أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
الملك: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بمجزرة جديدة وتوسيع دائرة الصراع بالإقليم الفراية: المراكز الحدودية بحاجة لتحديث أجهزتها منعا لتهريب المخدرات التربية تتيح أرقام الجلوس لطلبة توجيهي الدورة الصيفية - رابط حماس تقدم المزيد من تفاصيل مقترح وقف إطلاق النار لقاء مرتقب بين الملك وبايدن فرح ورصاص بالهواء في غزة ابتهاجا بموافقة حماس على الهدنة تل أبيب: المقترح الذي وافقت عليه حماس "مصري" وغير مقبول إسرائيليا خليها تقاقي .. حملة لمقاطعة الدواجن في الاردن "حماس" تبلغ قطر ومصر موافقتها على مقترحهم لوقف إطلاق النار في غزة تزايد إقبال المرضى والمراجعين على المستشفى الميداني الأردني جنوب غزة الصفدي: الفشل في منع مذبحة رفح سيكون وصمة عار الحنيفات: تسهيلات للاستثمار في المدينة الزراعية السياحية التراثية بجرش وزير الصحة: خطة لتحويل المراكز الصحية الفرعية إلى أولية حماس: الهجوم على رفح لن يكون نزهة لجنود الاحتلال الفريق الوزاري يلتقي تنفيذيي عجلون
بحث
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024


من صور البطولة على ساحة الأرض المقدسة - 9

بقلم : موسى العدوان
08-08-2016 09:00 AM

من صور البطولة على ساحة الأرض المقدسة – 9
عبد الله التل بطل معركة القدس


' عندما قابلت عبد الله التل، ترك انطباعا في نفسي بأنه كان متفوقا جدا على الضباط والسياسيين العرب الآخرين، الذين واجهتهم في تلك الفترة. فقد كان عبد الله يكره المسئولين الانجليز، وكان يحتقر من يتملق إليهم'.' موشيه ديان '

بداية أحب أن أنوه بأنني عندما لا أجد رجالا من الأحياء يستحقون الحديث عنهم، فإنني أعود إلى الذين مضوا إلى رحاب الله، لأذكّر بأفعالهم المشرّفة قبل سبعة عقود تقريبا، وفاء لهم بما قدموه من أجل الوطن، وتخليدا لذكراهم أمام الأجيال اللاحقة. فالكلمات لا تستطيع أن تفيهم حقهم من خلال مقالات قصيرة، بل تدعو الضرورة لفتح مجلدات تظهر بطولاتهم بكافة تفاصيلها. من بين أولئك الرجال القائد عبد الله التل بطل معركة القدس، الذي سأروي في هذه العجالة جزءا يسيرا من إنجازاته الوطنية خلال حرب عام 1948.

فعبد الله التل ( 1918 – 1973) شخصية عسكرية وسياسية فذة لم يتكرر مثلها في تاريخ الأردن الحديث. لقد تحلى بالكفاءة العسكرية، والحنكة السياسية، والذكاء، والوطنية الصادقة، وعُرف بالكره الشديد للمسئولين الإنجليز، فكان يحاول الالتفاف على أوامرهم العسكرية الممالئة لليهود، ويختلق الأسباب للهجوم عليهم في مدينة القدس وما حولها بأي فرصة سانحة.

لمع اسم عبد الله التل خلال فترة قصيرة نظرا لانجازاته العسكرية في الصراع مع اليهود، فمَنَحه الملك عبد الله الأول أربع ترقيات من نقيب إلى عميد خلال خمس سنوات من 1944– 1949، وعينه حاكما عسكريا ثم متصرفا للواء القدس وعمره 30 عاما. وشارك التل في العديد من لجان الهدنة والمفاوضات الأردنية اليهودية خلال تلك الحرب.

بتاريخ 18 مايو 1948 وبعد معارك تل الشعار وكفار عصيون، دخلت الكتيبة السادسة بقيادة الرائد عبد الله التل إلى القدس بأمر من الملك عبد الله الأول، استجابة لطلب وفد فلسطيني كان برئاسة الدكتور عزت طنوس. وأسند لها واجب تطهير المدينة القديمة من اليهود وحمايتها من هجماتهم المتكررة. وهو واجب يفوق طاقة الكتيبة التي لا يتجاوز عدد مقاتليها 600 رجل.

عندما اشتدت الاشتباكات مع اليهود قام عبد الله بمحاصرة الحي اليهودي، وأجبر سكانه بما فيهم 85 مقاتلا من عصابات الأرجون والهاجانا على الاستسلام، حيث وقع عبد الله التل وثيقة الاستسلام مندوبا عن الجيش الأردني، ووقعها موشيه روزنك مندوبا عن سكان الحي اليهودي في القدس بتاريخ 28 مايو. بعد ذلك عينه الملك عبد الله قائدا للقوات العربية الموجودة داخل مدينة القدس والتي تشمل إضافة للكتيبة السادسة، فوج من مناضلي جيش الإنقاذ، وفوج من مناضلي الجهاد المقدس، وقوات من الشرطة.

وبناء على اقتراح من الحكومة البريطانية، أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف القتال لمدة أربعة أسابيع، وعين الكونت برنادوت وسيطا دوليا بين العرب واليهود. وبتاريخ 29 مايو 1948اجتمعت اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية في عمان ووافقت على قبول الهدنة، على أن يبدأ تنفيذها في صباح يوم 11 يونيو وتنتهي بتاريخ 9 يوليو 1948.

يقول اللواء صادق الشرع في مذكراته: ' أن هذه الهدنة حققت ميزتين هامتين لليهود هما: 1. فك الحصار الذي فرضته الجيوش العربية على القدس، وضمان مرور قوافل التزويد إليها من تل أبيب تحت إشراف الصليب الأحمر. 2. حصول اليهود على الاعتراف الضمني بدولتهم من قبل الدول العربية حتى وإن كان شكليا '. أما عبد الله التل فقد قال: ' إن الموافقة على الهدنة كانت اكبر خطيئة في تاريخ الحروب بالشرق العربي، لأنها سمحت بفك الحصار عن القدس وإنقاذ مئة ألف يهودي كانوا على وشك التسليم أو الموت جوعا وعطشا'.

بتاريخ 21 يونيو قام كلوب بزيارة عبد الله التل في مركز قيادته في الروضة داخل مدينة القدس، وهنأه بالإنجازات التي أحرزتها الكتيبة السادسة. ثم قدم له مكافأة مغرية تقديرا لجهوده، وهي أن يأخذ إجازة استجمام لمدة شهر أو شهرين يقضيها في فرنسا أو بريطانيا على حساب الجيش. ولكن عبد الله اعتذر عن قبول المكافأة معللا ذلك بأن الظروف ( لا تسمح بشم الهواء ) وأن ضميره لا يقبل أن يترك إخوانه الضباط والجنود في ظروف حرجة ويذهب للاستجمام.

في هذه الأثناء كان عبد الله التل يتوقع هجوما كبيرا من قبل اليهود على القدس القديمة. ولذلك أمر جنوده بالاستعداد والصمود بمواقعهم أمام هجوم العدو المتوقع في أية لحظة، وأصدر لهم الأمر اليومي التالي :' على كل مؤمن صادق منكم أن يقرر الثبات أو الموت. سوف ندافع عن المدينة المقدسة حتى آخر رجل وآخر طلقة، ولن يكون هناك أي انسحاب أو تراجع '.

في مساء يوم الجمعة 16يوليو، بدأ العدو بشن هجومه على واجهة الكتيبة السادسة، ممهدا له بقصف مدفعي مكثف، حيث سقطت خلال الساعات الثلاث الأولى للهجوم أكثر من 800 قذيفة مدفعية وهاون على مواقع الكتيبة. ثم بدأ بعدها زحفه في الساعة الواحدة صباحا نحو حائط المبكى والصخرة المشرفة. فاستقبله جنود الكتيبة والمناضلون بمقاومة عنيفة، أدت إلى إفشال الهجوم الذي استمر حتى الفجر دون أن يحقق أهدافه. وهكذا سجلت الكتيبة السادسة صمودا أسطوريا ودافعت عن الأماكن المقدسة وعن شرف الأمة العربية، واستحق عبد الله التل لقب : ' بطل معركة القدس ' بجدارة.

ونظرا لخطورة عبد الله التل على اليهود، أوصى كلوب بتعيينه حاكما عسكريا للقدس اعتبارا من 1 أكتوبر 1948، وإبعاده عن قيادة الكتيبة السادسة والقوات العربية في القدس. وألحق الكتيبة السادسة بقائد اللواء الإنجليزي ' جولدي ' كما ألحق المدافع الثقيلة بقيادة قائد المدفعية الإنجليزي.

وعندما تولي التل منصبه كحاكم عسكري للقدس أذاع البيان التالي: ' يا أهل القدس الكرام، لقد غبت عنكم ولكن من أجلكم، والآن أعود باسم الله والملك والشعب حاكما عسكريا للقدس الشريف. وأني لا أخاطبكم بلغة الحكّام بل كصديق، يعرف جراحكم وسيحاول ما استطاع تضميدها. إنني لا أتنبأ بالمستقبل ولا أقرأ الغيب، ولكنني واثق من أنكم أقوياء مستعدون لبناء فلسطين وسنعاونكم على بنائها، وأنتم طليعة المجاهدين الذين ثبتوا في مواقعهم فأوصيكم بالصبر ثم الصبر. أما أنا فمنكم وإليكم وأمهلوني قليلا لأعيد شكل الجهاز الإداري الذي سيوفر لكم لوازمكم. وإني أعدكم بمحاربة الاستغلال وعَبَدة النقود كما أحارب اليهود، والله الموفق على كل حال'.

ضاق كلوب ذرعا بعبد الله التل، فطلب من وزير الدفاع فوزي الملقي محاكمته بسبب تصريحاته السياسية للصحافة. وبعد أن شعر عبد الله بسوء النوايا المبيتة له من قبل الإنجليز واليهود، قدم استقالته من منصبه بتاريخ 14 سبتمبر 1949، وهاجر إلى مصر لاجئا سياسيا لمدة خمسة عشر عاما. عاد بعدها إلى الأردن إثر عفو ملكي، وعين محافظا في وزارة الداخلية ثم عضوا في مجلس الأعيان، إلى أن انتقل إلى جوار ربه عام 1973. فرحمة الله عليك يا بطل معركة القدس وجزاك عنا خير الجزاء.
التاريخ : 14 / 8 / 2016
المراجع :
- عبد الله التل بطل معركة القدس/ الدكتور أحمد يوسف التل.
- حروبنا مع إسرائيل / صادق الشرع.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
15-08-2016 12:20 AM

الباشا موسى العدوان الاكرم
لا يجد الاردني الا ان يشكرك على تذكير الارادنة بأبطالهم الذين حفظوا مجد الامة وليعرف من يحب الاردن ومن يكرهه كيف هو الجيش الاردني وقادته وظباطه وجنوده وانت احدهم .
رحم الله القائد عبدالله التل وهو قابوس من هذه العائلة الماجدة .

2) تعليق بواسطة :
15-08-2016 12:53 PM

سيدي الفريق موسى باشا العدوان الشكر الموصول لكم وانا المتابع لما تخط يداكم ابداعا ومعرفة وحكمة ومنكم اتعلم والجيش العربي الاردني مدرسة دائمة للبطولة وأنت منهم وعائلة التل احد عائلات الزعامات المعروفة في الاردن والشيخة متوارثة ومتأصلة فيهم كابر عن كابر من خلف باشا التل الى الشهيد وصفي والقائد الزعيم ا البطل عبدالله

3) تعليق بواسطة :
16-08-2016 12:28 PM

هل ذهب التل الى مصر من اجل " الراحة والاستجمام " . أعتقد حاكم مصر آنذاك " الملك فاروق " عدو بريطانيا . لماذا يغضب عبدالله التل من كلوب باشا ، طالما بريطانيا بلد كلوب باشا تمنح التل بندقية يقاتل بها اليهود وبالتالي يصبح عبدالله التل بواسطة بندقية بريطانيا ( علم ونبراس ) بنظر الكثير من الفلسطينيون في حين يكن كره شديد للباشا كلوب . فعلا شيئ يحتار منه الأنسان . رحم الله الملك عبدالله الأول أحيانا تنقصه معرفة الرجال بسبب طيبة قلبه . نهاية القول نترحم على عبدالله التل كونه عبدالله ومن آل التل .

4) تعليق بواسطة :
18-08-2016 05:01 AM

أظن مذكراته كانت ممنوعة في الأردن. قرأتها على الإنترنت. إنسان حر. لم يذهب الى مصر للراحة و الإستجمام بل كان لاجئا سياسيا. يجب قراءة مذكراته مباشرة بدون الإتكال على ذكريات الأخرين ممن عاصروه

5) تعليق بواسطة :
19-08-2016 08:34 PM

فعلا لا يملك القاريء الا ان يتأثر عند قراءته للمقال و لا يملك الاردني الا ان يفتخر بعبدالله التل و امثاله و ان يتحسر على زمان مجيد و انكار للجميل. من اسقاطات المقال "المثيرة" ان فوزي الملقي اوكلت اليه مهمة عقاب هذا البطل الرمز و ان هذا البطل نفي و لم يعد للاردن الا بعفو ملكي!!، بورك البطل التل و بورك كاتب المقال الباشا العدوان على اضاءته على هذا التاريخ الاردني المجيد الذي ما فتىء "المحاولون" محاولة طمسه

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012