرارها, فهناك الكثير من الاعمال التي عكست حالة المجتمع ووضعت يدها على المشاكل والقضايا المهمة, يكفي ان نتذكر الراحل عاطف الطيب واعماله الرائعة وغيره من المخرجين, لا يجب ان ننسى هؤلاء في التلفزيون والمسرح والسينما, الفن والفنانون هم في النهاية جزء من الاقتصاد وسلعة تسيطر عليها آليات انتاج وتوزيع تغير التوجهات الابداعية تبعا لمصالحها, ورغم هذا كان هناك مخرجون وكتاب جادون ومصرون على الاستمرار وحملوا على عاتقهم هذه المسؤولية, فقدموا اعمالا جادة وصادقة متواكبة مع الشارع, وفي المقابل هناك مبدعون انصهروا تماما في اليات السوق.
التنظيف
وطالبت رغدة في حديث نشر في القاهرة بالتنظيف من أسفل في كل الهيئات والمؤسسات الفنية, التي كانت لا تنتمي للفن الا بمصالحها, ومنها التليفزيون وقطاع الانتاج ومدينة الانتاج الاعلامي وصوت القاهرة, ونفس الشيء في المسرح التطهير يأتي من أسفل, فبحكم وجودي في هذا العرض رأيت مواقف سلبية للكثير من الشخصيات وتطاولا, فأنا اعتبر نفسي مراقبة للأحداث من بعيد فرأيت أشياء لم أكن أحب أن اسمعها لأن بها تطاولا على اناس حقيقيين, ليس الكل سواء فهناك الصالح والطالح في كل مهنة أو مجال, اعقلها وتوكل لا بد من الاتزان, لا يجب ان يحكم تصرفاتنا الاندفاع, أو المزايدة على بعضنا البعض.
واضافت على سبيل المثال يوم انسحاب الشرطة كان لا بد أن أذهب لميدان التحرير وذهبت إلى هناك بالفعل سيرا على الأقدام وجلست مع مجموعات مختلفة, هل يعني هذا أن أعلن في كل مكان انني كنت في ميدان التحرير وفعلت وفعلت?, الكثير والكثير انتموا للثورة قلبا وقالبا رغم انهم لم يوجدوا في ميدان التحرير!, تعلمت من سنين عمري التي قضيتها في العمل العام ان أراقب وألحظ جيدا قبل أن أتحرك, لأن الرؤية لا بد أن تتضح أولا, بخلاف حالة الاندفاع الحالية لدى الكثيرين والاتهامات المتبادلة من الكل, وجدت في هيئة المسرح تطاولا على شخصيات شريفة مثل الفنان رياض الخولي الرئيس السابق للهيئة ود. رانيا فتح الله, وهذا لا يصح, لا يجب خلط الأوراق, حتى ولو كانت لدينا تحفظات فما المانع من اعلانها باحترام, من المفترض ان ما انتجته الثورة والتداعيات الايجابية لها أن نكون مهذبين على الأقل.
وقالت ليس جيفارا فقط من قال ان الثورة يصنعها الشرفاء ويسرقها الاوغاد فالكاتب العالمي العظيم نجيب محفوظ قال نفس الشيء, هذه الثورة فجرها الشباب والكثيرون يحاولون سرقتها الآن.

(العرب اليوم)