أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


لستب... قصة فلكلورية عن عشق الأردنيين للحرية

01-06-2011 05:00 AM
كل الاردن -


 *القصة تعود لعام 1839 عندما إحتل محمد على باشا حاكم مصر الأردن وبلاد الشام عام 1830
امرأة عاشت قبل قرابة المائتي عام، ولدت ونشأت في قرية تربض على كتف جبل من جبال عجلون فيها من السرو والصنوبر شموخه ومن البلوط صلابته ومن الزيتون والكرمة عمقها وتجذرها، إمرأة امتلأت بعبق الدحنون والاقحوان والنرجس البري لم تسمع برفاعة الطهطاوي ولا قاسم أمين، ولم تعاصر سيمون دي بوفوار أونوال السعداوي، ولا قرأت الماركسية واللينينية.

 و لستب، إسمها، أطلق فيما بعد على بقعة جميلة من البقاع القريبة لعجلون، وبالرغم من غرابة الإسم، فقد بقي الشاهد لأبناء القرى الجبلية هناك، يروي عنفوان وفطنة امرأة ريفية أردنيـَّة.

 
لستب كما عجلون والقرى المنتشرة حولها، تسيجها أشجار حرجية، متميزة بلون التربة الضارب الى الحمرة وتشكل حجارتها وصخورها منحوتات متماوجة .

 يروى أن ضابطا مملوكيا متقاعدا تعرف خلال عمله على معظم المناطق في جبل عجلون، استهوته هذه البقعة وقرر الاستيطان بها وبناء قصر يكون بمثابة قلعة يطل منها على سفوح جبال تحتضن قرى صغيرة مثل حلاوة و فارة* وخربة الوهادنة وغيرها.
 
وليقررالضابط المتقاعد، بحمايه نفر من الخفر، أن يشيد قلعة بتسخير الفلاحين ليسودهم منها بعد أن يشير بإصبعه إلى واحدة من القرى تقابل المكان الذي يقف عليه، فكانت فارة*

لم يكن لدى الفلاحين من خيار إلا الرضوخ للسيد المملوك، وهكذا أصبح على الرجال مغادرة القرية باتجاه الشرق الى فارة* لتلفح وجوههم شمس الصباح وتشويهم شمس ما بعد الظهيرة أثناء العودة وهم منهكى القوى والروح الى بيوتهم حيث النساء مخذولات متعبات، فالزوج والأب والأخ وقد كانوا يرافقنهن للحقل والكرم والوادي، مسخرين لدى المملوكي، وأصبحن يضطلعن بدورهم وحدهن إضافة لأدوارهن الاخرى المتعددة داخل وخارج البيت.

 
وفي يوم من الأيام، زفت صبية في القرية إسمها لـسـتـب لشاب من الشباب المسخرين للعمل لدى الضابط المملوكي، وفي اليوم التالي للعرس استيقظت العروس فإذ برجلها الذي زفت اليه يتأهب لمغادرة البيت الذي شهد له بالفحولة، نهضت مسرعة، وقبل أن يجتاز عتبة البيت شعر بها تتبعه:

 
-إلى أين؟

 
-إلى العمل

 
-أي عمل !! لن تذهب وليفعل "المملوكي" ما يريد

 
إنقضى إسبوع، فجاء من ينقل له ولعائلته تهديد الضابط إذا لم يلتحق بالعمل، أعلمته لستب بنيتها الذهاب بدلا عنه لتعمل لديه مع الفلاحين، نطقت عيناها وملامح وجهها بالقول قبل أن ينطق لسانها، صمت لإدراكه التام بالجدية والصرامة التي أعلنت بها قرارها.

 وفي الباكر من ذاك الصباح هبطت المرأة الوادي صاعدة الجبل المقابل مع رجال قريتها، كانوا يسترقون النظر علهم يلمحون ترددا أو تراجعا، لكن سحنتها غدت في صلابة الصخر، سألها الضابط المملوكي عن سبب تخلف زوجها، فأجابته بأنها من سيقوم بالعمل، هز رأسه موافقا: "المهم ان لا ينقص عدد العاملين" لأن عائلته وأصدقائه ينتظرون بفارغ الصبر الانتهاء من البناء، ويعدون أنفسهم بقضاء ربيع ممتع في رحاب عجلون.
 
حزمت لستب خصرها بزنار لتتمكن من رفع ثوبها قليلا، وبدأت العمل.

وأثناء تفقد الضابط المملوكي لعماله، لاحظ أنها سارعت إلى سحب ثوبها لتغطي ما بدا من ساقيها، أثار تصرفها استغرابه فجاءها يسأل : لماذا ترخين ثوبك عند حضوري فقط، وأنت تعملين مع رجال ؟؟

 
ردت بصوت تعمدت أن يسمعه الرجال : وهل هؤلاء رجال؟


إجابتها الجارحة أشعلت روح رجال استمرأت الذل لحين


في اليوم التالي، شارك الصنوبر والسرو والبلوط والسنديان حماية الرجال الأردنيين، نشرت امرأة تقطن بالجوار بساطا أحمرا بلون الدم على سطح بيتها إشارة للحظة الانقضاض على الضابط المملوكي وخفره حال تجمعهم وكانت مذبحة لا بد منها، لمن استعبد من ولدوا أحرارا .
 
 

فارة: قرية في عجلون تدعى اليوم الهاشمية

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-06-2011 07:34 AM

Lesteb,,I feel ashamed of myself not to know your story and very grateful for the writer of this meaningful article

2) تعليق بواسطة :
01-06-2011 11:23 AM

شكرا للكاتب، ولكن اين لستب الاردنية اليوم التي تستثير في رجالنا النخوة والحمية، واين كلام المرأة الكركية التي قالت قبل قرن: "بالمال ولا بالعيال وبالعيال ولا بالعرض وبالعرض ولا بالارض" لتستثير هبة الكرك ضد العثمانيين، الا ترى يا ايه الكاتب المبجل ان هنالك من يسرق منا تاريخنا؟ فلا نسمع بقصص هؤلاء النسوة ولا نقرأ عنهن، ومن يسرق منا تراثنا اليس من طالت يداه تغيير اسماء الاماكن في بلدنا كما هو حال "فارة"، فالتغيير جاء لينسينا قصص لستب وحتى اسم المكان، فمتى نستفيق من سباتنا لنستمع الى اصوات الحرائر الواتي ينادين علينا، ممن لا يقبضن ثمن ذلك دعم خارجي، ولا يستجدين من جمعيات قامة لتشوية صورة الحرة الاردينة

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012