04-06-2011 05:00 AM
كل الاردن -
قيس مدانات
أوقفت محكمة أمن الدولة الصحفي المحترم رئيس تحرير موقع خبر الإلكتروني علاء الفزاع 14 يوما على ذمة التحقيق بتهمة "العمل على تغيير الدستور"!!! جاء ذلك على خلفية نشر الموقع خبرا عن صفحة على الفيسبوك تدعو لإعادة الأمير حمزة وليا للعرش. حسب علمي أن فئات عديدة في المجتمع تعمل على تغيير الدستور ومنها اللجنة التي شكلها جلالة الملك لهذا الغرض. فهل من الواجب توقيفهم أيضا؟
ليس هذا المقال مرافعة للدفاع عن الفزّاع، فالتهمة أسخف من أن تناقش. لكن قرار التوقيف مستفز لأبعد حد. وهو يدل على عقلية عرفية في التعامل مع الشعب. ويبدو أن البخيت لم يكتف بالهياج الذي أثارته تهديداته قبل بضعة أيام، بل يحاول أن يزيد الاحتقان. وهو بهذا القرار يؤكد العقلية العرفية التي تتعامل بها الحكومة، العقلية التي تنفي أية نية "للاصلاح". للأسف، هذه العقلية ليست مرتبطة بحكومة البخيت وحدها، إنما هي العقلية التي تنتهجها الحكومات الأردنية المتعاقبة، وهي نفسها العقلية التي تعرقل عملية الاصلاح والتي يحاول الشعب تغييرها.
يؤكد جلالة الملك دائما على حرية الصحفيين والعمل الصحفي، ويضمّنها في كتب التكليف للحكومات، والحكومات تعمل دائما عكس ما يطلبه منها الملك. وحكومة البخيت هنا ليست باستثناء. الملك يؤكد على حرية الصحافة لمعرفته أنها السلطة الرابعة، وأنها الرقيب على المجتمع والسلطات الثلاث الأخرى. يؤكد على حرية العمل الصحفي لإحساسه بضرورة وجود إعلام لا حدود لحريته كي يحمي الشعب من فساد المسؤولين وتغوّلهم في السلطة. أما آن لهذا الواقع أن يتغير؟ إلى متى يستمر حبس وتوقيف الصحفيين؟ إلى متى يستمر اتهامهم بتهم لا تخطر على البال؟
يحترم الأردنيون قضائهم ويفخرون به، لعدله ونزاهته. لكن لمحكمة أمن الدولة وضع خاص. فهي محكمة خارج سياق القضاء المدني النزيه والشريف والعادل، هي محكمة عسكرية يترافق وجودها عادة والأنظمة الديكتاتورة، أو في حالة تطبيق الأحكام العرفية. وهي محكمة يمكن استعمالها سياسيا، والمعروف عنها أن المتهمين عادة لا يحظون بمحاكمة عادلة فيها. وكي يبعد الأردنيون هذا الهاجس عنهم كانوا يطالبون على الدوام بعدم محاكمة الصحفيين والكتاب لدى هذه المحكمة. لكن العقلية العرفية تسود، وهي أداة قمع مهمة لمن يريد الاستفراد بالسلطة وبالقرار، ولمن لا يريد أية رقابة أو مسائلة.
على الرغم من أوامر الملك بالإفراج عن علاء الفزّاع أو بالنظر بالإفراج عنه يوم الأربعاء، يبقى علاء قيد التوقيف لأسباب واهية، وهو سيحوّل ليقضي ثلاثة أيام أخرى على الأقل في سجن الجويدة قبل أن يتم الإفراج عنه. لا بد من الوقوف في وجه ما يحصل كي يعرف الحكام أن الأردنيين ما عادوا يطيقون صبرا بكل هذا الفساد والاستبداد، وأنهم أحرار مذ ولدتهم أمهاتهم، لا يقبلون الاستعباد. وأن هذا النهج سوف يتغيير، وأننا لن نقبل تكميم الأفواه، ولا تكسير الأقلام. وأن الصحافة الحرة هي التي ستحارب الفساد وتفضحه. أدعو جميع الأردنيين للوقوف مع علاء الفزّاع وقضيته، ليس دفاعا عنه وحده، بل دفاعا عن الأردن وشعبه. فكلنا علاء الفزّاع.