أضف إلى المفضلة
الأحد , 12 أيار/مايو 2024
الأحد , 12 أيار/مايو 2024


العدوان يكتب...بين الخوف والإرهاب

بقلم : موسى العدوان
03-07-2016 06:35 PM

*أما إرهاب الأفراد والجماعات فقد يوجه ضد السلطة المحلية، كرد فعل على الظلم أو لإجبارها على تغيير سياسة معينة. ومن الممكن أن توجه هذه المجموعات عملياتها ضد دولة أخرى لتحقيق أهداف سياسية، أو لتحقيق مكاسب شخصية، كطلب فدية أو إطلاق سراح معتقلين لدى تلك الدولة، وقد يحدث تداخل بين النوعين في حالات معينة.

 
   الخوف غريزة من غرائز النفس البشرية، يكتسبها الإنسان منذ نشأته وتلازمه طيلة حياته. فالأخطار العديدة التي تهدده سواء من ذاته أو بتأثير خارجي، تجعله يبحث عن ملاذ آمن يحفظ كيانه ويحقق رغبته في البقاء. ومن المعروف أنه لا يتساوى الناس في مخاوفهم، فهناك من يسيطر على الخوف في نفسه، وهناك من يسيطر الخوف على حياته وسلوكه الاجتماعي، فيحتاج إلى معالجة نفسية لإعادته إلى وضعه الطبيعي.

يقول علماء النفس أن الأمن والخوف حالتان نفسيتان، فالأمن يعني السكينة والطمأنينة، أما الخوف فيعني عكس ذلك إذ يؤدي إلى القلق والتوتر، وعدم اطمئنان الإنسان على حياته ومستقبله. ولهذا نرى أن الأمن والخوف ضدان متناقضان، إذا وجد الأمن انتفى الخوف، وإذا وجد الخوف انتفى الأمن.

كما يقول أحد العلماء أن الإنسان يخاف من ثلاثة عوامل هي : المجهول، والظلام، والحركة المفاجئة. وفي حقيقة الأمر فإن العاملين الأخيرين يقعان تحت مظلة العامل الأول. فالظلام يعني أنه يخفي شيئا مجهولا بين ثناياه، والحركة المفاجئة تعني أن هناك سببا مجهولا وراءها. ولا شك بأن هذا المجهول ينسحب أيضا على العمل الإرهابي، الذي لا نعلم أين ومتى وكيف سيضرب أهدافه، فيشكل لدينا خوفا ورعبا مما هو قادم.

والإرهاب ليس ظاهرة حديثة، فقد عرفته البشرية منذ الخليقة بأشكال مختلفة. ولم يبدأ استعماله كمصطلح الإرهاب ( Terrorism)، للدلالة على معنى سياسي وقانوني، إلا في عام 1794 وبعد قيام الثورة الفرنسية، باعتباره وسيلة عنيفة لنشر الذعر والخوف، من أجل تحقيق أهداف سياسية أو فكرية أو دينية أو عنصرية. لم يتفق الباحثون حتى الآن على وضع تعريف موحد وشامل للإرهاب، فما يراه البعض إرهابا يراه البعض الآخر كفاحا من أجل الحرية.

من التعريفات التي تمت صياغتها من قبل جهات مختلفة ما يلي : ' الإرهاب هو استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية، سواء من الحكومة أو الأفراد أو الجماعات الثورية والمعارضة ' ، ' الإرهاب هو عمل أو مجموعة أعمال تهدف إلى تحقيق هدف معين ' و ' الإرهاب هو الاستخدام المنظم للعنف لتحقيق أهداف سياسية '. 

أما وكالة الاستخبارات الأمريكية ( C I A ) فقد عرفته كما يلي : ' الإرهاب هو استعمال العنف أو التهديد باستعماله، لتحقيق أغراض سياسية من قبل أفراد أو جماعات، سواء تعمل لصالح سلطة حكومية قائمة أو تعمل ضدها، بقصد إحداث صدمة أو فزع لدى المجموعات المستهدفة، والتي تكون عادة أوسع من دائرة الضحايا المباشرين للعمل الإرهابي '.

يتصف العمل الإرهابي عادة بالسرية والمفاجأة وعدم التوقع، مما يجعل اتخاذ احتياطات الوقاية منه أمرا صعبا لكونه لا يوجه إلى أهداف عشوائية، بل يجري اختيار أهدافه من بين تلك التي يؤدي الاعتداء عليها تأثيرا بالغا على الجماهير. وهو فعل رمزي غير مقصود لذاته، بل يحمل رسالة معينة إلى ضحاياه المحتملين، بحيث يعتقد الجميع أنهم قد يكونوا ضحاياه في المستقبل، فيُشيع جوا من عدم الطمأنينة والاضطراب بين صفوف الجماهير. وهكذا فإن الإرهاب يصنف جريمة عمدية تقوم على العلم والإدارة، إذ ليس هناك جريمة إرهابية غير مقصودة أو تقع بطريق الخطأ، وهو لا يقتصر على دين أو عرق معين.

وبالرغم من اعتبار الإرهاب عملا عنيفا، إلا أن هناك أعمالا إرهابية لا تتطلب استخدام وسائل العنف. فمثلا تسميم مصادر المياه أو فك قضبان السكك الحديدية للقطارات، أو نشر الأوبئة، أو تغيير مسار طائرة، تدخل تحت نطاق الإرهاب رغم أنها ليست أعمالا عنيفة، ولكنها تقاس بالضرر الناتج عنها.

يمكن تصنيف الإرهاب إلى نوعين: إرهاب دولة، وإرهاب أفراد أو مجموعات. وقد يتم إرهاب الدولة بممارساتها الرسمية كما تفعل إسرائيل حاليا ضد السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. أو قد تساند حركات التمرد في دولة خارجية لإضعافها، فتدرب وتمد بالسلاح والمال حركات التمرد في تلك الدولة.

أما إرهاب الأفراد والجماعات فقد يوجه ضد السلطة المحلية، كرد فعل على الظلم أو لإجبارها على تغيير سياسة معينة. ومن الممكن أن توجه هذه المجموعات عملياتها ضد دولة أخرى لتحقيق أهداف سياسية، أو لتحقيق مكاسب شخصية، كطلب فدية أو إطلاق سراح معتقلين لدى تلك الدولة، وقد يحدث تداخل بين النوعين في حالات معينة.

وللحد من العمليات الإرهابية يمكن القيام بالإجراءات التالية:

1. تشخيص الأسباب التي تدعو الإرهابيين إلى استهداف الدولة، على ضوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الداخلية، أو الموقف السياسي الإقليمي والعالمي الراهنين.

2. إزالة أسباب الشكوى سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وتحقيق العدالة النسبية بين المواطنين في مختلف مناحي الحياة.

3. تحديد المواقع التي تشكل أهدافا للإرهابيين وتأمين حمايتها، وتشديد عملية الوصول إليها من خلال نقاط التفتيش في حلقات متعددة، ونصب كاميرات المراقبة ومعدات الرؤية الليلية كلما سمح الأمر بذلك.

4. تثقيف وتوعية الشعب لنبذ الفكر المتطرف، وتوجيهه للحفاظ على أمن بلده، بحيث يصبح كل منهم مواطن خفير في موقعه.

5. إيجاد وسائل اتصال سريعة يمكن من خلالها تبادل المعلومات عن النشاطات الإرهابية، قبل وبعد وقوعها بين مختلف الأجهزة الأمنية.

6. الاعتماد على جهاز استخباري كفؤ يستطيع اختراق المنظمات الإرهابية وشبكاتها المختلفة، وتوفير إنذار في وقت مبكر للجهات المسئولة.

7. تجهيز قوات ' رد فعل سريع ' في المواقع الهامة، إضافة لوجود قوة فعّالة على مستوى الوطن، قادرة على ضرب خلايا الإرهاب في أماكن تواجدها، سواء داخل الوطن أو خارجه.

التاريخ : 3 / 7 / 2016

المراجع :
- الإرهاب وحروب التحرير الوطنية / د. إمام حسانين خليل.
- الإرهاب في العالمين العربي والغرب / د. أحمد يوسف التل.



التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012